crossorigin="anonymous">
14 يونيو , 2020 زينب محمد
في عام ١٨٥٤م، في وسط جائحة الكوليرا الكبيرة، طبيب لندن John Snow قام بإستنتاج سينقذ عدد لا حصر له من الأرواح، وذلك أن المرض لا ينتقل عبر الهواء العَفِن ولكن بواسطة المياه الملوثة بالجراثيم، هكذا سيطر على تفشي وباء الكوليرا في شارع برود Broad.
في مساء ٧ سبتمبر ١٨٥٤م، تحدث الطبيب المشهور جون سنو John Snow لمجلس رجال ذوي سلطة. وقد تفشى الكوليرا مُدمراً لندن في السنوات القليلة الماضية وأودى بحياة ١٥.٠٠٠ شخص تقريباً، لكن لم يكتشف أحد طريقة لإيقافه. سنو Snow، طبيب من يوركشر Yorkshire ، رأى مالم يراه الآخرون. – أن المرض ينتقل خلال الماء. مُقدماً دليله القاطع للسلطات المحلية، وقد أقنعهم باتخاذ إجراء وتجابوا معه بإزالة مقبض لمصد مياه ملوث، أنقذ سنو Snow العديد من الأرواح في ذلك اليوم. لكن مسعاه كان طويلاً بعيد كل البُعد عن الإنتهاء.
وُلِد لأبوين من الطبقة العاملة في حي فقير في يورك York . كان أحد الأطفال التسعة. لوحظ ذكاءه في مرحلة مبكرة، وفي عمر الرابعة عشرة، بدأ العمل كمتدرب طبي. حصل على أجر زهيد، لكن الخبرة التي اكتسبها لا تُقدر بثمن، كما حصل على نظرة مُفصلة عن أمراض الكوليرا. تخرج سنو Snow من جامعة لندن البريستيجية prestigious University of London عام ١٨٤٤م. وفي عام ١٨٤٩م كتب كُتيباً مثيراً للجدل بعنوان” طريقة الإتصال للكوليرا”. وقد تحدى الاعتقاد التقليدي بأن الكوليرا ( مرض وصل أوروبا من آسيا) كان مرضاً ينتقل عبر الجو. مُنتشراً عن طريق بُخار عفِن غامض والذي لوث الهواء بمرض قاتل غريب. وقد افترض أن المرض انتقل في مصادر المياه، التي اتصلت مع الكوليرا خلال بُراز أشخاص مُصابين بها. كانت هذه النظرية صعبة التصديق، والعديد من زملائه رفضوا أفكاره ووصفوها بالغريبة. لكن نظريات سنو Snow لم تكن بعيدة الاحتمال. لندن الفكتورية كانت مكان غير صحي بشكل لا يُصدق، و نهر التايمز Thames كان المركز القذر لكل ذلك.
كانت أنظمة الصرف الصحي في لندن غير مكتملة في هذا الوقت ، والكثير من السكان ألقوا بمياه الصرف الصحي مباشرة إلى النهر أو في بالوعة سيئة الصيانة.
بالفعل، تقريباً كل منزل في لندن لديه إحدى هذه الثقوب السامة تحته مباشرة.
يعيش الآن في العاصمة القذرة، شَهد سنو Snow مباشرةً تأثير الكوليرا على المدينة. لتطوير نظريته، بدأ في العمل على ” التجربة الكبرى” عام ١٨٥٣م. وذلك من خلال قياس معدلات الوفيات لمن يعيشون بأماكن فيها مياه نهر التايمز الملوثة، مقارنةً بمن يعيشون بمياه غير ملوثة. عندما أصابت الكوليرا قريباً من منزله في سوهو Soho السنة التالية، رأى سنو Snow الفرصة لتحويل حيه إلى دراسة حالة.
” وجد سنو Snow معارضين في كل زاويةً الفكرة بأن الكوليرا أتت من بكتيريا البراز ، التي اُبتلعت من قِبل ضحاياها، كانت مثيرة للإشمئزاز بالنسبة للشعب”
بعد إقناع قِس محلي مُشكِك بنظريته، قابل سنوSnow الأسر المتأثرة بالكوليرا للحصول على معلومات عن مصدر مياههم. وضع نقاط على خريطة للمنطقة ليُظهر حالات الكوليرا التي أصيبت ولاحظ أن هناك شيئاً واحداً مُشتركاً، كانوا موجودين قريباً من مضخة على شارع برود Broad ” الآن بروديك Broadwick” وُفرت من قِبل شركة Southwark و Vauxhall Waterworks Company، والذين عُرفوا بأخذهم مياه من أجزاء ملوثة من نهر التايمز Thames .
كان هناك بعض الحالات الشاذة مثل :عمال مصنع البيرة المحليين والذين كانوا غالباً يشربون البيرة و لهم امدادات المياه الخاصة بهم، لكن الدليل رَسم صورة واضحة.
أسرع سنو Snow بدليله إلى مجلس الرعية متوسلاً إليهم بأن يسمعوه، بوقت قصير اقتنع المجلس وقام بإزالة المقبض لمضخة المياه غير الصالحة. في غضون أيام، أعداد حالات الكوليرا بدأت بالانخفاض.
في عام ١٨٥٥م ، نشر سنو Snow كتيب مطول عن اكتشافاته أثناء تفشي المرض. وجد أن بئر المضخة حُفر على بُعد أقدام قليلة من حفرة فاسدة التي غُسل فيها حفاضة طفل (أُصيب بالكوليرا من مكان آخر). وقد تسربت المياه الخَرِبة إلى البئر مسببة انتشاراً كبيراً للمرض.
مازال سنو Snow يجد معارضين لنظريته في كل زاوية، فكرة أن الكوليرا أتت من بكتيريا البراز، التي اُبتلعت عن طريق الصدفة من ضحاياها، كانت مثيرة للإشمئزاز لمعظم الشعب. بالإضافةً إلى أن عمله قدم تحدي لشركات المياه القوية في العاصمة، ورفضت الحكومة نظرياته بسرعة.
توفي سنو Snow بعد أربع سنوات من اكتشافه عام ١٨٥٤م بشكل مأساوي، حيث أصابته سكتة دماغية عندما كان في مكتبه وتوفي في عمر الخامسة و الأربعين . ولم يكن حتى عام ١٨٦٦ م -العام الذي حصل فيه سنو Snow على التصديق الذي استحقه- عندما أثبت أحد أعدائه القدامى الطبيب ويليام فار William Farr أن الكوليرا مرض ينتقل عبر الماء.
الآن يُعتبر الطبيب جون سنو John Snow الأب المؤسس لعلم الأوبئة ( دراسة كيف يعمل مرض داخل المجتمع) وكرجل وضعته براعته قبل وقته بكثير.
ترجمة :بشاير اللحياني
المصدر :https://www.historyextra.com/
مراجعة :زينب محمد
اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية
اترك تعليقاً