لمَ لن يكون إنعاش الاقتصاد العالمي سهلًاً

لمَ لن يكون إنعاش الاقتصاد العالمي سهلًاً

23 يوليو , 2020

ترجم بواسطة:

رناد آل حسين

دقق بواسطة:

مدى الجميعة

الإنعاش الاقتصادي

بينما يفكر العالم في إنهاء فترة الإغلاق الكلي نتيجةً لكوفيد-19، يتوقع فينود سينغال ما سيحدث عندما تعود الصناعة والتجارة للحياة مرة أخرى.

سينغال الذي يدرس استراتيجية العمليات وإدارة سلسلة الإمداد في معهد جورجيا للتقنية، لديه بعض الأفكار عن كيفية تسهيل الانتقال إلى الواقع الجديد. ولكن هذه الجائحة جعلت من الصعب التنبؤ بما سيكون عليه واقعنا.

قال سينغال، أستاذ إدارة العمليات في كلية شيلر للأعمال، “نعلم أن الأوبئة يمكن أن تعطل سلاسل الإمداد، لأننا مررنا بوباء السارس، لكن هذا شيء مختلف تماماً”، مذكراً بوباء السارس الذي تفشى في سنة 2002 إلى 2003. ولكن هذه الحالة لم تكن شبه مميته وعالمية مثل كوفيد-19.

وأضاف : “في الواقع لا يوجد شيء يمكن مقارنته بهذا الوباء، وأن تنبؤ أو تقدير أسعار الأسهم هي ببساطة أمر مستحيل، على عكس انقطاع سلسلة الإمداد الناجمة عن خطأ في الشركة، أو الكوارث الطبيعية، مثل زلازل اليابان”.

وقد تسبب الزلزال الذي هز شمال شرق اليابان في مارس 2011 عن وقوع موجة تسونامي المدمرة والمميتة والتي على أثرها انهارت محطة للطاقة النووية هزت الاقتصاد العالمي. وهو أكبر زلزال سجل على الإطلاق في سلاسل الإمداد العالمية. شارك سينغال في تأليف دراسة عن الآثار اللاحقة “تفاعل سوق الأسهم لدمار سلاسل الإمداد نتيجة للزلزال العظيم في شرق اليابان سنة 2011″، والتي نُشرت على الإنترنت في أغسطس 2019 في مجلة إدارة عمليات التصنيع والخدمات.

ولكن كوفيد-19 تمثل نوعًا جديدًا من الغموض عندما يتعلق الأمر بشيء معقد وخطير على الاقتصاد العالمي مثل سلسلة الإمداد العالمية، لعدد من الأسباب التي وضحها سينغال:

● سرعة انتشار الفيروس على الصعيد العالمي ومدة هذا الوباء. قال سينغال “ليس لدينا أدنى فكرة متى سيكون الوباء تحت السيطرة وما إذا كانت هناك موجة أخرى، ففي وقت الكوارث الطبيعية يمكننا بذل بعض الجهد ثم العودة للوضع الطبيعي في غضون بضعة أشهر، ولكن مع هذا الوباء هناك الكثير من الشكوك”.

● يتعطل جانب الطلب والتوريد في سلسلة الإمداد العالمية. يقول سينغال “نحن لا نشهد فقط إغلاق الكثير من المصانع التي تؤثر سلبًا على جانب الإمداد، ولكن هناك قيود على الطلب أيضًا، لأنه لا يمكننا الخروج والتسوق كما اعتدنا سابقًا، على الأقل في الوقت الحاضر. وكل هذا يحدث في بيئة تتسم فيها سلاسل الإمداد بالتعقيد إلى حد ما – فهي معقدة ومرتبطة وعالمية”.

● فترات زمنية أطول. قال سينغال “إننا نحصل على ما يقرب التريليون دولار من المنتجات سنويًا من الدول الآسيوية، حوالى 500 مليار دولار من الصين، يُشحن معظمها من البحر حيث يتطلب مهلة من أربعة إلى ستة أسابيع. وبما أن الخدمات اللوجستية والتوزيع قد تعطلت وتحتاج إلى الارتفاع مره أخرى سيزيد هذا من الفترة الزمنية، لذلك سيستغرق الأمر بعض الوقت لملء خط الأنابيب، وهذه ستسبب مشكلة”.

● لدى سلاسل الإمداد قليل من الركود والمخزون الاحتياطي. بينما تصنيع شركات ضخمة مثل أبل وبوينج وجنرال موتورز التي لديها حالات من الركود المالي تحملهم نحو التقشف الاقتصادي، فإن مورديها في جميع أنحاء العالم، يأتون بأحجام وطبقات مختلفة، يقول سينغال “أن هذه الشركات الصغيرة ليس لديها حالات من الركود الاقتصادي”، مشيرًا إلى تقرير عن الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم في الصين، التي لديها نقود لا تزيد عن ثلاثة أشهر، وقد اغلقت لمدة شهرين مع تلاشي النقد بسرعة.

وأضاف قائلًا “العديد من هذه الشركات قد تفلس، لذلك نحن بحاجة إلى معرفة كيفية التقليل من عدد حالات الإفلاس، فالحكومة ستلعب دوراً هاماً في هذا الأمر، وستكون حزمة التحفيز التي وافقت عليها الولايات المتحدة مجدية”.

محاولة الاستعانة بوسيلة للتعامل مع كيفية استجابة أسواق الأسهم لكل ما حدث مثل محاولة التصويب في اتجاه هدف يتحرك عند هبوب الرياح. وقد زادت التقلبات بشكل ملحوظ منذ 13 فبراير، عندما وصل مؤشر داو جونز إلى أعلى مستوى له على الإطلاق عند ما يقارب 29,500.

وقال سينغال “إن ذلك يرجع إلى أننا لم نتوقع انتشار الوباء وأن الاضطرابات كانت منخفضة في البداية بسبب مخزون خط الأنابيب”، مشيرًا إلى أنه منذ ذلك الحين انخفض المؤشر بقوة ليصل إلى 18500 في 23 مارس (بانخفاض نسبته 38٪ تقريبًا)، وارتفع إلى 22 ألف بحلول 30 مارس . “وينطبق الأمر نفسه على أسواق الأسهم الأخرى، وانخفضت سوق الأسهم الصينية بنسبة 13٪ ولكن يبدو أن الوباء يخضع للسيطرة”.

بينما كوفيد-19 يُصعّب التنبؤ بما سيكون عليه السوق، فإن سينغال لديه بعض الأفكار عن الصناعات الأكثر تأثرًا.

وقال “إن السفر والسياحة والترفيه والمطاعم والأعمال التي تعتمد على الناس الذين يخرجون – سوف تستغرق وقتًا طويلاً للتعافي من حيث الربحية وأسعار الأسهم، حتى بعد احتواء الوباء، وأن الناس سوف تتردد في السفر بعد كل هذا، كما أن السياحة ستتلقى ضربة”.

إن الأساسيات مثل المشتريات ترتفع مع ارتفاع مساهمة الناس في إغلاقها، ولكن هذا ليس اتجاهاً على المدى البعيد. لا يتوقع سينغال أن هذا الاتجاه سيستمر مثل عادات التسوق ورفوف المتاجر التي تخضع للتطبيع في النهاية.

الشركات التي تبيع الأساسيات ولديها حضور قوي على الإنترنت، ستبلي بلاءً حسنًا، قال سينغال “لكن الصناعات مثل السيارات والإلكترونيات التي لديها سلاسل إمداد عالمية ويصعب عليها استبدال أدواتها ذو التقنية العالية والمتخصصة سوف تتأثر”، وناقش أيضًا ما يتعلق بأهم القضايا التي يتعين معالجتها وكيفية المساعدة في تسريع الانتعاش وإعادة سلاسل الإمداد إلى وضعها الطبيعي (أو مهما كان شكل الوضع الطبيعي) :

● القدرة على تمكين سعة الإنترنت، وخاصة للشركات الصغيرة والمتوسطة. وأضاف قائلًا “أن المنشآت والمعدات قد تحتاج إلى بعض الوقت لإعادة تشغيلها، وأن التوظيف مشكلة كبيرة، فكم سيستغرق إعادة الناس إلى العمل؟ وأيضًا هل يمكنك الحصول على المواد الخام وبناء المخزون لدعم الإنتاج ؟ قد يكون ذلك صعباً عندما يُباع الطلب المخزون ويتنافس الجميع على مؤونات محدودة”.

● التوزيع. أشار إلى أن المهلة طويلة بالفعل، وأن الزيادة المفاجئة في الطلب على الخدمات اللوجستية والتوزيع مع زيادة الجميع قد تمد من فترات المهلة.

● منع الإفلاس. يتعين إنشاء برامج حكومية (مثل حزمة الحوافز الأميركية) لإبقاء الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم في مجال الأعمال. ويمتد هذا القلق إلى الموردين من الدرجتين الثانية والثالثة، وينبغي للشركات الكبرى مثل أبل أو بوينغ أو جنرال موتورز أن تفعل الشيء نفسه بالنسبة لمورديها الأكثر أهمية.

● بناء الركود. قال سينغال “حافظوا على النقد، احصلوا على خطوط ائتمان جديدة أو اخفضوها، ربما بتخفيض الأرباح أو إعادة شراء الأسهم، وأملؤ القوائم بالعناصر الأساسية”.

كما يؤكد سينغال على الحاجة إلى الشفافية، صعودًا وهبوطًا في سلسلة الإمداد: “ما يعنيه ذلك هو أن الشركات تحتاج إلى فهم جيد لما يحدث لعملائها ومورديها، ولكن ليس فقط لعملائها ومورديها من الدرجة الأولى، إنما لعملائها ومورديها عامةً وما إلى ذلك.

يقول سينغال من المهم جداً المضي قدمًا في الأشهر القليلة المقبلة لمراقبة صحة سلسلة الإمداد من منظور العملاء ومنظور الموردين، لأن هذا عالم جديد، ويضيف سينغال ملاحظة تبعث التفاؤل تقول،”إننا الآن في وضع أزمة، لكن بإمكاننا تخطيها”.

ترجمة: رناد عبد الله

مراجعة: مدى الجميعة

تويتر: @_itzmada

المصدر:  https://phys.org


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!