لماذا تأخر اختراع العجلة ؟

لماذا تأخر اختراع العجلة ؟

22 مارس , 2015

العجلة

العجلة هي نموذج بدائي للتكنولوجيا  على مستوى رجل الكهف .ولكن في الحقيقة والواقع أنه كان من العبقرية اختراعها فلقد  استغرق الأمر حتى العام 3500 قبل الميلاد قبل أن يقوم أحد بابتكارها  . كان ذلك في العصر البرونزي حين كان البشر يقومون بصب السبائك المعدنية وبناء القنوات وصناعة المراكب الشراعية ، حتى أنهم عملوا على تصميم الآلات الموسيقية ذات التركيب المعقد مثل الجيتار.

الأمر الذي يصعب فهمه بشأن العجلات ليس فهم كيفية قدرة الأسطوانة على الدوران  بل معرفة كيفية توصيل نظام أساسي مستقر وثابت إلى الاسطوانة  .

” هو مفهوم العجلات ومحورها ” هذا ما قاله “ديفيد انتوني” ( أستاذ الأنثروبولوجيا في كلية هارتويك)  ومؤلف كتاب “الحصان ، والعجلة, واللغة ”  (برينستون، 2007) ” ولكن صنعها بعد ذلك .. يعتبر صعبًا ” .

لعمل محور ثابت مع العجلات الدوّارة أوضَحَ “أنتوني” أن نهايات المحور عليها أن تكون سلسةً ومستديرةً تمامًا ، وتكون مطابقة للثقوب التي في وسط العجلات, من ناحيةٍ أخرى سيتولد الكثير من الاحتكاك بين هذه المكونات لإيقاف العجلات. علاوة على ذلك يجب أن تتناسب المحاور بإحكام الثقوب الموجودة داخل العجلات ولكن ليس بشكل محكم تماما لكي يمكن للعجلات الدوران بشكلٍ حرٍ .

ما الذي يجعل العجلات تبدو وكأنها تدور إلى الوراء ؟!

سبب نجاح نظام العجلة هو الحساسية الشديدة  لحجم محور العجلة. بحيث أن سُمْك محور العجلة يمكن أن يولّد الكثير من الاحتكاك , فإذا كان أحد المحاور ضعيفًا بمعنى آخر أن يكون هزيلا سيمكنه ذلك من تقليل الاحتكاك لكن لن يساعد ذالك في  التحميل ” فقاموا بحل هذه المشكلة  بأن قاموا بصناعة العجلات القريبة هزيلة وضيقة جدًا يجعل من الممكن أن يكون لها محاور قصيرة ,وهذا هو الأمر الذي جعل بالإمكان استخدام محاور ليست سميكةً جدًا ”

وهذا ما قاله انتوني “أن الحياة عبارة عن القليل من الألغاز ”  بحيث أن حساسية نظام العجلات والمحور إلى غير ذلك من العوامل الأخرى كانت تعني أنه لم يكن من الممكن تطويرها على مراحل بحيث يكون كل النظام المركب أو لا يكون .

أيـًّا كان من اخترع  نظام العجلة يجب أن يكون قد توفرت لديه ألواح متنوعة وكبيرة من خشب الأشجار السميكة المزودة بجذوعها ، و أنه قام بعملية نحتٍ كبيرةٍ لصنع عجلاتٍ مستديرةً. وأيضًا يجب أن يكون هناك أدوات معدنيةً ليقوم بنحتٍ دقيقٍ لصنع  الثقوب على العجلات وصنع المحور، أيضًا سيحتاجون لعملية نقل أحمالٍ ثقيلةٍ على الأرض, و وفقًا لما قاله أنتوني “ربما كانت النِّجارة هي السبب في تأخر اختراع نظام العجلة حتى 3500 قبل الميلاد ؛ لأنه بعد حوالي 4000 قبل الميلاد فقط أصبحت الأزاميل النحاسية المصبوبة والحفارات شائعةً في الشرق الأدنى” .

لقد كان اختراع العجلة يمثل تحديًا كبيرًا  . حدث مرةً واحدةً فقط في مكانٍ واحدٍ ومع ذلك  انتشر هذا الاختراع بسرعةٍ كبيرةٍ من نفس المكان عبر  أوراسيا والشرق الأوسط بحيث أن الخبراء لم يجزموا بمكان نشأة هذا الاختراع . إذ تم العثور على صورٍ قديمةٍ لهذا الاختراع وذلك بالتنقيب عن عرباتٍ ذاتِ عجلاتٍ وُجدت في بولندا وأيضًا في أماكن أخرى في السهول الأوراسية وهذه المنطقة تقع في حدود بلاد ما وراء النهرين (العراق حاليا) حيث يعتبر هذا  المكان الأكثر احتمالًا لولادة هذا الاختراع .

وأوضح ” أسكو  باربولا ” – وهو عالم متخصص في دراسة الثقافة الهندية في جامعة هلسنكي في فنلندا- ” أنّ هناك أسبابًا لغويةً للاعتقاد بأن العجلة نشأت لدى Tripolye (أوكرانيا حديثًا)  لأن مصطلح (عجلات) أو (عربات ) مستمدٌ من ثقافة ذلك الشعب ” . ويعتقد “باربولا”  أيضًا أن من المرجّح أن مجسمات العربات ذات العجلات التي توجد بشكلٍ شائعٍ في سهول أوراسيا  موجودةٌ هناك قبل أن يتمّ  تنفيذها وصنعها على المستوى الإنساني, ومن المدهش أنّ الكثير من هذه النماذج المصغرة أو مجسمات العربات ذات العجلات قد قَـدِمَت إلى الحضارة Tripolye  وكان الكثيرون يعتقدون أنها كانت لعبًا للأطفال, ولكن من المرجح أنها كانت نماذج مصغرةً مطابقةً لنماذج حقيقةً تم تطبيقها وصنعها في الواقع “. وأضاف ” أن النماذج الأولية من هذه المجسمات المصغرة تم استيحائها من صور عرباتٍ ذات عجلاتٍ متصلةٍ بالحيوانات أيضًا من الثقافة الهندية في أمريكا الوسطى في حين أن العجلات الحقيقية لم تكتشف بعد “.

سواء كانت لُعبَ أطفال أم لا , فتلك النماذج والمجسمات القديمة الشعبية لها ما يناظرها في يومنا هذا : العجلات الساخنة وسيارات الإطفاء المصغرة.

من هم الأشخاص-الذين يقدِّرون العربات المزوَّدة بعجلاتٍ- أكثر من الأطفال الصغار والرضع؟!

هناك انبهار عالمي بهذه العربات الصغيرة يمكن تنفيذه على الأرض ,والمتعة المستمدة لوجود وسائل النقل بحجمها الطبيعي في واقعنا كل ذلك يشير إلى إبداعٍ وبراعةٍ ملحوظةٍ في العجلات .

المصدر : Live Science

شارك المقال

اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!