النهج الجديد لبعض الاضطرابات النفسية

النهج الجديد لبعض الاضطرابات النفسية

30 سبتمبر , 2020

ترجم بواسطة:

غيداء الظاهري

دقق بواسطة:

شوان حميد

قد لا يُعد تصنيف الاكتئاب والقلق واضطراب ما بعد الصدمة ضمن الإضطرابات على الإطلاق، وفقا لعلماء الأنثروبولوجيا الحيوية. يقترح الباحثون في البحث نهجاً جديداً في التعامل مع المرض العقلي، من خلال الإستعانة بالتطور البشري، مشيرين إلى أن علم النفس الحديث، وخاصة إستخدامه للعقاقير مثل مضادات الاكتئاب، قد فشل إلى حدٍ كبير في الحد من انتشار الاضطرابات العقلية.

فبعض الاضطرابات العقلية الأكثر شيوعًا، بما في ذلك الاكتئاب، والقلق، واضطراب ما بعد الصدمة، قد لا تصنف ضمن الاضطرابات على الإطلاق، وذلك وفقًا لما ذكرته دراسة حديثة أجراها علماء الأنثروبولوجيا الحيوية في جامعة ولاية واشنطن.

تقترح المقالة البحثية المنشورة في النشرة السنوية للأنثروبولوجيا الفيزيائية، والتي فيها يقترح الباحثون مقاربة جديدة للمرض العقلي تكون على علم بالتطور البشري، مشيرين إلى أن علم النفس الحديث، وخاصةً استخدامه للعقاقير مثل: مضادات الاكتئاب، قد فشل إلى حد كبير في الحد من انتشار المرض من الاضطرابات النفسية. (أتيحت هذه الورقة عبر الإنترنت في 28 نوفمبر 2019 قبل النشر النهائي في العدد في 28 أبريل 2020). على سبيل المثال، الانتشار العالمي لاضطراب الاكتئاب و ظلت اضطرابات القلق ثابتة عند 4.4 ٪ و 4 ٪ على التوالي من 1990 إلى 2010.

يفترض المؤلفون أيضًا أن الاكتئاب والقلق واضطراب ما بعد الصدمة قد يكون في المقام الأول نتيجةً لاستجابات الشدائد. لذلك، فإن معالجة (الألم النفسي) لهذه المشاكل بالأدوية لن يحل المشكلة الأساسية. كريستين سيمي – أول مؤلفة للمقال والحاصلة على الدكتوراه في WSU- مقارنة مع علاج شخص ما لكسر العظام دون وضع العظام نفسها.

قالت سيمي: «الألم لايُعدُ مرضًا، الألم هو الوسيلة التي تُخبرك بوجود مشكلة». «إن الاكتئاب والقلق واضطراب ما بعد الصدمة غالبًا ما ينطوي على تهديد أو التعرض للعنف، وهي مصادر يمكن التنبؤ بها لهذه الأشياء التي نسميها الأمراض العقلية. وبدلًا من ذلك، فإنها تبدو أشبه بالظواهر الاجتماعية الثقافية، لذا فإن الحل ليس بالضرورة إصلاح الخلل في دماغ الشخص ولكن إصلاح الاختلالات في العالم الاجتماعي».

سيمي والمؤلف المشارك إدوارد هاغن يؤيدان علماء الأنثروبولوجيا البيولوجية إلى الشروع في الدخول إلى دراسة (أمراض العقل) للمساعدة في إيجاد حلول فعالة، وخاصةً لبعض المشاكل التي قد تكون في الأصل مشاكل اجتماعية، بدلًا من مشاكل عقلية.

ويقول هاغن- أستاذ علم الأنثروبولوجيا التطورية في جامعة ولاية واشنطن في الولايات المتحدة والمؤلف المقابل له على الورقة العلمية-: «لا تزال أبحاث الصحة العقلية عالقة جدًا من وجهة نظر تعود إلى القرن التاسع عشر، والتي جرت أحياؤها في عام ١٩٨٠، في تصنيف كل شيء حسب الأعراض على أمل الكشف عن الأنماط الأساسية التي قد تؤدي إلى حلول، ولكنها لم تكن كذلك حقًا». «على الرغم من أننا نستخدم قياسات جديدة، مثل: علم الوراثة، المؤشرات الحيوية والتصوير العصبي، إلا أن هذه القياسات لم تصل إلى مستوى الرؤى اللازمة لتحسين حياة الناس حقًا».

ومن بين القضايا الأكثر إشكاليةً، يشير الباحثون إلى نظرية ( الإختلال الكيميائي) في الاكتئاب، والتي ساعدت في تكوين طفرة في العقاقير المضادة للاكتئاب والتي كان الهدف منها تعديل بعض المواد الكيميائية في الدماغ والتي يُطلق عليها (الناقلات العصبية). في عام ٢٠١٨، وجد تحليل تلوي ضخم للتجارب المضادة للاكتئاب في أن مضادات الاكتئاب تكاد تكون لها نفس التأثير الذي تخلفه مضادات الاكتئاب، كما لم يسفر إستخدامها على نطاق واسع عن نتائج قابلة للقياس. على سبيل المثال، في أستراليا وحدها، ازداد استخدام مضادات الاكتئاب بنسبة ٣٥٢٪ من عام ١٩٩٠ إلى عام ٢٠٠٢، ولكن لم يحدث أي انخفاض ملحوظ في انتشار الاضطرابات المزاجية، أو القلق، أو تعاطي المخدرات في أي بلد.

يقترح كُلًا من هاجن وسيمي التعامل مع المرض العقلي لأسبابها المحتملة، بدلاً من معالجة المشاكل العقلية من خلال الأعراض. من خلال إقرارهم بأن بعض الاضطرابات النفسية (مثل:الفصام ) من المحتمل أن تكون وراثية وغالبًا ما تكون موروثة وبعضها الآخر (مثل: مرض الزهايمر) يبدو مرتبطًا بالشيخوخة.

ولكن علماء الأنثروبولوجيا يُجادلون أن بعض الظروف قد تكون غير متوافقة بين البيئات الحديثة، والبيئات الموروثة عن الأسلاف مثل اضطراب نقص الانتباه / فرط النشاط ، المعروف أيضًا باسم ADHD. وأشار هاغن إلى أنه في تاريخنا التطوري يوجد القليل الذي يفسر وجود الأطفال الذين يجلسون في الطاولات بهدوء بينما يشاهدون المعلم يقوم بمعادلات رياضية على متن السبورة.

الاضطرابات الأخرى مثل: الاكتئاب، والقلق، واضطراب ما بعد الصدمة ليست وراثية، تحدث في أي عمر وغالبًا ما ترتبط بتجارب مهددة. يقترح هاجن وسيمي أنهما قد يكونان رد فعل على الشدائد ويشكلان إشارات، مثلما يفعل الألم الجسدي، لتوعية الناس بالحاجة إلى المساعدة.

كما تؤثر هذه الظروف بشكل غير متناسب على الناس في البلدان النامية. على سبيل المثال، يعاني 1 من كل 5 أشخاص في البلدان المتضررة من النزاع من الاكتئاب مقابل 1 في 14 في جميع أنحاء العالم.

قال هاغن: «بصفتنا علماء أنثروبولوجيا، يجب أن ندرس هذا الأمر أكثر بكثير، لأن عبء الصحة العقلية في السكان الذين ندرسهم غالبًا مرتفع للغاية». «في كثير من الحالات، يعانون من تفشي الحروب والنزاع وعدم كفاية أمن الشرطة».

المصدر: https://www.sciencedaily.com

ترجمة : غيداء الظاهري

مراجعة: شوان حميد

تويتر : @shwan_hameed


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!