اكتشاف خلايا عصبية مرآتية عاطفية في الجرذان.

اكتشاف خلايا عصبية مرآتية عاطفية في الجرذان.

10 أكتوبر , 2019

المُلخص:

لماذا نبكي عندما نرى شخصاً آخراً يبكي؟ لماذا نفزع عندما يجرح أحدهم إصبعه؟ 

وجد الباحثون في المعهد الهولندي لعلم الأعصاب بأن أدمغة الجرذان تقوم بتنشيط الخلايا العصبية المرآتية ذاتها عند رؤية غيرها يتألم كما لو أنها هي تتألم بنفسها. فمن دون هذه الخلايا العصبية المرآتية فإن الحيوانات لن تشعر بألم غيرها. نظراً بإن الكثير من الاضطرابات النفسية تتسم بعدم التعاطف مع الآخرين، لذا يعد اكتشاف أساسيات هذه الخلايا لمشاركة المشاعر مع الآخرين، والمقدرة على تغيير مدى تعاطف الحيوان مع غيره خطوة كبيرة نحو فهم التعاطف مع الآخرين وفهم هذه الاضطرابات النفسية. سينشر هذا الاكتشاف في مجلة كرنت بيولوجي في الحادي عشر من أبريل.

أظهرت دراسات تصوير الأعصاب لدى البشر بأنه عند إحساسنا بالألم، فإن ذلك يُنَشِّط منطقة في الدماغ تسمى بالقشرة الحزامية. وعندما نرى أحدهم يتألم فإن هذه المنطقة تنشط من جديد.

أفترض الباحثون فرضيتين على هذا الأساس، وهما كالتالي:

.القشرة الحزامية المشتملة على خلايا عصبية مرآتية، وهي الخلايا التي تثير إحساسنا بالألم وتُنَشّط عند رؤية غيرنا يتألم.

.هذا هو السبب الذي يجعلنا نفزع أو نشعر بالألم عند رؤية غيرنا يتألم. 

ومع ذلك، فإن هذه النظرية لتفسير التعاطف التي قد تبدو معقولة وتتفق مع حدسنا تظل غير مثبتة علمياً بعد، لأنه يستحيل تسجيل نشاط كل خلية في دماغ الإنسان على انفراد. كما أنه من المستحيل تعديل النشاط في القشرة الحزامية لدماغ الإنسان لمعرفة ما إذا كانت هذه المنطقة هي المسؤولة عن التعاطف أم لا.

مشاركة الجرذان مشاعر غيرها:

استطاع الباحثون في المعهد الهولندي لعلم الأعصاب لأول مرة اختبار نظرية التعاطف لدى الجرذان. فقاموا بجعل جرذان تراقب جرذان أخرى تتعرض لدافع مؤلم (صدمة خفيفة)، ثم قاموا بقياس ما يحدث في أدمغة وسلوك الجرذان المراقبة للعملية. فعندما تخاف الجرذان فإن ردة فعلها الطبيعية هي أن تقف ساكنة لكيلا تُلاحظها الحيوانات المفترسة. وقد لاحظ الباحثون بأن الجرذان تفعل نفس الشيء أيضا عند رؤية غيرها يتألم.

تشير نتائج هذا الاختبار بأن الجرذان المراقبة شاركت مشاعر الجرذان الأخرى. فعند تسجيل نشاط القشرة الحزامية -المنطقة التي يعتقد بأنها المسؤولة عن شعور التعاطف مع الآخرين عند البشر- أثبتت بأن الجرذان المراقبة تنشط لديها الخلايا العصبية نفسها التي تنشط عند إحساس الجرذ بالألم بنفسه في تجربة أخرى. بعد ذلك، ثبّط الباحثون نشاط هذه الخلايا الموجودة في القشرة الحزامية عن طريق حقنها بمخدر، واكتشفوا حينها أن الجرذان المراقبة لم تعد تقف بلا حراك لعدم وجود نشاط في هذه المنطقة من الدماغ.

المنطقة ذاتها عند البشر والجرذان:

أثبتت الدراسة بأن الدماغ يجعلنا نشارك الآخرين شعورهم بالألم عن طريق تنشيط الخلايا ذاتها التي ينشطها عند شعورنا بالألم. ولكن هذا الأمر لا ينطبق على المشاعر حتى الآن، فهذه الخلايا العصبية المرآتية وُجدت فقط في الجهاز الحركي. كما أن هذا النوع من التعاطف مع الألم من الممكن تثبيطه عن طريق تعديل النشاط في القشرة الحزامية.

يقول كريستيان كيسيرز، الباحث الأول في هذه الدراسة: “أنه من المثير للدهشة أن كل هذا يحدث في نفس المنطقة عند كلٍ من البشر والجرذان، ولقد اكتشفنا بالفعل بأن النشاط يزداد عند البشر في القشرة الحزامية حينما نشاهد غيرنا يتألم، بعكس المجرمين المختلين عقلياً، فإننا نجد تقلص ملحوظ في هذا النشاط عندهم”. لذا سلطت الدراسة الضوء على هذه الاضطرابات العقلية الغامضة. وأضاف “وقد أثبتت لنا هذه الدراسة أيضاً بأن التعاطف – أي القدرة على مشاركة مشاعر الآخرين- أساس مهم لتطورنا. فنحن نتشارك الآليات الأساسية للتعاطف ذاتها مع الجرذان. على الرغم من أن سمعة الجرذان الأخلاقية لم تكن طيبةً أبداً، ولكن في المرة المقبلة عندما تريد أن تنعت أحدهم بأنه “جرذ” فإن ذلك قد يعتبر إطراًء له”.

ترجمة: أثير عبد الله
تويتر: @Adeeedo

مراجعة: عبد السلام العقيل
تويتر:@7Asalam7
المصدر:
I feel you: Emotional mirror neurons found in the rat


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!