العلاقة مع الشخص النرجسي.

العلاقة مع الشخص النرجسي.

4 ديسمبر , 2019

عادة ما نقع في فخ الحب قبل أن نتعرف على شريكنا، فما الذي يتوجب علينا فعله؟ و هل نكران الأفعال السيئة التي يفعلها شريكنا حلٌ مُجدي؟ هذا ما سنعرفه في هذا المقال.

أصدقاءك لا يفهمون لماذا تقع في حب شخص يسيئ لك.

عادة ما نقع في فخ الحب قبل أن نتعرف على شريكنا،  يحدث ذلك لأننا في رحمة قوى اللاوعي ، أو ما يصطلح عليه ” كيمياء التجاذب ” . إننا  نصبح متعلقين و نريد أن نحافظ على الحب والعلاقة التي بيننا  عند وصول العلاقة إلى مرحلة يطغى فيها الحب لذا لا تحكم على نفسك لأنك تحب شخصًا لا يعاملك بحب واحترام .

ربما كانت هناك إشارات تدل على عنف شريكك في بداية العلاقة ، ولكنك تغاضيت عنها ، فالشخص العنيف عادة ما يكون جيدًا في الإغواء وينتظر إلى حين تعلق شريكه به لكي يظهر وجهه الحقيقي، ومن الممكن و على الأرجح أننا نستطيع معرفة ما إذا كنا في خطر، ولكننا لا نزال نحب الشخص النرجسي، وتكشف الأبحاث أن ضحايا العنف عادة ما يمرون بسبع حوادث عنف قبل أن يفارقوا شركاءهم .

فالبقاء في علاقة مع شريك عنيف هو شيء محرج على الأرجح ، أولئك الذين لا يفهمون يتساءلون لماذا نحب هذا الشخص؟ و لماذا نبقى معه؟  لكننا لا نملك إجابة مقنعة،  و لكن هناك أسباب واضحة؛ فحوافزنا خارجة عن نطاق وعينا وتحكمنا لأننا ملزمون بالتعلق بأي طريقة للنجاة، وهذه الغرائز تتحكم بمشاعرنا وتصرفاتنا .

النكران من أجل النجاة

إذا لم نكن نُعامل باحترام في وسطنا العائلي وكنا نعاني من قلة الثقة بالنفس ، سننكر أي عنف نتعرض له ، و لن نتوقع أن تتم معاملتنا بطريقة أفضل من معاملة العائلة التي كانت تحقرنا ، تعاقبنا و تتحكم بنا .

فالنكران لا يعني أننا لا نعلم ما الذي يحصل، و لكننا نقلل من خطورة العنف ، ونبحث له عن أعذار لتفسيره، ومن الممكن ألّا نلاحظ أننا نتعرض للاعتداء .

تكشف الأبحاث أن سبب النكران هو من أجل نجاتنا وتعلّقنا بغريزة البقاء، وأننا عادة ما نصغّر الأحاسيس و البراهين التي تدل على الحب، ولا نهتم بها، و ذلك لكي نتغاضى عنها أو نلوم أنفسنا من أجل الاستمرار في علاقة الحب ، و لكي نرضي شريكنا  ونجد الحب ، نتوقف عن الإحساس بالألم ، ويعود الحب و نشعر مجددًا بالأمان .

المثالية و متلازمة الإعادة :

إن لم نتجاوز صدمات الطفولة فإننا من المرجح أن نعتبر شريكنا مثالياً عند الوقوع في الحب، فعلى الغالب سنقوم بالبحث عن شريك يذكرنا بوالدنا، وليس بالضرورة مع والدتنا لكن مع الجنس المختلف عنا أي والدنا، وقد ننجذب لشخص فيه بعض الجوانب المتواجدة في أحد والدينا، وهذا ما يسمى في لغة فرويد بمتلازمة الإعادة والذي يسمح لنا بأن نتغاضى عن الإشارات التي تدل على أننا في مشكلة .

دورة الاعتداء :

بعد العديد من الاعتداءات ، غالبًا ما تكون بعدها فترة شهر عسل ، فالمعتدي قد يبحث عن رابط وعن تصرف رومانسي لكي يحاول أن يطلب الغفران من شريكه .

رغم هذا فإننا نشعر بالسلام أخيرًا ، فنعتقد بكل تلك الوعود التي تقول أنه لن يعيدها ، وذلك لأننا نريد التصديق لأننا ملزمون داخليا بهذا الرباط فالفجوة في هذا الرابط العاطفي تشعرنا أسوء من الاعتداء ، وتجعلنا نشتاق لأن نكون على رباط، فالمعتدي غالبًا يعترف بأنه يحبنا،  ونحن نريد تصديق ذلك والشعور بأن العلاقة صحية مليئة بالحب والسلام . فالمسألة هي أن نكراننا يعطينا الوهم بأننا في أمان،  و يسمى هذا “بدوامة الملاهي” لنكران ما يحصل في العلاقات التي يكون فيها الطرف الٱخر مدمن على الكحول وذلك بعد نوبة شرب متبوعة بوعود عدم الإقلاع عنه .

ضعف الثقة في النفس :

إننا نصدق كل ما يقوله المعتدي من لوم ، واستهانة، وانتقادات بسبب ضعف الثقة في النفس، مما يزيد من ضعفنا وقلة ثقتنا في ما نعتقده عن أنفسنا ، فالمعتدي يقوم بذلك عمدًا لكي يتسلط ويكون هو المتحكم، لكننا في الحقيقة مغسولي الدماغ لتصديق بأننا نحن من يجب أن يتغير لكي تتحسن العلاقة.

فيصبح من السهل التلاعب بنا ، ونبدأ بلوم أنفسنا ونحاول أن نكون في مستوى تطلعات شريكنا، مما يجعلنا نفهم بأن البعض من الطيبة واللطف التي يقدمهما وعدم الإعتداء من طرف شريكنا هي علامات على حب شريكنا لنا، ونأمل بعد ذلك بدوام العلاقة و نجاحها ، وبما أن ثقتنا في أنفسنا تنخفض ، فمعتقداتنا عن حبنا وعن مثالية المعتدي ستبقى سليمة، ومن ثَمَّ نبدأ بالشعور أننا لا يمكن أن نجد شريكًا أفضل منه .

التعاطف :

يشعر العديد منا بالتعاطف تجاه المعتدي ، و لكننا لا نشعر به تجاه أنفسنا، فإننا لا نعي احتياجاتنا، و قد نشعر بالحرج في طلبها، و ذلك يجعلنا أكثر عرضة للتحايل عندما يلعب علينا المعتدي دور الضحية ، ويبالغ في الشعور بالذنب وتأنيب الضمير ، أو أن يلومنا ، أو أن يتكلم عن حدث مروع قد حصل لهم ( وعادة ما تجد لديهم قصص مروعة ) ، فإن التعاطف يغذي النكران وذلك بتوفير الأعذار والمبررات لهم، وتخفيف الألم الذي نتحمله.

إن السرية خطأ كبير يعطي المعتدي القوة لكي يزيد في طغيانه ، وأغلب الضحايا يخفون المعتدي عن أصدقائهم وأقاربهم لحمايته وذلك ناتج عن تعاطفنا تجاهه، وخجلنا بأننا نتعرض للاعتداء.

الجوانب الإيجابية :

بدون شك إن المعتدي و العلاقة لهم جوانب إيجابية تشعرنا بالمتعة وسوف نفتقدها ، وخاصة الرومانسية التي نحظى بها في أول العلاقة والأوقات الجيدة، فإننا سنتذكر أو ننتظر عودتهم ، ونتخيل لو تحكموا في غضبهم ، أو وافقوا على مساعدتنا ، أو غيروا شيئاً واحدًا فقط، كل شيء سيتغير للأفضل، غالباً فإن المعتديين لديهم مواصفات جميلة وحياة اجتماعية ، أو لديهم قدرات فريدة، والنرجسيين قد يكونون مدهشين و ساحرين في تصرفاتهم أكثر من الطبيعي ، والعديد من الأزواج يدّعون أنهم يستمتعون برفقة النرجسي وبطريقة عيشه على الرغم من الاعتداء ، فالأشخاص الذين يعانون من اضطراب (الشخصية الحدية) يشعلون حياتك بالإثارة عندما يكونون في مزاج جيد، أما الشخص الذي يعاني من اضطراب الشخصية المعادية ( سوسيوباط ) يتظاهر بأنه الشخص الذي ترغب به وذلك لأهدافه الخاصة ولن تفهم نواياه إلا بعد فترة .

التعزيز المتقطع :

عندما نحصل على تعزيز متقطع إيجابي وسلبي غير متوقع ، فإننا نبقى متطلعين للأشياء الإيجابية ، وذلك يجعلنا ننتظر كالشخص المدمن، فالشريك يمكن أن يكون غير متوفر عاطفيًا أو لديه اضطراب الشخصية التجنبية، فمن حين إلى حين يرغب بالاقتراب منك ،  وبعد مساء جميل يقوم بالابتعاد فجأة وينغلق على نفسه ، أو يقوم بالتعدي .

فعندما لا نسمع أي خبر عن الشخص ، نصبح قلقين ونطالب بأن يقتربوا منا، ونسيء فهم ألمنا بأنه حب، وذلك ملحوظ خاصة عند المرضى الذين يعانون من اضطرابات في الشخصية ، فإنهم يقومون بذلك عمدًا، ويلعبون ألعاب التحكم و يتلاعبون بنا عن طريق الرفض أو العكس ، ومن ثم فجأة يقومون بفعل ما نريد منهم، فنصير مدمنين على استجاباتهم الإيجابية، ومع مرور الوقت ، تتكرر هذه الأحداث و تصير مدتها أطول ، ولكننا مدربون على البقاء ، ونبقى منتظرين ونأمل في الأفضل، وهذا ما يسمى بارتباط الصدمة، و ذلك ناتج عن دورات متكررة من الاعتداءات والتي يخلق فيها التعزيز المتقطع للجائزة أو العقاب  رباطات عاطفية تبقى مقاومة للتغيير،  فتشرح بذلك صعوبة التخلي في العلاقات ، والتعلّق بالمعتدي،  وقد نخسر أنفسنا محاولين أن نرضي الشخص المعتدي، وقد نشعر بالإثارة بالقليل من العاطفة والشعور بأننا مرتبطين ومقربين للمعتدي ( مثل الجنس ،…) لأننا نشعر بالحاجة للشعور بالحب و نسعد عند الحصول عليه، وهذا كله يغذي دورة الإعتداء .

وعادة ما يقوم المعتدون بالتصرف بطريقة تجذبك عندما تهددهم بالرحيل ، ولكنها فقط طريقة مؤقتة لمنعك من الرحيل، ويجب أن تتوقع أنك ستمر من مرحلة صعبة عندما تنسحب، فقد تشعر بالاشتياق والحب تجاه المعتدي .

إننا عندما نشعر بأننا تحت رحمة الشخص المتعدي ولا يمكننا تجنّب الإصابات الجسدية، فإننا نصور(متلازمة ستوكهولم) وهذا مصطلح يطلق على الرهائن، فإن أي تصرف لطف أو حتى غياب التصرف العدواني يشعرنا بأنها علامات صداقة واهتمام ، فالمعتدي يظهر لنا بأنه أقل خطورة، ونبدأ في تخيل أنهم أصدقائنا وبأننا متشاركين في كل هذا، و هذا يظهر من خلال العلاقات الأقل خطورة بسبب الكيمياء التي بين الشريكين ، أو الانجذاب ، أو الرابط الجنسي، فإننا أوفياء للخطأ ونريد حماية المعتدي الذي قد قمنا بتكوين علاقة معه بدل حماية أنفسنا ، ونشعر بالذنب عندما نشكي للناس ، أو عندما نتخلى عنهم، أو نتصل بالشرطة، فالناس الذين يحاولون مساعدتنا نراهم كأنهم تهديد، كالمستشارين والبرامج التي تساعدنا على سبيل المثال، فإنا نراها تريد غسل دماغنا وتفريقنا عن شريكنا مما يزيد من تكوين علاقة سامة ويبعدنا عن الحصول على المساعدة.. وهذا ما يريده المعتدي .

إن كنت تعاني من هذه المشكلة اتبع الخطوات التالية :

إن شعرت أنك في علاقة سامة أو لا تستطيع نسيان شريكك السابق :

●التجأ إلى أقرب مستشار نفسي .

●أحصل على معلومات كافية وحاول مواجهة نكرانك للأمر .

●قم بالتبليغ عن أي اعتداء واتخذ خطوات لحماية نفسك من الاعتداء سواء أكان جسدي أم عاطفي.

●أكتب عن هذه العلاقة و اسمح لنفسك بالحزن على عدم نجاحها.

●أحب نفسك أكثر، وقم بتغطية حاجاتك أولاً.

●واجه العنف بحكمة، وتعلَّم أن تضع حدودًا يجب ألّا يتخطاها أي شخص  .

ترجمة : صوفيا داودي رغيوي

تويتر :@sofiadRri 

مراجعة: أفراح السالمي

Twitter: @fara7alsalmi

المصدر :https://www.psychologytoday.com


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!