ما الذي يُضفي على حياتنا معنى؟

ما الذي يُضفي على حياتنا معنى؟

14 أبريل , 2020

ترجم بواسطة:

سارة

دقق بواسطة:

زينب محمد

نحن حقاً لسنا بحاجة لأزمةٍ ما لندرك ما الذي يُشكل لنا أهمية في حياتنا. ولذلك ينبغي أن نذكر أنفسنا على الدوام بكل ماله قيمة في حياتنا قبل فوات الآوان.

أوضحت دراسة حديثة بأن الشعور بالأهمية له قيمة كبرى مقارنة بالعوامل الأخرى.

عندما نفكر بالأزمة وما يرتبط  بها من معاني في أذهاننا, فنحن كبشر بطبيعة الحال نتصور أن يكون وضعاً خطيراً وعاجلاَ, ويتحتم علينا معالجته في الحال. ومن جهة أخرى قد يفكر فيها البعض كنقطة تحول, بأن حياتهم التي اعتادوا عليها لن تكون كما هي من الآن فصاعداً.ومن المرجح أن تؤثر القرارات المتخذة خلال أزمةٍ ما على طبيعة وجودة الحياة. بعض الأزمات, كالكوارث الطبيعية أو الحوادث المؤلمة, قد تحمل في طياتها بعض الإضطرابات الكبيرة المبالغ فيها والتي غالباً ما تكون مصحوبة بالعواطف. أما البعض الآخر فقد يكون أكثر خطورة, فيظهر ويشتد بشكل تدريجي.

أثناء الأحداث الطارئة, فإن الإدراك بأن الحياة ستتغير بشكل كبير يأتي مباشرةً بعد أن تم تلبية الإحتياجات الملحة وحل كل المخاطر الوشيكة. لكن تأثير تلك الأزمات والتي تتطور بشكل كبير ليس واضحاً بالشكل المطلوب, ويمكن القول أنه في بعض الحالات قد يتم تقديره بالكامل ولكن مع مرور الزمن. ومن خلال أي نوع من تلك الأزمات, المخاطر المميتة أو السلامة تنبهاننا وتوضحان لنا جلياً ما هو الأكثر أهمية وما الذي يعطي لحياتنا معنى.

مع أشد الأسى, يبدو جلياً أن الشباب لا يعيرون أي إهتمام لمعنى حياتهم وجوهرها. وفي المسح الذي أُجري حديثاً لعينة وطنية متمثلة في 1700 شخص من الولايات المتحدة الأمريكية, اتفق الأشخاص البالغين 65 عاماً وأكثر بأن حياتهم تحمل معنى وهم بنسبة 59% من الغالبية, على النقيض منهم هناك 36% فقط مِن مَن أعمارهم بين ال18و29عاماً.

هل يمكننا القول بأن عدد الشباب الذين يفتقرون إلى معنى الحياة وجوهرها في إزدياد؟ تشير الدراسات الحديثة إلى أن الشعور بأن حياة المرء لها مغزى يرتبط بسلوكيات أكثر صحة, مثل ممارسة التمارين الرياضية, النظام الغذائي المتوازن, زيادة الشعور بالرضا وإنخفاض معدل الإكتئاب. وعلى النقيض من ذلك , إرتبط شعور المرء بالفراغ في هدفه وقيمته في الحياة بمؤشرات سلبية مثل الإكتئاب، و القلق والإنتحار. إن إقتران الإكتئاب والأفكار الإنتحارية بمدى ضعف إحساس المرء بالثقة والأمان في الحياة يشير إلى أن العديد من الناس يعانون من أزمةٍ ما فيما يتعلق بمعنى حياتهم.

يناقش ألبرت كامو في صحيفة ذا ريبل: “إذا لم نؤمن بشيءٍ ما على وجه التحديد, إذا لم يعد لأي شيء معنى خاص به, و إذا لم نتمكن من إثبات أي قيم على الإطلاق, فإن كل شيء يصبح ممكناً ومن المحتمل حدوثه ولن يكون هناك أي شيء ذا شأن”

ألقت الأبحاث الحديثة الضوء حول ما يشكّل إحساس المرء بمعنى ومضمون حياته

(Costin-Vignoles,2020).

وتشير إحدى النظريات البارزة على أن المعنى في هذه الحياة يتكون من ثلاثة جوانب: الترابط ، و الغاية،و الأهمية.

يشير الترابط إلى فهم تجارب وشعور المرء وكذلك العالم بأسره. إن الإحساس العظيم بالترابط هو ذلك الشعور بوجود نظام معين لهذا العالم أو على الأقل الشعور بأن ما يحدث لنا في هذه الحياة يمتّ للمنطق بصلة.

أما الغاية فتشير إلى الإعتقاد بأن حياة المرء لها ما يبررها بحسب هدفه في هذه الحياة ومدى سعيه لتحقيق ذلك الهدف, والمضي في تسخير بصيرته التي تتيح له تخيل الشكل الذي ستكون عليه الحياة.

يشير الشعور بالأهمية إلى تلك التجارب التي لها قيمتها وأهميتها والتي بها نتجاوز الأحداث الثانوية. ويشير أيضاً إلى أن سلوكيات أي شخص قد يكون لها وقعاً وأن هذه الحياة جديرة بالعيش. والأهم من ذلك كله هو أن يشعر المرء بأهميته.

تشير الدراسة السابقة إلى أن من بين الجوانب الثلاثة التي سبق ذكرهم, فإن الشعور بالأهمية هو الأكثر تنبؤاً بمعنى هذه الحياة ومغزاها. وعلى الرغم من ذلك لا زلنا بحاجة إلى مزيد من الأبحاث, فإن العمل السابق/ الأولي يشير إلى أن الشعور بالأهمية قد يتم تعزيزه من خلال الترفّع عن الأشياء الثانوية والأنانية. ولذلك فإن استيعاب أدوارنا في مشهد الحياة الإجتماعية الواسعة قد يسمح لبصيرتنا أن ترى مدى أهميتنا وأهمية حياتنا على حد سواء.

إن  تقدير تأثيرنا وبصمتنا التي تركناها لأولئك الذين سوف يخلفوننا في هذه الحياة, سيعزز إدراكنا ووعينا بأن حياتنا وذواتنا لهما الأهمية القصوى. ولذلك يدرك معظم الآباء والأمهات ما الذي يُشكل الأهمية الكبرى عندما يرون تعبيرات أطفالهم العفوية عن الفرح، و الحاجة، و الخوف ، والحب. والأهم من ذلك أن يكون كل ما سبق ذكره واضحاً جلياَ في طريق نمو أطفالهم السريع نحو الإستقلال.

تثبت أهمية حياة المرء عندما نفكر بالإرث الذي سنخلّفه ورائنا وبأولئك الذين تأثروا بنا وبالطريقة التي كنا نتعامل ونتواصل معهم وبالسؤال عن ماهيتنا الحقيقية وأخيراً بالطريقة التي عشنا وأحببنا بها. يتلاشى كل ألم شعرنا به يوماً ما بسبب عمليات الشراء الباهظة أو خيارات الأزياء عند مواجهة المرض الذي قد يهدد حياة أحد أفراد أسرتنا. وعلى إثر ذلك تصبح حتى الخلافات حول الواجبات المنزلية أو حول دروس الموسيقى لا قيمة لها عندما تكون حياة الطفل وسلامته في خطر.

نحن حقاً لسنا بحاجة لأزمةٍ ما لندرك ما الذي يُشكل لنا أهمية في حياتنا. ولذلك ينبغي أن نذكر أنفسنا على الدوام بكل ماله قيمة في حياتنا قبل فوات الآوان.

إن أثمن ما قد نقدمه لبعضنا البعض هو أن نُرسّخ لدى الآخرين القناعة التامة بأن لهم شأن. ومنذ ما يقرب 2000 عام لاحظنا بأن الإيمان, الأمل والحب كُتب لهم البقاء ولكن يمكننا القول بأن أرفعهم شأناً هو الحب. ومما يُشكل أهمية لصحتنا النفسية هو مدى إيماننا بترابط هذه الحياة  وبأملنا بتحقيق وإنجاز أهدافنا حتى عندما يكون من الصعب علينا إدراك ذلك. ولكن في الختام, إن شعور المرء بأن حياته جديرة بالعيش يأتي من كونه شخصاً محبوباً من جهة ومُحِباً من جهة أخرى. وخلال أوقاتنا الصعبة، فإن أكثر مورد يدعم إستمرار الحياة ويمكننا تبادله مع الآخرين هو تأكيدنا لهم بأنهم محبوبين.

الكاتبة; Krystine I. Batcho Ph. D

المصدر;  https://www.psychologytoday.com

المترجمة; سارة خالد العلوي

تويتر; sara_al_alawi

مراجعة و تدقيق: زينب محمد

تويتر:@zinaabhesien


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!