هل نستخدم الأسئلة الصحيحة في حلّ مشكلاتِنا؟

هل نستخدم الأسئلة الصحيحة في حلّ مشكلاتِنا؟

2 مايو , 2023

ترجم بواسطة:

ريم علي حاج علي

دقق بواسطة:

زينب محمد

النقاط الرئيسية

  • للحصول على إجاباتٍ سليمة، علينا أولًا استخدام المفاتيح الصحيحة، وهي الأسئلة.
  • التساؤلات، هي تلك المحادثات التي تتمّ خلال الأسئلة، توصلنا إلى نتائج أفضلَ في أيّ بحث نجريه، وفهمًا أعمق لأيّ موضوعٍ نستفسر عنه.
  • من خلال طرحِ الأسئلة العميقة، تتشكّل لدينا نظرةٌ ثاقبة، نكشف خلالها تلك المعلومات غير الدقيقة أو المُضللة واللامنطقيّة في الكثير من الأحيان.

كطفلةٍ في ستينيات القرن الماضي، كانت موسوعة الكتب لدى عائلتي كنزًا ثمينًا لي، لطالما هرعت إليها لإيجاد معلومةٍ أو مسألةٍ استعصت على عائلتي خاصةً في تلك الحوارات التي كانت تجمعنا على مائدة العشاء.

أما في أيامنا هذه، فقد يطرح أيضًا سؤال على العشاء بأحد الحوارات، لكنّ صوت سيري (Siri)  القادم من بعيدٍ يكون له بالمرصاد حالًا، ليغرقه بوابلٍ من الإجابات وبسرعة قصوى لم تكن موجودة عندما كنت أبحث في موسوعة عائلتي في طفولتي، إجابات مباشرةٌ على أسئلتنا بتفصيلاتِها وتحديداتِها.

في الحقيقة، لست ضدّ هذا التطوّر الذي وفّر كثيرًا من الوقت وتمهيد  طرقًا وعرةً كانت تواجه الباحثين دائمًا، لكن في المقابل، تولّد أمامنا كمّ مهولٌ من المصادر والمعلومات المُضللّة، والتي لن تساهم في توفير بيئة سليمة للباحثين، بل ستعيق تطوّرهم، ولن تضعني أنا أو أيّ باحثٍ آخر،  في المسار الصحيح للبحث وحلّ المشكلات.

 لكي نكون قادرين على إيجادِ وتطوير الحلول إذن،  علينا أولًا أن نحدّد وبدقّةٍ كامل الأسباب والمعوقات وراء مشكلاتنا، سواءً على صعيد العلاقات، أو المجتمعات، أو الدول أو حتى على مستوى العالمِ بأسرِه، بتحديدنا هذا، سنخلق حتمًا حلولًا مصحوبةً بقدرٍ عالٍ من الجودة دون وجود عناءٍ يُذكر، لكن ما هو الطريق لهذا كلّه؟

الطريق هو اختيار الأسئلة المناسبة، وصولًا للإجابات الصحيحة والتي تساهم بدورها في حلّ المشكلات المستعصية كما ذكرنا أعلاه.

منذ سنوات، دُعيت للمشاركة في نشاطٍ يدعى “التساؤل”، يركّز هذا النشاطُ ويتمحور حول الأسئلة، ولعلّ الهدف منه بحسب القائم عليه الدكتور مايك جونستون، هو معرفة أهميّة طرح الأسئلة الصحيحة في النقاشات والقضايا.

أثناء النشاط، طلب منا الدكتور مايك أن ننقسم إلى فرق، كلّ فريق عليه مناقشة قضيّة حصرًا عن طريق الأسئلة، أي أن يسأل أحدنا الآخر سؤالًا متعلقًا بالقضية، والإجابة تكون سؤالًا جديدًا وهكذا.

بالنسبة لنا نحن المشاركون في النشاط، لم يكن طرح الأسئلة المستمرّ أمرًا مستساغًا في بدايته، بل كان محرجًا وغريبًا بشكل أو بآخر، إذ كنّا نتوقّف لبرهةٍ من الزمن قبل توجيه سؤالٍ آخر لبعضنا ردًّا على السؤال الذي سبقه، نفكّر لدقائق قبل السؤال الجديد، وسرعان ما اتّضح أمامنا، أنّ الدخول لمناطق أعمق في القضيّة التي كنّا نناقشها، ما كان لينكشف لولا تلك التساؤلات التي فكّرنا بها جيّدًا قبل طرحها، واختبرنا مدى إمكانيّتها وملائمتها للقضيّة قبل أن نطرحها، لذلك، كانت أسئلتنا مفتاح الوصول إلى نقاطٍ جوهريّة ونتائج أكثر فاعليّة لم نكن لنعرفها لولا ذلك النشاط.

بالتالي، إن أردنا إيجاد حلول لمشكلاتنا المرتبطة بالعلاقات أو حتى المجتمعات والدول بأكملها، علينا أن نجد أولًا ترابط الأسباب التي أدّت إلى المشكلة نفسها، عن طريق الاستمرار في طرح الأسئلة العميقة وصولًا لأقصى أعماق المشكلة ومن ثمّ فهم حيثيّاتها والعثور على حلول لها عن طريق تكرار التساؤلات الصحيحة بالدرجة الأولى.

لأنّها ستكشف الغطاء عن مستوياتٍ جديدة في التفكير لتدفعنا نحو الإجابات التي نبحث عنها تحديدًا، بعيدًا عن أية معلومات مُضللة أو بعيدة عن صلب المشكلة.

على سبيل المثال، وفي حيّز العلاقات، نجد أن التساؤلات تخلق حوارًا أقلّ اندفاعيّة وتقلل من حدّة النقاش بل وتجعلنا مستمعين جيّدين مع شركائنا، أصدقائنا أو أفراد عائلتنا، وإن سلّطنا الضوء على القضايا المجتمعة المستعصية، بمكننا أن نلاحظ جليًّا كيف تساهم التساؤلات في نقلةٍ نوعيّة من التفكير غير المجدي إلى مرحلةٍ أكثر وعيًا ودقّة، ولن يختلف الأمر بالنسبة للتحديات العالميّة مثل التغير المناخي أو الاكتظاظ السّكاني، والتي ستقودنا فيها التساؤلات حتمًا نحو التغيير المراد إحداثه.

لنتخيّل سويًا ما قد يبدو عليه النقاش بالتساؤلات حول قضيّة المعلومات المضللة في المجتمعات بين كل من عائشة وخوسّيه:

عائشة: كيف يمكننا التمييز بين المعلومات المُضللة وتلك الحقيقيّة؟

خوسيه: كيف يمكننا أن نعرف أساسًا ما هو حقيقيّ؟

عائشة: لماذا يطلب كثير من الناس خداع الآخرين فيما يقدّمونه من معلومات؟

خوسيه: لماذا يؤمنون أصلًا بوجود أكاذيبهم في حين أنه توجد دلائل مخالفة لها كعين الشمس؟

عائشة: لماذا يصعب علينا أن نغيّر معتقداتنا رغم وجود شهادات وأدلّة أقوى منها؟

خوسيه: هل ثمّة شيء يجعل الناس أكثر انفتاحًا ومرونةً وأقلّ تعصّبًا لمعتقداتهم المغلوطة؟

عائشة: ما الذي يمكن أن يساعدهم بالحكم الصحيح على ما يسمعونه، أو يقرؤونه، أو يرونه؟

خوسيه: بمن تثقين؟

عائشة: بمن تثق؟

خوسيه: لماذا تثقين بهم؟

عائشة: هل يولّد انعدام الثقة مزيدًا من المعلومات المضللة والمغلوطة؟

خوسيه: كم  مرة شاركت معلوماتٍ مضللةً بنفسي؟

عائشة: كيف لنا أن نكسر دائرة توليد المعلومات المغلوطة وغير الدقيقة؟

خوسيه: هل المعلومات المغلوطة والمضللة فعلاً بالازدياد أم أننا نظنّ ذلك فحسب؟

عائشة: هل كان انتشار المعلومات المضللة بهذا الازدياد منذ ستين أو عشرين أو أربعين عامًا مقارنةً بأيامنا هذه؟

خوسيه: كيف لنا إيجاد الإجابة على سؤالك هذا؟

عائشة: هل للثقة أن تتراجع؟

خوسيه: إن كان بإمكان الثقة أن تتراجع، فإنّ ذلك  سيثير المزيد  من التفكير النقديّ والتحليل والبحث عن الحقيقة وصولًا لحلّ المشكلات.

عائشة: هل سيؤدي التراجع عن الثقة إلى مزيدٍ من التعصّب بالمعتقدات المضللة والخاطئة؟

خوسيه: أتساءل لماذا يعدّ العقل البشريّ عرضةً لتصديق المعلومات المضللة وغير الحقيقية؟

عائشة: كيف لي أن أكون أقل تأثرًا بها وأقلّ عرضةً للتضليل؟

خوسيه: ثمّة خطوات عمليّة يمكن اتّخاذها لإيقاف انتشار المعلومات المضللة لنا؟ كيف لنا مساعدة الآخرين بعدم تصديق ما هو مضلل؟

الآن، هل لاحظتم كيف أدّت المحادثة المليئة بالتساؤلات بين عائشة وخوسيه إلى فهمٍ أعمق؟ وبحثٍ أكثر تحديدًا واستجاباتٍ لمشكلة “المعلومات المضللة”؟ هل لاحظتم ذلك؟

الهدف من تلك التساؤلات سواءً استمرّت خمس دقائق أم عشرين دقيقة، هو الوصول لأعماق المشكلة، بتحديد تفاصيلها وصولًا للحلول الأكثر فاعليّةً لها.

والأمر سيان إن كنت تبحث عن حلّ لمشكلةٍ شخصيّة لديك، أو في مجتمعك وبلدك، أخبر صديقًا أن يشاركك الأسئلة حولها، وأطلقا العنان للأسئلة الصحيحة، واستمرّا إلى حين إيجاد الحلول، لكن عليك أن تضبط مؤقّتًا لخمس دقائق أو عشرين دقيقةً، ومن ثمّ تسجيل الجلسة بتساؤلاتها، لتتمكن من الاستماع لها لاحقًا مكتشفًا مسببات المشكلة وحلولها المثلى.

بعد الاستماع للتسجيل، لاحظ مع شريكك كيف ساهمت الأسئلة الصحيحة بالوصول والسعي نحو الحلول، حتمًا ستكون النتائج مبهرةً.

وأخيرًا، أيرغب أحدكم تجربة هذا النشاط؟

متى؟

مهلًا، ليس الآن!

المصدر: https://www.psychologytoday.com

ترجمة: ريم علي حاج علي

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!