تأثير (ماك قارك) الغريب كيف لعينيك أن تؤثر على ما تسمعه!

تأثير (ماك قارك) الغريب كيف لعينيك أن تؤثر على ما تسمعه!

30 أبريل , 2017

إنه لفي غاية السهولةِ معرفةُ أحداث فيلمٍ أجنبيٍ مدبلجٍ على نحوٍ سيء: الأصواتُ التي تسمعها تصدرُ من أفواهِ الممثلين لا تبدو متوافقةً مع حركة الشفاه التي تراها. على نحو آخر، حتى لو كانت حاستيّ الرؤية والسمع لديكَ في حالةٍ نشطة، فإن عقولنا فعلاً تقوم بعملٍ جيدٍ لالتقاط حركات الشفاه لتذهب لأي صوتٍ أثناءالكلام.

 

ولكن هل بالإمكان خداع الدماغ؟ في خدعةٍ مثيرةٍ للاهتمام تُعرف بتأثير (ماك قارك)، فإنَّ مراقبةَ حركاتِ شفاه الشخص قد تخدعُ الدماغ إلى سماع صوتٍ خاطئ. يحصل تأثير (ماك قارك) عندما يكون هناكَ تناقضًا بين الكلام المرئي وحركة الشفاه. بمعنى أن حركات فم وشفاه الشخص، والكلام المسموع “الصوت الذي يسمعه الشخص” يمكن أن يؤديَّ إلى تصوير رسالةٍ مختلفةٍ تمامًا.

 

الآن وفي دراسة جديدة حاول علماء الأعصاب في كلية الطب في بيلور في هيوستن عرضَ تفسيرٍ  كمّيٍ لمعرفة لماذا يحصل تأثير (ماك قارك). ابتكر العلماء نموذجًا حاسوبيًا لديه القدرة على التنبؤ بدقة عن حدوث تأثير (ماك قارك) أو عدمه لدى الناس، اعتماداً على ذلك، نُشرت النتائج في فبراير عام ٢٠١٦ في مجلة PLOS Comutational Biology.

 

عندَ عرضِ تأثير (ماك قارك) المستخدم في الدراسة، يُطلب من المشارِك إبقاء عينيه مغلقتين أثناء سماعه لفيديو يعرضُ شخصًا يُصدِرُ أصواتًا كـ (با ، با ، با ). ثم يُطلب منه أن يفتح عينيه ويرى فمَ الشخص في الفيديو بشكلٍ مقرّب، ولكن بعد إغلاق الصوت. الآن تبدو المرئيات وكأنها شخصٌ يقول (قا ،قا ، قا). في الخطوة الأخيرة من التجربة يعاد تشغيل نفس الفيديو تمامًا، لكن هذه المرة مع تشغيلِ الصوت ويُطلب من المشارك إبقاء عينيه مفتوحتين. الأشخاصُ الحسّاسون من تأثير (ماك قارك) سَيُقِرون سماع ( دا ، دا ، دا ) وهو صوتٌ لا يتناسب مع الإشارات السمعية ولا مع البصرية السابقة، وهذا بسبب أن الدماغ يكون على وشك حلِّ ما يعتقد أن ما يسمعه من صوت أقرب إلى ما يراه مرئيًا.

 

وُصف هذا التأثير في البداية في تجربة تم عملها في عام ١٩٧٦م، العالِمَين النفسيين هاري ماك قارك وجون ماكدونالد وأظهرت هذه التجربة أن المعلومات المرئية الصادرة من حركات الفم باستطاعتها أن تؤثر وتتجاوز ما يعتقد المرء سماعه.

 

التنبؤ بالخدعة:

تقول دراسة الباحث المشارك جون ماجنوتي وهو دكتور الزمالة في قسم جراحة الأعصاب في بيلور جامعة هيوستن، إن تأثير (ماك قارك) هو خدعةٌ قوية الحس، وأن الدماغ يأخذ الكلام المسموعَ والكلام المرئي ويضعهما سويًا لتشكيل شيءٍ جديد، وعندما يتحدث الناس وجهًا لوجه، فإن الدماغَ يعمل بنشاطٍ معقد حيث أنه يحاول أن يقرر كيف يضع حركات الشفاه سويًا مع أصواتِ الكلام المسموع.

ويقول ماجنوتي أنه في الدراسة، حاول الباحثون الفهم لماذا استطاع المخ أن يضع بعض الكلمات سوياً بشكل جيد لترجمة الصوت المسموع بشكل صحيح لكن ليس في المقاطع الأخرى. لعمل ذلك اعتمد نموذجهم على فكرة تُعرف بالتضارب العفوي، أو تُعرف بعملية يقرر فيها دماغ الشخص ما إذا كانت الأصوات المرئية أو المسموعة قد صدرت من نفس المصدر، ما يعني ذلك هو أن الأصوات تأتي من نفس الشخص المتحدث أو تصدر من أكثر من متحدث حيث أنك تسمع صوت شخص ما ولكنك تنظر إلى شخص آخر يتحدث هو أيضاً في نفس الوقت.

 

اكتشف باحثون آخرون نماذجاً للمساعدة على التنبوء متى يمكن لتأثير (ماك قارك) أن يحصل، لكن هذه الدراسة الجديدة هي الأولى من حيث تضمنها على التداخل العفوي في حساباتها، هذا ما أخبره ماجنوتي في “لايف ساينس”. إن العولمة في التداخل العفوي قد يكون تحسينها لدقة النماذج الجديدة، مقارنةً بالنماذج السابقة المتنبئة للخدع.

لاختبار دقة نماذج التنبؤ، أحضر الباحثون ستونَ شخصاً وطلبوا منهم الاستماع إلى أزواج من الكلمات السمعية والمرئية من متحدث ٍ واحد، ثم يُسأل المشاركين أن يقرروا ما يظنون أنهم سمعوا أصوات الـ ( با ، دا أو قا ).

 

يقول ماجنوتي أن نتائجهم أظهرت أن النموذج الذي اكتشفوه قد يستطيع التنبؤ بثقة متى يمكن لأغلبية المشاركين في هذا الاختبار أن يجربوا تأثير (ماك قارك)، لكن كما هو متوقع من حساباتهم فإنه هناك أيضاً بعض الأشخاص لم يتأثروا به. ويقول ماجنوتي أيضاً أنه من المثير للاهتمام أنه عندما عمل نفس هذا الإختبار مع طلاب في الصين بدلاً من الأشخاص في أمريكا فإنه يظهر أن تأثير (ماك قارك) يعمل في اللغات الأخرى أيضاً. ويظن أن النماذج الحاسوبية المطورة لهذه الدراسة قد تكون ذات استخدامات عملية أخرى. على سبيل المثال: قد يساعد هذا النموذج شركات بناء الحواسيب المساعدة في معرفة الكلمات، مثال على ذلك منتج قوقل هوم أو أمازون إيكو. إذا كان لدى هذه المتحدثات الذكية كاميرات، فإنه يمكن دمج حركة الشفاه للأشخاص إلى ما كان يقوله الشخص لزيادة دقة معلومات أنظمة التعرف على الكلمات.

وأخيراً يقول ماجنوتي أن النموذج يمكنه مساعدة الأطفال الذين قاموابزراعةٍ لقوقعة الأذن، من خلال تحسين فهم الباحثين لكيف يمكن للكلام المرئي أن يؤثر على ما يسمعه الشخص.

 

 

 

 

ترجمة: مي إبراهيم الخضير – أخصائي أول بصريات، جامعة الملك سعود،العلوم الطبية التطبيقية، قسم البصريات وعلوم الرؤية –

Twitter: @mayalkhudair

مراجعة: غيداء أحمد الفيفي

Twitter: @GhFi01

 

 

المصدر:

LivesCience

 

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!