كيف وجدت نفسي من خلال تخصصي الجامعي؟

كيف وجدت نفسي من خلال تخصصي الجامعي؟

25 أبريل , 2017

في مرحلة ما خلال سنتي الجامعية الأولى، ذهبت مع صديق إلى الكنيسة في المدينة، بعد انتهاء القُداس وقفت، واقترب مني رجل عجوز كان جالساً أمامي على مقعد خشبي طويل وصافحني.

لا أعتقد أني عرفت اسمه إلى أن أطلق عليّ سؤاله: “أعتقد أنك من إحدى تلك الدول الشرقية، أليس كذلك؟”

كنت مصدومة أكثر من كوني مهانة! كان يعني ذلك وهو متعمد أنا متأكدة من ذلك، وكنت قد سمعت أسوأ من هذا بكثير من قبل. انطلقت في حديث معسول لمدة دقيقتين شارحة من أين أنا فعلًا، محاولة إفهامه ما يعنيه أن تولد في “مونتانا”، وتنشأ في “ماليزيا” ثم تذهب للجامعة في “ميشغين”، حين انتهيت من الحديث كانت عيناه تلمعان، وحينئذ بدأت أبحث عن الباب.

بعد شتاءين، تغير خطابي. اسألني “من أين أنتِ؟” وسأبتسم وأهز كتفي.

 

“مونتانا” أقول مشيرة بيدي إلى جهة الغرب. فيسألونني عن المنتزهات الوطنية والجبال. يقولون لي أنهم لطالما رغبوا بالزيارة، لكن لم يقوموا بها. لقد تعلمت أن المحادثة بهذه الطريقة أفضل، وبعد ذلك تنتقل المحادثة إلى مواضيع أسهل:

“ما هو تخصصك؟”

“التاريخ والكلاسيكيات؟ وماذا ستعملين بهذه الشهادة؟”

على مر السنين، تعلمت الإبحار خلال أسئلة الهوية والهدف هذه، لكن ما زلت أجزع منهم ولا أجاوبهم مطلقًا بشكل جيد، ولا أعلم ما إذا قلت أكثر من اللازم أو أقل من اللازم. وأحيانًا وبشكل أكثر انزعاجًا لا أقدر على استحضار الإجابة عن السؤال لنفسي، من أين أنا؟

ولدت في مونتانا لأبوين ماليزيين – صينيين، هذا يشبه أن تكون بولنديًا ويهوديًا في ذات الوقت – أحدهما عرق والآخر جنسية. كبرت بين أميركا وماليزيا، قضيت معظم حياتي متنقلة بين اللغات أصناف الطعام، والثقافات التي اعتبرتها موطني. أنا لست هذا أو ذاك. أنا في مكان ما بالوسط: طفل ذو ثقافة ثالثة.

نتحدث بالإنجليزية في المنزل، لكن عندما يتعلق الأمر بأحاديث عائلية يتحول والديّ إلى اللغة الكانتونية. عائلة أمي تتحدث بالإنجليزية والهوكينية، لكن عندما أذهب للسوبر ماركت في كوالالمبور أتحدث بالماليزية أو المانداريان. عندما أكون في “ميشيغين” أجد نفسي أنزلق نحو اللهجة المحلية الحادة من الإنجليزية الأمريكية، في ماليزيا وفي حالات الغضب تتغير لكنتي للكنة العمومية البريطانية.

 

يمكن تصنيفي تحت العديد من التصنيفات: دودة كتب، صينية مولودة بالولايات المتحدة، عضو محتمل للأجندة الشاذة. لكن التصنيفات لا تنقل تجربة عيش جميع هذه الصفات معًا مرة واحدة. إنه نزاع لا يستطيع حديث قصير في مصعد أو رسالة من 20 صفحة شرحه. لقد وجدت أنه بجانب محاولاتي المتمردة للتفرد يقف إحساس ملموس بالامتنان. أنا ما أنا عليه لأنه قبل قرن من الزمان قفز فتى في الحادية عشر من عمره إلى مركب شراعي في جنوب الصين ليصل إلى ماليزيا البريطانية ليعمل في حقول الفواكه. أنا ما أنا عليه لأني أمتلك مجموعتين من الآباء المؤسسين الذي نحتوا من قارتيهما العظيمتان أممًا جديدة.

ربما هذا يفسر لماذا أدرس التاريخ والكلاسيكيات. أفراد عائلتي هم أسلاف أوديسة أخذت منحنى شبه أسطوري. هوياتنا تشكلت عبر العديد من القصص المتداخلة. دراسة الأساطير والتاريخ تساعدني على إعادة تأطير هذه الأسئلة المفزعة حول الهوية. إنها تجعلني أحاور الأصوات البعيدة من ماضيي لنشكل معًا قصة عن الحركة في المكان.

من أين أنا فعلًا؟ هذه قصة طويلة. لكن هذا ما يتمحور حوله التاريخ.

 

 

 

 

ترجمة: آلاء المشيقح

مراجعة: خولة حافظ

Twitter: @kholahafiz

 

 

المصدر:

The NewYork Times

 


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!