تسبب كوفيد -19 بالإصابة بظاهرة “عمى الوجوه” وفقًا لدراسة جديدة

تسبب كوفيد -19 بالإصابة بظاهرة “عمى الوجوه” وفقًا لدراسة جديدة

10 أبريل , 2023

ترجم بواسطة:

هبة إبراهيم

دقق بواسطة:

زينب محمد

يسبب كوفيد -19 صعوبة في التعرف على الوجوه ومشاكل التنقل وفقًا لدراسة جديدة أجرتها جامعة دارتموث في دورية كورتيكس.

رُغم أنه من المعروف جيدًا أن كوفيد-19 يمكن أن يسبب مجموعة من المشاكل العصبية، بما في ذلك فقدان حاسة الشم والتذوق، وضعف في الانتباه والذاكرة والكلام واللغة، والمعروف باسم “ضبابية الوعي”، فإن هذه الدراسة هي الأولى في إثبات أن “عمى التعرف على الوجوه”، والمعروف أيضًا باسم عمى الوجوه، يعتبر من أعراض كوفيد-19.

عمل الباحثون مع آني، وهي ممثلة خدمة عملاء تبلغ من العمر 28 عامًا وفنانة بورتريه بدوام جزئي شُخصت بـكوفيد-19 في مارس 2020 وعانت من انتكاسة بعد شهرين. بعد فترة وجيزة من الانتكاس، لاحظت آني صعوبة في التعرف على الوجوه والتنقل.

أوضحت المؤلفة الرئيسية ماري لويز كيسيلر، طالبة دراسات عليا في قسم العلوم النفسية والعقلية وعضو في مختبر التصور الاجتماعي في دارتموث: “عندما قابلت آني لأول مرة، أخبرتني أنها غير قادرة على التعرف على وجوه عائلتها”. حكت آني عن تجربتها عندما كانت تقابل عائلتها بالمطعم لأول بعد إصابتها بـكوفيد-19. فلم تتعرف عليهم، وعندما مرت بهم ثانيةً، نادىها والدها، ووصفت ذلك قائلةً: “كأن صوت أبي قد أتى من وجه غريب”، وهي تعتمد الآن على الأصوات للتعرف على الأشخاص الذين تعرفهم.

عانت آني أيضًا من قصور في الحركة والتنقل بعد إصابتها بـكوفيد-19، وواجهت صعوبة في تذكر أماكن وجود أقسام معينة في محل البقالة وتعتمد على خرائط جوجل والأماكن المشار إليها بعلامة الدبوس لتتذكر المكان الذي ركنت فيه سيارتها.

يقول براد دوشاين، مؤلف الدراسة وأستاذ العلوم النفسية والعقلية والباحث الرئيسي في مختبر الإدراك الاجتماعي بجامعة دارتموث: “إن الجمع بين عمى التعرف على الوجوه والعجز في التنقل الذي كانت تعاني منه آني هو أمر لفت انتباهنا، لأن كلاهما غالبًا ما يحدثان معًا بعد إصابة الشخص إما بتلف في الدماغ أو عجز في النمو”. وأضاف: “من المحتمل أن يكون هذا العامل المشترك بسبب القدرات التي تعتمد على مناطق الدماغ المجاورة في الفص الصدغي”.

أجرى فريق البحث سلسلة من الاختبارات مع آني لتحديد مشاكلها في التعرف على الوجه وتحديد ما إذا كانت تعاني أيضًا من صعوبات أخرى في القدرات الإدراكية أو المعرفية.

كان تحديد الوجوه المألوفة والتعرّف على الوجوه غير المألوفة تحديًا كبيرًا بالنسبة لآني. ففي أحد الاختبارات، عُرضت 60 صورة لوجوه المشاهير بشكل تسلسلي وطُلب من آني ذكر أسمائهم، ثم عُرض عليها قائمة المشاهير الذين ظهروا في الاختبار لمعرفة ما إذا كانت تعرفهم. حددت آني بشكل صحيح 29٪ من 48 من المشاهير الذين كانت تعرفهم مقارنةً بمعظم الأشخاص، الذين يمكنهم التعرف بشكل صحيح على 84٪ من المشاهير المعروفين.

كان الاختبار الثاني هو اختبار الشبيه؛ حيث عُرض على آني اسم أحد المشاهير ثم عُرضت عليها صور وجهين: وجه أحد المشاهير ووجه شخص مشابه، ثم طُلب منها تحديد الوجه الذي كان للشخص المشهور. حددت المشاهير بنسبة 69٪ من 58 عنصر، مقارنةً بنسبة 87٪ في المجموعة الضابطة.

قيست قدرة آني المحدودة على التعلم ثم التعرف على الوجوه غير المألوفة باستخدام اختبار كامبردج لذاكرة الوجه، والذي يتضمن تعرّف المشاركين على ستة وجوه رجال ثم يُطلب منهم التمييز بينهم ومجموعة وجوه أخرى. عادةً ما يتمكنون من التعرف على 80٪ بشكل صحيح في المتوسط، بينما استطاعت آني على التعرف على 56٪ فقط بشكل صحيح.

أوضح كيسيلر: “تُظهر نتائجنا من اختبار الوجوه غير المألوفة أنه لم يكن الأمر يتعلق فقط بأن آني لم تستطع تذكر الاسم أو معلومات عن شخص مشهور تعرفه، لكنها تواجه بالفعل مشكلة في التعرف على هويات جديدة”.

كانت درجاتها مقبولة في اختبارات التعرف على الوجوه, وإدراك هوية الوجوه والتعرف على الأشياء، ومن ثم فإن مشكلات آني مع الوجوه تُعزى إلي قصور في تذكر الوجوه وليس إلى إعاقة عامة.

حصلت آني على درجات جيدة إلى حدٍ ما في اختبار معالجة المشهد. فعندما عُرضت عليها مجموعة من المناظر الطبيعية ثم عُرضت عليها مرة أخرى ضمن مجموعة أخرى، لم تُخطئ في تحديد المناظر الطبيعية التي عرضت عليها سابقًا. يقول كيسيلر: “ولذا فمن المحتمل أن تُعزى مشكلات التنقل والحركة لديها إلي عملية تسهم في استيعاب الخرائط المعرفية وليس إلى قصور في التعرف على الأماكن”.

أضاف دوشاين: “هذا النوع من التناقض الذي رأيناه لدى آني يوجد لدى بعض الأشخاص الذين يعانون من عجز في التنقل والحركة، حيث يمكنهم التعرف على أماكنهم ولكنهم عندما يُسألون عن أماكن أخرى بالنسبة لمكان وجودهم الحالي، فإنهم يواجهون صعوبة في فهم العلاقات بين الأماكن المختلفة، وهي خطوة أكثر صعوبة من مجرد التعرف على مكانك الحالي”.

كانت نتائج آني أيضًا جيدة في اختبارات التعرف على الصوت مقارنةً بعناصر التحكم، لذلك يعتقد الباحثون أن مشكلاتها في معالجة الوجه ترجع في الغالب إلى عجز في النظام البصري.

يقول دوشاين: “من المعروف أن هناك مشكلات معرفية كبيرة يمكن أن يسببها كوفيد-19، لكننا نرى في حالة آني مشاكل شديدة وحرجة للغاية، وهذا يشير إلى أنه قد يكون هناك الكثير من الأشخاص الآخرين الذين يعانون من عجز شديد وحرج بعد إصابتهم بكوفيد“.

لتحديد ما إذا كان هناك آخرين قد عانوا من مشاكل في الإدراك ومعرفة الأشخاص والاتجاهات بسبب إصابتهم بكوفيد لمدة طويلة، حصل فريق البحث على بيانات 54 فردًا عانوا من أعراض كوفيد لفترة 12 أسبوعًا أو أكثر؛ بينما أبلغ 32 شخصًا أنهم تعافوا تمامًا من كوفيد-19.

طُلب من المشاركين في الدراسة تقييم أنفسهم وفقًا لعبارات حول إدراكهم البصري وأدائهم المعرفي، مثل ما إذا كان بإمكانهم تتبع الشخصيات على التلفزيون أو التنقل في بيئتهم، قبل وبعد الإصابة بـكوفيد-19. قام فريق البحث بقياس التغيير في التصنيفات قبل وبعد، وقارن بين نتائج مجموعة المرضى الذين أصيبوا بكوفيد لفترة طويلة بنتائج من تعافوا تمامًا.

يقول كيسيلر: “أفاد معظم المستجيبين الذين يعانون من كوفيد لفترة طويلة أن قدراتهم المعرفية والإدراكية قد انخفضت منذ أن أصيبوا بـكوفيد، وهو ما لم يكن مفاجئًا، ولكن المذهل حقًا هو عدد المشاركين في الدراسة الذين أفادوا بوجود قصور لديهم”. وأضاف: “لم يكن الأمر مجرد بضع حالات تعاني من إعاقة فعلية، ولكن غالبية من أصيبوا لفترة طويلة بكوفيد أبلغوا عن صعوبات ملحوظة في القيام بأشياء كانوا قادرين على القيام بها قبل الإصابة بكوفيد-19 دون أي مشاكل”.

أشار دوشاين أن صعوبة تمييز وجوه العائلة والأصدقاء أحد التحديات التي ذكرها العديد من المشاركين، وأبرزها في ظاهرة “عمى الوجوه”.

وأضاف: “وتُركز دراستنا على أنواع المشاكل الإدراكية المتعلقة بالتعرف على الوجوه والتنقل والحركة التي يمكن أن يسببها كوفيد-19 وهو ما يجب أن يكون الناس على دراية به، لاسيما الأطباء وغيرهم من المتخصصين في الرعاية الصحية.”

وأوضح دوشايين أنه على حد علمهم، لم يقم أحد بقياس أنواع قدرات المعالجة البصرية عالية المستوى التي تتأثر بكوفيد-19 التي ركزوا عليها في هذا البحث، وإذا حدث ذلك في الإبصار، فمن المحتمل أن يكون حرجًا، بالإضافة إلى احتمالية حدوث عجز ناتج عن مشاكل في مناطق أخرى من المخ لدى بعض الأشخاص أيضًا”.

المصدر: https://medicalxpress.com

ترجمة: هبة إبراهيم محمد

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!