2% ‎فقط من المحادثات تنتهي عندما نريدها أن تنتهي

2% ‎فقط من المحادثات تنتهي عندما نريدها أن تنتهي

26 مايو , 2021

ترجم بواسطة:

زينب محمد

دقق بواسطة:

Hussam

يرى  الباحثون أنه من الشائع بشكل يصعُب تصديقه التعرض لخيبة الأمل الحوارية، سواء كانت محادثة ممتدة أو ستنتهي بعد فترة وجيزة.

مُقدم من: The Conversation

‎يعلم الجميع إحساس العالق في محادثة لفترة طويلة للغاية، سواء كانت فوق سياج الحديقة أو عند مبرد المياه بالمكتب. وعلى صعيدِ آخر، شهدنا أيضاً محادثات تنتهي بعد فترة وجيزة مما يجعلنا غير راضين وربما نشعر بالاستياء قليلاً.

‎الآن، وجدت دراسة من جامعة هارفارد أن خيبة الأمل الحوارية قد تكون في الواقع شائعة بشكل لا يصدق. وشملت الدراسة 992 مشاركاً شاركوا في مناقشات ثنائية، فوجدت أن أقل من 2% من المحادثات انتهت بناءً على رغبة طرفي الحديث. وكان هذا الرقم ثابتاً بشكل ملحوظ، بغض النظر عما إذا كانوا يتحدثون إلى شخص غريب أو مُقرّب.

‎ويعتقد مؤلفو الدراسة أن هذا التباين ناتج عن “مشكلة تنسيق” كلاسيكية، تنشأ لأن الناس يميلون إلى إخفاء رغباتهم الحقيقية بما في ذلك رغبتهم في إنهاء المحادثة، تجنباً لوصفهم بالوقاحة.

‎ولكن تجربتنا في تحليل المحادثة من شأنها أن تضيف أن إنهاء المحادثات بشكل أنيق يُشكّل مهارة اجتماعية دقيقة تتضمن العديد من التنقلات المعقدة، كاللفة الأخيرة (pirouette ) في رقصة، أو تصاعد وتيرة الصوت في معزوفة موسيقية. وهذا يعني أن العديد من المحادثات تجاوزت هدف اللطف والتآلف الاجتماعي والتوصل إلى حل وسط قد لا يناسب أياً من الطرفين، ولكنه يتجنب الإساءة بشكل قطعي ومثير للإعجاب.

‎⸙ تحدث بسهولة:

‎قد تبدو المحادثات بسيطة، لكنها في الواقع علاقات تتطلب البراعة والدقة بشكل لا يصدق. وهى تنطوي على تنقلاتنا بين آلاف الإشارات، وغالباً ما تستجيب على الفور وعلى النحو المناسب لأدنى التلميحات.

‎نفعل كل هذا تلقائياً في كثير من الأحيان دون اللجوء إلى الفكر الواعي. ورغم ذلك، تشير دراسة جامعة هارفارد إلى أن 98% من محادثاتنا تنتهي بشكل ردئ( أي التوصل إلى استنتاج غير مُرضي إما في وقت مبكر للغاية أو في وقت متأخر للغاية).

‎ويرجع سبب هذه الثغرة في التواصل جزئياً إلى أن المتحدثين يخفون رغباتهم عن بعضهم البعض( مشكلة التنسيق)، ونتيجة للقواعد الحاكمة للطريقة التي نتحدث بها مع بعضنا البعض أيضاً، والطريقة التي تجبرنا بها هذه القواعد على اختصار أو تمديد محادثاتنا.

‎ووفقاً للتحليل المنهجي للمحادثة، فإنه حتى المحادثات الحرة تتبع نظاماً رسمياً ومجموعة من القواعد. وعلى الرغم من أن معظمنا غير مدرك لهذه القواعد، إلى أننا نميل إلى اتباعها تلقائياً بالاعتماد على ما تعلمناه مبكراً من الحياة.

‎⸙ الحوار الراقص:

‎فهم لماذا القواعد الحاكمة لمحادثاتنا تؤدي إلى انتهائها في وقت مبكر جداً أو متأخر جداً، يساعد قليلاً على رؤية المحادثة كنشاط تبادلي، مثل الرقص.

‎وكما أن راقصي التانغو يستجيبون للتلميحات والعلامات الصغيرة لتوجيه حركاتهم، فإن المحادثات تنطوي أيضاً على سلسلة طويلة من التعديلات الدقيقة. وكما ينتهي التانغو بتأنق، فإن المحادثات تميل أيضاً إلى أن تنتهي بمجموعة من التنقلات تساعد على الوصول إلى نقطة نهاية متفق عليها من جميع أطراف الحديث.

‎وكلا طرفي الحديث يستقبل ردود فعل الطرف الآخر ويتكيف معها كأنهما شخص واحد، تعابير الوجه، التحولات في النظر، لغة الجسد، وحتى السعال يمكن أن يغير مسار حديث المتكلم. وهذا السلوك المتبادل يتم تعلمه مبكراً: فالرُضع الذين لا يتجاوز عمرهم بضعة أسابيع يشاركون مشاركة نشطة في تبادل أطراف الحديث( شخص يستمع والآخر يتحدث ثم يحدث العكس)، وهى إحدى القواعد الأساسية للمحادثة.

‎وتحتوي هذه القواعد أيضاً على مجموعة من السلوكيات الاجتماعية تحقق الانسجام في المحادثات. حيث يُعتبر سؤال شخصٍ ما عن ما إذا كان أكل بالفعل أم لا،  مثال على السلوك الاجتماعي ويستخدم كتمهيد لطلب الخروج لتناول الغداء مع هذا الشخص.

‎بل إن بعض السلوكيات تتطلب بعض التمهيدات للمرحلة التمهيدية. فمثلاً، حين يسأل الناس بلطف: “هل يمكنني أن أسألك سؤالاً؟” يبرهن على أن الكثير مما نقوله هو مجرد إجراء شكلي والذي بطبيعة الحال يمدد مدة محادثاتنا.

‎⸙انهِ اللعبة:

‎غالباً ما يُستخدم السلوك الاجتماعي في إنهاء المحادثة، لتجنب الزلل. وتسمى هذه السلوكيات “إجراءات الإغلاق”، التي يؤكد خلالها المتكلمون لبعضهم البعض أنهم أنهوا محادثتهم بالفعل. فمثلاً، قول “على أيَّ حال” أو “حسناً” بنبرة معينة يمكن أن تساعد على تسريع روتين الإغلاق.

‎وغالباً ما يتبع هذه الإجراء تنقلات محددة للغاية. فهى تحتاج أولاً إلى عبارة تمهيدية توضح اعتزامه إنهاء المحادثة. ويجب أن يقبل كلا الطرفين ذلك لكي تبدأ المرحلة التالية، التي تؤدي بدورها إلى إنهاء المحادثة بلطف وتبادل التحيات الختامية.

‎المشكلة هى أن إجراء إنهاء المحادثة يميل إلى تحريف المحادثات بعيداً عن النهاية المثالية. فمثلاً، قد ينهي أحد طرفي الحديث الحوار  في وقت مبكر جداً بعد سوء تفسير إشارة، كأن يقول الطرف الآخر”على أيَّ حال” دون وجود نية لإنهاء المحادثة. ومن ناحية أخرى، قد يستغرق إنهاء المحادثة بشكل صحيح بضع دقائق مما يؤدي إلى تمديد فترة المحادثة إلى فترة أطول من المعتاد.

‎دراسة جامعة هارفارد تكشف جانباً رائعاً من سلوكنا الحواري، ولكن النتائج التي توصلت إليها لا ينبغي أن تقودنا إلى اعتبار غالبية محادثاتنا جدال لا نهاية له أو دردشة فظّة مختصرة.

‎وبدلاً من ذلك، فإن التوصل إلى نتيجة مفادها أن 2% فقط من محادثاتنا تنتهي بناءً على رغبة كلاً من طرفي الحديث يدعونا للاحتفاء، لأن هذا يعني أن الـ 98% المتبقية ملتزمة بإيقاع الحوار الراقص( أي التبادل و الاستجابة للأقوال والأفعال إلى أن تنتهي المحادثة دون إساءة أو فظاظة).

‎المصدر: https://neurosciencenews.com

ترجمة: زينب محمد

‎مراجعة وتدقيق: حسام سيف


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!