IBM تريد استبدال المضادات الحيوية بجزيئات اصطناعية

31 أغسطس , 2018

الملخص:

نجح باحثون في مختبرات IBM  في تطوير آلية جديدة للتغلب على مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية حيث قاموا بإنتاج بوليمرات تعمل على تدمير الميكروبات من الداخل ثم تتحلل تمامًا مما يجعلها وسيلة ناجعة في التخلص من السموم التي تخلفها العلاجات الأخرى.

 

عندما اكتشف ألكسندر فلمنق دواء البنسلين في عام ١٩٢٨، كان هذا الاكتشاف هو المفتاح لشيئين؛ أولاً: وجد الأطباء اخيراً الطريق لعلاج أمراض مثل الالتهاب الرئوي والسيلان والحمى الروماتيزمية، حتى ذلك الحين كانت الوسيلة هي فقط المراقبة والانتظار آملين أن يقوم جهاز المناعة لدى المريض بتطهير العدوى؛ وهذا لايحدث غالباً.

ثانياً: الاكتشاف قدم لنا فكرة وهي أنه بإمكاننا استخدام الجزيئات الموجودة في البكتيريا والفطريات لقتل البكتيريا الأخرى -تلك التي تسبب العدوى والامراض. ومنذ ذلك الحين، ظل الباحثون يبحثون عن جزيئات جديدة مشابهه لدواء البنسلين لعلاج مختلف الأنواع من البكتيريا والفطريات اللّتي تصيبنا.

ومنذ البداية ظل العلماء في سباق ضد الزمن، البكتيريا تتطور بشكل سريع وبينما هدفنا هو القضاء عليهم جميعًا، فإن هدفهم هو العكس تمامًا: وهو البقاء على قيد الحياة بأي ثمن.

يظهر البحث أنه كما في لعبة شد الحبل، فإن البشر يتم سحبهم تدريجيًا أقرب وأقرب إلى انتصار بكتيري. في مايو ٢٠١٦ عند مراجعة مقاومة مضادات الميكروبات، وهي مجموعة بحث تمولها وزارة الصحة البريطانية، توقعت أن ٠٠٠،٧٠٠ شخص يموتون كل سنة من العدوى المقاومة للمضادات الحيوية (تلك البكتيريا التي لا توجد حالياً مضادات حيوية لقتلها). بحلول عام ٢٠٥٠ ما يقدر بنحو 10 مليون شخص قد يموتون من عدوى مقاومة المضادات الحيوية إذا لم يجد الباحثون طريقة لمواكبة البكتيريا دائمة التطور.

يستخدم العلماء نهجاً لا حصر لها لتجنب هذه النتيجة، وبينما ينطوي معظمها على إيجاد جزيئات أو بروتينات جديدة في البكتيريا أو الفطريات المشابهة للطريقة التي وجد بها فليمنج البنسلين، يتخذ الباحثون في شركة آي بي أم أسلوبًا مختلفًا حيث أنشؤوا جزيئاً صناعياً يعمل بطريقة جديدة لقتل البكتيريا من الداخل إلى الخارج. وقد شرع الباحثون في التعامل ومعالجة أكثر السيناريوهات خوفاً في مقاومة المضادات الحيوية: عندما تصبح السلالة المقاومة للبكتيريا جهازية وتنتشر خلال الدم الى كل جهاز عضو في الجسم. وقد صمموا جزيئات لتقاتل ضد خمسة أنواع من أكثر السلالات المقاومة للمضادات الحيوية التي يتم الحصول عليها عادةً في المستشفيات، والتي غالباً ما تصبح جهازية وتؤدي إلى فشل الأعضاء.

كان الباحثون يعملون على إنشاء جزيئات اصطناعية لبعض الوقت الآن، ولكن الأمر كان صعبًا حيث أن الجزيئات الاصطناعية تحتاج إلى أن تكون قادرة على التحلل الحيوي – فهي لا تستطيع أن تبقى في داخل الجسم الى الأبد- وهي تحتاج أيضاً إلى أن تحارب البكتيريا بشكل فعال بط-ريقة لا تؤثر سلبًا على أعضاء الجسم. الأدوية التي تقتل البكتيريا المقاومة حالياً تقوم بتسميم الكبد والاعضاء الأخرى عادةً. جيمس هيدريك، باحث لدى شركة آي بي أم، يقول “نحن نحاول محاكاة الطريقة التي يعمل بها الجهاز المناعي الفطري لدينا”، وقال أن فريقه وهو قاموا بنشر نتائجهم في مجلة (Nature Communications).

ويقول ايضاً جهازنا المناعي يقوم بتدمير غزاة الخلية عن طريق تفتيت الغشاء الخلوي لهذه الميكروبات. كما يقول: “عندما تصاب بالعدوى، يفرز جسمك على الفور مضادات ميكروبية بروتينية، والتي هي ببساطة مجرد كلمة بسيطة تعرف بالبوليمر” (بالمناسبة البوليمر مجرد كلمة تعني جزيئات كبيرة). توجه العديد من العلماء في السنوات الأخيرة للتركيز على صنع هذه الجزيئات الكبيرة في المختبر، يقول هيدريك أن المشكلة في استخدام هذه الطريقة هي عندما تُصاب بعدوى جهازية، فعندما تنفجر الخلية  البكتيرية داخل الجسم تقوم بإفراز سمومها في الدم لكن هذا لايمثل مشكلة خطرة في العزل، ولكن عندما يكون لديك الملايين من هذه البميكروبات الخطرة فإن السموم تستمر بالتراكم. يقول هيدريك أنه في الماضي استُخدمت البوليمرات الاصطناعية بطريقة مشابهة، حيث أنها سُتفجر كل بكتيريا وتمحيها، ولكن بدلاً من التسبب في انفجار البكتيريا، البوليمرات الصناعية الجديدة تقتل كل بكتيريا من الداخل إلى الخارج. وعلاوة على ذلك، هيدريك وفريقه اعتقدوا أن هذه الأنواع من المضادات الحيوية سوف تؤدي إلى مضادات حيوية أقل مقاومة. البوليمر يعمل من خلال التفاعلات الكهربائية-الشحنات السالبة والموجبة تنجذب إلى بعضها البعض. لكنها تجذب نفسها إلى العديد من المواقع على سطح البكتيريا، وهذا يعني أنه حتى لو تطورت البكتيريا ، فإنه لا يزال من المرجح أن البكتيريا المكافحة للبوليمرات ستبقى منجذبة إلى منطقة واحدة من البكتيريا.  فريق آي بي إم وجد أن البوليمر يمكنه أن يتحلل تمامًا كما أنه يعمل بشكل سريع للغاية. “ما يجعل هذه الفئة الجديدة من المواد جميل للغاية هو قدرتها على التحلل تمامًا بعد مرور ثلاثة أيام.” فهي ببساطة تدخل، تقتل البكتيريا، تتحلل وتختفي”. حتى الآن جميع الدراسات تم تطبيقها على الفئران، ولكن يقول هيدريك أن فريقه على أتم الاستعداد للانتقال إلى التجارب السريرية للإنسان. وهذا يعني شراكة بين اي بي ام مع شركة أدوية لجلب البوليمر إلى التجارب السريرية ومن المحتمل تطويرها الى دواء. هذا واعد جداً، لكن ما زال أمام البحث طريق طويل قبل أن يصل إلى وصفة الطبيب.

على الرغم من أنها أظهرت نتائج جيدة في الفئران، إلا أن هذه الآثار الإيجابية نفسها قد لا تنتقل إلى البشر، على الأقل ليس بهذه الفعالية. الأكثر أهمية هو أن الجزيئات تتحلل ايضاً في البشر كما هي في الفئران. وأدت مخاوف من تراكم هذه المضادات الحيوية على المدى الطويل في الجسم إلى إعاقة محاولات التطوير السابقة. هناك أيضاً مخاوف من التكلفة، فمن المرجح أن يكون تصنيع البوليمر المعالج بالمختبر أكثر تكلفة بكثير للمصنع من المضادات الحيوية التقليدية، وبالتالي قد يكون أكثر تكلفة بالنسبة لشركات الأدوية والمستهلكين. حتى لو أثبت العلاج الجديد نجاحه، فإن هذا ليس بأي حال من الأحوال سببًا للتخلي عن الجهود الأخرى لتحديد خيارات ما بعد المضادات الحيوية -بالإضافة إلى تلك التي تعمل على إبطاء تقدم مقاومة المضادات الحيوية-. أشياء مثل تقليل عدد العمليات القيصرية غير الضرورية، وتجنب استخدام المضادات الحيوية للعدوى التي لا تستجيب لها (مثل نزلات البرد أو الأنفلونزا) أو أن جهاز المناعة لدى الشخص على الارجح سيتخلص من العدوى دون مساعدة. إيقاف استهلاكها في إنتاج اللحوم سيساعد على تفادي العدد المتزايد من البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية التي تصيبنا.

وعلى الرغم من أن الدواء قد يكون قادراً على تفادي المقاومة البكتيرية لبعض الوقت (يقول هيدريك أنه من الصعب التنبؤ بالفترة الزمنية بالضبط)، فهذا لا يعني أنها ستعمل إلى الأبد. وكما يقول هيدريك” البكتيريا حقاً ذكية. وأنا على يقين من أنها ستجد مستقبلًا طريقة للإفلات من هذا العلاج، وهذا هو السبب لكون هذه من الحرب لانهائية”.

المصدر:

Popular Science: Science, Space and New Technology

ترجمة: ريما الشويمي

Twitter: @reema_96A

مراجعة: فاطمة فودة

Twitter: @f_fadda

 


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!