السياسة المالية

السياسة المالية

12 مايو , 2017

 

 

 

السياسة المالية هي الأداة التي بواسطتها توائم الحكومة بين مستويات الإنفاق ونسب الضرائب بهدف مراقبة الاقتصاد والتأثير عليه. وهي السياسة الأخت للسياسة النقدية والتي يستطيع من خلالها البنك المركزي التأثير على عرض النقود للبلد ، وتُستخدم هاتان السياستان بطرق مختلفة لبلوغ الأهداف الاقتصادية للبلد. وسنتعرف في هذا المقال على آلية عمل السياسة المالية ، كيفية إدارتها ، وكيف يمكن أن يؤثر تطبيقها على فئات مختلفة في اقتصاد ما.

قبل فترة “الكساد العظيم” والتي استمرت من الرابع من سبتمبر 1929 وحتى أواخر الثلاثينيات أو الأربعينيات من القرن الماضي ، كان نهج الحكومة هو الحرية الاقتصادية ، ثم في الحرب العالمية الثانية تقرر أن يكون للحكومة دور فاعل في الاقتصاد لتنظيم البطالة ، ودوائر العمل ، ونسب التضخم والإنفاق. وبدمج السياستين المالية والنقدية (بناءً على التوجهات السياسية لأصحاب السلطة ومعتقداتهم في زمن محدد ، إحدى السياستين قد تطغى على الأخرى) صار بإمكان الحكومات التحكم في الظواهر الاقتصادية.

 

 

كيف تعمل السياسة المالية ؟

تقوم السياسة المالية على نظريات عالم الاقتصاد البريطاني “جون ماينردكينس” وتعرف أيضاً بــ “Keynesian economics” وتنص نظريته على أن الحكومات تستطيع التأثير على مستويات الإنتاجية الاقتصادية الكلية عن طريق رفع أو خفض نسبة الضريبة والإنفاق العام ، وفي المقابل فإن هذا التأثير يقيّد التضخم (والذي يعد عموماً ظاهرة صحية عندما يكون بنسبة 2-3%)، ويزيد نسبة التوظيف ويحافظ على قيمة مناسبة من المال .

وتعد السياسة المالية من السياسات الهامة جداً للاقتصاد ، فعلى سبيل المثال في عام 2012 ساور القلق الكثيرين بشأن العجز المالي وهو الارتفاع في نسبة الضريبة متزامناً مع خفض إنفاق الحكومة في يناير 2013 من أن يعيد الولايات المتحدة إلى فترة الركود الاقتصادي ، وقد تفادى الكونغرس الأمريكي هذه المشكلة بسن “قانون تخفيف دافع الضرائب الأمريكي لعام 2012” وذلك في الأول من يناير 2013.

 

 

الموازنة

الفكرة هنا هي خلق توازن بين تغير نسبة الضرائب وإنفاق الشعب. فمثلاً : يؤدي إنعاش الركود الاقتصادي برفع نسبة الإنفاق أو خفض الضرائب إلى خطر زيادة معدل التضخم ؛ وذلك لأن زيادة الأموال في الاقتصاد يتبعها زيادة في الطلب من المستهلك وينتج عن ذلك انخفاض القيمة النقدية بمعنى أن شراء نفس السلعة سيكلف مالاً أكثر من قيمتها السابقة.

لنفترض أن اقتصاداً ما قد تراجع بينما معدل التوظيف في زيادة ، إنفاق المستهلك يقل والمشاريع التجارية لا تحقق أرباحاً مقبولة؛ لذلك قررت الحكومة دفع عجلة الاقتصاد بخفض نسبة الضريبة (والذي سيتيح للمستهلك إنفاق الأموال) من جهة ، وزيادة إنفاق الحكومة في إطار شراء الخدمات من السوق مثل بناء الشوارع والمدارس من جهة أخرى. وبشراء هذه الخدمات تخلق الحكومة مزيداً من فرص العمل والأجور التي ستُضخ في اقتصاد الدولة. وتُعرف هذه العملية بتمويل العجز الاقتصادي والتي تسهم بشكل كبير في القضاء على مشكلة البطالة.

 

بإنفاق المزيد من الأموال للاقتصاد وخفض نسب الضرائب المدفوعة يزداد طلب المستهلكين على البضاعة والخدمات ، وهذا في المقابل سينعش المشاريع التجارية ويحول الركود إلى ازدهار. وإذا ما خلت هذه العملية من الأزمات فإن الانتاجية الاقتصادية ستفوق المستوى وينتج عنها أموالاً فائضة في السوق. وهذه الزيادة في العرض تؤدي إلى انخفاض القيمة النقدية وارتفاع الأسعار ولذلك يتجاوز التضخم معدلاته الطبيعية.

ولذا يعد ضبط الاقتصاد باستخدام السياسة المالية وحدها كوسيلة أمراً صعباً -أو ربما غير ممكناً- لبلوغ الأهداف الاقتصادية. وبغياب المراقبة الدقيقة، قد يتلاشى الخط الفاصل بين الاقتصاد المنتج والاقتصاد المتأثر بمشكلة التضخم.

 

 

هل يحدث أن يحتاج الاقتصاد إلى أن يكبح ؟

عندما يكون معدل التضخم كبيراً جداً يتطلب ذلك من قطاع الاقتصاد أن يتباطأ ؛ ففي مثل هذه الحالات بإمكان الحكومة استخدام السياسة المالية لزيادة الضرائب التي تمتص الأموال إلى خارج الاقتصاد، ويمكن لهذه السياسة أن تُحدث انخفاض في إنفاق الحكومة وبالتالي انخفاض قيمة التداول.

لكن من الآثار السلبية المحتملة على المدى البعيد لمثل هذه السياسة هي الركود الاقتصادي ، وارتفاع مستويات البطالة. ومع ذلك تستمر العملية طالما أن الحكومة تستخدم سياستها المالية لضبط مستويات الإنفاق والضرائب.

 

 

الفئات المتأثرة بالسياسة المالية

مع الأسف أن تأثيرات أي سياسة مالية ليست متشابهة على جميع فئات المجتمع. فعلى سبيل المثال وبناءً على توجهات صنّاع القرار وأهدافهم ، يمكن للتخفيضات الضريبية أن تؤثر فقط على الطبقة الوسطى والتي تشكل الفئة الأكبر في المجتمع ، وفي فترات الركود الاقتصادي وارتفاع نسب الضرائب فإن الطبقة ذاتها تدفع ضرائب أكثر من طبقة الأثرياء.

وكذلك حين تقرر الحكومة ضبط إنفاقها فإن سياستها هذه ستؤثر على فئة محددة من المجتمع. فمثلاً بناء جسر جديد سيخلّف فرص عمل ودخل لمئات من عمال البناء. وقرار بناء مساحات سكنية جديدة سوف يخدم مجموعة صغيرة من الخبراء وبالتالي لن يُحدث فارقاً كبيراً في نسبة التوظيف.

 

 

النتيجة المالية

أحد أكبر التحديات التي تواجه صانعي القرارات هي تحديد نسبة مشاركة الحكومة في الاقتصاد. فعلى مدى السنوات الماضية كانت هناك درجات متفاوتة لتدخل الحكومة في الاقتصاد ؛ ولكن مساهمتها بدرجة معينة أمر مسلّم به على أنه ضروري للحفاظ على اقتصاد حيوي يعتمد عليه رخاء الشعب الاقتصادي.

 

 

 

 

 

ترجمة: بشرى علي

Twitter: @ibesh92

مراجعة: د.عبدالمجيد كريدس

Twitter: @Dr_Kraidis

 

 

المصدر:

InvestoPedia

 

 

 


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!