لغة التدريس

لغة التدريس

21 فبراير , 2021

ترجم بواسطة:

في الشعلان

دقق بواسطة:

زينب محمد

ينشأ الأطفال في بيئة يتم التحدث فيها بأكثر من لغة واحدة ويوجد حالياً أكثر من سبعة آلاف لغة حية. ومع ذلك، فإن الدراسات تشير إلى أن أربعين في المئة من الأطفال لا يحصلون على التعليم بلغتهم الأم التي يفهمونها مما يؤثر سلباً على تعليمهم.  العديد من البلدان لا تزال تعطي الأولية في التعليم للغة الوطنية أو الرسمية والتي تعتبر لغة ثانية وغالباً لا يتحدث بها الأطفال في المنزل. أهمية لغة التدريس في جودة التعليم اُعترف بها لدى أهداف التنمية المستدامة. المؤشر الموضوعي 4.5.2 يشير إلى النسبة المئوية لطلاب التعليم الإبتدائي الذين يتلقون تعليمهم بلغتهم الأم أو المتحدثة في المنزل.

ما الذي نعرفه

الأطفال يتعلمون بشكل أفضل عندما تكون لغة التدريس الأولى هي لغتهم الأم (Benson, 2004; Bühmann and Trudell, 2007; Pinnock, 2009a, 2009b). نتائج التقييمات تُظهر تأثيراً سلبياً على درجات الاختبار عند اختلاف اللغة ما بين المنزل والمدرسة (UNESCO, 2016). و وفقاً لتحليل بيانات SACMEQ III في عام 2010، يوجد علاقة إيجابية ما بين إنجاز التلميذ وتحدثه بلغة التدريس وخصوصاً فيما يتعلق بالقراءة (Trudell ، 2016). وُجد أن استخدام اللغة الأم في الفصول الدراسية يُعزز المشاركة الطلابية ويقلل تناقصهم ويزيد من مشاركة الأسرة والمجتمع في تعليم الطفل (Trudell ، 2016). يحتاج الطلاب أيضاً لتعزيز تعليمهم عن طريق الوصول إلى المناهج والمواد التعليمية الشاملة بلغة يألفونها (Bühmann and Trudell, 2007; Mackenzie and Walker, n.d.; Pinnock, 2009b; UNESCO, 2016). استنتجت معظم الأبحاث حتى الآن أن تعزيز التحصيل التعليمي يتم عندما يدرس الأطفال بلغتهم الأم خلال أول ست سنوات من التعليم الإبتدائي على الأقل قبل استخدام اللغة الثانية والتي تكون هي لغة التعليم الرئيسية (Ball, 2011; Benson, 2004; Pinnock, 2009a, 2009b; UNESCO, 2016). وُجد أن ثقة الطالب وتقديره لنفسه عندما يكون تعليمه ثنائي اللغة أو متعدد اللغات (UNESCO, 2016). في النماذج الثنائية اللغة، يستخدم الطلاب كلاً من لغتهم الأم واللغة الثانية كلغات يدرسون عن طريقها مجموعة من المواد خلال تعليمهم الإبتدائي والثانوي (Ball, 2011; Pinnock, 2009a).

يتعرض الطالب لخطر عدم إتقانه لكلا اللغتين عندما ينتقل من اللغة الأم إلى اللغة الثانية سريعاً خلال تلقيه للتعليم (Benson, 2004; Pinnock, 2009a). استراتيجية التعليم الثنائي اللغة الموصى بها من اليونسكو حالياً هو استخدام لغة الطفل الأم جنباً إلى جنب مع لغة التعليم الثانية (UNESCO, 2016).

التحديات

في حين أن العديد من البلدان لديها سياسة اللغة الوطنية والتي تدعم استخدام اللغات المحلية ؛ إلا أن هذه السياسة لا يتم تطبيقها دائماً في التعليم في الفصول الدراسية . قد يكمن هذا الخلل لعدد من الأسباب:

الوضع الملموس للغة الأم: قد يكون هناك خلاف حول اللغة التي يجب تدريسها في المجتمعات التي يتم التحدث فيها بالعديد من اللغات والأخذ بعين الاعتبار “لغة الأغلبية”. اللغة المستخدمة بقلة والتي تعتبر لغة الأقلية؛ قد يكون لها مكانة متدنية داخل المجتمع مما يصعب من تقبل اللغة الأم للتعليم ويحجم متعلمي اللغة الأم عن استخدام لغتهم (Ball, 2011). 

التكلفة: يوجد مخاوف واسعة النطاق تتعلق بالتكاليف المرتفعة لوسائل التدريس باللغة المحلية ولكن لا تُدعم بالأدلة دائماً (Trudell, 2016). تفوق مكافآت التعليم في مدارس اللغات المحلية النفقات؛ وتزيد من مكاسب جودة التعليم وتخفض نسبة التسرب وتعزز الإنضمام مما يؤدي بالتالي إلى انخفاض نسبة الرسوب والتسرب (Benson, 2004; Pinnock, 2009a, 2009b; Trudell, 2016, UNESCO, 2016). 

نقص المعلمين المؤهلين :  تهميش اللغات المحلية في عدد من أنظمة التعليم أدى إلى نقص المعلمين المؤهلين القادرين على فهم وتحدث وتدريس اللغة الأم الطفل (Ball, 2011; Benson, 2004; Pinnock, 2009a).

اللغات غير المكتوبة وغير القياسية: قد يثير مستوى التطور الكتابي للغات المحلية بعض الإشكالات التي تتعلق بملائمتها التربوية (Trudell, 2016). قد يكون التخطيط اللغوي ضرورياً لإنشاء أو تعديل نظام كتابة اللغة وتوحيد طريقة تهجئتها واستخدامها وتوسيع المعجم لتضمين أي مفردات أخرى مفقودة (Bühmann and Trudell, 2007; Ball, 2011).

قضايا التضمين والعدل:

لا يقدر الطالب على تلقي الدعم من والديه إذا لم يكونا قادرين على فهم لغة التدريس. عدم إلمام الوالدين بلغة التدريس المستخدمة في التدريس يؤدي إلى زيادة تعزيز الفجوة بين الأقليات والأغلبية التي يتم التدريس بلغتهم (UNESCO, 2016).

يواجه الأطفال الذين يدرسون بلغة مختلفة عن لغتهم الأم عبء مزدوج ؛ يتعين عليهم تعلم مفاهيم ومهارات جديدة بالإضافة إلى استخدام كلمات لا يفهمونها في عملية تعليمهم (Bühmann and Trudell, 2007; Pinnock, 2009b).

هناك أدلة قوية على أن استخدام اللغة الأم في التعليم خلال السنوات الأولى يساعد على الوصول إلى الفئات المهمشة اجتماعياً وتعليمياً ؛ ويؤدي إلى تحسين وزيادة التحاقهم بالتعليم (Pinnock, 2009b).

كما يظهر التهميش السكان الأصليين خلال تقييم الطلاب في المجتمعات المرتفعة الدخل (UNESCO, 2016).

تشير العديد من الدراسات إلى أن تقديم التعليم باللغة الأم له أثر إيجابي على معدلات التحاق الفتيات وانتقالهن من مرحلة لأخرى؛ ويرجع ذلك أساساً إلى أن الفتيات أقل تعرضاً للغات المستخدمة خارج المنزل عن الأولاد. وبالتالي يواجهن عائقاً أشد عندما لا يتم استخدام اللغة الأم في المدرسة (Beson, 2004, 2005).

يمكن أن تؤثر الهجرة والنزوح على التعليم؛ مما يتطلب أنظمة تستوعب من هاجروا ولا يتحدثون لغة التدريس في منازلهم. يعيق نقص المعرفة بلغة التدريس أو لغة الفصل قدرة الطلاب اللاجئين على الانخراط والتعلم والتواصل. ويشكل أيضاً عائقاً أمام الإلتحاق في أنظمة التعليم الوطنية وخصوصاً للأطفال الأكبر سناً والشباب (اليونسكو,2018).

السياسة والتخطيط:

تحديد سياسة اللغة: يتطلب التخطيط اللغوي الشامل تحليلاً متعمقاً للوضع اللغوي الاجتماعي والسياق التربوي للمجتمع. ويشمل هذا التحليل رسم خطط لجمع معلومات موثوقة ومحدثة حول اللغات المستخدمة في الحديث والقراءة والكتابة باختلاف مستوى اتقانها وباختلاف المواقف. يتطلب إجراء المناقشات مع مجموعة واسعة من أصحاب المصلحة؛ بما فيهم مسؤولي التعليم على جميع مستويات النظام والمعلمين والمتخصصين في اللغة والمنظمات غير الحكومية التي تدعم التعليم وممثلي المجتمع وأولياء الأمور وجمعيات إدارة المدرسة.  أي لغة يتم تطويرها وتنفيذها في سياسة التعليم  يجب ربطها بأهداف نظام التعليم ودعم الدولة؛ للوصول إلى أهدافه التعليمية من حيث نتائج التعليم والإنصاف وإتقان الدارسين للغة.  يعد رصد وتقييم تلك السياسة من حيث المكاسب التعليمية أمراً ضرورياً.

وسائل التدريس والتعلم: يجب مراعاة توفر المواد التعليمية باللغات المحلية كجزء من عملية التخطيط الطويلة المدى.  يمكن أن يساعد التخطيط التعليمي اللامركزي وإعداد الميزانية على تطوير وسائل ومواد التعليم باللغة المحلية.  ويمكن للمجتمعات المحلية التعاون مع الوكالات الحكومية واللغوية لإنشاء مواد تعليمية باللغة الأم.  يمكن أن تُنتَج المواد المستندة إلى قوالب أو نماذج موحدة يتم إنتاجها باللغة الوطنية أو الرسمية  بشكل سريع وفعال من حيث التكلفة؛ نظراً لاستخدامها الخبرة الفنية المركزية في تطوير المناهج والرسوم التوضيحية والنسق وغيرها من العناصر.  تساعد المواد التعليمية المفتوحة والمتاحة والتقنية على إتاحة المواد التعليمية على نطاق أوسع وأكثر شمولاً.

إعداد المعلم: يجب أن يتماشى تدريب المعلمين وتوظيفهم مع اللغات والمنهج المُدَرّس؛ وقد يشمل هذا تعيين مدرسين يجيدون لغة التدريس؛ وتدريب معلمين على تدريس مواد محددة بهدف تعليم لغة بعينها. ونشر المعلمين في المدارس بحيث يتماشى إتقانهم اللغوي مع طلاب تلك المدارس.  يجب تدريب المعلمين على التدريس باستخدام لغتين بكفاءة.   قد أدخلت بعض الدول مثل الإكوادور ومالي برامح تدريب متخصصة للمعلمين لتقديم تعليم ثنائي اللغة.

دور المجتمع: قد يتم توظيف أفراد من المجتمع الذين يجيدون اللغة الأم للطفل بحيث يتم تدريبهم كمعلمين مساعدين على المدى القصير في حال عدم توفر معلمين مدربين.  تعيين مدرسين من مجتمعات الأقليات يمكن أن يساعد الأطفال على  توسيع ورفع طموحاتهم.

الإعداد للغة في مرحلة ماقبل المدرسة \ خارج المدرسة: يصعب على الأطفال المنتمين للأقليات العرقية واللغوية الحصول على  تعليم عالي الجودة في مرحلة الطفولة المبكرة والذي يهدف إلى إعدادهم للمرحلة الإبتدائية.  يمكن لبرامج الإعداد المدرسي الملائمة ثقافياً أن تحسن من نتائج التعليم.  بالإضافة إلى  أن وجود برامج للتعلم السريع باللغة المحلية والتي يتم تقديمها بشكل غير رسمي يمكن أن تساعد الأطفال المحرومين على اللحاق بأقرانهم الأغلبية الذين يدرسون بلغتهم الأم.

المصدر: https://learningportal.iiep.unesco.org

ترجمة : في عبدالرحمن

مراجعة وتدقيق: زينب محمد


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!