ماذا يمكن للإنسان الحديث التعلم من البرمجيات القديمة؟

ماذا يمكن للإنسان الحديث التعلم من البرمجيات القديمة؟

14 أكتوبر , 2022

ترجم بواسطة:

محمد المحمدي

دقق بواسطة:

زينب محمد

الحوسبة الرجعية هي أكثر بكثير من مجرد هوس، بل إنها طريقة لوضع التقنية في منظورك.

هل كنت تعلم أنه بإمكانك الذهاب إلى أعظم مكتبة على الشبكة العنكبوتية موقع Archive.org، وتشغيل أنظمة الأجهزة القديمة على المتصفح الخاص بك باستخدام برنامج محاكاة، مثل نظام A DOS box الذي أُصدر في عام 1991، ونظام ماك بالأسود والأبيض، ونظام أبل 2 بالأخضر والأسود، وتشغيل برنامج WordPerfect of yore ،HyperCard stacks، أو حتى استعمال برنامج VisiCalc؟

طور قانون Moore الحواسب الآلية والمعالجات إلى حد بعيد عن البدايات في حواسب ماك، ويمكنك رؤية ذلك بالمقارنة مع حواسب الألعاب الحالية ومدى الفروقات الكبيرة في تطور المعالجات. وقد يسأل شخص ما بكل عقلانية، لماذا أحتاج إلى جهاز ذي مواصفات عالية للعمل على جداول بيانات قديمة؟ وقد أكتفي بموافقته الرأي، ولكني أتعاطف مع أجهزة ماك، لأني أعتقد أن المحاكاة أمر مهم.

يمكنك تعلم التاريخ من قراءة الكتب، أو زيارة المتاحف، أو حتى زيارة ساحات المعارك. لكن لا يمكنك فهم البرنامج من الصور أكثر من فهمك للموسيقى حسب مراجعات الألبوم. عند تشغيلك للمحاكاة لنظام ماكنتوش الصادر قبل 30 عامًا، وستخوض تجربة ما خاض بها ملايين الناس سابقًا، سوف ترى كيف كانوا ينفقون ميزانيات ضخمة على وحدات المعالجة لتشغيل شاشات ضعيفة الجودة، وتعلم أولوياتهم.

حيث كان تركيزهم على تشغيل رموز ومعالجات تساعدهم على العمل، لكن سرعانٍ ما سمحت لهم وحدات المعالجة بتسهيل وتسريع أنظمة التشغيل والحاسب الآلي، وسرعانٍ ما تعلم المستخدمون استعمال الأجهزة بدلاً من الكتابة والتأشير بالفأرة (الماوس) على العلامات التي في الشاشة، وأصبحت المعالجات تنتج ألوانًا جديدة وشبكات اتصال وأصوات، وأصبح لدينا أصوات تنتج من الأقراص وأجهزة MP3s.

وتُذكرنا المحاكاة أن نسأل أنفسنا هل جعلت الحوسبة حياتنا أفضل؟

أكتب هذا المقال باستعمال مستندات جوجل حتى يمكن للمحرر الخاص بي مراقبة العمل والتأكد من إنجاز عملي، لكني أُفضل أن أكتب مقالاتي على برنامج WordPerfect 5.1، إذ اعتبره أفضل برنامج كتابة على الإطلاق، لأنه يجعل الكلمات جاذبة ومثيرة للاهتمام. ودائمًا ما يحب الكتاب أن يتباهوا بامتلاكهم برنامج WP51.

المحاكاة ليست مجرد رحلة في متحف للإثراء الذاتي، بل هي تجربة للعودة إلى الأيام البسيطة عندما كانت أجهزة الحاسب مجرد أدوات لمعظم الناس وليست أسلوب حياة. عند شرائي لأي جهاز حاسوب أجهزه دائمًا للبدء بالمحاكاة بأقراص بحجم التيرابايت والعديد من أنظمة التشغيل القديمة، لأن الخوض في التجارب التاريخية يساعد على تقبل الحقائق المريعة، كأن صناعتنا الجديدة اخترعها مجموعة أناس من كالفورنيا في فترة إدارة الرئيس كارتر.

وما يبدو دائمًا اليوم هي كلمة “فلييتنق” (إرسال صور قصصية في موقع “تويتر”)، مثل تويتر فلييتنق. والاختصارات الجديدة مثل كلمة GAFA والتي تعني جوجل وأبل وفيسبوك وأمازون وتغير الاختصار إلى FAANG والتي تعني فيسبوك وأبل وأمازون ونتفلكس وقوقل ثم أصبح MAMAA والتي تعني ميتا (فيسبوك سابقًا) وأبل وأمازون ومايكروسوفت وألفابيت (جوجل سابقًا) والتي تتغير بين كل فترة وفترة.

غيرت مجالي مؤخرًا من محاكاة البرمجيات إلى المعدات المتخصصة، بدأت أولاً بشراء صندوق أسود صغير، بحجم ثلاث حزم أوراق لعب، يحتوي على بوابة مصفوفات قابلة للبرمجة، ودوائر متغيرة الشكل تأخذ مواصفات الأجهزة الأخرى. وتستعمل هذه الأدوات في أجهزة المحاكاة على منصات الألعاب القديمة، مثل (Amiga و64 وAtarti STs)، وأحد أهم الألعاب على هذه الأجهزة القديمة (Neo Geos, Game Boys, Atari Lynx, وSpacewar على PDP-1).

ويُدعى الصندوق باسم the MiSTer والذي لا يعد صندوقًا للمستهلكين، بل للأشخاص الذين يصنعون المنصات المرجعية: عندما تقوم بشراء القطع وتجميعهم وتركيبهم، ثم تقوم بتحميل بعض البرامج المجانية، ومن ثَم تركيب سلك HDMI بكارت الشاشة، فبذلك يصبح مجرد جهازٍ قديم، وحتى يتمكن الشخص من تمكين كل هذه الأمور يدفع ما يقارب 600$.

هذا الشعور بتجميع القطع القديمة وتركيبها يغمرني بالسعادة، مثل الأشخاص الذين يقومون بتجميع القطع العتيقة أو السماعات المكلفة. محور المحاكاة كامل يُظهر كل الأمور الصغيرة والكبيرة، مثل التأخير الذي يحصل في الشاشة أو الاضطرابات، أو حتى حركة الفأرة المتأخرة مثل ما نتذكر. كان من المبهر مشاهدة الرموز القديمة تُكتب على الشاشات الواسعة في السابق.

وإنه لمن المذهل أن نرى هذه النوع من التقدم بأن نحاكي الأجهزة القديمة لماذا نتخلص من كل هذا التاريخ الذي يحتوي على أقراص وكتيبات في القمامة، ولماذا نحن مهملون لتاريخ الحوسبة؟ هل نشعر بالخجل؟ كل من صنع تلك الأجهزة القديمة هم أناس مثلي ومثلك، لكن الفرق أنهم يعملون في بيئة بطيئة التطور.

دائمًا ما نتحدث أنا وأحد أصدقائي الموسيقيين عن أدوات المزج الموسيقية ودائمًا ما أنظر لتلك الأداة أنها مجرد حاسب آلي، لكن أولوياتها محددة: أضغط أي زر ويخرج منه صوت، وتعد هذه الأدوات قيّمة لأصحابها. حيث تعمل الطرازات الجديدة على إرث الأجهزة التي قبلها، وأن يضغط زر أي صوتٍ ما، فيصدر الجهاز الصوت، مثل ما هو المفترض أن يفعل.

عندما تشتري جهاز مزج الأصوات تدخل مع آلاف الناس الذين يهتمون، ويقدرون هذه الأداة وتشارك معهم أصواتك وخبراتك وهذا الأمر بحد ذاته الفرق بين الثقافة والتسويق.

مشاهدتي للأشخاص الذين يستعملون تلك الأداة والتحدث عن كل جهاز منذ السبعينات، أمرٌ مثيرٌ للاهتمام. تعجبني فكرة أنه في عالمي المثالي كل جهاز يأتي بنسخته الخاصة من برامج المحاكاة للأنظمة القديمة جاهزة للاستعمال، وهنالك العديد من المساحة لذلك، لا يحتاج أي أحد أن يذهب لشراء بعض القطع أو المواصفات المعينة لتشغيل المحاكاة، وحتى يتمكن الجميع النظر إلى مدى روعة ما وصلنا إليه من تقدم وتغيّر.

المصدر: https://www.wired.com

ترجمة: محمد فكري المحمدي

 تويتر: @Falcony2000

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!