يعتقد الكثير من الكُتّاب أن باستطاعتهم الاستماع إلى أصوات الشخصيات، وإليكم السبب

يعتقد الكثير من الكُتّاب أن باستطاعتهم الاستماع إلى أصوات الشخصيات، وإليكم السبب

25 سبتمبر , 2020

دقق بواسطة:

عائشة السويركي

يعتقد الكثير من الكُتاب المشهورين أن الشخصيات هي التي تقودهم إلى الحبكة والحوارات وهم أساسًا الذين يفعلون ما يريدونه في رواياتهم.

وللتحقق من هذه الظاهرة قمنا بعمل استبانة بمعرض إيديسبورغ Edinburgh الدولي للكتاب في عام 2014 و2018، وقمنا بسؤال الكٌتاب عن تعاملهم مع الشخصيات الواردة في رواياتهم.

 أكثر من 60% من أصل 181 مشارك قالوا بأنهم يستمعون الى أصوات شخصياتهم، وأكثر من 60% قالوا بان الشخصيات تتصرف من تلقاء نفسها في بعض الأحيان.

 حتى أن بعض المؤلفين قالوا بأنه يمكنهم الدخول في حوار مع الشخصيات وان تلك الشخصيات قد « ترد عليهم» وتُجادلهم.

غالبًا كان المؤلفون صريحين، فقد قالوا ان كل تلك التجارب التي مرت بهم كانت خيالية. ولكنهم عبروا أيضًا عن « تفاجئهم» بما تقوله الشخصيات وتفعله، حتى أنهم في بعض الأحيان يضحكون بسبب النكات التي تقولها تلك الشخصيات. وهذا الامر يثير الأسئلة حول التحكم و « التداخل المؤثر والفاعلية»؛ لأن هؤلاء الكتاب لا يشعرون دائما بأنهم واعين حال إصدار القرارات حول ما سيجري في هذه الرواية. 

  من المتكلم؟

وتُفسَّر هذه التجارب بوصف الكُتاب بأنهم مميزون ومختلفون إلى حدٍ ما، وأن خيالاتهم واسعة أو خصبة جدًا. ولكننا وجدنا في دراستنا هذه مستويات اعلى من المتغيرات بغض النظر عن كونها مجرد نظريات يُعتمد عليها. في الواقع قلة من الكُتاب الذين لم يسجلوا أي ملاحظة حول طريقة تعاملهم مع الشخصيات المتداخلة المؤثرة في مؤلفاتهم.

ولكن الدراسات الحديثة حول «الحوارات الداخلية» قد تساعد في إيضاح ملاحظات الكُتاب حول تفاعل الشخصيات بشكل مختلف. الحوارات الداخلية هي الحوار الذاتي او الحوار الذي يجعل معظمنا يفكر بصوت عالٍ ويتحدث مع نفسه أثناء التفكير. ويختلف هذا الأمر اختلافًا كليًا من شخص إلى آخر. فعلى سبيل المثال تجد البعض من الناس يعي وينصت لصوته الداخلي معظم الأوقات في حين أن البعض الآخر يدرك ذلك الصوت بصعوبة.

يدرك بعض الناس صوته الداخلي ويتعامل معه كتعامله مع الحوار الذاتي بينما يتعامل معه آخرون كحوار بشكل أكبر. ويستطيع بعض الناس إدراك أصوات  الآخرين في الحوارات الداخلية، على سبيل المثال، سماع صوت أحد الوالدين يوجه لهم النصيحة أو يقدم لهم النقد.

وبنفس الطريقة، فإننا قد نتخيل سماع أصوات أشخاص آخرين عندما نقوم بشيءٍ ما مثل التفكير بكيف يمكن أن يسير النقاش بطريقة مختلفة، أو  التفكير في كيفية ردة الفعل لشخص ما نعرفه عندما نبلغه بأخبار معينه.

فليس أمرًا غريبًا إذًا أن نتساءل عن المرحلة الفعلية التي وصلنا لها للتحكم بهذه النسخ الخيالية لأشخاص حقيقين. وبعد هذا كله، فالشعور بأن صديقًا لنا أو قريبًا قد يفصح بقول شيء ما أكثر من غيره، هو شيء لا يمكن إدراكه وتحديده في العادة أو أنه يتم بمشقة من خلال الاستنتاجات والبراهين. وعادة ما يكون بديهيًا ومباشرًا خصوصًا، عندما تكون معرفتنا بهذا الشخص جيدة. وهذا يختلف مرة أخرى عن مجرد التفكير في تخيل ردود أفعالهم بالطريقة التي نريدها منهم.

مسألة تباين:

وفقًا لخط سير هذا التفكير، فمعظمنا لديه « شخصيات » مستقلة ومتداخلة قد جرب سماع أصواتها، وهذه الشخصيات لها نفس الهوية التي يتمتع بها الأشخاص الذين نعرفهم في العالم الحقيقي.

وفي الحقيقة وجدنا بعض الكُتاب في الاستبيان الذي أجريناه يقارنون وبشكل واضح سماعهم لأصوات شخصياتهم بـ “«أشخاص آخرين» في حوارهم الداخلي:  وهو أشبه ما يكون برؤية فستان من نافذة المتجر وسماع صوت أمك في داخلك يقول: «لا يحتمل الغسيل» وهذا الأمر غير إرادي وليس قصده التدخل أيضًا بشكل متعمد.

وربما أنه ليس سؤال حول كيفية إدراك أولئك الكُتاب لتلك الشخصيات المستقلة.  بل بالعكس فقد يكون السؤال عن سبب كون تداخل الشخصيات الخيالية ملحوظًا أكثر (وجدير بالملاحظة أيضًا)، وهناك تفسير محتمل للشعور بتلك الشخصيات الفاعلة والمتداخلة وهو ارتباطها بتجارب أخرى في الحقيقة والخيال.

يوجد تباين واضح سببه الكيفية التي تتطور فيها الشخصيات عبر الزمن. أولها وجود مراحل بدائية يحدد فيها الكاتب ماهية الشخصية وما تفعله وما تقوله، التشابه الكبير بين الكاتب والشخصيات يعطينا نفس النوع من الإحساس الفوري والبديهي بما ستقوله أو تفعله تلك الشخصيات في الغالب طبقًا لتخيلاتنا عن الأشخاص في الحقيقة.

ومن جانب آخر يوجد تباين متعلق بتخيلاتنا لأشخاص حقيقين: التباين بين تخيلاتنا عما سيفعلونه وما يفعلونه في الحقيقة. ولكن بالطبع الشخصيات الخيالية ليس لها نظير، إنها تتمتع باستقلالية وفعالية بشكل واضح. وبعبارة أخرى فإن تلك الصفات لا تطغى عليها إصدارات وأحكام الحياة الواقعية بشكل دائم.  هذه النظريات قد تتوجه باتجاه معين نحو إيضاح جوانب أعمّ لما يحدث. لكن كلما تعمق الباحثون في الفكر والخيال كلما كان من الصعب تحديد مقدار التحكم في أفكارنا وتصرفاتنا، وإلى أي مدى يصبح التحكم الذي نعتقد أننا نمتلكه مجرد وهم.

المصدر: https://medicalxpress.com

ترجمة: أحمد بن خالد بن عبدالرحمن الوحيمد

تويتر: AhmadBinKhaled

مراجعة: عائشة السويركي


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!