crossorigin="anonymous">
16 فبراير , 2023
اضطراب طيف التوحد Autism spectrum disorder (ASD)، هو مجموعة من اضطرابات النمو العصبي التي تصيب كل من الأطفال والبالغين، وتؤثر على كيفية تواصلهم وتعلمهم وتفاعلهم اجتماعيًا، وغالبًا ما تظهر هذه الأعراض في الطفولة المبكرة وتنعكس على الأداء اليومي، ويحدث اضطراب طيف التوحد في مختلف المجموعات العرقية، وعبر جميع المستويات الاجتماعية والاقتصادية.
يشير مصطلح “الطيف” إلى مجموعة واسعة من مستويات الإعاقة في الأداء والمهارات، حيث إن بعض الأطفال والبالغين المصابين بالتوحد قادرون تمامًا على أداء جميع أنشطة الحياة اليومية، بينما يحتاج الآخرون إلى دعم كبير لأداء الأنشطة الأساسية، وبناءً على الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية ((DSM-5 المنشور عام 2013، تم تصنيف كل من متلازمة أسبرجر، واضطراب الطفولة التفككي، واضطرابات النمو المنتشرة (PDD-NOS)، كجزء من (ASD) بدلاً من كونها اضطرابات منفصلة.
منذ مرحلة الرضاعة يبدو الأطفال المصابون بالتوحد مختلفين تمامًا عن أقرانهم، وفي حالات أخرى، ينمو الأطفال بصورة طبيعية حتى السنة الثانية أو الثالثة من العمر، ثم تظهر عليهم ولكن بعد ذلك تظهر بعض الإشارات التي يمكن ملاحظتها، خاصةً فيما يتعلق بالتواصل الاجتماعي، ومن أعراض اضطراب طيف التوحد:
على الرغم من أن سبب (ASD) ما زال مجهولًا في بعض الحالات، إلا أن العوامل الوراثية والبيولوجية والبيئية تعدّ عوامل مؤثرة قد تزيد من خطر الإصابة بالتوحد، ومن الأمثلة على ذلك: تعسّر عملية الولادة، أو الإنجاب في سن متأخر، أو الإصابة بالعدوى أثناء الحمل، وعلى صعيد آخر، بعض الأشخاص معرضون للإصابة بنسبة أكبر من غيرهم، حيث إن (ASD) أكثر شيوعًا عند الذكور بأربع أضعاف من الإناث، وأيضًا تزيد فرصة الإصابة لدى الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات وراثية أخرى، مثل متلازمة إكس الهش، والتصلب الحدبي، ومتلازمة داون، أو وجود شخص مصاب بالتوحد في تاريخ العائلة.
يُشخّص الأطباء اضطراب طيف التوحد بناءً على الأعراض والمؤشرات ونتائج الاختبارات التي تُجرى وفقًا للدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية، وهو دليل أنشأته الجمعية الأمريكية للطب النفسي يُستخدم لتشخيص الاضطرابات العقلية، من خلال البحث عن تأخر في مراحل النمو أثناء الفحوصات الدورية للأطفال، وذلك لمدة 18-20 شهر، وفي حال وجود احتمال الإصابة باضطراب طيف التوحد، يجري فريق مختص تقييم عصبي شامل واختبار معرفي ولغوي متعمق، لتجنب الخلط بين الاضطرابات الأخرى.
حاليًا لا يوجد علاج لاضطراب طيف التوحد، صممت العديد من الأساليب والتدخلات السلوكية لتحسن الأعراض بصورة عامة، مثل الجلسات التدريبية المكثفة للمساعدة على تطوير المهارات الاجتماعية واللغوية، ويمكن تخفيف وعلاج بعض الأعراض الشديدة باستخدام الأدوية، مثل القلق والاكتئاب واضطراب الوسواس القهري وفرط النشاط والحركة، ويتفق معظم المتخصصين في الرعاية الصحية على أنه كلما كان التدخل مبكرًا، كانت النتائج أفضل.
يستخدم الفحص الجيني للبحث في أسباب الإصابة باضطراب طيف التوحد (ASD) وليس للكشف عنه، حيث تعزى أهمية كبيرة للفحوصات الجينية رغم أنها لا تقدم إجابات وافية للجميع، لكنها تساعد على توقّع احتمالية الإصابة بالتوحد، خاصةً للعائلات التي لديها تاريخ وراثي متعلّق بهذا المرض، ورغم ذلك، أقل من نصف المصابين بالتوحد يخضعون للفحص الجيني!
يُسمى الاختبار الجيني الأكثر شيوعًا للأشخاص المصابين بالتوحد باختبار المصفوفة الدقيقة للكروموسومات (CMA)، ويبحث هذا الاختبار في الكروموسومات لمعرفة ما إذا كانت هناك أجزاء إضافية أو مفقودة يمكن أن تسبب اضطراب طيف التوحد، ونتيجة لاختبار (CMA)، تم تأكيد وجود أسباب وراثية في 5-14% من الأشخاص المصابين بالتوحد الذين خضعوا للاختبار.
إذا لم يجد الاختبار الجيني (CMA) سببًا لاضطراب طيف التوحد، فقد يُوصى باختبار التسلسل الكامل للإكسوم (Exome)، حيث يبحث التسلسل الكامل للإكسوم عن التغيرات الجينية في أجزاء الحمض النووي (DNA) المسؤول عن صنع البروتينات، وأكدت نتائج الاختبار من وجود تغيرات جينية في 8-20% من الأشخاص المصابين بالتوحد.
تعدّ الاستشارة الوراثية بعد الاختبارات الجينية مهمة لفهم نتائج الاختبار وما تعنيه للشخص المصاب وعائلته، ويمكن أن توفر نتائج الاختبارات الجينية للأطباء معلومات مفيدة حول كيفية علاج المصابين باضطراب طيف التوحد، وأيضًا تحديد أفراد الأسرة الذين من المرجح أن يكون لديهم طفل مصاب بالتوحد.
“إنه لأمر جلل أن تقرر إنجاب طفل، إنه يعني أن تقرر السماح لقلبك بأن يحوم خارج جسدك إلى الأبد”.
إليزابيث ستون
لا يمكننا إنكار الضغط النفسي الذي يتعرض له كل من المصابين بالتوحد وعوائلهم، والكم الهائل من المجهود الذي يتطلبه العناية بالأطفال المصابين وتحسين سلوكياتهم، لذلك يعدّ الاختبار الجيني أداة فحص منقذة للحياة، حيث إن بعض المتغيرات الجينية المرتبطة بالتوحد تحمل أخطار عالية للإصابة بأمراض أخرى، مثل الصرع والسرطان وغيرها، وتقدم الفحوصات الجينية معلومات حول الحالات الصحية الشائعة لدى الأشخاص المصابين بالتوحد، مثل أعراض الجهاز الهضمي أو عملية إنتاج الهرمونات، مما يساعد المختصين على توفير الرعاية الصحية المتكاملة، والعلاج المبكر لهذه الأعراض.
يساعد الفحص الجيني في تقليل الرحلة التشخيصية من طبيب إلى آخر للحصول على إجابات، ويجلب راحة البال للشخص المصاب وعائلته لمعرفة السبب المحتمل وراء الإصابة بالتوحد، وتمكّن الفحوصات الجينية الأطباء من التخطيط للمراقبة الصحية الحالية والمستقبلية، والوصول إلى العلاج في أقرب وقت، ودراسة التاريخ العائلي للتمكّن من تحديد الأفراد المتوقع إنجابهم أطفال مصابين بالتوحد.
المصادر:
بقلم: زينب عبد الله
لينكد إن: Zeinab Abdullah
مراجعة وتدقيق: زينب محمد
اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية
اترك تعليقاً