الطاقة المظلمة

25 يونيو , 2015

 

 

 

طاقة مظلمة

تُشكل كمية غامضة تُعرف بالطاقة المظلمة، حوالي ثلاثة أرباع الكون، ومع ذلك فالعلماء غير متأكدين من طبيعة هذه المادة ولا كيفية عملها ولا طبيعة تأثيرها؛ فكيف لهم إذن أن يعلموا بمكان وجود هذا المصدر الغريب؟

توسّع الكون :

في عام 1929م  درس الفلكي الأمريكي إدون هابل النجوم المتفجرة، ويُعرف واحدها بالمستعر الأعظم؛ ليقرر أن الكون في حالة توسع. و منذُ ذلك الوقت، بدأ العلماء في السعي إلى تحديد السرعة التي يتوسع بها الكون. و قد بدا جلياً أن الجاذبية- تلك القوة التي تجذب كل شيء ليتناغم مع غيره- سوف تضع حداً لهذا النظام الكوني المتمدد، وعليه فالسؤال الذي طرحه كثيرٌ هو: ما مقدار تباطؤ هذا التوسع الكوني؟

في تسعينات القرن الماضي، وجه فريقان فلكيان مستقلان عن بعضهما اهتمامهما مجدداً إلى المستعرات العظمى البعيدة؛ ليحسبا مقدار ذلك التباطؤ. وكم كانت دهشتهما حينما اكتشفا أن توسع الكون لا يتباطأ! ، بل أن سرعته في حالة تزايد مستمر! إذن لا بد أن شيئاً ما يقاوم قوى الجاذبية؛ الشيء الذي دعاه العلماء متندرين “الطاقة المظلمة.”

بحساب الطاقة اللازمة للتغلب على قوى الجاذبية، قرر العلماء أن الطاقة المظلمة تشكل ما نسبته تقريباً 68% من الكون. هناك أيضاً 27% تُشكلها المادة المظلمة؛ ما يجعل المادة “الطبيعية” المألوفة لدينا تُشكل أقل من 5% من النظام الكوني حولنا.

الجوهر الخامس

معرفة تأثير تلك الطاقة المظلمة يساهم في معرفة العلماء الكثير عن توسع الكون, وما زالت معرفة خصائص تلك الكمية المجهولة ميداناً للمنافسة, وقد أشارت النتائج الأخيرة إلى ثبات سلوك الطاقة المظلمة طوال تاريخ الكون، ومن شأن هذا أن يجلِّي بعض حقائق هذه المادة غير المرئية.

قد يكون أحد تفسيرات الطاقة المظلمة هو أن الكون مملوء بحقل طاقة متغير؛ يعرف بـ”الجوهر”. أما السبب الآخر، فهو أن العلماء لا يفهمون الكيفية التي تعمل بها الجاذبية فهماً صحيحاً.

إلا أن الافتراض السائد يعتبر أن الطاقة المظلمة هي إحدى خصائص الفضاء. وكان ألبرت آينشتاين أول من أدرك أن الفضاء ليس خالياً، إلى جانب إدراكه أيضاً إمكانية أن يكون مزيدٌ من الفضاء في تخلق مستمر. وقد تضمنت نظريته-النسبية العامة- ثابتاً كونياً لتفسير الكون الثابت الذي كان العلماء يرون بوجوده. وما أن أعلن هابل عن اكتشافه لتوسع الكون حتى وصف آينشتاين ثابته هذا “أكبر حماقة” يرتكبها.

لكن “حماقة” آينشتاين هذه ربما تكون متناغمة تماماً مع الطاقة المظلمة. فبينما يتنبأ ثابت آينشتاين بأن الفضاء الخالي لديه طاقته الخاصة به، فإنه يُشير أيضاً إلى أنه مع انبثاق المزيد من الفضاء فإن مزيداً من الطاقة تتولد في الكون؛ مما يزيد من توسعه.

وبالرغم من أن هذا الثابت الكوني ينسجم مع النتائج العلمية، إلا أن العلماء ما زالوا غير قادرين على تفسير هذا الانسجام.

الطاقة المظلمة مقابل المادة المظلمة

تُشكل الطاقة المظلمة معظم الكون، لكن المادة المظلمة أيضاً تُشكل كمية لا يستهان بها؛ فهي تؤلف حوالي 27% من الكون و 80% من إجمالي المادة، وبالتالي فإن لها دورها الحاسم أيضاً.

ومازالت المادة المظلمة تضع العلماء في حيرة  ,مثلها مثل الطاقة المظلمة. فبينما تقوم الطاقة المظلمة بتفسير توسع الكون، فإن المادة المظلمة تُفسر التأثير المتناغم بين كل مجموعة من الأجسام.

في الخمسينات من القرن الماضي، توقع العلماء وهم يدرسون المجرات الأخرى أن تدور الأجزاء المركزية أكثر من تلك الموجود على الحواف الخارجية للمجرات، وذلك بالنظر إلى التوزيع الذي تنتظم به الأجسام داخل تلك المجرات. لكنهم دُهشوا عندما لاحظوا أن كلا المنطقتين- المركز والحواف- تدور بنفس المعدل؛ الأمر الذي يُشير إلى أن المجرات الحلزونية لها من الكتلة كمية أكبر بكثير مما تبدو عليه. وقد كشفت دراسة الغازات في المجرات ذوات الشكل الإهليجي ومجموعة أخرى من المجرات عن انتشار هذه المادة الخفية في كافة أرجاء الكون.

ويرجح العلماء عدداً من المصادر المختلفة للمادة المظلمة، تتراوح من الأجسام المعتمة [النجوم التي لا تبعث الضوء ومنها الأقزام البنية] إلى الجسيمات التي تختلف في طبيعتها عن الجسيمات الذرية المعروفة. ومهما يكن مصدر المادة المظلمة والطاقة المظلمة، فإن من الواضح أن الكون واقعٌ تحت تأثير ظروف معينة ليس باستطاعة العلماء إدراكها بالطرق التقليدية.

 

رابط المقال الأصلي:

Space

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!