السبب خلف آلام المعدة والاستفراغ عند إحدى طالبات الكلية

السبب خلف آلام المعدة والاستفراغ عند إحدى طالبات الكلية

19 فبراير , 2019

الملخص

لم يستطع الأطباء اكتشاف سبب الإعياء المفاجئ الذي أصاب هذه الفتاة إلا بعد وفاتها ووفاة من تبرعت له بكبدها. ما سبب تأخر التشخيص؟ وماهي عواقب هذا الاكتشاف.

أسرعت نقّالة الإسعاف التي تحمل فتاة في التاسعة والعشرين من عمرها إلى بوابة طوارئ المركز الطبي لجامعة بانر في توسن، حيث كان تنفسها صعباً وفمها متصلب ويديها ممتدة ومتصلبة.

في الليلة السابقة للحادثة، أخبرت الفتاة والدتها أنها كانت تتقيأ وتشعر بألم فظيع في بطنها، وسألتها والدتها -التي تعيش في ولاية تكساس- عما إذا كانت تحتاج إلى الذهاب للطوارئ فأجابتها الابنة بـ لا ولذلك حجزت الأم موعداً لابنتها عند الطبيب في اليوم التالي. ولكن عندما اتصلت بها والدتها في الصباح لتخبرها عن موعد الطبيب لم تحصل على إجابة، فاتصلت على ابنتها الكبرى – وهي أيضاً طالبة في جامعة أريزونا توكسون- وهي قلقة وطلبت منها أن تتحقق من حالة أختها الصغرى.

وجدت الشقيقة أختها وهي ملقاة على أرض دورة المياه فاقدة الوعي ومغطاة بالقيء، كانت المياه لا تزال مفتوحة في الحوض وفرشاة الأسنان الكهربائية ماتزال تعمل مما يشير إلى انهيار مفاجئ وغير متوقع.قالت شقيقتها لفريق الطوارئ أن أختها لم يكن لديها مشاكل طبية، ولكنها ذهبت إلى الطوارئ قبل ثلاثة أشهر حيث اصطحبها أصدقائها الذين لاحظوا أنها كانت تبدو مشوشة.

في تلك الزيارة تم عمل أشعة رنين مغناطيسي لدماغها وبعض اختبارات الدم، كانت التحاليل سليمة بإستثناء ارتفاع طفيف في وظائف الكبد (وبعد بضعة أسابيع زارت طبيباً ولكنه لم يتابع حالتها عندما تحسنت وظائف الكبد لديها) في ذلك الوقت تم إعطائها محاليل وريدية وخرجت في الليل من المستشفى وتحسنت حالتها مع مرور الوقت.

تحاليلها الأخرى لم تُظهر وجود الكحول أو أي مخدرات في الدم. في الطوارئ كانت الفتاة في حالة إغماء لا تستجيب إلا لمحفزات الألم فقط، وظلّت متصلبة من فمها إلى قدميها الأمر الذي يُشير إلى حدوث إصابة خطيرة للدماغ، ولكن الأشعة المقطعية لدماغها كانت سليمة وكذلك كانت تحاليل الدم أيضاً باستثناء نفس الخلل الطفيف في وظائف الكبد الذي كان لديها.

كانت نبضات قلبها متسارعة وتنفسها غير منتظم الأمر الذي استدعى الأطباء إلى تركيب جهاز التنفس الصناعي لها للتأكد من حصولها على ما يكفي من الأوكسجين وتم تنويمها في وحدة العناية المركزة وأعطيت مضادات حيوية قوية ومضادات للفيروسات لعلاج أي التهاب – إذا كان هو السبب في كل هذا.قد تكون هذه من الحالات الصعبة التي يواجهها الأطباء: مريض يأتي في حالة حرجة قريب من الموت ولديهم فقط القليل من الأدلة على ما يجري له! قام أطباء العناية المركزة بفحص الفتاة حالما وصلت ولكن لم يكن لديهم فهم أفضل لما قد يكون سبب الغيبوبة لها، وطلبوا المساعدة من أطباء المخ والأعصاب وأطباء القلب وأطباء الأمراض المعدية وجميعهم كانوا في حيرة أيضاً.

في ذلك الوقت كشفت أشعة الرنين المغناطيسي أن دماغ الفتاة قد تورم بشكل أصبح يدفع على حدود الجمجمة وإذا لم يتم العثور على سبب التورم ومعالجته فوراً فإنها بالتأكيد ستموت.في تلك الأثناء أجري تخطيط لدماغ الفتاة وكانت الإشارات تدل على زيادة في كهرباء الدماغ وأنها قد تكون في حالة تشنج نتج عنها تصلب جسدها، فأعطيت أدوية علاج التشنج ولكنها لم تستيقظ ولم تتحسن حالتها وكان من الواضح جداً أن حالتها تزداد سوءًا، ففي البداية كان بؤبؤ العين يستجيب للضوء ولكن بعد ذلك أصبح البؤبؤ متوسع وثابت وعندما كان الماد البارد يتدفق إلى أذنيها -وهو اختبار للمرضى الذين يكونون في غيبوبة ينتج عنه ردة فعل من المريض بحركة قوية لا إرادية- لم يحدث أي ردة فعل الأمر الذي يدل على أن دماغها لا يعمل.

أوقف الفريق الطبي جميع الأدوية التي يمكن أن يكون لها تأثير مهدئ ومنوم لمعرفة ما إذا كانت الأدوية هي السبب ولكن لم يكن هناك أي تحسن.

وهكذا، وبعد عمل شامل ورعاية مدروسة لمدة ثمانية أيام منذ تنويم هذه الفتاة في المستشفى تم إيقاف آلة التنفس، وبدون مساعدتها لم تتنفس أكثر من ذلك ولذا أعلن الفريق عن وفاة الفتاة دماغياً.

كان التشخيص متأخراً جداً!

لماذا حدث هذا؟ سألت الأسرة مرارًا وتكرارًا هذا السؤال ولكن الأطباء الذين كانوا مشرفين على حالتها لم يستطيعوا الإجابة على سؤالهم. كان سبب وفاتها الواضح أن دماغها قد تورم، ولكن السبب الحقيقي وراء ذلك لم يستطيعوا التوصل إليه.

وعلى الرغم من الحزن، فقد قررت الأسرة التبرع بأعضاء الفتاة (القلب والكبد والكلى) وتم دفنها.بعد أسابيع قليلة من وفاة الفتاة، تلقى والدها مكالمة من شبكة المتبرعين بالأعضاء في ولاية أريزونا يخبروه بوفاة متلقي كبد ابنته بعد أيام قليلة من عملية زرع الأعضاء. صدم والدها، وبدأ فريق زرع الأعضاء العمل فورًا لمعرفة ما حدث.

وكانت الإجابة مفاجأة، فقد كانت الفتاة المتبرعة بالكبد تحمل عيب وراثي في الجينات تسبب في نقص مادة كيميائية تسمى أورنيثين ترانسكارباميلاس (ornithine transcarbamylase) وهو إنزيم حيوي وظيفته مساعدة الكبد على تكسير البروتينات.

البروتينات هي اللبنات الأساسية لبناء العضلات، وشيء بسيط مثل تناول اللحوم أو زيادة التعب على الجسم من خلال الصيام لفترات طويلة أو إجراء جراحة يمكن أن يطلق بروتينات إضافية في الدم. وعندما يحدث خطأ ما في عملية تكسير البروتينات يمكن أن تتراكم مستويات سامة من الأمونيا في الدم والتي بدورها تهاجم الجهاز العصبي والدماغ.

ارتفاع مستويات الأمونيا في الدم عادة ما يكون سببه تضرر الكبد إما بسبب الكحول أو مرض يمنع الكبد من أداء وظائفه الأساسية – بما في ذلك تكسير البروتينات. يختبر الأطباء بشكل روتيني مستويات الأمونيا في المرضى الذين يعانون من فشل الكبد، غالبًا بسبب تليف الكبد أو التهاب الكبد.

ولكن المرضى الذين يعانون من نقص الإنزيم أورنيثين ترانسكارباميلاس عادة لا تكون وظائف الكبد سيئة في التحاليل، ولكنهم يفشلون في القيام بهذه المهمة فقط. ولأن الكبد يعمل بشكل جيد في جميع الطرق الأخرى، فإن الأطباء لم يشتبهوا بفرط الأمونيا في الدم كسبب للغيبوبة أو تورم الدماغ، وإذا تم فحص مستوى الأمونيا عند الفتاة فإنه كان يمكن أن يكون مرتفعاً – ربما بعشرة أضعاف المستوى الطبيعي.

نقص الإنزيم ليس هو السبب الوحيد لإرتفاع مستوى الأمونيا، حيث أن هناك أمراض أخرى بعضها موروثة مثل نقص إنزيم أورنيثين ترانسكارباميلاس، وبعضها مكتسبة مثل فيروس الهربس وبعض أنواع السرطانات التي يمكن أن تفعل ذلك.

بعض الأدوية بما في ذلك الحديد ومضادات التشنجات يمكن أيضًا أن تتسبب في ارتفاع مستويات الأمونيا. اختبار دم بسيط يتم تأديته عندما لا يتم العثور على سبب آخر للغيبوبة قد ينقذ حياة إنسان، وفي حالة هذه الفتاة ربما ينقذ حياتين.

الجين المسؤول عن إنزيم أورنيثين ترانسكارباميلاس موجود على كروموسوم X، وبالتالي فالأولاد “بما أن لديهم واحد كروموسوم X” هم أكثر عرضة للأعراض من نقص الإنزيم، ولأن الفتيات لديهن اثنان من كروموسوم X فإذا كان أحدهما معيباً يمكن للآخر أن يعوّض عنه أحياناً.

ولكن لأسباب غير مفهومة جيداً فإنه ربما بعد تناول وجبة غنية بالبروتين أو مع إجهاد كبير مثل المرض، يمكن أن تظهر الأعراض في الفتيات أيضاً وتجعل مستويات الأمونيا مرتفعة. وربما كان هذا ما حدث لهذه الفتاة عندما بدأت أعراض المرض قبل ثلاثة أشهر، وهذا هو ما قتلها وقتل المريض الذي تمت زراعة كبدها له.

كما قرأ الوالدين عن الإنزيم ووظائفه وأعراضه فقد اعترفوا بأن عدة أعراض قد ظهرت على ابنتهم، مثل الكثيرين من المرضى الذين يعانون من نقص الإنزيم فقد كانت دائماً ما تعاني من الشعور بالغثيان أو القيء لأسباب لم يفهموها أبداً، ونادراً ما كانت تأكل اللحوم حيث كانت لا تحبها أبداً.

تم اختبار باقي أفراد العائلة عن الإنزيم، ووجد أن والد الفتاة مصاب أيضاً ولديه الجين المعيب، وهذا الاكتشاف أوضح الكثير له عن سبب الخمول والتعب حتى من التحرك أو الكلام. هذا الخمول كما يعتقد الآن هو نتيجة لمستويات الأمونيا العالية. في هذه الأيام يتناول والدها الحبوب المدعمة التي توفر المواد الكيميائية التي لا يمكن أن تنتج بسبب نقص الإنزيم، ويتجنب الأطعمة التي يمكن أن ترفع الأمونيا. كل هذه المعلومات جاءت متأخرة جداً لمساعدة ابنتهم، ولكن ربما البعض الآخر يجدها مفيدة وهذا على الأقل هو ما يرجوه والديها.

 

 

ترجمه: أبرار مغربي

Twitter:A__Ma14@

 

مراجعه: ميسم الفداغ

 

المصدر:

nytimes


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!