تعدد الأكوان
14 أغسطس , 2022
14 أغسطس , 2022
حين نتأمل ونفكر، نري أن هناك كثير من المجرات والنجوم والكواكب. فهل هناك أرض أخرى تشبه أرضنا؟ هل هناك كون آخر يشبه كوننا هذا الذي نعيش فيه؟ هل هناك أماكن أخرى يعيش فيها بشر يشبهوننا؟ هل كوننا يعتبر كون واحد وسط عديد من الأكوان؟ كل هذه الأسئلة وأكثر سنجيب عنها في هذا المقال.
تقوم فكرة تعدد الأكوان على ما يسمى بالزمكان، بالإضافة إلى فكرة الأبعاد المتعددة المختلفة عن كوننا قليلاً أو كثيرًا. كما استخدام العلماء مصطلح الأكوان المتعددة لشرح فكرة وجود أكوان أخرى على حدود كوكبنا المرصود، وهي عبارة عن مجموعة افتراضية تتكون من عدة أكوان لا حصر لها، بما في ذلك كوننا الذي نعيش فيه تشكل بمجموعها كل ما هو موجود كالفضاء بأكمله والطاقة والوقت والأكوان آخذين بعين الاعتبار الثوابت والقوانين الفيزيائية التي تصف ما ذُكر. والأكوان العديدة داخل متعددة الأكوان تسمى أحيانًا بالأكوان المتوازية، وتأتى تسمية الأكوان المتوازية إطلاقًا من فكرة موازاتها لكوننا.
ونظرية تعدد الأكوان هي فرضية في علم الفيزياء وعلم الكونيات وعلم الفلسفة وتشرح ذلك سيناريوهات مختلفة. تختلف هذه النظريات بشكل كبير فيما بينهم الشيء الوحيد الذي تشترك فيه هذه الأكوان أن المكان والزمان المعروفين ليسوا هم الواقع الوحيد.
وكان الفيلسوف والعالم ويليام لجيمس أول من طرح فكرة تعدد الأكوان ومع ذلك فقد نشأ الأساس العلمي لها من دراسة الظواهر الكونية الكبرى كالثقوب السوداء والمشاكل الناتجة عن نظرية الانفجار الكبير.
تصور العالم ماكس تيجمارك وجود أربعة أنواع من الأكوان وأطلق عليهم اسم مستويات:
المستوى الأول: حيث يتسع الفضاء أبعد ما يمكن رؤيته، ومن الممكن أن يستمر بذلك إلي الأبد.
المستوى الثاني: حيث تتواجد أكوان منفصلة تمامًا عن كوكبنا ولا حصر لها في العدد ويمتلك كلٌ منها قوانين فيزيائية مختلفة عن بعضها.
المستوى الثالث: يوجد نوع فضاء يسمى فضاء هيلبرت توجد فيه عوالم كاملة أخرى متفرغة بشكل كبير فيه.
المستوى الرابع: اعتقد ماكس أنه يمكن وصف الطبيعة بشكل جيد من خلال الرياضيات حيث إن كل بنية رياضية تصف كون مادي معين.
١- في عام 2010 لاحظ العلماء وجود أربعة أنماط دائرية غير معتادة في الخلفية الكونية الميكروية حيث يطلق العلماء علي زمن بداية الكون “الخلفية الكونية الميكروية” والعلامات الأربعة كانت كالكدمات سببها اصطدام كوننا نتيجة الاصطدام بكون آخر. إذا كان هذا صحيحًا، فهو أول دليل على وجود أكوان متعددة.
٢- كذلك في عام ٢٠١٥ لاحظ الباحث في وكالة الفضاء الأوروبية، رانج رام تشاري، شيء آخر مماثل في الخلفية الكونية الميكروية، حيث أخذ تشاري نموذج من مرصد السماء ثم زال كل شيء آخر كالنجوم والغاز والغبار بين النجوم كان من المفترض أن تكون السماء فارغة باستثناء بعض ضوضاء الخلفية الكونية الميكروية، لكنها لم تكن كذلك حيث لاحظ تشاري بعض بقع مبعثرة في خريطة الكون، وهي مناطق كانت أكثر سطوعًا بنحو ٤٥٠٠ مرة، مما يوضح أن الكون الموجود في الطرف الآخر من الاصطدام يحتوي على ما يقرب من 1000 ضعف عدد هذه الجسيمات مثل جسيماتنا.
توقع الباحث أن تكون البقع ما هي إلا نتيجة تصادم بعض الأكوان الأخرى بكوننا، ولكن إلى الآن لايزال السبب مجهولاً.
يرى العلماء أن أكثر النماذج التي توضح نظرية تعدد الأكوان هي نظرية التضخم الكوني. حيث يعرف التضخم الكوني بأنه عملية مبكرة حدثت للكون مع بداية نشأته، حيث تمدد الكون بفعل الطاقة الموجودة في الفراغ بشكل سريع ونتج من تمدد الكون عدة أكوان متعددة مترابطة ولم يكن الكون مليء قبل التضخم الكوني بالجسيمات والجسيمات المضادة والإشعاع . ويقول ليندي أحد مهندسين نظرية التضخم الكوني: “إن أحد تنبؤات النظرية هي أن التضخم يحدث مرارًا وتكرارًا وربما بلا حدود، مما يؤدي لتكوين كوكبة من الأكوان. وبالطبع لن يكون لكل الأكوان نفس الخصائص، فقد يكون بها من يشبه كوننا ومنهم من يختلف عنه تمامًا لكنهم جميعًا موجودون خارج العالم الذي يمكننا كبشر ملاحظته. ويرى بعض العلماء الآخريننه من المحتمل أن الانفجار العظيم يكون قد كوّن عدد من الأكوان المتعددة أو المتوازية تمامًا، ولكننا نعيش في الكون المناسب لبقائنا ولا يعلم العلماء حتى الآن هل هذه النظرية قابلة للاختبار التجريبي أم لا بالنظر إلى أن الأكوان المتعددة بعيدة عن كوننا ومن المستحيل الوصول إليه، لكن ربما لم نكتشف الإجابة الصحيحة بعد.
يرى العلماء أنها متداخلة ولا يمكننا الوصول إليها. بينما يرى العالم ليندي في تفسيره العوالم المتعددة أن العوالم المتعددة تشبه القنابل الذرية لا تعرف متي تنفجر فمن الممكن أن لا تنفجر إطلاقًا. من ناحية أخرى، فإن الأكوان المتعددة التي تنبأت بها نظرية التضخم الكوني، هي من نوع المستوى الثاني كما يرى ليندي وكما ذكرنا سابقًا أن المستوى الثاني تتواجد فيه الأكوان منفصلة تمامًا عن كوننا ومختلفة في القوانين الفيزيائية. ويُكمل ليندي: “في كونٍ متعدد تضخمي، أنت لا تعرف إذا كان يوجد قنابل ذرية من حيث المبدأ أم لا، بعبارةٍ أخرى، أنت لا تعرف إذا كانت الأكوان المتعددة موجودة بالفعل أم لا”.
بينما يعتبر ماكس تيجمارك من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا أن الأكوان المتعددة من المستوى الثالث، وكما ذكرنا سابقًا، أن المستوى الثالث به عوالم أخرى كاملة متفرغة بشكل كبير.
للأسف لا نستطيع أن نصل إلي هناك، فالعلماء إلي الآن لا يعتقدون أنه من الممكن السفر بين الأكوان.
ربما لن نعرف، لكن التنبؤات بنظرية تعدد الأكوان مختلفة يمكن اختبارها بعدة طرق، وإذا نجحت هذه النظرية في جميع اختباراتها فربما نتأكد من نظرية تعدد الأكوان أو ربما تساعد بعض الاكتشافات الجديدة العلماء في معرفة إذا كان هناك حقًا شيء خارج كوننا المرئي أم لا.
يقول سيغفريد: “الكون ليس معقدًا، حيث يمكن لأى مخلو صغير فيه اكتشاف حقيقته. وربما فى يومٍ ما نتمكن من اكتشافه أو ربما لن نستطيع، لكننا لا يمكننا التنبأ بما سيحدث فى الكون”.
المصادر:
ترجمة: فاطمة طلعت محمد
مراجعة وتدقيق: زينب محمد
اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية
اترك تعليقاً