يتكون الدماغ من دهون وشحميات، ولكن يظل دور هذه الجزيئات في الصحة أو المرض غير معروف. وتسمى الفئة المحددة حديثًا من الدهون باسم (SGDGs)، التي تقل في مرحلة الشيخوخة، ويفترض أنها تلعب دورًا في شيخوخة الدماغ.

تتضمن مرحلة الشيخوخة تقلبات معقدة ومجموعة كبيرة من الأعراض منها: الالتهاب، والإجهاد، وتغيرات التمثيل الغذائي، وغيرها الكثير. اكتشف فريق من معهد سالك للدراسات البيولوجية وعلماء جامعة كاليفورنيا في سان دييغو عاملًا آخرًا متورطًا في عملية الشيخوخة، وهي فئة من الدهون تسمى 3 سالفوجالاكتوزيل ثنائي الجليسريد (SGDGs) التي تنخفض في الدماغ مع تقدم العمر وقد يكون لها تأثيرات مضادة للالتهاب.

يساعد البحث العلمي، الذي نُشِر في مجلة نيتشر للكيمياء الحيوية في أكتوبر الماضي، في كشف الأساس الجزيئي لشيخوخة الدماغ، كما يكشف عن آليات جديدة تكمن وراء الأمراض العصبية المرتبطة بالعمر، ويوفر فرصًا مستقبلية للتدخل العلاجي.

كما يقول مساعد المؤلف المشارك آلان ساغتيليان، الأستاذ في مختبرات مؤسسة كلايتون لبيولوجيا الببتيدات في سالك، والحائز على منصب الدكتور فريدريك بولسن: “تلعب جزيئات (SGDGs) دورًا مهمًا بلا شك في مرحلة الشيخوخة؛ مما يتيح هذا إمكانية اكتشاف مسارات مهمة أخرى التي لم نكتشفها بعد”.

وأضاف: “كما أن هذه الحالة واضحة للغاية لشيء يجب البحث عنه بتوسع في المستقبل”.

وتعد (SGDGs) فئة من الدهون، وتسمى أيضًا شحميات، وتشارك الدهون في بنية الأدمغة الصحية وتطورها ووظيفتها؛ حيث ترتبط الدهون المنظمة على نحو سيء بالشيخوخة والأدمغة المريضة. ومع ذلك؛ فإن الدهون على عكس الجينات والبروتينات، ليست مفهومة جيدًا وتُتَجاهل غالبًا في أبحاث الشيخوخة. ويتخصص ساغتيليان في اكتشاف الدهون وتحديد تركيبها.

حيث توصل مختبره بالتعاون مع ديونسيوسيجل، الأستاذ في جامعة كاليفورنيا في سان دييغو إلى ثلاث اكتشافات تشمل (SGDGs): فمستوى الدهون في دماغ الفئران الكبيرة مختلف كثيرًا عنها في الصغيرة، فتتغير كل أفراد عائلة (SGDGs) والدهون ذات الصلة مع تقدم العمر على نحوٍ ملحوظ؛ فقد تُنظم هذه الدهون بعمليات معروفة بتنظيم الشيخوخة.

أخذ الفريق نهجًا استكشافيًا غير معتادٍ للوصول لهذه النتائج حيث يجمع بين دراسة واسعة المجال للدهون (علم الدهون) مع الكيمياء التركيبية وتحليلات البيانات المتقدمة، فحصلوا في البداية على ملفات تعريف دهنية لأدمغة فئران في خمسة أعمار تتراوح من شهرٍ إلى ثمانية عشر شهرًا باستخدام الكروماتوغرافيا السائلة- مقياس الطيف الكتلي.

أدى التقدم التكنولوجي لهذه الأدوات إلى توسع كبير في أعداد البيانات المتاحة للعلماء؛ فسمح لهم تحليل البيانات المتقدم تحديد الأنماط المرتبطة بالعمر في ملفات تعريف الدهون الهائلة. وبنى الفريق بعد ذلك جزيئات (SGDGs) واختبرها من أجل النشاط البيولوجي.

ويقول المؤلف الرئيسي دان تان، زميل ما بعد الدكتوراه في مختبر ساغتيليان في سالك: “حُددت جزيئات (SGDG) لأول مرة في السبعينيات؛ لكن كانت هناك دراسات متابعة قليلة. ثم نُسيت هذه الدهون بشكل أساسي وفُقدت من قواعد البيانات الدهنية. فلم يكن أحد يعلم أن هذه الجزيئات ستتغير أو تنظم مع تقدم العمر، كما أن لها نشاطًا حيويًا وقد تكون قابلة للاستهداف العلاجي”.

أظهر التحليل أن هذه الجزيئات تمتلك خصائص مضادة للالتهاب، التي يمكن أن يكون لها آثار على الاضطرابات التنكسية العصبية وغيرها من الحالات العصبية التي تنطوي على زيادة الالتهاب في الدماغ. واكتشف الفريق أنها توجد في أدمغة الانسان أيضًا مقترحًا أنها قد تلعب دورًا مهمًا في الحيوانات بخلاف الفئران. وستكون هناك حاجة إلى مزيد من البحث لإظهار ما إذا كانت تساهم في التهاب الأعصاب البشري.

اكتشف الفريق أيضًا أن مجموعات (SGDG) موجودة في أدمغة الإنسان والرئيسيات؛ مما يشير إلى أن مجموعات (SGDG) قد تلعب دورًا مهمًا في الحيوانات بخلاف الفئران. ستكون هناك حاجة إلى مزيدٍ من البحث لإثبات ما إذا كانت (SGDGs) تساهم في التهاب الأعصاب لدى الإنسان.

كما سيفحص الفريق في المستقبل كيفية تنظيم جزيئات (SGDGs) مع تقدم العمر وما البروتينات المسؤولة عن تركيبها وتكسيرها؛ مما يفتح أفقًا جديدًا لاكتشاف نشاطًا وراثيًا جديدًا مرتبطًا بالشيخوخة.

ويقول سيجل، مؤلف مشارك في الدراسة: “مع فهم تركيب جزيئات (SGDGs) وقدرتنا على إنشائها في المختبر، أصبحت دراسة هذه الدهون المهمة الآن مفتوحة على مصرعيها وجاهزة للاكتشاف”.

المصدر: http://medicalxpress.com

ترجمة: نرمين أحمد

مراجعة وتدقيق: ندى الشاذلي