أثر تصفح الإنترنت أثناء العمل على الإنتاجية

أثر تصفح الإنترنت أثناء العمل على الإنتاجية

24 أبريل , 2020

لماذا ينبغي على المدراء ترك الموظفين يتصفحون الإنترنت أثناء العمل؟

إن قضاء بعض الوقت في تصفح الإنترنت للموظفين يعدّ بمثابة فترات راحة قصيرة خلال اليوم الوظيفي، ويساعدهم على التعافي من التجارب المنهكة للأعصاب وبالتالي يصبحوا أكثر إنتاجية في العمل.

إن كان حالك كحال معظم الموظفين، فأنت لا تقضي جل وقتك في مكتبك تؤدي المهام التي يفترض بك تأديتها، وفي الواقع فإن متوسط الموظفين الأمريكيين يقضون قرابة عشرة بالمائة من وقت عملهم يتصفحون الإنترنت، أو يراسلون الأصدقاء، أو يتسوقون على الإنترنت، وتبديد الوقت عبر الإنترنت هذا يكلف أرباب العمل ما يصل إلى خمسة وثمانين مليار دولار في العام.

لكن اتضح أن هذه التصرفات قد لا تكون دليلاً على أن الموظف كسولُ أو يضيع وقته فحسب، ففي دراسةٍ أجريتها أنا وبعض زملائي، تفيد أن تبديد الوقت على الإنترنت قد يساعد الموظف في الانتصار على ضغط بيئة العمل الشاق.

تبديد الوقت عبر الإنترنت وعلاقته بالضغط النفسي:

تفترض دراسة حالية جرت حول تبديد الوقت على الإنترنت أن هذه التصرفات تمثل إشكالية وأنها ذات نتائج عكسية، وكان مصطلح ( تبديد الوقت على الإنترنت- Cyberloafing)  مصطلحٌ أنشأه  باحثون من جامعة سنغافورة في عام 2002م، وعليه فإن غالبية الدراسات التي تجري حول هذا الموضوع تركز على سبلٍ لمنع الموظفين من الانكباب على تضييع الوقت على الإنترنت، وذلك من خلال فرض بعض التدخلات كمراقبة الإنترنت أو سياسات استخدام الحاسوب.

غير أن دراسة أكثر حداثة وجدت أن استخدام الإنترنت لأغراضٍ شخصية في العمل قد يحتوي على بعض النتائج الإيجابية، فعلى سبيل المثال ارتبط استخدام شبكات التواصل الاجتماعي خلال العمل بارتفاع مستويات الرضا والالتزام الوظيفي للموظفين.

وتشير دراسات أخرى إلى أن تصفح الإنترنت يمكن أن يتيح للموظفين التغلب على الضغط النفسي في مكان العمل، فمثلاً تقول دراسة تجريبية أن الموظفين يتصفحون الإنترنت كرد فعل على الملل والأوامر المبهمة في العمل.

تأثيره على ضغط الموظفين:

لكن هل تصفح الإنترنت له تأثيرٌ فعلي في تقليل مستويات ضغط الموظفين؟
وهذا هو السؤال الذي أعتزم إجابته أنا وستايسي كيلسر، وشاني بينديك، وغاري كلينمان، وبول سبيكتور، في دراستنا الجديدة، ففرضيتنا تفيد بأن تضييع الوقت عبر الإنترنت أثناء العمل يعد بمثابة فترات راحة قصيرة خلال اليوم الوظيفي، ويمنح الموظفين فرصةً ليروحوا عن أنفسهم من مواقف العمل المرهقة.

ولنختبر هذا الأمر قمنا بتوظيف مئتين وثمانية وخمسين طالباً جامعياً عملوا على الأقل قرابة عشرين ساعة في الأسبوع، ليكملوا دراسةً استقصائية عبر الإنترنت عن تجاربهم في الوظيفة، وقد طلبنا منهم أن يرتبوا مقدار الوقت الذي قضوه في استخدام أمورٍ تضيع الوقت عبر الإنترنت، كتفقد البريد الإلكتروني الشخصي والتسوق، وأن يرتبوهم من “مطلقًا” إلى ” بانتظام”، وطلبنا منهم أيضًا أن يحددوا درجة الرضا الوظيفي، ورغبتهم في الاستقالة، وكم مرة تلقوا معاملة سيئة في العمل كالتعرض للتنمر أو التهديد أو الصراخ عليهم.

وكما هو متوقع فقد وجدنا أن المشاركين الذين أبلغوا عن كثير من سوء المعاملة في العمل، كانت لديهم مستويات متدنية من الرضا الوظيفي وكانوا أكثر قابلية لمغادرة شركاتهم، ولكن الأكثر إثارة للاهتمام أننا وجدنا أن تصفح الإنترنت يخفف من وطء هذه العلاقة، حيث أن الموظفين الذين تلقوا معاملة سيئة وقضوا وقتاً أكثر يتصفحون الإنترنت ويتفقدون البريد الإلكتروني أبلغوا عن مستويات عالية من الرضا الوظيفي، وكانوا أقل عرضةً لترك وظائفهم مقارنة بالمشاركين الذين لم يتصفحوا الإنترنت بنفس مقدارهم.

وهذا يشير إلى أن تبديد الوقت على الإنترنت هو بمثابة صمام أمان للموظفين، كما يساعدهم على التعافي من التجارب المنهكة للأعصاب.
 وبشكل عام، فإن نحو خمس وستون بالمائة من المشاركين أشاروا إلى أنهم قضوا بعض الوقت على الأقل يتصفحون الإنترنت في العمل، غالبًا بكمياتٍ متوسطة وكان أغلب ذاك التصفح يتمثل في استخدام البريد الإلكتروني الشخصي.

وبالرغم من أننا لم نقيّم بشكل مباشر كيف يؤثر تبديد الوقت عبر الإنترنت على أداء الموظف، فإننا نعتقد أن التعافي من الضغط قد يساعد الموظفين في أن يصبحوا أكثر إنتاجية، وهذا يتوافق مع دراسة حديثة أخرى تفيد بأن فترات الراحة القصيرة طيلة يوم العمل مرتبطة بشكل غير مباشر مع مستويات عالية من الأداء الوظيفي اليومي.

وليس معنى هذا أن تبديد الوقت على الإنترنت دائما ما يكون ذا نفع، فعلى الأغلب قضاء كثير من الوقت خارج سياق العمل أمرٌ يسبب ضعف في الأداء.

لا تتحامل على الموظفين

ومجمل القول إن المدراء ينبغي عليهم أن يتغاضوا قليلاً مع الموظفين حين يتعلق الأمر بتبديد الوقت على الإنترنت.
بيد أن نتائجنا لا تعني أن على أرباب العمل ترك موظفيهم يبددون الوقت على الإنترنت بكل بساطة بدلًا من معالجة مشاكل العمل كالتنمر، فإن ركز أرباب العمل على تصفح الإنترنت فحسب فإنهم بهذا يعالجون عرضاً من أعراض المشكلة عوضاً عن معالجة أصل المشكلة.

وبالتأكيد هناك أسباب أخرى لتبديد الموظفين الوقت على الإنترنت، فمثلاً البعض يفعل ذلك لينتقم من منظماتهم بسب إهمالهم، أو لأنهم يشاهدون زملاءهم في العمل يضيعون وقتهم أيضاً، ولفهم الأسباب الكامنة وراء هذا الأمر يجب أن تُجرى دراسة مستقبلية لمناقشته. ولكن لعل التسوق أو التصفح الطفيفان عبر الإنترنت في العمل، قد يجعلان الإنتاجية أكثر على المدى الطويل.

ترجمة: عبدالرحمن نصرالدين.

تويتر/ @kokowkwk

مراجعة: افراح السالمي

Twitter: @fara7alsalmi

رابط المقال/ http://theconversation.com


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!