الحظ من ناحية علمية

17 أكتوبر , 2017

الملخص: يستعرض المقال مفهوم الحظ من خلال بعض الدراسات العلمية، وكيف أنه مرتبط  بعلم النفس أكثر مما قد يكون مجرد احتمالات عشوائية. يتناول المقال أيضًا تفسير لكيف تكون بض الخرافات الحظ فعالة ، والفرق بين مفهوم الحظ والصدفة .

 

قد يبدو العثور على مال مرمي على قارعة الطريق ضربًا من الحظ، و قد يكون الأنسب أن تشكر نفسك على ذلك.

همَّ الباحثون بمختلف تخصصاتهم،  لفك شفرة ما إن كان هنالك جانب ملموس يمكن قياسه لما نسميه بالحظ . فوجدت العديد من هذه الدراسات، أن ما قد يعتبره الشخص “حظ” هو أمر له علاقة بعلم النفس أكثر مما قد يكون مجرد احتمالية. “الحظ” هو السلوك الإيجابي الذي يبقيك منفتحًا على فرص جديدة أو أنماط جذب تبدو وكأنها صدف عشوائية. إليك هنا بعضًا من آخر ما تم التوصل إليه :

 

ألعاب الحظ

عندما تقوم بتحريك أربعة قطع رأسية في صف واحد، إحدى القطع القادمة بطبيعة الحال ستكون موجودة على الذيل، أليس كذلك؟! غير صحيح، فاحتمالية التحريك نحو الرأس أو الذيل ما تزال 50\50 بالضبط نفس الاحتمالية في كل مرة، وهذا ما يسمى بخطأ المقامر.

وفقًا لدراسة نشرت في وقت سابق على “بي إن أي إس” وجدت أن أدمغتنا قد تبحث وراء مثل هذه الأساليب أو الأنماط، يقول نالونغ سن أستاذ علم أمراض الميكروبات والمناعة بكلية تكساس للطب، وأحد المساهمين في الدراسة ” إن إحدى الوظائف الأساسية للدماغ البشري هي تعامله مع حالات عدم اليقين في العالم الحقيقي لتحقيق التوازن والاعتدال”

تحدد خلايانا العصبية هذه الأنماط بشكل تلقائي، وتولي اهتمامًا خاصًا لتوقيت حدوثها. يقول سن “تفضل الخلايا العصبية الأنماط المتبادلة، وهي الطريقة التي يقوم بها الدماغ لكي يحقق التوازن، وذلك لتصحيح الأنماط التي من ناحية إحصائية قد تبدو أنها مستبعدة الحدوث”. يقول: “تبين دراستنا أن أدمغتنا أذكى مما كنا نعتقد، حيث أنها قادرة وبشكل تلقائي أن تختار الأفضل والأنسب بما يتماشي مع الهيكل البيئي المحيط بنا” .

لكن هذا التفسيرات الجديدة، لا تغير كيف يشعر سن بالحظ بشكل عام، “كعالم وشخص عادي، أعتقد أن الحظ شيء لا يمكننا التحكم أو التلاعب به”.

 

شرائط الحظ

لقد اتضح أنه عندما تضع رهانًا ما على لعبة مثل الكراب أو الروليت، والمعتمدة على الحظ، فإن رهاناتك تغير احتمالاتك، فالشخص الذي يربح رهانين متتالين، تكون نسبة فوزه بالرهان القادم حوالي 57%،  على عكس الشخص الذي فقد رهانين متتالين، فليس لديه سوى 40% احتمالية للفوز بالرهان القادم، لم؟

وفقًا لدراسة نشرت العام الماضي، أظهرت أن الناس إذا فازوا يخشون تراجع رهاناتهم نحو المتوسط مرة أخرى، ففوزهم هذه المرة لا يحميهم من الخسارة في المرة القادمة، لذا يقومون بالتعويض بجعل الرهانات أكثر أمانا في كل مرة.

عندما يقوم الفائزين بوضع رهانات أكثر أمنا، هذا يعني احتمالية استمرار فوزهم، بينما الذين سبقت خسارتهم يخاطرون برهاناتهم في محاولة منهم للفوز، وفي الواقع هم يخسرون أكثر مما يكسبون.

إن الحدث الفعلي الذي يتراهن عليه المقامرون لا يصبح أكثر أو أقل احتمالا أبدا، لكن النتائج الأخيرة تؤثر على تعامل المراهن مع أمواله في المرة القادمة .

 

خرافات

لا يعرف أغلبنا من أين أتت الخرافات التي من قبيل صلب الأصابع والطرق على الخشب على الرغم من أن الكثير منا يمارسونها مرات عديدة، لكن بعض الدراسات أظهرت أن الخرافات قد تعمل، حتى ولو كانت بطريقة غير التي نعتقدها.

ففي دراسة أجريت عام 2010، وجدت أن أداء لاعبي القولف الذين أُخبروا أنهم يستخدمون كرة الحظ كان أفضل ممن تم إخبارهم أنهم يستخدمون ذات الكرة الاعتيادية التي يستخدمها الجميع. وقد وُجد أيضًا أن عناصر الدراسة قد قدموا أداء أفضل عندما سمح لهم باستخدام ما يعتقدون أنه سحر الحظ الخاص بهم عندما كانوا يقومون بحل مسائل الجناس الناقص.

وافترض الباحثون أن الناس الذين يوظفون مسألة سحر الحظ لجانبهم يصمدون أمام المشاكل فترة أطول لأنهم يشعرون بفاعليتهم، كما لو كانت لديهم قوة ما تساعدهم. وهو نفس المنطق الذي استخدمه مدمني الكحول المجهولين لمساعدة الناس على البقاء هادئين – يشعر الناس بالقوة عندما يعتقدون أن شخصا ما يساعدهم، وبالتالي يقومون بمهامهم بشكل أفضل.

 

الأشخاص المحظوظين

لا يحدث الحظ بشكل “مجرد” حتى بالنسبة لمن يعتبرون أنفسهم أنهم من المحظوظين.

أجرى ريتشارد ويسمان أستاذ علم النفس بجامعة هرتفوردشاير ببريطانيا عدد من الدراسات لمعرفة ما يميز الشخص المحظوظ عن عديم الحظ.

في إحدى الدراسات، طلب ريتشارد من الناس الذين تم تصنيفهم إلى فئتين محظوظين وغير محظوظين، أن يقوموا بقراءة صحيفة وقد كتب بحروف كبيرة “أخبر صاحب الدراسة أنك قد رأيت هذا وفز ب250 باوند “وقد أظهرت الدراسة أن الأشخاص الذي أطلقوا على أنفسهم أنهم محظوظين كانوا عرضة لرؤية الإعلان أكثر من المجموعة الأخرى” وقال ريتشارد “أظهر غير المحظوظين قلقا أكبر، والذي قلل من قدرتهم على المراقبة والملاحظة”.

ولدى ويسمان ألان أربع معايير للحظ موجودة على موقعه، جميعها مقترنة بأن تكون منفتحا على التجارب الجديدة ومراقبًا للفرص”

 

الصدفة

قد يكون اللقاء بصديق قديم صدفة، وقد يتولد عنه شراكة مهنية مربحة أو استذكار حالة عاطفية ما.

قام ستيفان ماكري وهو محاضر في تفاعل المعلومات بجامعة سيتي لندن بعدد من الدراسات لتحديد ماهية الصدفة بالاستناد لكيفية إدراك الناس للأمر.

يقول ماكري “أعتقد أن الحظ يعني أشياء مختلفة لكل شخص – قد يستخدمه بعض الناس كمرادف للصدفة، لكن آخرين عبروا بوضوح عن اعتقادهم باختلاف الأمرين – فالحظ في رؤيتهم، خارج سيطرتنا بشكل مطلق وما من شيء للتأثير عليه”

“أنهم يعتقدون أنه من غير الممكن السيطرة على الصدفة لكن من الممكن التأثير عليها”

وفي إحدى الدراسات التي تم نشرها العام الماضي، طلب ماكري من عدد من المهنيين المبدعين التعريف بما يفعلونه لزيادة فرص لقاءات الصدفة لديهم، وقال “لقد تضمنت الإجابات على أمور مثل تغيير الروتين والعمل في بيئات مختلفة مع أناس مختلفون، وخلط الأشياء في بيئة العمل وبشكل عام القيام بأشياء مختلفة لتجنب الروتين”.

عندما نعود بتفكيرنا نحو حدث كنا محظوظين به، عادة ما يكون تفكيرنا به مصحوبًا بكيف غير الحدث حياتنا للأفضل والذي يصفه ماكري بالبصيرة.

حتى عندما لا نستطيع التحكم في لقاءات الصدفة تلك، يستطيع الناس فعل الكثير لوضع أنفسهم في مكان ووقت معين، والذي نأمل أن يكونا الصحيحين .

الانفتاح، والإيجابية، والدفع بالنفس جميعها أمور قد تجعل الناس أكثر امتنانا للمصادفات وأكثر توظيفًا لها.

 

 

 

 

ترجمة : إيناس أحمد سدّوح
Twitter: @enas_saddoh

مراجعة: أسماء محمد القحطاني

Twitter: @01sma01

 

 

المصدر:

Popular Science: The Science Of Luck

 

 


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!