دراسة حديثة: عقاقير داء هنتنغتون يمكن أن تُحِد من تطور المرض

دراسة حديثة: عقاقير داء هنتنغتون يمكن أن تُحِد من تطور المرض

27 أبريل , 2019

الملخص

أُعلنت تجربة تاريخية على مرض هنتنغتون نتائج إيجابية تشير إلى أن أحد الأدوية التجريبية للمرض يمكن أن تصبح أول من يبطئ تطوره المدمر.

وقد وصفت النتائج بأنها “ذات أهمية كبيرة” لأنها كانت المرة الأولى التي يُظهر أي دواء قدرته على  إيقاف تأثيرات طفرة هنتنغتون التي تسبب أضرارًا لا يمكن معالجتها في الدماغ، حيث أن العلاجات الحالية تساعد فقط في علاج الأعراض بدلاً من إبطاء تقدم المرض.

 

ما هو مرض هنتنغتون؟

هو حالة تنكسية خلقية ناتجة عن اختلال جين واحد. ويتم تشخيص معظم المرضى في منتصف أعمارهم بعد ظهور أعراض تشمل تقلب المزاج والتهيج والاكتئاب، ومع تقدم المرض يمكن أن تصبح الأعراض أكثر خطورة مثل الحركات اللاإرادية المتشنجة والصعوبات المعرفية والصعوبات المتعلقة بالكلام والبلع.

وحوالي إثنا عشر شخصاً من بين كل مئة ألف شخص يصابون بمرض هنتنغتون، فإذا كان أحد الوالدين يحمل الجين المختل فاحتمال نقل هذا الجين إلى أبناءهم هو خمسين بالمئة ،ولا يوجد حالياً علاج لمرض هنتنغتون، على الرغم من وجود الأدوية التي تساعد في التحكم ببعض الأعراض.

تقول البروفيسوره سارة تبريزي -مديرة مركز مرض هنتنغتون في جامعة كوليدج لندن والتي قادت المرحلة الأولى من التجارب-: أن النتائج تفوق ما كانت تأمله وجاءت نتائج هذه التجربة ذات أهمية كبيرة للمرضى المصابون بمرض هنتنغتون وعائلاتهم.

وأحدثت هذه النتائج أيضاً موجة من الإثارة عبر العالم العلمي لأن الدواء -وهو عبارة عن خيط اصطناعي من الحمض النووي- من المحتمل أن يتكيف مع استهداف اضطرابات أخرى غير قابلة للعلاج مثل مرض ألزهايمر وباركنسون.

من الجانب الآخر دفعت شركة الأدوية السويسرية العملاقة “روش” رسوم ترخيص بقيمة خمسة وأربعون مليون دولار لنقل الدواء إلى الاستخدام السريري.

الأعراض الأولى التي تظهر عادة في منتصف العمر تشمل تقلب المزاج والغضب والاكتئاب ثم تتطور الأعراض إلى حركات تشنج غير منضبطة والخرف ثم الشلل في نهاية المطاف، يموت بعض الناس خلال عقد من وقت التشخيص.

يقول د. إد وايلد: “معظم مرضانا يعرفون ما سيحدث لهم خلال مرحلة المرض”، دكتور إد هو عالم من جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلس ومستشار أعصاب في المستشفى الوطني لأمراض الأعصاب وجراحة الأعصاب في لندن وهو الذي أدار تجربة الدواء.

تحتوي جينات مرض هنتنغتون على شفرات للخلايا لصنع بروتين سام يسمى “هنتنغتون”، يتم نسخ هذا الرمز بواسطة جزيء مرسل وإرساله إلى مكان صنع البروتين في الخلية.

يقوم هذا الدواء الجديد -الذي يطلق عليه Ionis-HTTRx- باعتراض طريق الجزيء المرسل وتدميره قبل إنتاج البروتين الضار مما يؤدي إلى إسكات تأثيرات الجين الطافر بشكل فعال.

 

كيف يبطئ الدواء من انتشار مرض هنتنغتون

لإيصال الدواء إلى الدماغ فإنه يجب حقنه في السائل الدماغي الشوكي المحيط بالعمود الفقري باستخدام إبرة بحجم أربع بوصات.

وقال البروفيسور جون هاردي -عالم الأعصاب في جامعة كاليفورنيا والذي لم يشارك في البحث-: “إذا سُئِلَت من قبل خمس سنوات إذا كان هذا الدواء يمكن أن ينجح لقلت بالطبع لا! حقيقة أن هذا الدواء استطاع دحر مرض هنتنغتون أمر جدير بالاهتمام”.

وتضمنت التجربة ستة وأربعين رجل وامرأة مصابين بمرحلة مبكرة من مرض هنتنغتون في المملكة المتحدة وألمانيا وكندا.

أعطي المرضى أربعة حقن في العمود الفقري بين كل حقنة والأخرى شهر واحد وفي كل حقنة تزداد جرعة الدواء عمّا قبلها؛ وتم حقن ربع المشاركين تقريبًا بدواء وهمي.

انخفض تركيز البروتين الضار في السائل النخاعي بشكل كبير بعد حقن الدواء بالتناسب مع قوة الجرعة. عادة ما يشير هذا النوع من العلاقات المتقاربة إلى أن الدواء له تأثير قوي.

وقالت د. تبريزي: “للمرة الأولى يخفض دواء مستوى البروتين السام المسبب للمرض في الجهاز العصبي، وكان الدواء آمنًا ومقبولاً من قِبل المرضى”، وتضيف: “ربما تكون هذه هي اللحظة الأكثر أهمية في تاريخ مرض هنتنغتون منذ أن تم اكتشاف الجين المختل”.

كانت تجربة هذه الدراسة صغيرة جداً من ناحية عدد المشاركين ولم تكن طويلة بما فيه الكفاية لإظهار ما إذا كانت الأعراض تحسنت لدى المرضى، ولكن من المتوقع الآن أن تبدأ شركة روش تجربة كبرى تهدف إلى اختبار ذلك.

وإذا نجحت التجربة المستقبلية فتعتقد د.تبريزي أن الدواء يمكن أن يستخدم في نهاية المطاف على الأشخاص الذين يحملون جينات هنتنغتون قبل أن تظهر الأعراض، وقد يثبط الأعراض نهائياً، وقالت: “قد يحتاجون فقط إلى جرعات كل ثلاثة إلى أربعة أشهر. في يوم ما نريد منع حدوث المرض!”.

إن النجاح غير المتوقع للدواء يرفع الاحتمالية المحبطة بأن أسلوباً مشابهاً قد ينجح في اضطرابات دماغية تنكسية أخرى، حيث قال وايلد: “هذا الدواء يشبه لعبة التركيبات ليغو، حيث يمكنك استهداف أي بروتين آخر وليس بالضرورة المسبب لمرض هنتنغتون”.

على سبيل المثال، يمكن صنع خيط اصطناعي مماثل من الحمض النووي لاستهداف الرسول الذي ينتج بروتين اميلويد أو تاو في مرض الزهايمر.

وقال د.هاردي -الذي اقترح لأول مرة أن بروتينات اميلويد تلعب دوراً محورياً في مرض الزهايمر-: “هنتنغتون بمفرده مثير بدرجة كافية. لا أريد المبالغة في تقدير هذا كثيرًا ولكن إذا كان هذا مايفعله جين واحد فلماذا لا تنجح في جينات كثيرة غيره؟ أنا متحمس جداً جداً”.

ووصفت البروفيسور جيوفانا مالوكي -المديرة المساعدة لمعهد بحوث الخرف في المملكة المتحدة في جامعة كامبريدج- العمل بأنه “خطوة هائلة إلى الأمام” للأفراد المصابين بمرض هنتنغتون وعائلاتهم، حيث تقول: “من الواضح سيكون هناك الكثير من الاهتمام بما إذا كان يمكن استخدام هذا الدواء لعلاج الأمراض العصبية الأخرى، مثل مرض الزهايمر”.

ومع ذلك،فإن معظم الاضطرابات الأخرى تكون الأسباب الجينية معقدة وغير مفهومة بشكل جيد، مما يجعلها أكثر صعوبة في استهدافها.

حوالي عشرة آلاف شخص في المملكة المتحدة مصابون بالمرض وحوالي خمسة وعشرون ألف شخص معرّضون للإصابة.

معظم مرضى هنتنغتون ورثوا الجين من أحد والديهم، ولكن حوالي واحد من كل خمسة مرضى ليس لديهم تاريخ عائلي معروف للمرض، ومن المتوقع نشر النتائج الكاملة للبحث في مجلة علمية العام المقبل.

 

 

ترجمه: أبرار مغربي

تويتر: A__Ma14@

 

مراجعه: حنان صالح

تويتر: hano019@

 

المصدر:

theguardian.com

شارك المقال

اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!