crossorigin="anonymous">
15 مايو , 2020 زينب محمد
التعريف بزيت النخيل وميزاته، وآثار إنتاجه على الاقتصاد والبيئة، وتقديم حلول لجعل إنتاجه مستداماََ بتقليل تأثيره غير المرغوب فيه على البيئة قدر المستطاع، واستمرارية إنتاجه كمورد رزق للملايين من البشر.
ولماذا يدخل زيت النخيل بالذات في كل شيء؟
زيت النخيل هو زيت نباتي يستخرج من لب ثمرة النخيل. موطنه الأصلي هو غرب أفريقيا ولكن
أصبحت الآن نخلة زيت النخيل تنمو كثيراََ في الغابات الاستوائية في الجنوب الشرقي من قارة آسيا.
و هو أكثر زيت نباتي يُنتجه العالم ويدخل في تركيب العديد من المنتجات، ومن ضمنها العديد من المنتجات الغذائية، ومساحيق التجميل، والوقود الحيوي. وفقاََ لوزارة الزراعة الأمريكية فإن إنتاج العالم السنوي من زيت النخيل من عام ٢٠١٨ إلى ٢٠١٩ كان مايقارب ٨١,٦ مليون طن (أي ٧١ مليون طن متري)، ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة ذا جارديان عام ٢٠١٩، فإنه من المتوقع أن يرتفع الإنتاج إلى ٢٦٤ مليون طن (أي ٢٤٠ مليون طن متري) بحلول عام ٢٠٥٠. وبالمناسبة فإن إنتاج زيت فول الصويا _ثاني أكثر زيت إنتاجاََ في العالم_ كان ما يقارب ٦٣ مليون طن (أي ٥٧ مليون طن متري) من عام ٢٠١٨ إلى ٢٠١٩ وفقًا لوزارة الزراعة الأمريكية.
وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، فإن نمو الأسواق العالمية لزيت النخيل يرتفع مع كل سنة، وبحلول عام ٢٠٢٢ يتوقع أن ترتفع قيمته لتصل إلى ٨٨ بليون دولار.
و أكبر الدول المصدرة لزيت النخيل هي إندونيسيا وتتبعها ماليزيا، ومعًا تنتج الدولتان ما يقارب ٨٥٪ من زيت النخيل عالمياََ.
إن عملية إنتاج زيت النخيل عملية مثيرة للجدل وذلك لأن زراعته تتطلب توفير الآلاف من الأراضي الخالية من الأشجار، مما يجعل إنتاج زيت النخيل أكبر مسبب للقضاء على الغابات، في المقابل يوفر إنتاج زيت النخيل وظائف لملايين الأشخاص، وهو مورد طبيعي مهم للدول النامية.
وفقًا للاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة، فقد قدر الخبراء وجود زيت النخيل في ٥٠٪ من البضائع المغلفة في الأسواق التجارية، والبضائع تشمل كل شيء من المنظفات ومستحضرات التجميل وحتى الحلويات.
فزيت النخيل يجذب أصحاب المصانع نظراََ لرخص ثمنه وتعدد استخداماته، ومعدل إنتاجه عالٍ جدًا لكل هكتار مقارنةً بغيره من الزيوت النباتية، كما أن إنتاجه يتطلب مقداراََ قليلاََ من الطاقة نسبياََ، فالسماد قليل والمبيدات المستخدمة قليلة. وفقًا للصندوق العالمي للطبيعة، إن النخلة المنتجة تنتج ما يقارب ٣٥٪ من الزيت النباتي وتستهلك ١٠٪ فقط من الأراضي المخصصة لزراعة المحاصيل المسؤولة عن إنتاج الزيت، وللحصول على نفس الكمية من الزيوت الأخرى كزيت فول الصويا أو زيت جوز الهند، فهذا يعني توفير أراضٍ مساحتها أكبر بـ ٤ إلى ١٠ مرات من مساحة الأراضي التي يستهلكها زيت النخيل.
و زيت النخيل هو أكثر زيوت الطبخ شيوعاََ في أسيا، فالصين والهند وأندونيسيا مجتمعةً تشكل ما يقارب ٤٠٪ من مستهلكي زيت النخيل في العالم. لزيت النخيل شعبية كبيرة نظراََ لمقاومته العالية للحراة وفترة صلاحيته الطويلة والأهم من ذلك كله سعره الرخيص.
بالنسبة لشعوب الدول النامية يعد إنتاج زيت النخيل طريقاََ للخلاص من الفقر وذلك لأنه يرفع اقتصاد هذه الدول. انتشر هذا الإعتقاد حول العالم، وبالتالي انتشرت زراعة النخيل المنتج للزيت في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتنية. ووفقاََ لتقرير نشرته شركة هيومانتي يونايتد، فإن صناعة زيت النخيل وظفت أكثر من ٣,٥ مليون عامل في إندونيسيا وماليزيا.
لكن رغم سرعة انتشار زراعة النخيل المنتج للزيت، إلا أن إنتاج زيت النخيل يساهم في القضاء على مساحات كبيرة من الغابات. ووفقاََ لدراسة نُشرت في صحيفة ساينتفك ريبورتز فمنذ عام ٢٠٠٥ قضت زراعة النخيل المنتج للزيت على ٥٦٪ من مساحة الغابات في جزيرة بورنيو. عملية زراعة النخيل المنتج للزيت والزيادة التي حصلت في استغلال المساحات التي تعج بالغابات الاستوائية والتي تعد موطناََ خصباََ للعديد من الفصائل جعلت إنتاج زيت النخيل يشكل تهديدًا كبيراََ للتنوع الحيوي. زيادة زراعة النخيل المُنتج أصبح يشكل خطراََ حقيقياََ يسبب إنقراض بعض الحيوانات كالأورانغوتان وفيل بورنيو ووحيد القرن السومطري. ووفقاََ للقائمة الحمراء للأنواع المهددة بالإنقراض، فإن إنتاج زيت النخيل يؤثر على الأقل على ١٩٣ نوعاََ مهدداََ بالإنقراض. كما أن إنتاج زيت النخيل يعد مصدراََ هائلاََ لانبعاث الغازات الدفيئة، وذلك لأن النخيل المُنتِج للزيت يزرع على أراضي غابات المستنقعات ولكن تُستغل هذه الأراضي لتكون ملائمة لإنتاج زيت النخيل، وهذه العملية تُخلف وراءها كمية ضخمة من ثاني أكسيد الكربون وغاز الميثان. ومن أكثر طرائق تنظيف غابات المستنقعات شيوعاََ هي طريقة ترميد النفايات أو مايعرف بطريقة “القطع والحرق” مما يشكل ضباباََ دخانياََ في المنطقة ويؤدي إلى تلوث المياه.
تعد أيضاََ مياه الصرف الناتجة من معامل تكرير زيت النخيل مصدراََ كبيراََ لغاز الميثان. أشارت دراسة نُشرت في صحيفة نايتشر كلايمت تشاينج إلى أن مياه الصرف التي تخلفها مصفاة النخيل الواحدة لها نفس التأثير التي تُخلفه ٢٢,٠٠٠ سيارة سنويًا على المناخ.
قد يظن المستهلكون المحافظون على البيئة بأن مقاطعة زيت النخيل – بالتوقف عن شرائه أو الضغط على التجار لكي يتوقفوا عن بيعه – أفضل طريقة للحد من الضرر الناتج عن زراعته، ولكن الأمر ليس بهذه السهولة.
فلو قُيد استخدام زيت النخيل فلابد أن تحل محله زيوت نباتية أخرى لتلبية احتياج العالم له، لكن لايوجد بديل يحل محله، فزيت نبات السلجم وزيت دوار الشمس وزيت فول الصويا لا يمكن مقارنة كفاءتهم بأي شكل من الأشكال بكفاءة زيت النخيل. في عام ٢٠١٨ أصدر الاتحاد الدولي للحفاظ على البيئة مقالاََ يصف كيف أن مقاطعة زيت النخيل ستغير فقط موقع الضرر الذي يحدث في تنوع المحاصيل الحيوي وسينقل إلى مناطق إنتاج الزيوت البديلة كالغابات الاستوائية وأراضي السافانا في أمريكا الجنوبية.
قال ماثيو ستروبق وهو عالم حفظ الغابات الاستوائية في جامعة كيت في المملكة المتحدة: ((إذا أخذنا حاجتنا من زيت أقل كفاءة من زيت النخيل، فسنحتاج إلى أراضٍ أكثر، مما يعني أن الكثير من المواطن الطبيعية التي نحبها وتهمنا ستدفع الثمن حول العالم)).
أخبر ستروبيق لايف ساينس بأن أكبر آمالهم هو تقليل التأثيرات الناتجة من إنتاج الزيت على البيئة وذلك بالسعي وراء “إنتاجٍ أكثر استدامةً” وهذا لا يعني فقط حماية المخلوقات الحية من خطر الإنقراض. وقال ستروبيق: ((الاستدامة أكبر من مجرد حماية حيوانات فهي ترتبط بمعيشة الناس وصحتهم، وترتبط بوقف انبعاث الغازات الدفيئة، وتعني الحصول على ماء نظيف وصحي، وأجور معيشة مناسبة، فنحن هنا نتحدث عن استدامة أكبر من مجرد حماية حيوان الأورانجوتان)).
وفقًا لمنظمة “راوند تيبل أون سستاينبل بالم أويل” (RSPO) ففي العام ٢٠٢٠ سيكون ٢٠٪ من إنتاج زيت النخيل إنتاجاََ مستداماََ. RSPO هي مبادرة عالمية أُنشئت عام ٢٠٠٤ لتضع معايير خاصة على إزالة الغابات، ومايشرع عند إنتاج الزيت، والشفافية، وتأثير الإنتاج على المجتمع – لكي يصنف إنتاج الزيت إنتاجاََ مستداماََ فعلى المنتجين أن يتقيدوا بمعايير منظمة RSPO. اعتزمت بعض الشركات كشركة بيبسي ويونيليفر ونستله وجينيرال ميلز أن تصدر ١٠٠٪ من زيت النخيل الذي يوافق معايير RSPO المصادق عليها.
العديد من المنظمات غير الربحية أيضًا تعمل على جعل إنتاجها لزيت النخيل مستداماََ في بلدانٍ حيث الملايين من الناس يعتمدون على استدامته على الأرض. انطلقت مبادرة في ماليزيا تعرف بمبادرة “وايلد إجيا” وهي تساعد على تنظيم المئات من مجموعات الفلاحين الصغيرة إلى مجموعات كبرى مُصرحة لإنتاج زيت نخيل يوافق متطلبات المنظمة الماليزية لزيت النخيل المستدام (MSPO) والمعايير التي وضعتها منظمة RSPO لإنتاج زيت النخيل، لكي يستفيد كلٌ من الفلاحين والبيئة.
لن تتوقف صناعة زيت النخيل في الوقت الحاضر، لذا فإن الطريقة الأكثر فعالية للتعامل مع تأثيره على البيئة هو دعم المبادرات، وأن تلتزم الشركات بإنتاج زيت نخيل أكثر استدامة.
ترجمة: روان الرفاعي
المصدر: https://www.livescience.com
تدقيق : وليد يوسف حافظ
تويتر: @Waleedhafez1981
اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية
اترك تعليقاً