العلم يحسم الأمر: لم يعد تعدد المهام أمرًا غير فعال

العلم يحسم الأمر: لم يعد تعدد المهام أمرًا غير فعال

22 فبراير , 2019

The Science is Clear: Why Multitasking Doesn't Work

 

الملخص

توصل العلماء إلى استحالة قيامنا بعدة مهام في نفس الوقت بالجودة المطلوبة كما أن صب كامل التركيز على مهمة واحدة يعد أكثر فاعلية ويساعد على إنجاز مهام أكثر.

 

إننا بالفعل لا نستطيع أن نقوم بأكثر من مهمة في نفس الوقت.

 

ففي كل الظروف، وبالنسبة لكل الأشخاص تقريبا، تعد مسألة القيام بأكثر من شيء في نفس الوقت أمر مستحيل. وعندما نظن بأننا نقوم بأكثر من أمرين في آن، فليس بالضرورة أن يكون الإعتقاد صحيح، بل عوضا عن ذلك، فإننا نقوم بأفعال منفردة بوتيرة متسارعة.

 

وقد صار علم الأعصاب أكثر وضوحا الآن، بحسمة لمسألة أننا قادرين على القيام بشيء واحد فقط في وقت واحد، وقد أظهرت دراسة أن 2.5% فقط من الناس يمكنهم القيام بأكثر من مهمة في نفس الوقت وبفاعلية، وإذا ما حاول البقية القيام بأكثر من عمل في نفس الوقت، فإن ذلك ضربًا من الوهم.

 

تعيق تعددية المهام تفكيرك .. كيف؟

إذا قلت بأننا نعلم ما تفكر به، هل تشعر أن أحدًا يهتم بذلك؟

فسواء كان الأمر تعدد المهام، أو العمل بمهمة واحدة، لن يكون ثمة فارق سوى في الدلال اللفظية لكليهما، صحيح؟

مع الأسف، غير صحيح!

 

إن محاولة القيام بأكثر من شيئين في ذات الوقت، خصوصا الأشياء الخطيرة، مثل المراسلة بالهاتف النقال أثناء القيادة، تفقدنا قدرتنا الحقيقية على إكمال أي من المهمتين بسلام.

 

وبنفس الدرجة، فإن التراجع والإنتقال من مشروع لمشروع مثل طائر طنان يقفز من زهرة لزهرة ويعود للزهرة الأولى، لن يفيدك في شيء بل سيعيق قدرتك على الأداء العالي.

 

تذكر ذلك المرة القادمة، عندما ستشرع في القيام بمهمتين في نفس الوقت.

 

وبينما علينا أن نحاول جاهدين على التركيز في مهمة واحدة، لدينا أجهزة الكترونية ومصادر تعزز من نظرية تعدد المهام، مثل الهاتف في اذنيك وسماعتك، مما يشعرنا بالحماس للبدأ بمهامنا اليومية جميعها في نفس الوقت.

 

تشتت التركيز:

إن ما يشغل بال علماء الأعصاب الذين يدرسون ما يقوم به الدماغ هو ميلنا لتشتيت إنتباهنا، عوضا عن التركيز، مما يعيق قدرتنا على آداء المهام البسيطة، وقد يكون ذلك ذات تأثير سيء جدًا على:

 

*الإنتباه: تعتمد اللوائح الصادرة بشأن منع إستخدام الهاتف الخلوي أثناء القيادة على بيانات علمية، حيث ترتبط المهام المزدوجة (مثل القيام بمهمة لغوية أو صوتية أثناء القيادة) بإنخفاض نشاط مناطق معينة في الدماغ مهمة في التركيز او الإنتباه، والقيادة بشكل غير جيد.

 

وقد أظهرت العديد من الدراسات أن الأشخاص الموجودين وسط ظروف تجعلهم يتعاملون مع عدد أكبر من المهام في ذات الوقت و بشكل مفرط، يتبنون نمط تحكم في التركيز يميل لتفضيل التعامل مع المصادر المتعددة بالتوازي، على أن يتعاملوا مع مهمة واحدة في وقت واحد.

 

وقد قارنت دراسة اخرى آداء تلك الفئة بنظرائها ممن يمارسون تعدد المهام بشكل أقل، والمدهش هنا هو ظهور نتائج دالة على أن الفئة التي تعمل تحت ضغط المهام المتواصلة كانت أسوأ في قدرتها على الإنتقال من مهمة لمهمة بالمقارنة بالفئة الأخرى وربما كان ذلك بسبب صعوبة التخلص من المعلومات غير ذات الصلة بما يحتاجوه.

 

*التعلم: يقول المثل “ثمة وقت كافي لكل شيء على مدار اليوم، ولكن فقط إذا فعلت شيء واحد. ولكن ليس ثمة ما يكفي خلال السنة للقيام بشيئين.

وفي جوهر الأمر، كلما كان تركيزك على أمر واحد كلما زاد معدل إنجازك والعكس، لأننا ومع مرور الوقت، نفقد القدرة على التركيز بما يكفي لنتعلم، والتركيز مهم للتعلم، فإن بدأنا في عمر مبكر بالتعود على القيام على مهام متعددة في ذات الوقت فإننا نفقد القدرة على التحكم ببقية الأمور من حولنا، وعلى الإنخراط بشكل أعمق في التعامل مع الأشياء، كما أثبتت الدراسات أن تعدد المهام في وجود أدوات التكنولوجيا مثل (ارسال رسائل نصية، سماع الموسيقى، مراجعة بريدك الالكتروني) يؤثر سلبا على دراستك وواجباتك المنزلية وتعلمك ودرجاتك.

 

*صفاء الذهن: إن هؤلاء ممن يمتلكون ذهنا صافي، لديهم القدرة على أكثر من مجرد التركيز، وهم يقومون بذلك عن قصد وليد اللحظة، وقد يكون ذلك أرقى أنواع التركيز، وقد يكون سببا في إتخاذ قرارات في بيئة غير مجهدة. وبالفعل، فإن العديد من علاجات الإكتئاب والتوتر والألم المزمن وفرط الحركة والتعاطي تعتمد على تعزيز مبدأ التيقظ والوعي وصفاء الذهن.

 

إختر أن تقوم بشيء واحد في كل مرة:

يعتقد الناس أن مهارة الجراح تكمن بالدرجة الأولى في ثبات ودقة يديه، وثمة جانب من الحقيقة في ذلك، لكن مهارة الجراحة هي التركيز على مريض واحد فقط وإكمال سلسلة من المهام، وذلك بهدف الوصول لنتيجة معينة قد يشتغرق تحقيقها ساعات حتى تنتهي.

 

ولا يفترض بالضرورة أن يولد كل جراح بمهارة (انجاز المهام الفردية) لكنه بالضرورة أن يتعلمها، وذلك خلال ساعات طويلة من الجراحة وبعد سنوات وسنوات من السعي نحو الكمال، مما قدر يجعل الأمر ممتعًا للغاية.

 

يقول معظم الجراحين، أن المكان الأفضل بالنسبة لهم في المستشفى هي غرف العمليات، على الرغم من التوتر والمخاطر الكامنة في الأمر، وذلك لأنه مكان للإعتزال من ضوضاء العالم الذي يعج بالواجبات خارجًا.

 

عليك أن تكون جراحًا لتحرر نفسك من عقدة تعدد المهام ولتتجه نحو المهمة الواحدة، وسواء كنت تقودك سيارتك في رحلة طويلة، أو تنظم حدثًا، أو تنسق حديقة أو تملأ طلبا، فإنه من الأفضل دائما أن تقوم بشيء واحد فقط، فحاول ذلك!

 

ترجمة: إيناس أحمد سدّوح

Twitter @Enas_saddoh

مراجعة: غادة اللحيدان

Twitter @ghadoo7

 

المصدر:

health.clevelandclinic.org

شارك المقال

اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!