مزقها وابدأ من جديد

مزقها وابدأ من جديد

13 مايو , 2020

ترجم بواسطة:

رشا الحربي

دقق بواسطة:

زينب محمد

لا تخف من أن تعود لنقطة الصفر وتبدأ من جديد خاصةً عند قيامك بشيء مهم.

 بقلم :هاري غينيس (Harry Guinness)

أنا من أشد المعجبين بالمسودات الأولى الرديئة حيث تبدأ كل كتاباتي (حتى هذه المقالة) بمسودة أولية سيئة للغاية، مليئة بالأخطاء المطبعية والأفكار المبتذلة، والأخطاء النحوية والجمل النصف منتهية، طبعاً لا أحد يرى هذه المسودات ؛لأنني أقوم بتمزيقها وابدأ مرة أخرى – ومن هنا سيأتيك الإلهام وتتولد لديك الأفكار، حينها سترى أن الجُمل تتدفق بسلاسة والأفكار والمواضيع لها معنى وبذلك تُنجز عملك.

 ‎في كثير من الأحيان، عندما يتعلق الأمر بالتطوير الذاتي، فإننا نُنشيء أنظمة مثالية طويلة منسدلة من أعلى إلى أسفل بقواعد وقوانين غير طبيعية، مفترضين بسذاجة أننا سنلتزم بطريقة أو بأخرى بخططنا الصارمة حتى عندما تصبح حياتنا عشوائية وصعبة، وعندما نُلقى وسط الفوضى والأزمات التي لا يمكن تجنبها، لنفترض أن يوم الإثنين يوم تمرين الساقين في صالة الألعاب الرياضية، ولكن إذا سقطت طفلتك من على دراجتها واحتاجت إلى غرز، فلن تلتفت لخطة التمارين الرياضية التي حددتها بعناية على مدى ثمانية أسابيع.

‎إن انهيار خططنا المتفائلة وأنظمة الإنتاجية ليس مجرد صدمة مفاجئة؛ بل قد يكون أيضاً نتيجة حتمية لتراكم الفوضى وانسلال الوقت من بين يدينا، في بادىء الأمر تبدو كفكرة رائعة أن يبقي صندوق الوارد فارغ أو أن ترد أو تؤرشف كل بريد إلكتروني بمجرد قراءته، ولكن بتوانيك عن رسالة واحدة لبضعة أيام سيجعل الأمر كله ينهار. يصبح بريد إلكتروني واحد بريدين ومن ثم عشر، فالقواعد الصارمة التي تتجاهلها الآن، بدلاً من تحريرها لكي تصبح مُنتجاً كما هو مخطط ستقلقك، وفي غضون بضعة أسابيع يعود صندوق الوارد إلى حالة سيئة كما كان في أي وقت مضى — إن لم يكن أسوأ.

‎المشكلة حقاً ليست في فشل الخطط، بل ما تقوم به عندما تفشل. كأن نتغيب يومًا أو يومين عن صالة الألعاب الرياضية، أو نطلب الطعام الجاهز عندما ننوي الطهي، لايبالي معظمنا ويستسلمون تمامًا قائلين “حسنًا، هناك دائمًا العام المقبل”، أو نجد هدف آخر نتطلع لإنجازه، ونكرر العملية المحبطة بأكملها مرة أخرى.

‎وهذا أسلوب خاطئ، نعم هناك دائمًا غدًا ولكن لدينا الحاضر أيضاً.

‎ يبدأ كل نظام إنتاجي أو صحي مثل المسودة الأولى السيئة، أنت تقوم بافتراضات سيئة وأخطاء غبية، والأشياء التي اعتقدتَ أنها فكرة عظيمة تبين لك أنها طرق مسدودة لا يمكن إصلاحها، وفي النهاية تحتاج فقط إلى تمزيقها، ولكن عليك بعد ذلك أن تعاود الكرة وعندها ستنجح.

عندما يفشل المخطط أو القرار، لا يكون الحل بإبعاده وتجربة أمر جديد في العام المقبل أو في المرة القادمة. بل يعتمد على ما نجح معه ويُبعد ما لم ينجح ويبدأ على الفور في مسودة ثانية محسنة كثيرًا. إن محاولة الركض ثلاثة أميال كل يوم متناولاً فقط الخضار النيئ قد تكون فكرة سيئة – ولكن الجري لبضعة أيام في الأسبوع ليس كذلك.

تفشل وتتعلم

 ربما لم يقل نيلسون مانديلا: “أنا لا أخسر أبدًا، فإما أن أربح أو أتعلم “. ولكن أياً كان رأي خبير علم النفس الشعبي فهو على علم بشيء ما.

 كلنا نفشل في تحقيق أهدافنا في بعض الأحيان. (إذا لم تفشل من وقت لآخر، فإن الأهداف التي وضعتها آمنة وسهلة للغاية). طبعاً ليست هنا المعضلة، المشكلة لدينا هي الفشل وعدم التعلم من أخطائنا، مما يجعلك تدور في حلقة مفرغة تتخذ نفس القرار رأس كل سنة جديدة – ولا تحققه أبدًا.

الحيلة مع المسودة الأولى السيئة هي استخدامها كأساس بحيث تضع كل شيء داخلها، لا يهم ما إذا كنت تعتقد أنها جيدة أو سيئة أو صيغت بطريقة خرقاء، فأنت تستكشف أشياء مختلفة لمعرفة ما الذي يصلح، والأهم من ذلك ما الذي لا يصلح. عندما تكسر قرارك للسنة الجديدة وهذا أمر متوقع وتدع صندوق البريد خاصتك يمتلئ برسائل البريد الإلكتروني أو تتخطى بعض من حصص التمارين الرياضية، لا تقبل بذلك فحسب بل تعهد بالمحاولة مرة أخرى في العام المقبل أو الإثنين المقبل. خذ بعض الوقت للتفكير فيما حدث من خطأ وما الذي سار بشكل صحيح. عليك قراءة مسودتك الأولى وإجراء تعديلات لكتابة المسودة الثانية، ومن ثم يمكنك تمزيقها.

ابقِ ما نجح واستبعد السيء

 بعد كتابة مسودة أولى سيئة ، تميل بعض الأمور للوضوح وتتعلم ما هو الموضوع الذي كنت تكتب عنه حقًا وما هي النقاط التي كنت تحاول إثارتها والاستنتاج الذي توصلت إليه، الأمر نفسه مع أي هدف أو نظام إنتاجية فعندما ينهار يمكنك أن تعيد النظر فيه وتتعرف على الأجزاء التي نجحت والأجزاء التي تجدها ممتعة وسهل التمسك بها؛ وتلك التي لا يمكنك التعامل معها حتى لو كنت مندفعا بشغف للكتابة في البداية. العيوب التي لم تقدرها في ذلك الوقت تصبح واضحة.

المسودة الثانية هي حيث تبقى على النقاط القوية وتبتر نقاط الضعف، خطوط المنطق التي لمستها فقط في المسودة الأولى تصبح حجر الأساس، والأفكار التي بلا جدوى تُحذف بلا رحمة. إنه المكان الذي يجب أن تضم فيه أجزاء خططك التي نجحت وتبعد كل ماتراه غير مهم.

إذا كنت تحب الركض في الخارج ولكنك تكره الأماكن المغلقة لتدريبات القوة ضمن برنامج اللياقة البدنية خاصتك، في مسودتك الثانية تخلص من صالة الألعاب الرياضية وافعل كل التمارين في الهواء الطلق. يمكنك جدولة جولات ركض أطول عبر الغابة، وإذا كنت بحاجة إلى بعض تمارين القوة، فيمكنك الانضمام إلى صف اللياقة البدنية في الهواء الطلق. إذا وجدت أنه من السهل أن تدوّن في الصباح ولكنك تكافح للقيام بذلك في المساء، فما عليك سوى كتابتها في الصباح. وإذا كان يناسبك استخدام صندوق البريد الإلكتروني خاصتك كقائمة مهام، فابتكر طريقة تتيح لك القيام بذلك – دون تركها تخرج عن نطاق السيطرة.

ومن خلال اتباعك لنهج تصاعدي خطوة بخطوة بناءً على ما يناسبك بدلا من تطبيق القواعد واللوائح الطويلة المنسدلة، ستطور ببطء نظامًا يمكنك الالتزام به؛ يناسب حياتك ويزيدك حماسة ويساعدك في التعامل مع جنون الحياة اليومية وأيضا رتابتها.

 وإذا لم تكتب مسودتك الثانية كما خططت لها، فأنت تمزقها وتبدأ بالثالثة، وإذا لزم الأمر رابعة. هذا المقال هو على الأقل في مسودته السادسة، ولكن إذا أبقيت على ما هو جيد وقمت بإبعاد الباقي، ففي النهاية ستنجح وتحقق ماتريد.

المصدر: https://www.nytimes.com

المترجمة: رشا الحربي eunlina7@

مراجعة: زينب محمد @zinaabhesien

التعليقات (1) أضف تعليقاً

Reem A منذ 4 سنوات

ماشاء الله عليك ماشاء الله عليييييك👏🏻👏🏻 👏🏻🤍🤍🤍🤍 برافو هاذي رشا ماشاء اللله ماشاء الله


اترك تعليقاً انقر هنا لإلغاء الرد

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!