السعي لإجراء اختبارات أفضل تساعد في حل تعقيدات اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه

السعي لإجراء اختبارات أفضل تساعد في حل تعقيدات اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه

17 مايو , 2021

ترجم بواسطة:

عائشة السويركي

دقق بواسطة:

ثريا البرقان

يتحدث المقال عن استخدام المحاكاة الحاسوبية في تشخيص مرض فرط الحركة وتشتت الانتباه

مقدم من جامعة ولاية أوهايو

يشير باحثون من جامعة ولاية أوهايو في منشور جديد لهم أن ادخال المحاكاة الحاسوبية لتحديد أعراض فرط الحركة وتشتت الانتباه(ADHD)عند الأطفال هو بمثابة أداة موضوعية تقيس مدى وجود وحِدة هذه المشكلات السلوكية لدى الأطفال.

تُشخص وتُعالج معظم الاضطرابات العقلية بناءً على المقابلات السريرية والاستبيانات، ومنذ قرن تقريبًا زُودت عملية التشخيص بمعطيات من نتائج اختبارات إدراكية تساعد الأطباء على معرفة المزيد حول تصرف الناس بطريقة معينة والأسباب وراء ذلك.

يحدد الاختبار الإدراكي لاضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه مجموعة متنوعة من الأعراض والأعطاب بما في ذلك الانتباه الإنتقائي وضعف الذاكرة وتغيّر إدراكهم للوقت وصعوبة التركيز والسلوك الاندفاعي وفي أكثر مستويات فحص الأداء شيوعًا يُطلب من الأطفال النقر على ازرار جهاز الحاسوب أو عدم النقر تبعًا لكلمة معينة أو رمز معين أو أي منبه آخر يظهر أمامهم على الشاشة.

أما بالنسبة لاضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه فإن هذه الاختبارات الادراكية لا ترصد أعراضه المعقدة بدقة. لذلك فظهور الطب النفسي الحسابي، وهو أن يقارن جهاز المحاكاة نموذجين للدماغ أحدهما طبيعي والآخر به اختلالات وظيفية لوحظت أثناء الفحوصات، يُعد إضافةً مهمة لعملية تشخيص اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه. أفاد بذلك باحثون من جامعة ولاية أوهايو في مراجعتهم البحثية الجديدة والتي نشرتها مجلة Psychological Bulletin  .

وقد قام فريق البحث بعرض 50 دراسة لاختبارات إدراكية لاضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه ووضحوا أنه يمكن لثلاثة أنواع شائعة من النماذج الحسابية أن تدعم هذه الاختبارات. أن الأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه يستغرقون وقتًا أطول في اتخاذ القرارات أثناء أدائهم للمهام مقارنةً بالأطفال غير المصابين بهذا الاضطراب، وتعتمد الدراسات على متوسط مرات الاستجابة لتوضيح هذه الفروقات لكن هناك أيضًا تعقيدات لهذه الاختلالات الوظيفية يحددها النموذج الحسابي بدقة ويزوّد الأطباء المعالجين والآباء والمعلمين بالمعلومات اللازمة التي تساعد في تسهيل حياة الأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه.

“يمكننا باستخدام النماذج الحسابية محاكاة عملية اتخاذ القرار ومعرفة كيف تتم بمرور الوقت، واستنتاج سبب استغراق الأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه وقتًا أطول في اتخاذ قراراتهم”، صرحت الكاتبة الرئيسية لهذه المراجعة البحثية ناديا جينج جيلي Nadja Ging-Jehli  وهي أيضًا طالبة دراسات عليا في جامعة ولاية أوهايو. وأكملت جيني جيلي Ging-Jehli مراجعتها مع أعضاء هيئة التدريس في جامعة ولاية أوهايو وهما أستاذ علم النفس روجر راتكليف Roger Ratcliff والأستاذ الفخري للطب النفسي والصحة السلوكية يوجين أرنولد L. Eugene Arnold.

وقد قدم الباحثون توصيات من أجل التحاليل والفحوصات السريرية لتحقيق ثلاثة أهداف رئيسية: أولًا تشخيص أفضل لاضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه وما يصحبه من أعراض متعلقة بالصحة العقلية كالقلق والاكتئاب، ثانيًا تحسين استجابة المرضى للعلاج (هناك ما يقدر بحوالي ثلث المرضى المصابين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه لا يستجيبون للعلاج)، ثالثًا التنبؤ بإمكانية شفاء الأطفال منه عندما يصبحوا بالغين.

من ضمن الاختبارات الإدراكية التي تفسر هذا الاضطراب أيضًا اختبار اتخاذ القرار خلف عجلة القيادة. يعي السائقون أنه عندما يتحول ضوء إشارة المرور من الأحمر إلى الأخضر يمكنهم عبور تقاطع الطرق. لكن لا يضغط جميع السائقون على دواسة الوقود بنفس الوقت، والغرض من هذا الاختبار الإدراكي الشائع لهذا السلوك هي تعريض السائقين لنفس موقف الاشارة الضوئية الحمراء والخضراء عدة مرات للتوصّل الى متوسط معدل وقت الضغط على دواسة الوقود ووقت الانحراف عنه واستخدام هذا المعدللتمييز السائق الطبيعي من السائق الذي يعاني اضطرابًا. تستخدم هذه المنهجية لإثبات أن الأشخاص المصابين بفرط الحركة وتشتت الانتباه عادةً ما يستأنفون القيادة أبطأ من الأشخاص الأصحاء. لكن هذا الإثبات يُهمل مجموعة من الاحتمالات التي تساعد في فهم أسباب بطئهم فقد يكونوا شاردي الذهن أو في أحلام اليقظة أو متوترون في بيئة معملية. لذا يمكن للتصنيفات الواسعة لردود الأفعال التي ترصدها التقنيات الحاسوبية أن تزودنا بالمعلومات المفيدة.

تقول جينج جيلي:” بينّا في مراجعتنا أن هذا الأسلوب يحوي مشاكل عديدة تعيقنا عن فهم الخصائص الأساسية للاضطرابات العقلية كاضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه وبالمقابل تعيقنا أيضًا من إيجاد العلاج المناسب لكل فرد”. وذكرت أيضًا ” أن التقنيات الحاسوبية تتيح لنا التفكير في العوامل التي تولد السلوك المرصود، وهذه العوامل توسع مدارك فهمنا لهذا الاضطراب مقرّين أن هناك العديد من الأشخاص المصابين باختلالات مختلفة تتطلب أسلوب علاجي مختلف. لذا نقترح استخدام التوزيع الكامل لأوقات رد الفعل مع الأخذ بالاعتبار وقت أبطأ وأسرع ردة فعل للتمييز بين الأنواع المختلفة لاضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه”.

وقد بينت هذه المراجعة أيضًا عاملًا معقدًا للدراسات المتقدمة في اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه على نطاق أكثر اتساعًا من مجرد الأعراض الخارجية الملاحظة بالإضافة إلى الصفات الدقيقة التي يصعُب الكشف عنها حتى بعد استخدام أكثر أساليب الفحص شيوعًا. ويضيف الباحثون أن تفهّمنا لوجود اختلافات بيولوجية عند الأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه يدل على أن الفحص المرتكز على أداء المهام غير كافٍ لإجراء تشخيص واضح لهذا الاضطراب.

وتوضح الباحثة جينج جيلي Ging-Jehli :”إن اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه لا يقتصر فقط على الأطفال المتململين والذين لا يثبتون في جلوسهم على الكرسي بل يشمل أيضًا الأطفال شاردي الذهن أغلب الوقت بسبب أحلام اليقظة رغم أن هذا النوع من الأطفال أكثر انطوائية ولن تظهر عليهم اعراض الاضطراب الشائعة مثل النشاط الزائد”. وتقول “أن أحلام اليقظة شائعة عند الفتيات خاصةً اللاتي لم يلتحقن بدراسات اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه بقدر الفتيان”.

تصف الباحثة جينج جيلي Ging-Jehli الطب النفسي الحسابي على أنه وسيلة فعالة مع الاخذ بالاعتبار-تبعًا للمثال أعلاه- الاختلافات الميكانيكية للسيارة وتأثيرها على أداء السائق. هذه الفروق السلوكية تعيق إدراكنا لاضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه لكنها في المقابل تفتح لنا آفاق واسعة لمجموعة طٌرق علاجية أخرى. وقالت الباحثة” يتعين علينا حصر الفروقات السلوكية للسائقين وفهم الظروف المختلفة التي قمنا بتعريضهم عليها؛ وإلا فلن نتمكن من التوصل إلى التشخيص النهائي والعلاج المناسب بناءً على تسجيل ملاحظة سلوك واحد فقط.” لكن لا ينبغي أن ننظر إلى الاختبار الإدراكي ونماذج المحاكاة الحاسوبية على أنها منهجيات قد تحل محل المقابلات السريرية والإجراءات المستندة على الاستبانات بل هي تكميلًا قيّمًا لها يزودنا ببيانات جديدة. 

 وحسبما قال الباحثون؛ يجب تخصيص مجموعة من المهام لمعرفة الخصائص الإدراكية والاجتماعية بدلًا من الاقتصار على اختبار مهمة واحدة فقط. ولابد من الثبات على مبدأ معين أثناء اجراء الدراسة لضمان استخدام نفس المهام الادراكية في تقييم المفاهيم الادراكية المتوافقة معها.

وختامًا؛ يمكن للجمع بين الاختبار الادراكي والاختبارات الفسيولوجية المتعلقة بوظائف الاعضاء -خاصةً اختبار تتبع حركة العين لتحديد موقع نظر الشخص واختبار تخطيط الدماغ الذي يسجل نشاط الدماغ الكهربائي- أن يزودنا ببيانات موضوعية قابلة للقياس تزيد من موثوقية وسلامة التشخيص وتمكن الأطباء المعالجين من تقرير الأدوية الأكثر فعالية.  وقد أدرجت الباحثة جينج جيلي Ging-Jehli هذه الاقتراحات في بحثها حيث تطبق منهجية نموذج المحاكاة الحسابي عند دراسة وجود تدخل عصبي معين في حالات اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه لدى الأطفال. وأوضحت: “أن الغرض من هذه الدراسة كان لبيان افتقار الوسائل المستخدمة حاليًا للمعايير الموحدة واحتوائها على الكثير من التعقيدات ولا تقيس الأعراض بسهولة.” وأضافت: “علينا أن نٌحسن فهمنا لاضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه عند الأطفال والكبار أيضًا لكي يحضون بنمط معيشي أفضل ويتلقون الأسلوب العلاجي الأنسب”.

المصدر: https://medicalxpress.com

ترجمة: عائشة السويركي.

مراجعة: ثريا البرقان


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!