الأعداد الأولية وعلم التشفير

30 ديسمبر , 2015

Exp No. 10 Determination of pKa of a weak acid by pH method

كثيرا ما يتساءل الطلاب في حصص الرياضيات عن مدى أهمية بعض المفاهيم التي يتعلمونها. ومن تلك المفاهيم، الأعداد الأولية.

قبلما يقارب الستين سنة، لم يكن للأعداد الأولية أي أهمية عملية تطبيقية تذكر، حيث كانت جزءا من نظرية الأرقام، أحد فروع علم الرياضيات الحديثة. لكن مؤخرا مع تطور نظريات الحوسبة واختراع آلة الحساب (الحاسب أو الكمبيوتر)، ظهرت للأعداد الأولية أهمية كبرى تؤثر في حياتنا اليومية الحديثة بشكل مباشر. فقط قم بتفحص أرجاء الغرفة أو المكان الذي تقوم فيه بقراءة هذه الكلمات. فمثلا ستجد في الغالب، عددا من الأجهزة الإلكترونية التي نستخدمها بشكل يومي. يتكون جزء كبير من هذه الأجهزة من جهاز كمبيوتر تختلف قوته ووظائفه بحسب الغرض المصنوع لأجله. أما على مستوى الدول ككل، فالحاسب يقوم بغالبية العمليات ( عن طريق الشبكات ) التي تمكننا من التمتع بنمط الحياة الحديثة من تسوق إليكتروني، أو تصفح مواقع التواصل الاجتماعي، أو إتمام مهام العمل عن بعد، أو القيام بعمليات التحكم الإليكتروني بالمصانع و شبكات الطاقة والمطارات وبدرجة أهم، جميع العمليات البنكية والاقتصادية التي تمس ممتلكات الناس وثرواتهم، وما إلى ذلك.

لك أن تتخيل كمية المعلومات والبيانات التي يتم تداولها في كل ثانية والتي تحكم كل جانب من جوانب حياتنا. وهنا تكمن أهمية حماية هذه المعلومات.

قد تطرح السؤال التالي: ما علاقة الأعداد الأولية في كل ما تقدم؟

الأعداد الأولية هي عبارة عن الأعداد (أكبر من الرقم ١)  التي لا تقبل القسمة إلا على نفسها أو الرقم ١. فمثلا العدد ٥ رقم أولي، بينما العدد ١٠ رقم غير أولي. يقابلها الأعداد المركبة، وهي التي تتكون من 

عوامل، هي في نفسها عبارة عن أعداد أولية. بمعنى، أن كل رقم غير أولي هو عبارة عن مجموعة عوامل أولية. فمثلا، عند تحليل الرقم ١٠ إلى عوامله الأساسية، نجد أنه يتكون من عاملين هما عبارة عن عددان أوليان: ٥ و ٢

التشفير (Cryptography) 

تكمن أهمية الأعداد الأولية في أنها تعد الأداة الرئيسية التي تستخدم اليوم لحماية البيانات الإليكترونية. عند القيام بأي عملية إليكترونية، سواء تسجيل الدخول في موقع الفيس بوك، أو تحويل مبلغ من المال عن طريق الموقع الإليكتروني للبنك، يقوم الموقع بتشفير المعلومات بشكل أولي، حيث يقوم بتحويل الطلب أو الرسالة إلى رقم كبير جدا عن طريق ضرب عددين أوليين ببعضهما، يسمى هذا الرقم (شبه أولي ) بالمفتاح العام (public key). هذا المفتاح هو عبارة عن رقم مركب من أعداد أولية. حتى تتمكن من اختراق هذه الرسالة، يجب عليك الحصول على العوامل الأولية (تسمى مفاتيح سرية) التي استخدمت في تكوين ذلك الرقم الكبير. هذه العملية، أي الوصول إلى المفتاح العام هي عملية بسيطة، عبارة عن ضرب عددين أولين كبيرين ببعضهما. لكن القيام بعكس العملية والحصول على العوامل يعد أمرا أكثر تعقيدا.

آلية التشفير

تقوم العمليات الإليكترونية بتشفير البيانات بالطريقة السالفة الذكر، لكن تكمن صعوبة فك الشفرات في أنها تتطلب وقتا كبيرا جدا لتحليل العدد الكبير الى عوامله الأولية. ومن ثم، عند الوصول إلى تلك العوامل، تزداد العملية تعقيدا في أنه يصعب تحديد أي من تلك العوامل يشكل المفتاح السري الذي يمكنك من فك شفرة المفتاح العام. الطريقة الوحيدة التي يمكن الوصول بها إلى هذه العوامل هو بالتجربة والخطأ، مما يتطلب وقتا كبيرا جدا. مما يميز هذه الأرقام (شبه أولي) هو أنه يصعب كثيرا إرجاعهم إلى عواملهم الأولية الرئيسية. وكلما كان العددين الأوليين المضروبين أكبر، كلما كانت عملية فك الشفرة أصعب

لنطلع على هذا المثال حتى تتضح العملية بشكل أبسط. إذا قمنا بضرب العددين الأولين ١١ و ١٣، حاصل الضرب هو العدد ١٤٣. أما لو أعطيت الرقم ١٤٣، وطلب منك القيام بتحليله إلى عوامل أصغر، فالطريقة الوحيدة لإنجاز هذه المهمة هي بالتجربة والخطأ. هذه العملية قد تستغرق آلاف الكمبيوترات سنين طويلة لإتمامها بشكل صحيح

إذا لم تقتنع، جرب تفكيك العدد الشبه أولي إلى عاملين أولين١٧٥٧٣٨٨٢٦٦٨١. هذا الرقم هو شبه أولي، بمعنى أنه يتكون من حاصل ضرب عددين أولين ببعضهما. حتى تتمكن من تحليله، ستحتاج إلى قدرة حسابية هائلة

جدير بالذكر أنه مع التقدم الذي يتم تحقيقه في مجال حماية المعلومات وتشفير البيانات، يقوم القراصنة (Hackers) بإحراز تقدم مشابه في اكتشاف ثغرات تمكنهم من إلحاق الأذى بأي جانب من حياة الناس وخصوصياتهم

المصدر:

https://math.berkeley.edu/~kpmann/encryption.pdf


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!