العثور على الأمل في أوقات الريبة

العثور على الأمل في أوقات الريبة

29 نوفمبر , 2022

ترجم بواسطة:

شروق علام

من منظور شخصي: لماذا يعتبر الاحتكاك والاضطراب مصدرين للأمل

النقاط الرئيسية

  • يمكن أن يساعدنا الاحتكاك والاضطراب في تنمية الشعور بالأمل.
  • من المحتمل أن يُظهر الجدول الزمني لطفرات النمو في حياتك نمطًا من الانتكاسات التي تؤدي إلى انتصارات لاحقًا.
  • غالبًا ما تتطور الأزمات والتحديات إلى ما أسماه عالم الأساطير جوزيف كامبل “الأزمات التوجيهية”.
  • الفوضى لا تعني الفوضى. إنها تعني حياة غير متشكلة – طريقة أخرى لإحداث الإمكانيات.

بالعودة إلى السبعينات، فاز كيميائي بليجيكي يدعى إيليا بريغوجين بجائزة نوبل عن نظرية بعنوان “القدرة على الاضطراب”، وأنها وبشكل مثير للسخرية مفتاح النمو.

تلك النظرية، والتي سميت “البنى المشتتة” — كما هو الحال في تبديد الأشياء — هي طريقة سحرية لقول أن الاحتكاك هو خاصية أساسية للطبيعة، ولاشيء ينمو بدونه. لا جبال، ولا لآليء ولا أناس.

وفقًا لبريغوجين، فأي نظام — سواءً كان على صعيده الجزيئي، والكيميائي، والفيزيائي، والاجتماعي، أو النفسي — يكون محميًا من الاضطراب فهو محمي من التغير ليصبح رتيبًا. وبالتالي فأي شيء حقيقي للحياة ولضرورات النمو لابد له أن يكون متزعزعًا.

ولذا، وبكل حق حرىٌ بنا أن نكون الآن في منتصف الطريق نحو التنوير،  بالنظر إلى مستويات الاحتكاك والاضطراب الحائزة على جائزة نوبل في العالم هذه الأيام – والشك الذي يصاحبها.

على سبيل المثال، الجائحة – انقضت أم لا؟ الاقتصاد – أسيُحل الركود أم لا؟ السياسة – أستسود الديموقراطية حركة التقدم أم لا؟ المناخ – هل سنتراجع في الوقت المناسب أم لا؟ سوق العمل – تحول من ما يشبه ألعاب الجوع أثناء الجائحة لشيء من الازدهار مؤخرًا. وهذا حتى لا يشمل أي من التحديات الشخصية أو المهنية التي قد تواجهك.

وما يميل كل ذلك الاحتكاك والاضطراب أن يثيره فينا (أو بالأحرى يستفزنا إليه )، هو الشك والقلق اللذان يختلطان على غالبية الناس. فالشك هو القلق.

 لكن الاحتكاك والاضطراب يمكن أن يساعدانا، في تنمية شعورنا بالأمل.

جدول زمني لطفرات النمو

إن جلست وأعددت جدولًا زمنيًا لطفرات النمو في حياتك، فمن المحتمل أن ترى نمطًا مميزًا يظهر – من نكسات تعدُّك دائمًا لإنجازات، “إخفاقات” تقودك نحو فرص، تحديات تقودك نحو نمو، شعور بالخسارة يعيد توجيهك نحو “العثور على نفسك”.

ومعظم طفرات النمو قد يسبقها اضطرابات من أي نوع، وبالطبع تكون مصحوبة بها.

وإن اختبرت أي جانب إيجابي للجائحة – أي فائدة، رزق، أو بصيرة، أو تصحيح إيجابي لمسار – فإنك قد واجهت ذلك النمط مؤخرًا. والأمر نفسه إن تلقيت لقاحًا حديثًا؛ حيث إن علم المناعة بأكمله يعتمد على إدخال بعض الفوضى في النظام لتقويته، وزعزعته من أجل مساعدته على التطور.

وكل ذلك يعني أنك إن لازمت أي أزمة أو تحدٍ في حياتك لفترة كافية — وهذا يعني تجاوزها بوعي كامل، أن تكون كل الأدوات والمستقبلات قيد وضع “التشغيل”، ووجود النية لمحاورة حياتك — فهذا حتميًا سيقودك نحو النمو.

أي أزمة غالبًا ما تتطور أو تتفكك إلى ما أسماه عالم الأساطير جوزيف كامبل “أزمة التوجيه”، وما أطلقت عليه جيل شيهي في كتابها الممرات، “الانهيار”، وما يسميه بقيتنا تحويل الليمون إلى شراب ليمون.

وهذا الفهم لكيفية حدوث طفرات النمو يمكن له أن يكون مصدر أمل إن لم يكن ثقة في أوقات الاضطراب.

ويقول ويندل بيري: “ربما عندما لا نعرف بعد الآن ماذا نفعل، نكون قد وصلنا إلى عملنا الحقيقي. العقل غير المحير لا يعمل. التيار ذو المعوقات هو الذي يغني”.

من المنطقي أن ينسجم الانهيار مع النمو، فهم في الحقيقة وجهان لعملة واحدة. ومن المنطقي أن تكون الحياة دورية، وما يسقط لابد له أن ينهض.

من المنطقي أنه في قصة الخلق المركزية في القانون الغربي — أي سفر التكوين —، أن توصف الفوضى والتي بدأت بحرف كبير على أنها حالة الأرض قبل تكوينها. مما يعني أن الفوضى تسبق التكوين، وإن أنكرت أحدهم ستنكر الآخر. وفي تلك المعادلة، هناك أمل. ويتضح أن الفوضى لا تعنى عدم النظام . إنها تعني حياة بدون قالب — طريقة أخرى لقول أنها تقبل الاحتمالات.

التعريف اليوناني الأصلي لكلمة فوضي كان “أن يكون الشيء مفتوحًا على مصراعيه”، مما يشجعنا لضم الفوضى والاضطراب في حياتنا وفي العالم، والشعور  بالانفتاح، والفضول، وحتى الشعور بالترحاب.

السيد سكوت بيك، مؤلف كتاب الطريق الأقل سلكًا، اقترح طريقة أخرى يكون بها عدم اليقين والأمل وجهان لعملة واحدة. خلال فترة الأسئلة والأجوبة في نهاية محاضرة ألقاها في سان فرانسيسكو منذ سنوات مضت.

نهضت وطرحت سؤالًا، كيف لي وأنا في خِضم صراع مع قرار شخصي هام أن أعرف أنني أفعل الصواب.

ويقول “لا توجد تركبية كهذه”، فاللاوعي دومًا ما يسبق بخطوة العقل الواعي — العقل الذي يعرف الأمور — ولذا فمن المستحيل أن نعرف ذلك يقينًا .

ولكن إن كنت تعتزم أن تجلس في جو من الغموض وتقبل الشكوك والمعاني المتناقضة، حينها سيسبق اللاوعي عقلك الواعي بخطوة في الاتجاه الصحيح، وبالتالي ستفعل الصواب، رغم أنك لن تعرفه حينها.

إذا كان بيك محقًا أن العقل الباطن يسبق الواعي — إن لم يمتلك معرفة أعمق— فإذًا أي شيء يساعدك على بدء محادثة مستمرة مع العقل الباطن سيعينك على اتخاذ القرار الصائب، ويمنحك الأمل بأنك على المسار الصحيح.

تلك المحادثات مع العقل الباطن قد تأخذ عدة أشكال: تفسير الأحلام (وهو ما يسميه فرويد “الطريق الملكي نحو اللاوعي”) ، العمل الفني الذي يهدف لاكتشاف الذات  (مثل ملكة الكتابة الحرة التي تطلق العنان للاوعي بقلم في يده)، و عمل الظل (تقصي أجزاء منك  تميل إلى تجنبها)، أو الحوار مع أعراض الجسم.

ونحتاج أيضًا ألا نأمل للأفضل فحسب في أوقات الريبة، بل والعثور على الأمل. وهذا يعني، البحث عمدًا عن طرق لإلهام وإعادة إلهام أنفسنا، ومقاومة قوى الخوف، والقلق، والارتباك واليأس التي تسحبنا لأسفل، — وكلها تميل إلى استنزاف مبادرتنا ومعها أملنا.  كما اعتادت جوان بايز أن تقول، “العمل هو ترياق اليأس”.

والعثور على الأمل قد يعني قضاء الوقت في إلهام الناس، والعناية بالكتب، والمشاريع المجتمعية، أو قضاء وقتٍ في الطبيعة وتأمل الصورة الأكبر. قد يكون تركيزًا مستمرًا على ما تستطيع تحقيقه،  بدلًا من ما هو خارج عن سيطرتك، على ما يدور في حياتك والعالم، أو على مرونتك وقوتك في اختيار كيفية استجابتك لكل ما تلقيه الحياة على كاهلك.

أو ربما يعني الجلوس باحترام مع الأشياء كما هي فحسب، و أن تدع نفسك لتشعر بما تشعر به، دون أدنى حاجة لفهمه، أو القيام بأي شيء حياله. أحيانًا يكمن الجزء الأفضل من الحكمة، لا في فلسفة التحسن، بل بفلسفة التقبل.

العثور على الأمل هو العمل المستمر من العثور على أسباب تُبقي على هاماتنا مرفوعة، والتي بالطبع سيختبرها العالم بشدة في ظل ظروفه المريعة، أو  ستختبر من قِبَل ما قد يتطلبه تحقيق آمالك وأحلامك الخاصة. وكلما كانت تلك الآمال أكبر — بالطبع الآمال في تغير اجتماعي أو سياسي — ظهرت أكثر جهودك تنمقًا كما المثل، قطرة في الدلو. ولكن هكذا تمُلأ الدِّلاء — قطرة بقطرة.

 وإن بدت كل جهودك إزاء تثبيت مراكب العالم الجامحة في ظل تلك الأوقات العصيبة، وكل أملك، ومساعدتك  ومحاولتك لفعل الصواب كإلقاء حجرٍ في البحيرة، تذكر التالي: العلم يخبرنا أنه لأن ذلك الحجر هو الآن مستقر في القاع ، كان لابد لمستوى  الماء أن يرتفع . أرشميدس علمنا هذا بينما هو جالس في حوض استحمامه .

المشكلة هي أنه لا يمكنك قياسها. حيث البحيرة كبيرة جدًا. فعليك أن تؤمن كليًا أنه من المهم أنك موجود ، وتقوم بأعمالك الصالحة، وأن مستوى الماء بالضرورة سيرتفع.

المصدر: https://www.psychologytoday.com

ترجمة: شروق محمد علام

لينكد إن: shrouk-allam

مراجعة وتدقيق: د. فاتن ضاوي المحنّا

تويتر: @F_D_Almutiri


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!