هل أنت مستعدٌ نفسيًا للمرحلة الجامعية؟

هل أنت مستعدٌ نفسيًا للمرحلة الجامعية؟

31 أكتوبر , 2019

يعاني العديد من المتعلمين من مشاكل نفسية قبل أو حين دخولهم للمرحلة الجامعية ، بحيث أن نسبة كبيرة منهم تتفاقم حالتهم لدرجة تصل حد المعاناة من الاكتئاب و من الرسوب الدراسي ، سبب معاناتهم النفسية راجع للعديد من العوامل منها عدم تعليمهم من قبل الآباء كيفية مواجهة الحياة و الطريقة الصحيحة لإدارتها .

في الربيع الماضي، قدم إلى مكتبي في الحرم الجامعي حيث أعمل هناك طبيباً نفسياً، فتى يبلغ 18 عامًا كان قد نال درجة امتياز في المدرسة الثانوية – إلا أنه أصبح يرسب الآن في عدد من المواد-
هذا الطالب كان يبتغي الحصول على عذر طبي ليمكنه من الانسحاب من المواد التي رسب بها، بدلاً من أن ينال علامة ضعيف بها ويقل بذلك المعدل العام لدرجاته.

فقيمت حالة الطالب وقررت –بناء على معلومات من زياراته السابقة- أنه يعاني من الاكتئاب، وحالة الاكتئاب هذه كانت تدمر عزيمة وطاقة هذا الطالب، وبناء على ذلك فقد فوت الطالب عددًا من المحاضرات ولم يذاكر كثيرًا وانتهى به المطاف بالحصول على درجاتٍ سيئة في مجموعة من المواد، أكملت استمارة العذر الطبي لأمكنه من الانسحاب من المحاضرات التي رسب بها وليحافظ على معدل درجاته من الانحدار.

إن حالات الانسحاب هذه حدثت أكثر مما قد يظن أحد، ففي نهاية كل فصل دراسي كنت أملأ العشرات من استمارات الأعذار الطبية للطلاب الذين رسبوا في موادهم نظرًا لأسباب تتعلق بالصحة الذهنية.
ومن وجهة نظري، بصفتي طبيب نفسي مرخص عمل لعقد في الصحة النفسية لطلبة الكليات، أرى أن هذه النتائج تحمل وراءها مشكلة أكبر في التعليم العالي، ألا وهي أنه بينما يضع الٱباء والمجتمع ضغطًا متزايداً على الطلاب ليلتحقوا بالكليات لينجحوا في حياتهم، فهم بذلك يتغاضون عن صحة الطلاب النفسية واستعدادهم التام للكلية وهذان أمران لا تكاد تشاهدهما (قد تضاءلا) في السنوات الأخيرة.

مشــــكلة متـــفشـية 

يصيب القلق والاكتئاب ما يقارب طالبًا من بين كل خمس طلاب، كما يسعى الطلاب لتلقي العلاج للصحة النفسية في ساحات الجامعات بأرقام مرتفعة، فعلى سبيل المثال، ففي العام الدراسي 2017-2018،
سعى179,964 طالب جامعي لتلقي العلاج النفسي، وبالرغم من أن هذا قد يكون ناتج من تغيرات في التقارير إلا أن هذا الرقم يظهر زيادة على السنتين المنصرمتان، حين سعى 161,014 و150,483 طالب على التوالي لتلقي العلاج النفسي، طبقا لمركز الصحة النفسية لطلبة الكليات.
أما في حالة الفتى صاحب الــ18 عامًا الذي كان مكتئبًا، فبالرغم من أنه عانى في المدرسة الثانوية من
 اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط ADHD، لكن حياة الطالب حينها كان يديرها أحد الوالدين الذي كان حريصا حينها أن كل شيء على أكمل وجه، أما الآن فالطالب يدير حياته بنفسه للمرة الأولى.

حلٌ مؤقت

وللذين يحصلون على عذر طبي بغرض تجنب علامة الرسوب، أقول لهم ان هذه الخطوة قد تنقذ المعدل العام لدرجاتهم، لكنها بدورها تؤخر موعد تخرجهم وتتطلب من الطلاب قضاء مزيدٍ من الوقت والمال لإكمال شهادتهم العلمية.
والأهم من ذلك هو أن الحصول على عذر طبي لا يحل المشكلة الضمنية التي قادتهم للرسوب في بادئ الأمر، ومن خبرتي فإن كثيرًا من الطلاب الذين يحصلون على العذر الطبي يعودون في الفصل الدراسي التالي بدون تلبية احتياجات صحتهم النفسية وينتهي بهم المطاف بالرسوب في مزيدٍ من المواد.
ولتجنب الوقوع في مثل هذه الأمور، لعلي أنصح الطلاب والعائلات بالتركيز على الأمور التالية:

1.كن أنت مدير حياتــك
يأتي إليّ كثير من الطلبة بعد قضاء سنوات تحت رعاية والداهم اللذان يديران وينظمان وقت أبناءهم بشكل أساسي، فيقوم الوالدان بترتيب جداول أبناءهم والتأكد من حلهم للواجبات، والحرص على أنهم يؤدون عملهم ويذهبون لمواعيدهم في الوقت المناسب.
ولعل هذا قد ينجح في مساعدة الطالب على النجاح في المدرسة الثانوية، ولكن حين لا يحظى الطلاب بنفس هذا النوع من الرعاية عندما ينتقلون للكلية، فإنهم غالبًا لا يملكون أدنى فكرة عن كيفية إنجاز تلك الأمور بأنفسهم، وهو ما يؤدي إلى المماطلة، التي بدورها تقود لعدد وافر من المشاكل الأخرى للطلاب،
 مثل تزايد الضغط والقلق والاكتئاب وعديد من الأمور الأخرى التي قد تحول دون تحقيق النجاح.

2.حــدد هــدفــك
لما أنت ذاهبٌ للكلية في المقام الأول؟ غالبا ما يكشف لي الطلاب الذين يزوروني أنهم ألتحقوا بالكلية لأن
– آباءهم والمجتمع- أخبروهم أن هذا ما ينبغي عليهم فعله، لكن هؤلاء الطلبة غالبًا ما تنقصهم الهمة، ويملئهم الملل والفشل، ولعلهم يسلكون أحد التخصصات التي أخبرهم أباءهم أنها هي التخصص المناسب لهم، لكن الكثير منهم ببساطة لا يدري ما الذي يريد دراسته أو عمله لكسب عيشه، فليس لديهم دافع داخلي لما يفعلونه وهو ما يعزز سبب رسوبهم، فمن الصعب أن تستمر بالكلية من غير دافع داخلي حين تصعب عليك الأمور.


3.أطلب المــساعدة
معظم الكليات والجامعات لديها تشكيلة من المصادر الأكاديمية والغير أكاديمية – سواء كانت استشارةً أو إرشاد- وذلك لمساعدة الطلاب، إنني أقابل كثيرا من الطلاب الذين يعلوهم القلق تجاه شكلهم إذ طلبوا المساعدة لدرجة أنهم لن يستفيدوا من هذه الخدمات، كالإرشاد المجاني.
ويجب على الطلاب، أن يتقبلوا حقيقة حاجتهم للمساعدة – سوء كانت هذه المساعدة أكاديمية أو تتعلق بمشكلة في صحتهم العقلية أو أمرٍ آخر- وأن يوافقوا على طلب المساعدة .

4. لا تتوقع من الكلية أن تحل مشاكلك النفسية
يخبرني كثير من طلابي أنه اضطروا إلى الانتظار للذهاب للكلية حتي يتمكنوا أخيرا من حل متطلبات صحتهم الذهنية، غير أن هؤلاء الطلاب، كانوا على دراية طويلة بحالاتهم – سواء كان قلق أو اكتئاب أو آمر آخر –  لكن إما أن عائلاتهم لم يثقوا بالعلاج النفسي أو نفوا وجود شيء غير طبيعي .

أما بعض الطلاب الآخرين فكانت لديهم تلك الحالات لسنوات لكن لم تكن لديهم أدنى فكرة أن هذه الحالات قابلة للعلاج أو للوقاية، وتفاقمت هذه الحالات في الكلية بسبب الضغط الأكاديمي الزائد.

و نظرًا إلى كلّ تلك الأسباب، فمن المهم للطلاب أن يتلقوا المساعدة في مشاكل الصحة العقلية قبل بدء الكلية، وإلا قد ينتهي المطاف بالطلبة بالرسوب والسعي لعذر طبي من أجل حل مشكلة كان بالإمكان تجنبها قبل أن تؤول الأمور لما هي عليه، قد ينقذ العذر الطبي فصلك الدراسي، لكنه ليس العلاج لما أوصلك إلى تلك الحالة في المقام الأول .

ترجمة : عبدالرحمن نصرالدين
تويتر: @kokowkwk
مراجعة : صوفيا داودي رغيوي
تويتر: @sofiadRri

المصدر:https://theconversation.com


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!