هل يتعايش معظم الناس مع آلامهم بصمت؟ | لربما يكمن سر الشعور بالسعادة أولاً في تقبل ألمك العاطفي

هل يتعايش معظم الناس مع آلامهم بصمت؟ | لربما يكمن سر الشعور بالسعادة أولاً في تقبل ألمك العاطفي

4 نوفمبر , 2021

ترجم بواسطة:

رشا الحربي

دقق بواسطة:

زينب محمد

النقاط الرئيسية

  • نعيش في عالم به صور مثالية قد تجعلنا بائسين
  •  مايُظهره الناس غالبًا لا يعكس حجم ألمهم من الداخل
  • تقبل الألم هو أول خطوة مهمة لتجاوزه

خلال سنوات عملي كعالم نفس، سمعت العديد من قصص الألم والمعاناة.

للحد الذي فاق تصوري فيما مضى، أفضى لي هؤلاء العملاء أن بقية العالم لن يكون لديهم أدنى فكرة عن مقدار ما يكافحونه بداخلهم سرًا. وعلى حد تعبير امرأة في الثلاثينيات من عمرها: “دكتور جيف، يعتقد الناس غالبًا أنني خالية البال. لو علموا الحقيقة فقط!”.

منذ عدة سنوات، في بداية مسيرتي المهنية (عندما كنت في أوائل الثلاثينيات من عمري)، جاء زوجان في أواخر الخمسينيات من العمر لرؤيتي. للحفاظ على السرية سأشير إليهم هنا باسم توم Tom و غوين Gwen.

 حالما جلسوا، كان جليًا معاناتهم من ألم شديد – حيث غوين قد اكتشفت للتو علاقة توم مع امرأة أصغر سناً. بدت مجروحة و قلقة وغاضبة، وأعربت عن هذه المشاعر باكية. التفتُ إلى توم وسألته عن شعوره.

لم أكن أدرك في ذلك الوقت، أنّ رد توم سيظل معي لعقود لاحقة – ليومنا هذا. حيث قال: “يعيش معظم الناس مع آلامهم بصمت”. فكرت في نفسي كيف أنّ هذا الاقتباس رائع. في ذلك الوقت، سألت توم عن مصدر هذه الكلمات الحكيمة (بالنسبة لأي منكم من الأطباء الموجودين هنا، نعم أعلم كان بإمكاني كبت فضولي وتأجيل توقيت طرح هذا السؤال). نظر إلي بخجل وتمتم مرتجفًا: “ثورو”.

حتى السيناريوهات المثالية تجلب القلق

 كمثال آخر على القلق، و لحالات أقل حدة بكثير، جاء رجل قبل بضع سنوات لرؤيتي ووصف “حياته الساحرة”. حيث أوضح أنه يحب زوجته وأن لديه أموال تقاعد ضخمة. وأضاف بمزيد من الامتنان أنه لديه ثلاث بنات ناضجات يتمتعن بصحة جيدة، وسعيدات بزواجهن، و ذوات مستوى تعليمي جيد، وفي وظائف مرضية. عندما سألته عن مخاوفه، قال: “لقد كنت محظوظًا جدًا، لذلك أبقى مستيقظًا في الليل أتساءل متى سيحدث خطأ ما في حياتي”.

الأطفال والمراهقون يتألمون أيضًا

 وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، يعاني 10 ٪ من الأطفال والمراهقين في جميع أنحاء العالم من الاضطرابات العقلية، لكن الغالبية منهم لا يطلبون المساعدة أو يتلقون الرعاية. تبدأ نصف هذه الحالات عند بلوغهم سن 14 عامًا.

الانتحار هو السبب الرئيسي الثالث للوفاة بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و 19 عامًا. في الواقع، أنا أعلم أن مدرسة ثانوية شهدت بشكل مأساوي أربع حالات انتحار في العام الدراسي 2018-2019، وفي 2020-2021 حيث انتحر أيضًا ثلاثة طلاب.

لقد وجدت الدراسات روابط بين اكتئاب المراهقين على وسائل التواصل الاجتماعي والقلق والوحدة وإيذاء النفس وحتى الأفكار الانتحارية. أفصح لي المراهقون عن شعورهم بالنقص وعدم رضاهم عن حياتهم أو مظهرهم. ولقد أعربوا أيضًا عن شعورهم بالحسد والإستياء عند تصفح صور الانستقرام (Instagram) و سناب شات (Snapchat) للحفلات المليئة بالمرح والعطلات على الشاطئ.

 كما أوضحت في كتابي الأخير، حزمة القلق والاكتئاب والغضب للمراهقين، وهي مزيج من المهارات العقلية لتعلم كيفية تهدئة عقولهم وقبول مشاعرهم السلبية، واستراتيجيات السلوك المعرفي لتحديد الأفكار المزعجة وإعادة صياغتها، ويساعد علم النفس الإيجابي “تحديد الأشياء الجيدة والتركيز عليها” الأطفال والمراهقين على تعلم مهارات مجدية تجعلهم قادرين على التعامل مع العواطف القوية المفرطة. إن عواقب عدم تعلم الأطفال والمراهقين لكيفية إدارة صراعاتهم العاطفية قد تولد لديهم توقعات غير واقعية حول “السعادة” وهذا بإمكانه أن يحدهم لعيش حياة لاتفي بمطالبهم أو ربما أسوأ من ذلك.

الوقوع في مرحلة الإنكار

 لقد ذكرت في بداية هذا المنشور الأشخاص الذين يدركون ألمهم ولكن لا يظهرون ذلك. وهناك آخرون قد يسعون إلى الهروب من المشاعر السلبية بطرق غير صحية مثل الإفراط في تناول الطعام، وإحباط الآخرين، والاستهلاك المفرط، وإساءة استخدام العقاقير، وغيرها من السلوكيات الإشكالية. قد يقول العديد من هؤلاء الأشخاص ظاهريًا “أنا بخير”، أي إنهم لا  يكذبون على الآخرين فحسب، بل على أنفسهم أيضًا.

في الختام

 في جلسة حديثة، أصيبت امرأة بالقلق والضيق بسبب معاناة طفلها البالغ. لقد ساعدتها في إعادة صياغة بعض أفكارها المتطرفة واكتساب بعض الأدوات والرؤية السليمة للتعامل معها. كانت ممتنة ثم علقت على هدوئي وتضافري معها. ابتسمتُ وقلتُ، “أنا أيضًا أتألم، مثلكِ تمامًا”. حينئذ التفتت نحوي وقالت “دكتور جيف، شكرًا لكونك صادقًا معي. من المفيد حقًا سماع ذلك”.

مصدر المقال: https://www.psychologytoday.com

ترجمة: رشا الحربي

تويتر: @eunlina7

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!