كيف نصمّم غابة مناسبة لتأهيل كوكب الأرض؟

كيف نصمّم غابة مناسبة لتأهيل كوكب الأرض؟

25 فبراير , 2020

لإعادة التشجير فعالية كبيرة لِكونها طريقة طبيعية ورخيصة الثمن تعمل على طرد غاز ثاني أكسيد الكربون الماص للحرارة إلى خارج الغلاف الجوي وترميم الطبيعة المتدهورة بالتزامن مع دعم السكان بسبل العيش.

ولكن هناك أكثر من طريقة لزراعة شجرة واحدة، وبعض هذه الطرق المستخدمة على نطاق واسع لكنها لا تعطي النتائج المطلوبة، في هذا المقال سنوضّح الطريقة الصحيحة.

الهدف المنشود المتبنّى من قبل 59 دولة والمسمّى بتحدي بون هو إعادة تشجير 350 مليون هكتار بحلول سنة 2030 بغرض ترميم المناظر الطبيعية للغابات.

يتضمّن هذا الهدف مجموعة من التقنيات المختلفة المتمثلة في تجديد الغابات الطبيعية، زراعة الفصائل الغريبة أو المحلية للحصاد والحراجة الزراعية حيث تنمو الأشجار حول الأراضي الزراعية.

لهذه التقنيات عواقب تختلف حسب مقدار الكربون المخزّن فيها على المدى الطويل، سعة تخزين الغابات للكربون تزيد بزيادة عمر الغابات.

لكن نصف عمليات إعادة التشجير المتعهد بها في تحدي بون كانت من أجل مزارع تجارية، والتي يتم حصادها بانتظام وتعيد كل الكربون المخزن فيها إلى الغلاف الجوي بمرور عشر سنوات إلى عشرين سنة.

مع أخذ كل شيء بالاعتبار، هذه المزارع تخزن كميات قليلة جداً من الكربون وقد تزيد الأمر سوءاً في حالة قطع الأشجار وبالتالي إنتاج كربون إضافي مما يقلب الموازين لتصبح مصدراً للكربون بدلاً من أن تكون مخزنة للكربون.

تحقيق أهداف الطقس العالمية يتطلب منا التركيز على ترميم الغابات الطبيعية، إذا تمت حماية هذه الغابات من الحرائق وغيرها من المعيقات ستصبح الأشجار المعاد زراعتها قادرة على تخزين كميات كربون أكثر حتى تساوي سعة تخزين غابة عريقة في 70 سنة وتستمر في تخزين الكربون على المدى الطويل.

التجديد الطبيعي فعّال بشكل خاص في المناطق الاستوائية الرطبة حيث تنمو الأشجار بشكل أسرع من نموّها في خطوط العرض الشمالية.

أهدافنا من إعادة التشجير لابد أن تتوافق مع المخاطر المستقبلية المتعلقة بتغيرات المناخ، يجب أن تكون الغابات المعاد تشجيرها قادرة على الصمود أمام تغيرات المناخ مثل ارتفاع درجات الحرارة، الجفاف والفيضانات وغيرها خاصة في المناطق الاستوائية كثيفة التشجير كونها معرضة لآثار مناخ قاسية.

كيف نضمن أن الغابات الجديدة قادرة على تحمل هذه الآثار؟

●تنوع الفصائل وسِماتِها يقلل من خطورة زوال الغابات بسبب حدث واحد وذلك بسبب أن فصائل الأشجار المختلفة تمتلك مقاومات وقابلية إصابة مختلفة، على سبيل المثال فإن الآفات التي تتبع تغيرات المناخ قد تزيل الغابة بأكملها إذا كانت مكونة من فصيلة واحدة من الأشجار وهذا ما يمكن تجنبه عن طريق إضافة فصائل مختلفة لبقاء أجزاء صامدة من الغابة.

●إضافة فصائل تتأقلم مع تغيرات المناخ المتوقع حدوثها مستقبلاً في منطقة معينة، إذا كانت توقعات المناخ تُظهر احتمالية جفاف شديد فزراعة فصائل محلية لديها قدرة تحمّل مناسبة للجفاف وبالتالي استمرارية تخزينها للكربون مدة أطول.

●زراعة ممرات لتربط الغابات المجزأة عبر مساحة واسعة لتسهيل هجرة الحيوانات التي تواجه صعوبة في مقاومة ظروف المناخ في مكانها الحالي إلى مناطق بظروف مفضلة أكثر.

دعم الحياة البرية

الغابات ليست لتخزين الكربون فقط، فطريقة إعادة التشجير مهمة لبقاء المجموعات النباتية والحيوانية واستمرار الحياة على كوكب الأرض.

الطريقة الأنسب لدعم الحياة البرية تعتمد على تاريخ الأرض وقابليتها وهذا يعني عدم قابليتها لإعادة التشجير أحياناً، على سبيل المثال استبدال المروج بمزارع الغابات يقلل تنوع الحياة البرية في هذه المنطقة.

إعادة تشجير الغابات مزاله الأشجار والأراضي الزراعية السابقة يساهم في زيادة التنوع الحيوي، ولكن زراعة فصيلة واحدة من الأشجار للحصاد من غير المرجح أن تدعم ازدهار الحياة البرية كما تقعل الغابات الطبيعية.

هذا ما يحدث عندما تكون الفصائل المزروعة ليست محلية، لأن الكائنات البرية المحلية لن تتأقلم مع بيئتها الجديدة وتصبح الشجرة الغير محلية مصدر تهديد للأشجار المحلية.

الإهمال في إعادة التشجير قد يتسبب في تدمير النظام البيئي، على سبيل المثال عندما زُرعت أشجار الطلح الأسترالية في منطقة نبات الفنبوس في جنوب أفريقيا.

الطلح أحد النباتات المثبتة للنيتروجين وأثرت في دورة المغذيات في النظام البيئي بجعل الظروف أقل تفضيلاً بالنسبة لنبات الفنبوس المحلي المعتادة على ظروف فقيرة التغذية.

الرفاهية البشرية

أحد المبادئ الرئيسية لنهج ترميم المناظر الطبيعية للغابات هو أن المشاريع يجب أن تعزز الرفاهية البشرية وكذلك البيئية، ترتبط سبل العيش البشرية بالمناظر الطبيعية للغابات ولا ينبغي استبعادها من ترميمها بل دعمها، بحيث يمكن معالجة المشكلات المتشابكة لتغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي والفقر معًا.

العمل مع المجتمعات المحلية لتخطيط وزراعة وامتلاك الغابات الطبيعية يضمن الحفاظ عليها وحمايتها مستقبلاً.

تحقيقًا لهذه الغاية، يعد تطبيق مجموعة متنوعة من الأساليب – بما في ذلك بعض الأنشطة الزراعية التي تلبي احتياجات السكان المحليين – مفتاحًا لتحقيق تغيير اجتماعي وبيئي مستدام.

عندما يتم ترميمها بشكل جيد، يمكن للمناظر الطبيعية للغابات أن تساعد المجتمعات المعرضة للتكيف مع تغير المناخ، وخاصة في المناطق المدارية. على سبيل المثال، تضيف الغابات الرطوبة إلى الجو وتحد من ارتفاع درجة الحرارة المحلية عن طريق امتصاص بعض إشعاعات الشمس.

قد تؤدي المحافظة على الغابات في المناظر الطبيعية أيضًا إلى تقليل مخاطر الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات والانهيارات الأرضية، وتوفر مصادر بديلة للدخل عندما يكون الإنتاج الزراعي منخفضًا، من خلال منتجات المزارع مثل الفواكه والراتنجات والأعلاف.

إن إعادة تشجير مناظرنا الطبيعية تمكننا من تحسين صحة الكوكب وسكانه، إذا زرعنا أشجاراً لها القدرة على التكيف مع تغير المناخ، ودعم الحياة البرية، وتعزيز رفاهية السكان المحليين في الاعتبار، يمكن لإعادة التشجير لعب دور كبير في معالجة المناخ والأزمات البيئية، ودعم المجتمعات المعرضة لهذه الأزمات في جميع أنحاء العالم.

ترجمة: أشواق السالمي

تويتر: @donshoqa

مراجعة: لبنى عبدالله آل ربيع

تويتر: @realubna

المصدر: https://m.phys.org


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!