crossorigin="anonymous">
13 مايو , 2023
أفكارك مهمة لأنها تغير طريقة عمل دماغك وجسدك.
معظم الناس لا يفكرون في حقيقة أن أفكارهم عبارة عن مواد كيميائية فضلاً عن كيفية استخدام أفكارهم لإدارة كيمياء دماغهم، كيمياء دماغك هي صحتك العقلية فإذا كانت متوازنة بالشكل الأمثل ستشعر بحالة جيدة وستعمل بشكل جيد أيضًا، أما إذا كانت غير متوازنة بشكلٍ ما فستبدأ تشعر بأنك لست على سجيتك وإذا بقيت على هذه الحالة لفترة طويلة قد ينتهي بك الأمر مصابًا باضطرابات عقلية خطيرة.
العلاقة بين أفكارنا وكيمياء دماغنا معقدة ومتعددة الجوانب، فهناك العديد من العوامل المختلفة التي يمكن أن تؤثر في هذه العلاقة بما في ذلك الوراثة والجينات والتجارب الحياتية، لكن الشيء الأساسي الذي يجب فهمه هو أن الأفكار تنتقل عبر الناقلات العصبية والمواد الكميائية العصبية الأخرى في دماغنا، هذه المواد الكيميائية العصبية هي أيضًا مسؤولة عن المشاعر.
الدوبامين هو أحد أكثر النواقل العصبية شهرة، غالبًا ما يشار إلى الدوبامين بالناقل العصبي “للشعور الجيد”؛ لأنه مرتبط بالمتعة والمكافأة فعندما تفكر في شيء ممتع كتناول وجبة شهية أو الاستماع إلى موسيقاك المفضلة فإن دماغك يطلق الدوبامين.
الأوكسيتوسين هو ناقل عصبي مشهور أيضًا ويسمى أحيانًا بهرمون الحب؛ لأنه يُطلق أثناء أنشطة الترابط الاجتماعي مثل العناق أو الأحضان مما يخلق مشاعر التقارب والتواصل مع الآخرين وبمجرد التفكير في شخصٍ عزيز علينا يطلق الأوكسيتوسين في دماغنا.
يمكن أن يؤثر تفكيرك أيضًا على إفراز هرمونات التوتر مثل هرمون الكورتيزول، فعندما تتعرض للتوتر يقوم جسدك بإطلاق الكورتيزول كجزء من استجابة “الكر والفر” (القتال أو الفرار) يمكن أن يكون ذلك مفيدًا على المدى القصير إذا كنت تستجيب لتهديد محتمل، لكن إذا كنت تتعرض للتوتر باستمرار وتفكر في مواقف عصيبة، فقد يطلق جسدك الكثير من الكورتيزول الذي قد يؤثر سلبيًا علي صحتك الجسدية والنفسية.
التفكير وكمياء الدماغ طريق ئو اتجاهين، فبينما تؤثر أفكارك علي كيمياء دماغك فإن كيمياء دماغك تؤثر على أفكارك أيضًا. فعلى سبيل المثال إذا كنت تفكر في أشياء تجعلك تشعر بالقلق سيطلق دماغك المزيد من الكورتيزول مما قد يجعلك تشعر بمزيد من القلق، هذا يخلق حلقة من ردود الفعل السلبية التي قد يصعب كسرها.
لا تؤثر كيمياء دماغك على ما تشعر به فقط، بل تغير أيضًا الهياكل الفيزيائية لدماغك وجسدك، فقد أظهرت الأبحاث أن تغيير تفكيرك قد يغير حجم مناطق معينة في دماغك مع مرور الوقت ،وبالإضافة إلى ذلك أظهرت الأبحاث أن المواد الكيميائية العصبية التي تُطلق من خلال تفكيرك تملك القوة لتؤثر بأعراض جسدية على جسمك.
على سبيل المثال، غالبًا ما يحدث تأثير البلاسيبو (تأثير الدواء الوهمي) في الأبحاث الطبية عندما يعتقد شخصٌ ما أنه يتلقى علاجًا معينًا لمرضٍ ما، وبدلًا من ذلك يُعطى نسخة وهمية أو مزيفة من العلاج، هؤلاء الأشخاص يتحسنون بأي حال لأنهم يعتقدون بأنهم يتلقون العلاج الحقيقي.
لقد أظهر البلاسيبو بأنه يحسن الأعراض الجسدية لكلٍ من الاكتئاب، والقلق، والألم، والسعال، والضعف الجنسي، ومتلازمة القولون العصبي، ومرض باركنسون (الشلل الرعاش)، والصرع. وبالمقابل إذا أعتقد الشخص أن الدواء لن يعمل أو يتوقع أن تكون هناك آثار جانبية، فإن البلاسيبو يمكن أن يؤدي إلى نتائج سلبية وفي هذه الحالة يطلق على البلاسيبو اسم النوسيبو (الوهم المرضي).
العلاقة بين العقل والجسد معقدة، لكن لا يمكن فصل الاثنين عن بعضهم، يؤثر تفكيرك مباشرةً على صحتك العقلية والجسدية من خلال كيمياء دماغك فإذا كنت ترغب في تولي مسؤولية هذه العملية بشكل طبيعي وتحسن قدرة عقلك على العمل بطريقة صحية فهناك عدد من الاستراتيجيات التي يمكنك تجربتها:
واحدة من أكثر الطرق فعالية لتنظم كيمياء دماغك، هي ممارسة اليقظة الذهنية. تتطلب منك اليقظة الذهنية أن تركز انتباهك على اللحظة الحالية دون إصدار أحكام ودون مشتتات، من خلال ممارسة اليقظة الذهنية بشكل منتظم يمكنك أن تدرب عقلك ليصبح أكثر وعيًا بأفكارك ومشاعرك.
ومن خلال الوعي يمكنك إعادة توجيه أفكارك، عندما تختار نقل أفكارك بعيدًا عن الأشياء التي تثير المشاعر السلبية والتركيز بدلاً من ذلك على الأشياء المجزية التي تثير المشاعر الإيجابية فأنت تقرر بشكل استباقي أي من المواد الكيمائية العصبية التي ستُطلق في دماغك.
ثبت أن ممارسة التمارين الرياضية بانتظام له تأثير إيجابي على كيمياء الدماغ من خلال زيادة إنتاج النواقل العصبية مثل الإندورفين والدوبامين والسيروتونين، لأنها تلعب دورًا رئيسيًا في تنظيم الحالة المزاجية والتحفيز والانتباه.
النوم الجيد أساسي للمحافظة على كيمياء دماغ صحية، فأثناء النوم يطرد الدماغ السموم ويقوم بإصلاح نفسه مما يساعد على إبقاء توازن النواقل العصبية والمواد الكيميائية الأخرى في الدماغ. وأظهرت الأبحاث أن الحرمان من النوم يمكن أن يؤثر سلبيًا على كيمياء الدماغ مما يؤدي إلى اضطرابات المزاج والقلق واضطرابات معرفية أخرى.
ما تأكله يصبح البنية الأساسية للمواد الكيميائية العصبية التي يستخدمها دماغك حيث يُنتج ما لا يقل عن ٩٠٪ من السيروتونين في جسمك في ميكروبيوم أمعائك (الميكروبيوم: كائنات حية دقيقة تعيش في أمعاء الإنسان) وتربط أبحاث حديثة بين الطعام وبين اضطرابات مثل مرض الزهايمر والاكتئاب.
في حين أن هناك مجموعة واسعة من المعلومات المتباينة حول ما هي التغذية السليمة فإن النظام الغذائي الوحيد الذي تم اختباره باستخدام المعيار الذهبي لتجربة سريرية عشوائية وأظهر بأنه يحسن قدرات العقل هو حمية البحر الأبيض المتوسط وهي عبارة عن الكثير من الفواكه والخضروات والدهون الصحية مثل الأفوكادو وزيت الزيتون والدواجن الخالية من الدهون والسمك، وأخيرًا تخلص من الكربوهيدرات المصنعة والسكر والأطعمة المقلية والكحول.
عندما تفكر في ما أنت ممتن لأجله يتم توجيه أفكارك عمدًا نحو الأشياء التي تملؤك بشعور جيد، فلقد ثبت أن ممارسة الامتنان له تأثير إيجابي على كيمياء الدماغ من خلال رفع إنتاجية الدوبامين والسيروتونين؛ حيث إن كليهما ناقلات عصبية تلعب دورًا رئيسيًا في تنظيم المزاج والتحفيز.
تلعب الطريقة التي يعمل بها دماغك دورًا مهمًا جدًا في جودة حياتك، فإن تعلم تنظيم أفكارك وسلوكك بطريقة تعمل على تحسين كيمياء دماغك أمر يستحق كل هذا الجهد.
المصدر: https://www.psychologytoday.com
ترجمة: هلا فوزي
تويتر: HalaFawzi02
مراجعة وتدقيق: زينب محمد
اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية
اترك تعليقاً