فيلة آسيوية تحمل صغيرها الميت لأسابيع!

فيلة آسيوية تحمل صغيرها الميت لأسابيع!

4 يوليو , 2022

يبدو أن الفيلة الآسيوية تحزن على موتاها مثل فيلة السلالة الأفريقية.

يبدو أن الفيلة الآسيوية تحزن على موتاها كحال أبناء عمومتها من الفيلة التي تعيش في القارة الأفريقية، بل أنها في بعض الأحيان تحمل الرضيع المتوفى على خراطيمها لعدة أيام أو أسابيع وهذا ما تبيّن في بحث جديد.

بغض النظر عن ما إذا كانت الفيلة تعي وتفهم حقيقة الموت، كما هو الحال لدى البشر، حيث يعتبرونه أمر غير شائع، إلا أنه يعتبر أمرًا غير قابل للتعريف أيضًا. وبما أن الفيلة الآسيوية ( إيليفاس ماكيموس) تعتبر مخلوقات اجتماعية، فقد أضاف البحث الجديد لهذه الحقيقة بأن هذه المخلوقات تستجيب عاطفيًا لبعض المواقف وخصوصًا عندما تفقد أحدًا من أفراد المجموعة.

وهذا ما كتبه المؤلفان المشاركان في هذه الدراسة سان جيتا شارما بوخاريل المختص بحديقة سميثسونيان الوطنية للحيوانات ومعهد الحفظ البيولوجي، مع ناكيتا شارما من معهد جامعة كيوتو  للدراسات المتقدمة وأُرسلت الدراسة  لموقع لايف ساينس، عبر البريد الالكتروني  قائلين: “إن فهم استجابة الفيلة للموت قد تكون لها بعض الآثار على المدى الطويل، والتي قد تؤثر على بقاءها”. ويتابعان: ” قد لاحظنا ذلك شخصيًا عندما شاهد الناس استجابة الفيلة لوفاة أحد أفرادها، فقد ظهرت بعض أحاسيس الارتباط والعاطفة والاهتمام تجاه ابن جلدتهم، وعليه فإن أي شيء بإمكانه أن يربط البشر بروابط وثيقة قد يمهد الطريق للتعايش مع الفيلة التي تجوب البلدان”.

طقوس الموت

لوحظت ردود أفعال فيلة الأحراش الأفريقية ( لوكسودونتا أفريكانا) العاطفية عندما يموت فرد من أفراد القطيع، فلوحظ أنها تقترب من ذلك الجسد وتتحسسه بخراطيمها وتركله أو تقف بجانبه كما لو كانت تحرسه.  بينما الأفيال الآسيوية أقل فهمًا من قريناتها الأفريقية، فقد اعتادت على العيش في الغابات لذا بات من الصعب مشاهدتها أو ملاحظتها في البرية كما هو الحال عليه في أرض السافانا موطن الفيلة الأفريقية.

أطول الحيوانات عمرًا على وجه الارض

يقول بريان أوكون، نائب الرئيس للعلوم الحياتية بحديقة الحيوانات بمدينة دنفر والذي لم يشارك في الدراسة الجديدة:” قد تكون الفيلة على بُعد قدم، أي متر، منك ولكنك لا تراهم بسبب كثافة الغطاء النباتي في الغابة”.

وحتى يكون الجميع على مقربة، قام بوخاريل، وشارما، والمؤلف المشارك رامان سوكومار وجميعهم من المعاهد الهندية للعلوم في ذلك الوقت، بفتح محرك البحث الشهير يوتيوب ومشاهدة مقاطع فيديو لحيوانات كانت مثيرة للاهتمام حينها. فقاموا بالبحث على الموقع بكلمات بحث متعلقة بالفيلة الآسيوية والموت فتبين وجود 39 مقطع لعدد 24 حالة بين العامين 2010 وَ2021 شوهد فيهما ردة فعل فيل آسيوي أو أكثر في حالة الاستجابة لفقدان فرد من القطيع. 80% من الفيديوهات كانت لفيلة تعيش في البرية، وَ 16% لفيلة مأسورة، و 4% في حالة أسر نصفي وهذه الحالة تُعًرًف بأنها ( الحالة التي تستخدم فيها الحيوانات في أعمال قطع الأشجار أو بالمنتجعات السياحية في آسيا).

شوهد بعضًا من مجمل السلوكيات اللافتة للنظر في هذه الفيديوهات بعد وفاة الفيل الصغير، وفي خمس فيديوهات من أصل 12 لنفس الحالة من الفقد، ظهرت فيها أنثى بالغة وعلى الأرجح أنها كانت هي الأم لذلك الفقيد تبكي على فراق صغيرها. وبالنظر في حالة تلك الجثة المتحللة فقد ثبت أن مشاعر الحزن والبكاء استمرت لعدة أيام أو أسابيع.

وقد قام بارفين كاسوان العامل في خدمة الغابات الهندية برفع فيديو مشابه في العام 2019 لفيلٍ آسيوي  يسحب جثة صغير ويعبر به الطريق ويصل به إلى مكان محبب له ليصبح كمقر دفن وعزاء في مقطع على محرك البحث تويتر في ذلك العام.

 يقول أوكون عن ذلك السلوك: ” أظن أنهم يتمالكون مشاعرهم ويحاولون أن يتعايشوا مع واقع ما حدث أثناء محاولتهم في التخاطب مع ذلك الابن كما هو الحال عندنا معشر البشر”.

هنالك ردة فعل أخرى شوهدت في تلك الفيديوهات بشكل متكرر،  وهي عدم الخلود للراحة والقلق عند الاقتراب من الجثة. ولكن لوحظت سلوكيات أخرى بديلة وتعتبر تحركات استكشافية كالاقتراب من الجثة وتفحصها وشمها، أو لمسها. يقول أوكون إن الفيلة تتواصل مع بعضها عن طريق الرائحة، فالشم ليس بالأمر الغريب. ففي 10 حالات حاولت الفيلة رفع وهز الجثة كما لو كانت تلك التصرفات عبارة عن محاولة لإنعاش صاحبهم المفقود. وفي 22 حالة لوحظ وقوفهم عند تلك الجثة يقظين لمدة طويلة.

ويتابع أوكون قائلاً: “لقد رأينا بعضًا من هذه السلوكيات من قبل”. فعندما تمارس حديقة الحيوانات عملية القتل الرحيم للأفيال المسنة نظرًا لإصابتها بأمراض، أو ضعف، حينها يقوم طاقم العمل بإعطاء القطيع الفرصة لتوديع صاحبهم. غالبًا ما يقوم القادمون بشم جثة فقيدهم أو وضع خراطيمهم على فمه وهذا هو أحد السلوكيات الاجتماعية لديهم.

الحيوانات تحزن

الفيلة ليست المخلوقات الاجتماعية الوحيدة التي تتفاعل مع الوفاة، خصوصًا عندما تفقد صغارها. فأمهات الأوركا وهي إحدى أنواع الحيتان، شوهدت وهي تقوم بدفع صغيرها الميت حولها كما هو الحال لدى الدلافين التي تقوم بنفس العمل. ففي العام 2018 قامت أنثى أوركا اسمها تاهليكوا باحتضان صغيرها الميت لمدة 17 يومًا خارج سواحل واشنطن كما شوهدت أنثى أوركا أخرى تدور حول تاهليكوا وولدها المتوفى في الساعات الأولى من وفاة الصغير في حركة دائرية تعبيرًا منها عن الحزن. أما بالنسبة للقرود والسعادين، فإن الأمهات تحمل صغارها المتوفين في نواحي المكان التي تعيش فيه لمدة أسابيع أو شهور.

وبالحديث عن الفيلة التي تعتبر مخلصة في رعايتها لصغارها، فإن كفالة الصغير شيء أساسي. “إنها إحدى المخلوقات رباعية الأطراف” وهذا ما قاله بوخاريل وشارما وسوكومار في دراسة نُشرت يوم الأربعاء الثامن عشر من شهر مايو على موقع (الجمعية الملكية المفتوحة للعلوم).  

تتشابه أمهات الفيلة وذوات الأرجل في كفالة الصغير إلى حدٍ كبير. فعلى مستوى التنشئة، يقومون بتربية وتنشئة الصغار حتى يصبحوا أقوياء بما فيه الكفاية، وقادرين على تغذية أنفسهم والدفاع عنها. لذا فإن هذه الكفالة طويلة المدة بين الأمهات والرُضًع، قد تحفز الأمهات للتجاوب مع الصغار النافرة وغير المستجيبة.  وقد يصعب التنبؤ بالأسباب أو الأسس المحفزة لحمل الرضّع المتوفين.  ولكن بعض فيديوهات اليوتيوب أثبتت بالدليل على أن بعض النوعيات من الحيوانات لديها بعض الأحاسيس والمشاعر تجاه الموت والفقد”.

المصدر:  https://www.livescience.com

ترجمة: أحمد بن خالد بن عبدالرحمن الوحيمد

تويتر: AhmadBinKhaled

مراجعة وتدقيق: د. فاتن ضاوي المحنّا

تويتر: @F_D_Almutiri


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!