ما هو التعلق التجنّبي؟

ما هو التعلق التجنّبي؟

9 مايو , 2020

ترجم بواسطة:

كوثر سليم

دقق بواسطة:

شوان حميد

من المعروف أن العلاقات التي يكوّنها الطفل في سنين حياته الأولى تؤثر بشكل كبير على رَخاء حياته على المدى الطويل. عندما يكون للطفل مربّون مقرّبون ومتجاوبون معهُ، فإنه يُطوّر ارتباطاً قوياً وصحياً معهم. وبالعكس، إذا لم تتوفّر لدى المربّي هذه الصفات فإنه من المُحتمل أن يكوّن الطفل ارتباطاً غير صحي معه، ما يؤثر على شكل العلاقات التي سيكوّنها طيلة حياته.

الأطفال الذين لهم علاقة آمنة بمربّيهم يحصلون على ميزاتٍ كثيرة. فهم يمتلكون قُدرة أكبر على إدارة المشاعر وإظهار الإهتمام والتعاطف مع الآخرين، ويُظهرون مستويات أعلى من الثقة بالنفس. أما أولئك الذين مرَوا بتجربة تعلّق غير آمن فقد يواجهون تحديات كبيرة فيما يخص تكوين العلاقات لاحقاً.

التعلق التجنّبي هو أحد صور التعلّق غير الآمن.

ما هو التعلق التجنّبي؟

يتكوّن التعلق التجنبي لدى الأطفال عندما يكون المربّي (الوالدان أو من هو مسؤول عن رعاية الطفل) غير مستجيب عاطفياً معظم الوقت.

لدى الأطفال حاجة شديدة ليكونوا مقرّبين من مربّيهم، ورغم ذلك يُمكنهم أن يتعلّموا إيقاف أو كبت التعبيرات الظاهرة عن مشاعرهم وبشكل سريع. إذا فهم الطفل أن تعبيره عن مشاعره سيُرفض من جانب مربّيه، فإنه ببساطة يتأقلم مع ذلك.

عندما لا يتم إشباع حاجة الطفل إلى الارتباط والقرب الجسدي، يتوقّف الطفل المتجنّب عن التقرّب وعن إظهار المشاعر.

ما الذي يسبب التعلّق التجنّبي؟

الحاجات العاطفية للطفل قد تُشعر والديه أحيانا بالإنهاك والقلق ما يجعلهم يعزلون أنفسهم عاطفيا. يحدث أن يتجاهل المربّون تماماً حاجات أطفالهم العاطفية، أو يبتعدون عنهم عندما يعبّرون عن الحاجة إلى الحنان أو المواساة. وغالباً ما يكون هؤلاء المربّون قاسين ومتجاهلين بشكل أخصّ عندما يمر أطفالهم بحالات تجعل حاجاتهم العاطفية أكبر كما يحدث عند الخوف والمرض والإصابة بأذىً ما.

المربّي الذي يتبع نمطًا تجنبياً في علاقته مع الطفل يثبّط التعبير الظاهري عن المشاعر كالبكاء عند الشعور بالحزن أو الهتاف الصاخب عند الشعور بالسعادة، وتكون لديهم كذلك توقّعات غير منطقية لمستوى الاستقلال العاطفي والعملي الذي يجب أن يتمتّع به أطفالهم الصغار.

من التصرفات التي تطوّر التعلّق التجنبي لدى الأطفال:

  • الرفض الدائم لبكاء الطفل أو لأي تعبير آخر عن الإحباط أو الخوف.
  • كبت تعبير الطفل عن مشاعره، بكلمات مثل “توقف عن البكاء” أو “انضج”.
  • الغضب أو الابتعاد عن الطفل عند إظهاره لعلامات الخوف أو الحزن.
  • إحراج الطفل عند تعبيره عن مشاعره.
  • توقع مستوى عالٍ من الوعي العاطفي لدى الطفل.

كيف يبدو التعلّق التجنّبي ؟

يمكن أن يتطوّر التعلق التجنبي ويشخّص باكرا لدى الرضّع.

في تجربة تقليدية لتقييم التعلّق جعل الباحثون الوالدين يغادرون الغرفة بينما يلعب طفلهم الرضيع. الرضيع ذو الارتباط العاطفي الآمن يلاحظ غياب المربّي ويبكي، وفور عودتهم إلى الغرفة يهرع إلى أحضانهم ويهدأ سريعاً. بينما يبدو الرضيع الذي له نمط تعلق تجنّبي هادئا عندما يغادر المربي الغرفة، وعند عودتهم يتجنّب أو حتى يقاوم أي شكل من الاتصال الجسدي معهم. ورغم أن الأطفال المتجنّبين لا يبدون بحاجة إلى مربّيهم، تُظهر الاختبارات أنهم يكونون قلقين أثناء فصلهم عن مربّيهم بقدر الأطفال ذوي التعلق الآمن لكنهم ببساطة لا يظهرون ذلك.

كلما كبر الطفل المتجنّب بدا أكثر استقلالا. يعمد هؤلاء الأطفال إلى الاعتماد على طرق تهدئة النفس ليستطيعوا كبت مشاعرهم وتجنّب الاضطرار إلى البحث عن الارتباط والدعم من مصدر خارجي.

الأطفال والبالغون المتجنّبون قد يواجهون صعوبة في الاتصال مع الآخرين، وأحيانا يعملون لتجنب التقرّب من الآخر حتى عندما يكونون مستمتعين برفقته. يرجع هذا إلى اعتقادهم بعدم الحاجة إلى الآخرين، أو بأنه لا يُفترض بهم الاحتياج إلى غيرهم. لدى البالغين، يظهر واضحا عدم القدرة على التعبير اللفظي عن الحاجات العاطفية مقرونًا بميل كبير إلى إيجاد العيوب لدى الآخرين وتضخيمها

هل يمكن منع التعلّق التجنّبي؟

لضمان تكوين رابط آمن مع طفلك يجب الانتباه إلى كيفية إشباع الحاجات العاطفية وإلى طبيعة ردّات فعلك بشأن تعبيرهم عن مشاعرهم.

كبداية، يمكن التأكد من توفّر حاجات الطفل الأساسية كالملجأ والطعام والقرب في جوٍّ دافئ وحميم. كما أنه من المهم حمل الطفل وتهدئته عندما يبكي وعدم معايرته لمخاوف أو أخطاء بسيطة.

 ما هو العلاج؟

يمكن للمختصّين النفسيين مساعدة أولئك الذين يحتاجون إلى تكوين اتجاهات تربوية ملائمة. ما يجعل التخلّص من هذه المشكلة تحدياً هو أنها تنتقل عبر الأجيال، حيث وجد الباحثون أن أغلب المربّين الذين يكوّنون هذا النوع من التعلّق غير الآمن مع أطفالهم هم أولئك الذين لديهم هذا النمط من التعلّق من الطفولة المبكّرة.

في حالات التعلق التجنبي يعمل المختص النفسي على مساعدة المربّي لتأمل طفولته بعقلانية واكتساب القدرة على التعبير اللفظي عن المشاعر وتكوين روابط حميمة. وخلال ذلك يمكنهم العمل مع المربّي والطفل كذلك وتقديم الدعم والمشورة اللازمَين.

الخلاصة:

الارتباط الآمن من أثمن ما يمكن للوالدَين تقديمه لأطفالهم. يمكن تطوير الارتباط الآمن بالدفء والاهتمام، كما أنه من المهم التنبّه إلى أن الارتباط لا يتكوّن بفعل تصرّف واحد فقط، لا بأس في ترك الطفل يبكي في سريره لفترة بينما تلتفت إلى طفلك الآخر أو تأخذ استراحة، لحظة هنا وهناك لن تضرّ طالما تستمر ببناء أساس سليم لعلاقتك مع الطفل.

ترجمة: كوثر سليم

المصدر:https://www.healthline.com

مراجعة : شوان حميد

تويتر : @shwan_hamid

التعليقات (1) أضف تعليقاً

ما هو التعلُّق التجنُّبي؟ – Kat's Zone منذ 4 سنوات

[…] المقالة في موقع مجموعة نون العلمية […]


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!