ضعف السمع عند الأطفال بين تحديات اليوم وبُشريات الغد

ضعف السمع عند الأطفال بين تحديات اليوم وبُشريات الغد

30 يونيو , 2022

يعد ضعف السمع عند الأطفال أمرًا شائعًا، حيث يصيب ما يقرب من ١ إلى ٣ من كل ١٠٠٠ طفل، وفقًا لبيانات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) لعام ٢٠١٩. 

يمكن أن يترتب على فقدان السمع عند الأطفال العديد من الآثار السلبية، من بينها تأخر الكلام واللغة وكذلك التأخر التعليمي والمعرفي، مما يجعل التشخيص والتدخل المبكر أمرًا ضروريًا لتجنب حدوث هذه الآثار.

الأسباب وعوامل الخطر:

  • العوامل الوراثية:

الوراثة مسؤولة عن فقدان السمع في حوالي 50٪ إلى 60٪ من الأطفال المصابين بفقدان السمع من بينهم حوالي 20٪ من الأطفال المصابين بفقدان السمع الوراثي كجزء من “متلازمة” (على سبيل المثال، متلازمة داون أو متلازمة أوشر).

  • تعرض الأم للعدوى أثناء فترة الحمل:

قد يولد الطفل مصابًا بضعف السمع العصبي الحسي، نتيجة لتعرض الأم للعدوى أثناء فترة الحمل على سبيل المثال: الحصبة الألمانية، الفيروس المضخم للخلايا، التوكسوبلازما، أو الحصبة الألمانية.

  • تناول بعض العقاقير:

قد يؤدي تناول بعض العقاقير إلى تضرر الخلايا السمعية، من بينها أدوية علاج السرطان وبعض المضادات الحيوية وأدوية علاج السل والملاريا.

  •  بعض الأسباب البيئية الأخرى:

 مثل التعرض المستمر للضوضاء أو التعرض المفاجئ لصوت قوي، بل قد تسهم الأصوات الصادرة من أجهزة وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة أيضًا في فقدان السمع.

  • مضاعفات عند الولادة:

يمكن أن تؤدي بعض المضاعفات وقت الولادة أيضًا إلى فقدان السمع، مثل انخفاض الوزن ونقص الأكسجين عند الولادة أو اليرقان الوليدي.

  • التشخيص المبكر لضعف السمع عند الأطفال:

يعد الكشف المبكر عن ضعف السمع أمرًا لا غنى عنه؛ لذلك فقد اعتمدت العديد من الدول برنامج الفحص السمعي المبكر للمواليد.

عادةً ما يتم فحص سمع الأطفال أثناء وجودهم في المستشفى، إما في الحضانة أو في غرفة أمهاتهم، وكذلك في مراكز الرعاية الصحية الأولية.

يمكن فحص سمع الطفل باستخدام استجابة جذع الدماغ السمعية الآلية (AABR)، أو الانبعاثات الصوتية (OAE)، أو كليهما.

يجب أن يخضع جميع الأطفال لفحص السمع قبل بلوغهم شهرًا من العمر. في حالة عدم اجتياز الطفل لفحص السمع الأول عند الولادة، فيُنصح بالتوجه لأخصائي السمع قبل بلوغ الطفل ثلاثة أشهر لإجراء اختبارات سمع كاملة وتأكيد ما إذا كان يعاني من ضعف السمع، ودرجة فقدان السمع ونوعه.

كما يجب أن يخضع جميع الأطفال الذين يعانون من ضعف السمع إلى خدمات التدخل قبل ستة أشهر من العمر.

  • المعينات السمعية:

المعينات السمعية، أو ما يعرف بالسماعات الطبية، هي أجهزة تقوم بالتقاط الأصوات وتضخيمها لمساعدة ضعاف السمع على استقبال الإشارات الصوتية بوضوح.

هناك أنواع كثيرة من المعينات السمعية التي يمكن أن يصفها الطبيب للأطفال الذين يعانون من ضعف السمع، بناءً على نوع ودرجة الضعف ولكن الأكثر شيوعًا من بينها هي السماعات التي تُثبت خلف الأذن لكونها الأكثر ملاءمةً لمختلف درجات ضعف السمع، وكذلك الأنسب من حيث الحجم لآذانهم الصغيرة.

بالنسبة للأطفال الذين يعانون من ضعف السمع الشديد، قد تكون المعينات السمعية غير كافية لإعادة تأهيل ضعف السمع ويجب مراعاة تقنية غرسة القوقعة الصناعية عوضًا عنها.

  • زراعة القوقعة الصناعية:

تمت الموافقة على غرسة القوقعة الصناعية متعددة القنوات للمرة الأولى في الولايات المتحدة في عام 1990 للأطفال بعمر سنتين أو أكبر؛ انخفض العمر إلى 18 شهرًا في عام 1998، و 12 شهرًا في عام 2000، ثم 9 أشهر في مارس 2020. مما سمح لأكثر من 75٪ من الأطفال الذين يعانون من ضعف السمع بالالتحاق بالمدارس العامة مع الطلاب ذوي السمع الطبيعي، ومن ثم تخطي الكثير من عواقب فقدان السمع.

يتكون جهاز القوقعة الصناعية من جزءٍ داخلي عبارة عن أقطاب الكترونية يقوم الأطباء بتثبيتها جراحيًا في التجويف الداخلي للأذن، بالإضافة إلى جزء خارجي يحتوي على ميكروفون لاستقبال الأصوات ومعالج صوتي وملف توصيل. وهي تعتمد على التحفيز الكهربي المباشر للعصب السمعي بعكس المعينات السمعية التقليدية التي تعتمد على تكبير الأصوات. 

هناك دليل على أن الزراعة المبكرة لغرسة القوقعة الصناعية آمن، ويرتبط باحتمالية أكبر لتحسين اللغة المنطوقة والنتائج الأكاديمية.

أدوات علاجية جديدة تحمل البشرى لضعاف السمع:

كشفت دراسة حديثة نُشرت في الرابع من شهر مايو 2022 أن العلماء في جامعة “نورث ويسترن” الأمريكية قد استطاعوا اكتشاف المفتاح الجيني الرئيسي المسؤول عن تطور خلايا الأذن لخلق الخلايا الحسية الداخلية والخارجية للقوقعة الضرورية لوظائف السمع الرئيسية، متغلبين بذلك على عقبة كبيرة كانت تحول دون استعادة حاسة السمع.

وأوضحت الدراسة أنه أصبح بإمكان العلماء صنع الخلايا الحسية باستخدام الجين (1 ATOH) و(1 GF)، ومن ثم تحويلها إلى خلايا حسية داخلية أو خارجية عن طريق تفعيل أو إيقاف المفتاح الجيني (2 TBX)، ولكن هذا البحث لا يزال في المرحلة التجريبية.

وسائل التأهيل السمعي لضعاف السمع:

  • دور الأسرة في دعم الأبناء من ضعاف السمع:

بالنسبة للعديد من الآباء، فإن ضعف سمع أطفالهم أمرٌ غير متوقع. يحتاج الآباء أحيانًا إلى الوقت والدعم للتكيف مع ضعف سمع الطفل.

  • تعلم اللغة:

بدون مساعدة إضافية، يعاني الأطفال المصابون بفقدان السمع من مشاكل في تعلم اللغة كما يمكن أن يتعرض هؤلاء الأطفال بعد ذلك لخطر تأخيرات أخرى. غالبًا ما تحتاج العائلات التي لديها أطفال يعانون من ضعف السمع إلى تغيير عاداتهم في التواصل أو تعلم مهاراتٍ خاصة (مثل لغة الإشارة) لمساعدة أطفالهم على تعلم اللغة. يمكن استخدام هذه المهارات مع المعينات السمعية، وغرسات القوقعة أو جذع الدماغ السمعي، وغيرها من الأجهزة التي تساعد الأطفال على السمع.

  • خدمات دعم الأسرة:

يمكن لأولياء أمور الأطفال المصابين بفقدان السمع الذي تم تشخيصه مؤخرًا، طلب أنواع مختلفة من الدعم. وقد يشمل هذا الدعم المشورة والمعلومات وإتاحة الفرصة للتعرف على الآباء الآخرين الذين لديهم طفل يعاني من فقدان السمع أو تحديد مرشد صُم أو إيجاد رعاية للأطفال أو وسائل النقل أو مجرد مستمع داعم.

  • دور المدرسة:

للمدرسة دورٌ مهم في دعم الأطفال من ضعاف السمع ومساعدتهم على تخطي العقبات التي تحول دون تطورهم الدراسي والمعرفي وذلك عن طريق:

  1. ترتيب المقاعد داخل حجرة الدرس بطريقة تساعد ضعاف السمع على التواصل بشكل أفضل مع المعلم، وكذلك مع زملائهم، كأن توضع المقاعد في شكل دائري أو تخصيص مقاعد لضعاف السمع في الصفوف الأولى.
  2. التقليل من الضوضاء التي قد تصدر عن أجهزة التكييف وغيرها، وكذلك استخدام مواد عازلة للصوت لمنع تردد الصوت و تهيئة بيئة سمعية مناسبة لهؤلاء الأطفال.
  3. استخدام أجهزة البث الصوتي( إف -إم ) لنقل الصوت بصورة أوضح للأطفال، حيث يرتدي المعلم ميكروفون بينما يلتقط الطالب الإشارة الصوتية من خلال مستقبل يقوم بتكبير الصوت.
  4. استخدام وسائط تعليمية متنوعة، مثل مقاطع الفيديو المدعومة بالتعليقات النصية.
  5. تشجيع الطالب على المشاركة في الأنشطة المدرسية وتوعية زملائهم حول ضرورة تقبل الاختلاف وتجنب التنمر.
  6. توفير قاعات خاصة مزودة بوسائط متعددة، لتوفير الدعم الإضافي لضعاف السمع.

الخلاصة:

ضعف السمع مشكلة شائعة تؤثر بصورة سلبية على التطور اللغوي والمعرفي والاجتماعي للطفل. ولكن العلم الحديث قد وفّر لنا العديد من الوسائل التي تساعد على الاكتشاف والتدخل المبكر للحد من هذه الآثار السلبية، مما يضمن لهؤلاء الأطفال مجاراة أقرانهم من ذوي السمع الطبيعي. وربما يحمل لهم المستقبل المزيد من البُشريات للتغلب على ضعف السمع نهائيًا. 

بقلم: د. يارا إسماعيل

مراجعة وتدقيق: زينب محمد

المراجع المستخدمة:

  1. https://www.cdc.gov
  2. https://www.cdc.gov
  3. https://www.cdc.gov
  4. https://www.audiology.or
  5. https://www.asha.org
  6. https://www.ncbi.nlm.nih.gov/
  7. https://www.who.int
  8. https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov
  9. https://www.asha.org
  10. https://kidshealth.org
  11. https://www.sciencedaily.com


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!