كيف للامتنان أن يؤذيك نفسيًا وكيف تتغلب على ذلك؟

كيف للامتنان أن يؤذيك نفسيًا وكيف تتغلب على ذلك؟

14 يونيو , 2022

ترجم بواسطة:

بلقيس الصالح

اكتشف الجانب المظلم للامتنان وتعلم تجنبه

كيف للامتنان أن يؤثر سلبًا على صحتك النفسية وهو من العادات الصحية المتبعة من كثير من الناس؟

يعتبر الامتنان من العادات المفيدة في كثير من جوانب الحياة، فقد أشارت الدراسات إلى أنه يحسن من الوظائف النفسية، والصحة الجسدية، والعلاقات، والتطور الوظيفي، ومع ذلك فهو ليس مفيدًا دائمًا. كأي من الممارسات النفسية، يمكن أن يكون الامتنان إيجابيًا أو سلبيًا على حياتك، ففي ظروف معينة قد يكون ضارًا أيضًا.

إلغاء مشاعرك تجاه تجربةٍ ما

“لا يجب أن يكون هذا شعورك، تذكر بأن كثيرًا من الناس قد مروا بهذه التجربة بطرق أسوأ”.

هل تجد هذه الجملة مألوفة؟ إذا كنت قد فكرت بهذه الفكرة أو سمعتها أو قلتها لنفسك فقد جربت الأثر السلبي للامتنان. عندما تقارن نفسك بظروف الآخرين فإنك قد تقلل من أهمية مشاعرك أو تلغيها تمامًا.

تقول المعالجة المتخصصة في الشؤون الزوجية والأسرية كوني هبش: “لا يجب أن نحث أنفسنا على الشعور بالامتنان عن طريق مقارنة حالنا بأحوال الآخرين. لا يتعلق الأمر بمن خاض التجربة بأسوأ أو أفضل أشكالها، ولكن بتقدير ما نملكه هنا والآن”. كما تضيف الدكتورة نكيشيا هاموند: “من المهم ألا نهمل شعورنا بالقلق أثناء محاولتنا لتقدير ما نملك، يمكن أن تشعر بالامتنان الشديد والحزن أو الحيرة أو القلق في آنٍ واحد”. يصبح الامتنان غير صحيًا حين يؤدي بنا إلى إهمال شعورنا بالقلق أو الألم أو تجاهله تمامًا، بل أنه قد يكون أداة تسهل التلاعب العاطفي بنا فيما يتعلق بحقيقة تلك المؤثرات والمشاكل.

لتجنب التقليل من أهمية مشاعرك أو تجاهلها مع شعورك بالامتنان والتقدير، جرب الطرق التالية:

  • أعط مشاعرك حقها وقدرها قبل أن تفكر بالامتنان لما تملك. إن البدء بالتركيز على معالجة مشاعرك أولاً قد يجعلك أقل ميلاً للتقليل منها أو تجاهلها بالامتنان. تذكر أن كل مشاعرك مهمة وحتى السلبية منها، كالغضب، والحزن، وحتى اليأس.
  • لا تقارن مشاعرك أو أفكارك أو ظروفك بالآخرين، بل ركز على حياتك الشخصية أثناء محاولتك الشعور بالامتنان. فعلى سبيل المثال، بدلاً من أن تقول: “يجب أن أكون ممتنًا، فالكثير مروا بهذه التجربة بأسوأ مما قد مررت به”، يمكنك أن تقول “أنا حقًا ممتن ل…”

إعاقة معالجة المشاعر

“لا يجب أن تظل حزينًا أو غاضبًا، بل يجدر بك أن تنظر للجانب المشرق”.

قد تحتاج في بعض الأحيان إلى أن تستمر في حالة الغضب أو الحزن أو أي مزيج من المشاعر، سواء سلبية كانت أو إيجابية. حين تعطي كل شعور حقه فإنك تسمح لهذه المشاعر بأن تتغير وتصبح جزءًا من هويتك ومسيرتك.

حين تمر بفقدٍ مثلاً، فمن المهم أن تعيش تجربة الحزن بطريقتك الخاصة وألا تتجنبها، حيث إن ذلك قد يؤثر سلبًا على صحتك العقلية. المشاعر المؤجلة أو المكبوتة قد تظهر في شكل صدمة نفسية وحزن معقد واضطرابات نفسية عدة. يمكننا أن نختصر ذلك بالقول بأنه يجب على الإنسان أن يهتم بمعالجة مشاعره، بدلاً من تجنبها عن طريق الامتنان والتفكير الإيجابي والتي قد تصبح سامة حين تضغط علينا للكبت أو نكران أهمية تجاربنا السلبية وآثارها.

حتى تتجنب إعاقة معالجة مشاعرك بينما تشعر بالامتنان لما تملك من نعم، جرب هذه الطرق:

  • اسمح لنفسك بعيش كل مشاعرك، بما فيها السلبية والمؤلمة منها، بالإضافة للامتنان وشكر ما لديك من نعم. يمكنك مثلاً أن تعيش الحزن لفقد عزيز بينما تشعر بالامتنان على كل الأشخاص والأشياء التي ما زالت حولك أو على الأوقات التي قضيتها مع من فقدته.
  • لا تجبر نفسك على الشكر والامتنان في محاولة للتحكم بحزنك وغضبك، بل اسمح لنفسك بأن تعيش هذا الشعور مع العلم بأن الامتنان لن يوقفه أو يحسنه.
  • إذا كنت تعاني في التعرف على مشاعرك، فحاول التركيز على أحاسيسك الجسدية. لاحظ كيف يستجيب جسدك عندما تفكر أو تشعر بشيءٍ ما واسمح لجسدك بأن يجرب هذا الإحساس. إذا كان يبدو الشعور لا يمكن احتماله فجرب طرقًا للاسترخاء والتي قد تساعدك على معالجة المشاعر الحادة.

استمرارية المشاكل الطبقية

“كن ممتنًا لما تملك بدلًا من أن تركز على ما تفقد”.

هناك العديد من المشاكل المتداخلة في النظام والتي تؤثر سلبًا على صحتك العقلية، مثل العنصرية العرقية في القانون، وانعدام المساواة الاقتصادية والعنصرية ضد ذوي الهمم. يناقش وودز في بحثه مشكلة العبد والسيد حيث يشعر العبد بالامتنان تجاه سيده أو مالكه الذي يعامله بطيبة ونية حسنة. ما الخطأ في أن يشعر العبد بالامتنان تجاه سيده الطيب؟ مهما كان السيد طيبًا وكريمًا فهو في نهاية الأمر عضو في نظام مضطهِد، ومن ثم فإن أي علاقة بين عبد وسيد ظالمة في أصلها. يضيف وودز قائلاً: “تكمن المشكلة في أن التعبير عن الامتنان تجاه هؤلاء قد يقلل احتمالية توقفهم عن دعم هذا النظام، بينما لو توقف عدد كاف عن الدعم، لربما أدى إلى تغيير النظام”.

نحن بحاجة لأن نغير النظام ولكن مشاعر الامتنان والتقدير للألقاب والطبقية يجعل المبادرة وتقديم خطط تغيير النظام، والتي من شأنها تحسين حياة الناس، بالغة الصعوبة. إن لهذا الامتنان، أو ما يمكننا أن نسميه بالإيجابية السامة، دور في استمرار الظلم والاستغلال والعلاقات القائمة على الاضطهاد والتي تكون حجر الأساس لكثير من المشاكل العقلية.

لتكون أكثر وعيًا بالمشاكل النظامية وفي الوقت نفسه ممتنًا للنعم التي تملكها جرب الطرق التالية:

  • كن واعيًا بالمشاكل الطبقية التي تؤثر على حياتك وكيف تتقاطع مع شعورك بالامتنان. فمثلاً، يمكن لامرأة تحصل على أجر أعلى من زملائها الرجال أن تشعر بالامتنان على نجاحها وأن تعترف بأن الكثير من النساء لا يملكون هذا الامتياز في الوقت نفسه.
  • طوّع امتنانك في سبيل المطالبة بتغيير النظام. فمثلاً، يمكن لامرأة أن تتطوع لتدريب نساء أخريات والعمل على التوعية والمطالبة بالمساواة في الأجور في مقر عملها.

كأي من الممارسات النفسية، يمكن أن يكون للامتنان أثر إيجابي أو سلبي على صحتك العقلية. كن حذرًا متى وكيف تكون ممتنًا للنعم من حولك لتتجنب آثار الامتنان السلبية.

المصدر: https://www.psychologytoday.com

ترجمة: بلقيس الصالح

تويتر: sol_o_bella

مراجعة وتدقيق: عبد الله الجهوري


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!