متى ستتمكن من شحن جهازك من غير استخدام الأسلاك؟

متى ستتمكن من شحن جهازك من غير استخدام الأسلاك؟

21 مايو , 2015

شحن الجهاز

في عصر التقنيات المحمولة، تحررنا بشكل كبير من أسر الأسلاك، ونعزو الفضل إلى ظهور الواي فاي “Wifi” والشبكات الخلوية إضافة إلى نهوض الحواسب المحمولة والهواتف الذكية نهايةً بالأجهزة اللوحية. ولكن بقي هنالك خيط رفيع يعيقنا عن التحرر الكلي من أسر تلكم الأسلاك ألا وهي الطاقة. رغم التطور الذي طرأ على تكنولوجيا البطاريات إلا أنها لم تستطع مواكبة التقدم التقني إذ ما زلنا بحاجة إلى شحن أجهزتنا بشكل دوري ومستمر. بينما محاولات الاعتماد على تقنية الشحن اللاسلكي مازالت خجولة رغم ظهورها من فترة طويلة نسبياً.

في الآونة الأخيرة ظهرت عدة محاولات لتحقيق حلم الشحن اللاسلكي وجعله أكثر ملائمة للأجهزة، دعونا نستعرض معكم بعض الخيارات التي يعمل عليها الباحثون حالياً من حيث مميزاتها والقيود التي تحدها من الانتشار الواسع.

 

موجز تاريخي مبسط

 

تاريخياً تعود فكرة نقل ” الطاقة لاسلكياً ” إلى المخترع العبقري نيقولا تيسلا عندما أظهر إمكانية نقل الطاقة عبر الهواء في نهاية القرن التاسع عشر. و كان يعمل على محاولة إيجاد وسيلة لانتقال الطاقة عبر مسافات طويلة. ولكن لسوء الحظ حظيت تجاربه بنجاح نسبي ومن ثم تم التخلي عن تمويل مشاريعه.

تسلا

منذ ذلك الحين والمحاولات مستمرة لجلب هذه التقنية للمستخدم ولكنها ما تزال تحظى بنجاح محدود. رغم ذلك إن كنت مصراً على استخدام الشحن اللاسلكي لأجهزتك ومستعداً لتحمل تكاليف إضافية مع بعض القيود، فهنالك نظام “Duracell’s Powermat” الذي يزودك بسجادة شحن و وصندوق يعمل مع أغلب الهواتف المحمولة.

 

 

الربط الحثي Inductive Coupling

تعد هذه التقنية من أوسع التقنيات انتشاراً للشحن اللاسلكي. إذا كنت تستخدم فرشاة أسنان كهربائية أو جهاز حلاقة يشحن عندما تضعه في قاعدته فأنت تنظر إلى إحدى تطبيقات ” الربط الحثي” .

الربط الحثي يعمل من خلال المجال الكهرومغناطيسي، فالتيار الكهربائي يستحث ملف الجهاز عند وضعه قريباً من الملف الآخر المزود بالكهرباء. لتنجح هذه العملية يجب أن تكون المسافة بين الملفين صغيرة جداً – تقدر ببضعة إنشات أو أقل – وإلا سيكون هناك فقدان للطاقة بشكل كبيرخلال العملية.

 

بينما تعد شرائح الـ “RFID”  أحد أكثر استخدامات “الربط الحثي” شيوعاً. إذا كنت تستخدم البطاقة الذكية لتسجيل حضورك في عملك أو في دفع رسوم الحافلة أو المترو فأنت تستخدم تقنية نقل الطاقة لاسلكياً. شريحة الـ“RFID”  عبارة عن شريحة مدمجة في بطاقتك تكون غير مفعلة حتى تقربها من مصدر طاقة الذي بدوره يستطيع تفعيل البطاقة وقراءة محتوياتها. كذلك شرائح الـ “NFC” التي تستخدم في أنظمة الدفع تعمل بتقنية مشابهه.

rfid

 

استخدام “تقنية الحث” في شحن الهواتف الذكية ليست جديدة على مصنعي الهواتف وملحقاتها. بالم بري “Palm Pre” يعد أول جهاز من نوعه يستخدم تقنية الشحن اللاسلكي في عام 2009. ومن ثم قامت شركات أخرى بدعم هذه التقنية في أجهزتها مثل Nokia Lumia, Google Nexus 5  و  Samsung’s Galaxy S5 مع ملاحظة أن بعضها يحتاج إلى ملحق إضافي لنجاح العملية. كذلك تجدها في ساعة أبل المرتقبة.

ساعة

 

من مميزات استخدام “تقنية الحث” أنك لست بحاجة إلى نوعية معينة من الأسلاك لعملية الشحن. إضافةً إلى أنها سوف تمكن الشركات من صنع جهاز مقاوم للماء بسهولة، إذ أنها ستزيل الجزء المكشوف اللازم لربط سلك الشحن. لكن من أبرز مساوئ التقنية مداها الصغير إذ يلزمك وضع جهازك على قاعدته أو سجادة الشحن لتتم عملية الشحن بصورة فعالة. في جوهر الأمر أنت تستبدل سلك الشحن بسجادة الشحن. أيضاً في بعض الحالات كأجهزة أبل مثلاً الأسلاك لا تزودك فقط بالطاقة بل بالصوت والصورة والتحكم أيضاً

هناك أيضاً عدم اجماع حول الكيفية التي يجب عليها عمل “الربط الحثي”. حتى وقت قريب كانت هناك ثلاث مجموعات تعمل على إرساء قواعد عمل هذه التقنية ألا وهي:

The Alliance for Wired Power, the Power Matters Alliance and the Wireless Power Consortium

خبر سار: في شهر يناير، تم الإعلان عن خطة دمج للمجموعات في خطوة للإسراع في تبني التقنية ولكن هذا لا يعني فورية النجاح في اعتمادها. في وقت بدأت فيه المتاجر العالمية مثل ستاربكس وماكدونالدز في تزويد مرتاديها بأغطية الشحن، كذلك انطلقت شركات الهواتف مثل سامسونج و اتش تي سي في عرض ميزة الشحن اللاسلكي في هواتفها إلا أن الاعتماد على هذه التقنية مازال بطيء في سوق التقنية.

 

الأشعة الضوئية

الشحن بواسطة “الربط الحثي” ليست هي الطريقة الوحيدة للشحن الآسلكي. فمؤخراً نُشرت ورقة علمية بواسطة  قسم الأبحاث من مايكروسوفت تبحث إمكانية عمل نظام طاقة غير متصل بسلك أطلق عليه “AutoCharge” بإمكانه شحن البطارية بالأشعة الضوئية!

 

قد يبدو الحديث هنا غير واقعي، ولكن في الحقيقة إنها تعتمد على تقنية ناضجة ألا وهي ” الخلايا الكهروضوئية ” نفسها التي تستخدم في الألواح الشمسية. الذكاء يكمن في أجهزة الشحن، وذلك باستخدام كاميرا يتم من خلالها التعرف على وجود الجهاز أسفله ومن ثم يوجه الأشعة الضوئية مباشرة إلى الجهاز.


هذه التقنية مازالت في مراحلها الأولية، إذن لا يتوقع تواجدها في الأسواق في الأعوام القليلة القادمة. والسبب يكمن في ضرورة دمج الخلايا الكهروضوئية في الجهاز أو كملحق خارجي يوفر هذه الخاصية. إضافة إلى أنها تستوجب على المستخدم وضع جهازه في الأسفل بمواجهه لوح الشاحن لضمان نجاح العملية. لتسهيل هذه العملية على المستخدم يستوجب وضع الخلايا الكهروضوئية في جانبي الجهاز، مما يتطلب دمج الخلايا مع الشاشة التي تشكل في الوقت الراهن معضلة تقنية لاسيما أن كفاءة الخلايا الشفافة أقل من العادية بكثير.

 

33

مهلاً، هناك خيار آخر للشحن بواسطة الضوء ألا وهو الليزر. حقيقةً هل هناك شيء لا يستطيع الليزر القيام به؟! إنه نوع من أنواع الضوء إذن فإنه يحمل طاقة. فقط وجهه على الخلايا الكهروضوئية عندها سيتحول الضوء إلى طاقة. إضافة إلى كون الليزر لا يعاني من مشكلة التداخل مع الموجات الأخرى، كذلك يمكنك توجيهه بحيث يتم إرسال الطاقة إلى مسافات بعيدة. رغم هذه الميزات إلا أن الليزر بحاجة إلى رؤية مباشرة ما بين الطرفين، إضافة إلى قلة كفاءته وقوة أشعته التي قد تسبب العمى والحروق بل بإمكانها قتلك. إذن في اللحظة الراهنة بإمكانك حصر استخدام الليزر في ملاعبة قطتك الشقية.

                                                                                                                                  

 

مصفوفات حصاد الطاقة Energy harvesting array

يعمل فريق من العلماء في جامعة دوك على استخلاص الطاقة من موجات المايكروويف والراديو المحيطة بِنَا، باستخدام مصفوفات بإمكانها استخلاص جزء قليل من الطاقة.

اننا في صدد الحديث عن تقنية مختلفة تماماً، رغم انها ما زالت في مراحلها الأولية. تقنية “حصاد الطاقة “Energy harvesting” تعتمد على استخلاص الطاقة من الموجات المحيطة بنا في الهواء سواءً كانت موجات راديو، صوت أو مايكروويف. في خطوة مبهرة، توصل الباحثون في جامعة دوك إلى  أن كفاءة هذه التقنية تقارب الطاقة الشمسية. بينما يحمل بروفسور في جامعة واشنطن هذه التقنية إلى مستوى جديد بالعمل على أجهزة بإمكانها استخلاص الطاقة من الهواء مباشرة مع تجنب استخدام البطاريات.


مفاجأة: هناك قيود في استخدام هذه التقنية أيضاً. فالموجات المحيطة بنا تحوي على كمية قليلة من الطاقة، بالتالي تصلح هذه التقنية لتشغيل الأجهزة الصغيرة والبسيطة قليلة الاستهلاك مثل أجهزة الاستشعار اللاسلكية. لكن إمكانية شحن الهواتف الذكية، الحاسوب أو الأجهزة المعقدة من الطاقة المستخلصة من الهواء تبدو بعيدة في الوقت الراهن.

44

أيضاً بإمكاننا استغلال أشعة المايكروويف لإرسال الطاقة مباشرة من مكان لآخر (قد تبدو هذه الفكرة مألوفة لمن سبق له لعب نسخة من SimCity). رغم أن الطاقة من خلال المايكرويف تقنية قد ثبتت فعاليتها إلا أنها غير مجدية للاستخدام على نطاق المنزل. هذه التقنية تتطلب معدات مكلفة وضخمة مثل مصفوفة مستقبلات قطرها 10 كم.

الأسلاك وجدت لتبقى، حتى الوقت الراهن

الشحن اللاسلكي حتى يومنا هذا لا يعدو كونه منتج حديث تكميلي عوضاً عن كونه تقنية ضرورية ذات استخدام واسع. في حين أن الطاقة اللاسلكية الفعلية – الأجهزة التي بإمكانها شحن نفسها عن طريق الهواء – مازالت شيئاً قريباً من الخيال العلمي. في السنوات القادمة شحن جهازك بإمكانه أن يصبح أسهل.. شكراً للتقنيات الجديدة مثل الربط الحثي وأشعة الضوء وحصاد الطاقة، قد لا يحدث هذا تغيراً كبيراً في نمط حياتك. لكن لنتذكر أن هنالك وقت كانت فيه الشبكات اللاسلكية تبدو كالسحر، ونحن الآن نستخدم الواي فاي والشبكات الخلوية كأمر اعتيادي ومفروغ منه. يوماً ما، سيصبح تفكيرنا بالشكل نفسه ولكن هذه المرة بالنسبة للطاقة.

 

 

المرجع:

Popular Science

 

 

شارك المقال

اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!