crossorigin="anonymous">
20 يناير , 2023
حدوث كسور العظام في الطفولة لا يعد حدثًا عابرًا يمكن التغافل عنه، ولكنه يعد إنذارًا لتكرار حدوثِها والإصابة بهشاشة العظام في المستقبل.
يعد التاريخ المرضي السابق لكسور العظام في مرحلة الطفولة هو أحد أقوى التنبؤات للإصابة بها في المستقبل، وبالرغم من ذلك تتجاهل الدراسات الحالية هذا العامل كمسبب للإصابة بهشاشة العظام.
وتبيّن من فحصنا للتاريخ المرضي لمجموعة من الأفراد في متوسط العمر ضمن دراسة دنيدن (Dunedin study)، وهي مشروع طولي شامل استمر لمدة خمسة عقود، أن الأشخاص الذين تعرضوا لكسور في العظام أكثر من مرة خلال مرحلة الطفولة لديهم أكثر من ضِعف احتمالات تعرضهم للكسور في مرحلة البلوغ، وتزداد المضاعفات أيضًا لتشمل نقص كثافة عظام الحوض خاصةً عند النساء اللاتي تخطت أعمارهن 45 عامًا.
وتُجرى هذه الدراسة على مجموعة من الأشخاص في سن الشباب للتَحقُق من عوامل الخطر للإصابة بكسور العظام وهشاشتها، ووجِد أن هذه العوامل تتأثر بتغيير نمط الحياة، حيث إن هناك بعض السلوكيات يمكن أن تؤدي إلى تحسين كثافة العظام مدى الحياة والحد من مخاطر الإصابة بهشاشة العظام إذا اتبعها الأفراد في مراحل مبكرة من حياتهم.
يتعرض طفل من كل طفلين إلى الإصابة بكسور العظام، ويُصاب ما يقرب من 25% من الذكور و15% من الإناث بكسورٍ متعددة، وحتى الآن لم تُظهر الدراسات السبب الحقيقي لزيادة معدلات تكرار هذه الإصابات في الأطفال، وهل سيؤثر ذلك في المستقبل على صحة العظام بعد البلوغ أم لا.
أظهرت الأبحاث السابقة أن الأطفال الذين يعانون من الإصابة بكسور العظام هم من يعيشون في أُسرٍ فقيرة، أو يمارسون تمارينات رياضية قاسية، أو يعانون من زيادة الوزن، أو لديهم ارتفاع في مؤشر كتلة الجسم، أو نقص فيتامين د، أو نقص نسبة الكالسيوم في غذائهم، أو من يتعرضون للإيذاء الجسدي.
قد يعاني الأطفال الذين يتعرضون لكسور في عظامهم بشكل متكرر من عدة مشكلات منها: ضعف هياكلهم العظمية، مما يعرضهم للإصابة بكسور في عظامهم بسهولة خلال ممارسة الرياضة، أو النشاط البدني، أو الحوادث.
ويبقى السؤال الأهم هو ما إذا كان الأطفال الذين يتعرضون لكسور العظام لديهم ضعف مؤقت في العظام نتيجة النمو السريع في هذه المرحلة أم ذلك الضعف سيستمر معهم في مرحلة البلوغ.
جميع الأشخاص المشاركين في هذا البحث هم جزء من دراسة دنيدن الفريدة (Dunedin study)، التي تتبعت مراحل نمو ألف طفل وُلدوا بين أبريل عام 1972 ومارس عام 1973.
وقُيّم الأشخاص المشاركون في الدراسة مرارًا وتكرارًا كل بضع سنوات منذ ذلك الحين، في عدة أمور منها: سلوكيات المخاطرة لديهم، والمشاركة الرياضية، والتعرض للإيذاء الجسدي سواء في مرحلة الطفولة أو بعد البلوغ بالإضافة لبعض العوامل الأخرى.
وخضعوا مرارًا وتكرارًا لكثير من المقابلات وجهًا لوجه للاستفسار عن الإصابات التي تعرضوا لها، بما في ذلك كسور العظام منذ أن كانوا أطفالاً، وهذا يعني أنه بالإمكان مقارنة التاريخ الطبي لهذه الكسور في منتصف العمر بالكسور التي حدثت في مرحلة طفولتهم.
وقد لخصت دراسة دنيدن (Dunedin study) معلومات شاملة حول العوامل الأخرى التي تسبب تعرُض الأطفال للكسور المتكررة، ويمكننا تضمين هذه العوامل خلال تحليلاتنا.
الذكور والإناث الذين عانوا من كسور متعددة في العظام خلال مرحل طفولتهم لديهم أكثر من ضعف احتمال تعرضهم لمثل هذه الكسور في المستقبل. وعلى العكس، الأطفال الذين لم يصابوا بكسور العظام في مرحلة الطفولة تبقى عظامهم قوية ولديهم احتمال ضعيف للإصابة في المستقبل.
في الإناث، وُجد أن الإصابة بكسور العظام في مرحلة الطفولة مرتبطة بنقص كثافة المعادن في عظم الحوض في مرحلة لاحقة من حياتهم، ولم يُستدل على ذلك في الذكور.
سعت العديد من الدراسات الأخرى إلى تحديد ما إذا كان التعرض لكسرٍ واحد بالعظام في مرحلة الطفولة يسبب هشاشة في الهيكل العظمي التي تستمر حتى مرحلة البلوغ أم لا. وأثبتت دراستنا أن زيادة خطر الإصابة بالكسور في الإناث والذكور كليهما في مرحلة البلوغ مرتبط بكسور العظام التي تعرض لها الشخص مرارًا وتكرارًا في مرحلة طفولته.
ولكن يبقى سبب هذا الارتباط غير واضح، ولا يرتبط هذا الخطر المستمر ببعض العوامل السلوكية الأخرى مثل: أداء أنشطة خطيرة، أو التركيبة السكانية، أو السمنة، أو إساءة معاملة الأطفال، أو ممارسة الرياضة.
على الرغم من أننا لم نكتشف آليات زيادة مخاطر التعرض لكسور العظام في مرحلة البلوغ حتى الآن، إلا أن هذه النتائج لابد أن تؤخذ بعين الاعتبار ويمكن الاستعانة بها لرفع درجات الوعي لدى الأشخاص الأكثر عرضة لهذه الكسور في المستقبل.
يجب أيضًا توعية الآباء الذين تعرض أبناؤهم لكسور متكررة في العظام في مرحلة الطفولة بالعديد من الطرق للوقاية من الإصابة بهشاشة الهيكل العظمي المُتوقعَة في المستقبل مع تقدُم العمر.
تعد التغييرات السلوكية مثل: ممارسة تمارين حمل الأثقال، وتناول الكالسيوم وفيتامين د، بالإضافة إلى البروتين ومنتجات الألبان جميعها تدخلات مفيدة، ويمكن البدء بها مبكرًا في مرحلة الطفولة للحفاظ على صحة العظام مدى الحياة.
يظهر أثر هشاشة العظام على الأفراد بعد منتصف العمر في أغلب الأحيان. ونأمل في استمرار البحث لاكتشاف العلاقة بين الإصابة بكسور العظام في مرحلة الطفولة وصحة العظام في البالغين خلال هذه الفئة من الأشخاص مع تقدمهم في العمر، ومعرفة ما إذا كانت هذه الآثار ستستمر في النساء بعد انقطاع الطمث أو تؤثر على الرجال في المستقبل.
المصدر: https://www.sciencealert.com
ترجمة: علا علم إبراهيم الدسوقي
فيسبوك: dentist.ola
مراجعة وتدقيق: هند حمدي
لينكد إن: hend7amdy
اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية
اترك تعليقاً