crossorigin="anonymous">
9 أغسطس , 2022
عن وجهة نظر شخصية: هذه العملية غير البديهية تجدد حيويتنا.
عندما تقاعدت من العمل منذ حوالي 10 سنوات، كانت فكرة عدم القيام بأي نشاط فكرة مرعبة ولا تطاق، فهي بمثابة حالة يجب عليّ تجنبها بأي ثمن. فيما مضى كنت امرأة كادحة قضت جُل وقتها وهي تكافح من أجل تحقيق أهداف قد تطلبت منها إما جهدًا جبارًا أو استخدامًا لأساليب ملتوية.
لكن بعد مضي 10 سنوات من التقاعد، وجدت نفسي أمدح مزايا عدم القيام بأي نشاط على الإطلاق أو على الأقل القيام بالشيء البسيط في اليوم. على الرغم من أن هذا الأمر يبدو غير بديهي وخارج عن المألوف إلا أنني تعلمت أن التخلي عن كل شيء من حولنا، و لو لمدة وجيزة، يمكن أن يعود بالفائدة على صحة الفرد العقلية.
مع تراجع وتيرة الإصابات بفيروس كورونا أخيرًا، فمن المغري أن تعود إلى القيام بجميع الأنشطة التي كانت بعيدة المنال عنك لوقت طويل، لكن قد تنتابك رغبة عارمة في عدم القيام بأي نشاط على الإطلاق ولو لبعض اللحظات.
لو أن هذه الفكرة تجعل قلبك ينبض بقوة، فأنت لست وحدك. فالبعض منا إما لا يريد عيش هذه التجربة غير المريحة أو لا يمكنه المضي قدمًا وهو عاجز أمام الشعور بالإنزعاج. دعونا نقف للحظة حتى يتسنى لي تعريف مفهوم القلق وشرح بعض الطرق الواقعية لكيفية تناول هذا الموضوع، على الأقل من وجهة نظري كأخصائية نفسية.
ستساعدك معالجة قلقك على تقبلك لمحاولة عدم القيام بأي نشاط يذكر. ببساطة القلق هو شعور يتميز بالخوف الذي له بعض التأثيرات المتوقعة على فيزيولوجية الفرد، فلو أنت شخص كثير القلق، فأنت على دراية بأن أفكارك يمكن أن تقودك إلى نفق لا نهاية له من الأفكار السوداوية والتي تجعل قلبك يخفق بسرعة كبيرة.
فقد تشعر بالتوتر في جسمك حتى قبل أن تدرك أنك بصدد تخيل نهاية مأساوية لشخص ما أو لحدث قادم. عندما تسبق مخاوفك تجربة ما فإن هذا الشعور يعرف بالقلق الاستباقي. من المحتمل أن يتسبب هذا النوع في بعض التأثيرات الفيزيولوجية مثل جفاف الفم أو التعرق أو النسيان، وهو أمر شائع جدًا عندما تكون بصدد القيام بأداء، كما هو الحال في الاختبارات أو أثناء التحدث أو حين تشارك في المسابقات الرياضية.
البعض منا أكثر عرضة للتفكير بشكل مأساوي، لكننا جميعا ينتابنا الشعور بالقلق من وقت لآخر، وهو أمر طبيعي تمامًا. ولكن عندما يداخل التوتر والخوف مع حياتك اليومية أو مع العمل أو مع علاقاتك مع الأشخاص، فهنا يمكن اعتبار أن الأمر قد أخذ منحى جادًا وخطيرًا، وقد يحتاج إلى تدخل أخصائي نفسي لحل هذه المشكلة.
ضع في اعتبارك أن تبني فكرة عدم القيام بأي نشاط قد تخلق بعض الانزعاج، كونها تمثل شيئًا دخيلاً على نمط الحياة الذي اعتدنا عليه لعقود عديدة، كالوظائف البسيطة والهامة والتي تتميز بالعمل الدؤوب، والالتزامات التي تأتي مع كونك فردًا مسؤولاً وفاعلاً في المجتمع. فيما يلي بعض التكتيكات التي يمكنك استخدامها لتقليل الشعور بالضيق عند تولي مهمة غير بديهية كعدم القيام بأي نشاط.
الآن لنعد إلى فكرة عدم القيام بأي نشاط. اختريومًا للبدء، يومًا من المحتمل أن لا تزعجك فيه المطالب العاجلة. حَدِّدْ فترة زمنية قصيرة، مثل 30 دقيقة، وابدأ بالتأمل حتى تجد بعض الاقتراحات الملهمة مثل: «أعتقد أنني سأنظر من النافذة» أو «سأتجول في شقتي أو منزلي». فالهدف الأساسي هنا هو عدم القيام بهذه الأنشطة. قد تخرج إلى الفناء أو السطح أو الفناء الخلفي أو الشارع، لكن لا تقم برعاية الأزهار أو اقتلاع الأعشاب الضارة، بل أَوْلِ اهْتِمامًا لما تراقبه أو تشعر به أو تراه أو تشمه.
عندما لا تقوم بأي نشاط يذكر، تصبح أفكارك وعواطفك مصادر قيمة للمعلومات التي تهمك وتعبر عنك. في حين أن هذه عملية تشبه ممارسة التأمل، فإن الهدف هو تبني وتقدير كل لحظة من التجربة بدلاً من مجرد تخيل الأفكار. قد تكون هذه هي المرة الأولى في حياتك التي يتسنى لك فيها التجول مثل طفل يبلغ من العمر أربع سنوات بدون أجندة، وأن تكون ببساطة فضوليًا بشأن ما تلاحظه.
فن الرضا، المتمثل في عدم القيام بأي نشاط، هو ممارسة أثبتت فوائدها العقلية والجسدية، بمجرد دمجها في حياة الفرد. إذ ساهمت في خفض ضغط الدم، واسترخاء عضلات الهيكل العظمي، وزيادة التركيز دون الاستثمار في المنتجات أو الخدمات ودون أي جهد معين.
المصدر: https://www.psychologytoday.com
ترجمة: أماني نوار
تويتر: amani_naouar
مراجعة وتدقيق: زينب محمد
اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية
اترك تعليقاً