النوم الهانئ يقود إلى التفوق الدراسي .

النوم الهانئ يقود إلى التفوق الدراسي .

5 فبراير , 2020

إن النوم الهانئ المريح يشكّل فرقًا هامًا في التفوق الدراسي، لكن ذلك يتطلب بضع ليال وذلك لأنه يعتمد على مقدار النوم الذي يناله الشخص خلال أيام الدراسة ليحصل على نتائج ممتازة، وعلى جودة النوم؛ فالمقدار الثابت من النوم كل ليلة أفضل من الاختلاف الكبير في مواعيد النوم كل ليلة حتى لو كانت عدد الساعات متساوية.

اكتشف اثنان من الأساتذة بمعهد ماساتشوستس للتقنية علاقة قوية بين درجات الطلاب ومقدار النوم الذي يحصلون عليه، كما أن موعد نوم الطلاب والاستمرارية في نومهم أمران يحدِثان فارقا هاماً أيضاً،
 على أن النوم الهانئ قبل موعد امتحانات الهامة فقط ليس بالأمر الكافي، فالأمر يتطلب بضع ليالي من النوم الهانئ حتى تشعر بالفرق.

وذلك ضمن الاستنتاجات التي توصلت إليها تجربة تم فيها منح مائة طالب في مادة الهندسة بمعهد ماساتشوستس أجهزة ( Fitbitsفيتبت)، وهي الأجهزة الشهيرة التي تلبس في اليد وتتبع نشاط الشخص على مدار الساعة، وذلك مقابل وصول الباحثين لما يعادل نصف فصل دراسي من بيانات نشاطاتهم، وكانت بعض النتائج متوقعة، بينما كان بعضها غير متوقع – قد نشرت اليوم في مجلة علوم التعلم في بحث قدمه باحث ما بعد الدكتوراة في معهد ماساتشوستس “كانا أوكانو” والأستاذان “جيفري غروسمان ” و” جون جابريلي” واثنان آخران-، وكانت إحدى المفاجآت هي أن الأشخاص الذين يخلدون إلى النوم بعد فترة محددة من الوقت -غالبا ما يكون الثانية صباحا بالنسبة لهذه الفئة من الطلبة لكنه يختلف من شخص لآخر- فإنهم غالبا ما يؤدون بشكل سيء في اختباراتهم مهما كان مقدار النوم الكلي الذي ينامونه. 

إن هذه الدراسة لم تنطلق كبحث عن النوم فحسب، بل كان “غروسمان” يحاول أن يجد علاقة بين الرياضة البدنية والأداء الدراسي لطلابه في مادته (مدخل إلى الحالة الصلبة للكيمياء)، فبالإضافة إلى ارتداء مائة طالب (أجهزة فيتبيت)، التحق ربع الطلاب بصف اللياقة المكثف والتعليم الجسدي والاستجمام في قسم معهد ماساتشوستس للرياضة، وذلك بمساعدة الأستاذين المساعدين “كاري مور” و”ماثيو برين” اللذين أنشآ هذا الفصل خصيصا لهذه الدراسة، وكان من المتوقع أن يكون هناك فارق يمكن قياسه في أداء الامتحانات بين كلتا المجموعتان. 

بيد أنه لم يكن هناك اختلاف؛ فكان أداء الطلاب الذين لم يلتحقوا بفصول اللياقة في الامتحانات لا يقل عن أداء الذين التحقوا بفصل اللياقة، وقد قال غروسمان: “إن ما وجدناه في النهاية هو عدم وجود علاقة بين اللياقة والأداء الدراسي، الأمر الذي خيب آمالي بما أنني كنت أعتقد، ولا أزال أعتقد، بوجود تأثير إيجابي كبير للرياضة على الأداء الدراسي”.

ويظن غروسمان أن الفترات الفاصلة بين برنامج اللياقة والمواد ربما كانت طويلة جدا حتى تظهر أي تأثير، ولكن حاليا ومع وجود كمية ضخمة من البيانات التي تم جمعها خلال الفصل الدراسي، فقد أصبحت بعض العلاقات الأخرى واضحة، ورغم أن الأجهزة لم تكن تراقب النوم بوضوح، فإن خوارزميات برنامج (فيتبت) قد كشفت عن فترات النوم والتقلبات في جودة النوم، والتي تعتمد في الأساس على الافتقار في النشاط.

وقد صرح غروسمان أن هذه العلاقات غير دقيقة على الإطلاق، فهناك علاقة مستقيمة بين معدل مقدار النوم الذي يحصل عليه الطالب وبين درجاتهم في أحد عشر اختبار، وثلاث اختبارات نصفية، والاختبار النهائي، وتتراوح الدرجات ما بين ممتاز وجيد، ويقول: “هناك كثير من التشتيت، إنها دراسة صاخبة لكنها مستقيمة” ويمضي فيقول: إن حقيقة وجود علاقة بين النوم والأداء الدراسي لم تكن مفاجأة ولكن مدى هذه العلاقة هو الأمر المفاجئ، وبلا شك فإن هذه العلاقة وحدها لا يمكن أن تثبت أن النوم هو العامل الفاصل في أداء الطلاب الدراسي، في مقابل بعض التأثيرات الأخرى التي ربما أثرت على كل من النوم والدرجات، بيد أن هذه النتائج هي إشارة قوية على أن النوم مهم جدًا.

ويضيف: ” بالتأكيد نحن نعلم بالفعل أنه كلما زاد وقت النوم كان ذلك أنفع لأداء الطلبة، من خلال عدد من الدراسات السابقة التي تعتمد على مقاييس موضوعية كاستطلاع الرأي الشخصي، غير أنه في هذه الدراسة تبين أن فوائد النوم لها علاقة بالأداء في المواد الجامعية”.

وبينت الدراسة أيضا وطبقًا للبيانات عن عدم وجود تحسن في درجات الطلاب الذين لا ينامون مبكرًا قبل موعد اختبار هام، ويعلق غروسمان: ” إن الليلة التي تسبق الامتحان غير هامة، ولطالما سمعنا العبارة الشائعة ( نم جيداً الليلة فأمامك يوم هام غدًا) وقد اتضح بأن هذا الأمر ليس له علاقة تمامًا بالأداء في الاختبار، بل إن ما يهم هو مقدار النوم الذي تناله خلال أيام الدراسة”.

ومن ضمن النتائج المفاجئة أيضا وجود انقطاع بين أوقات النوم، بحيث أن الخلود للنوم متأخر يؤدي لأداء أضعف ، حتى لو كان مقدار النوم هو نفسه، ويبدي غروسمان رأيه قائلًا: ” إن موعد ذهابك للنوم مهم، فإذا حصلت على مقدار معين من النوم – وليكن 7 ساعات مثلا-  فلا يهم موعد حصولك على هذا النوم طالما أن هذا الموعد يكون قبل أوقات محددة، ولنقل أنك تنام في الساعة العاشرة أو الثانية عشرة أو الواحدة فإن أداءك الدراسي هو نفسه، لكن إن كنت تنام بعد الساعة الثانية فحينها يبدأ أداءك بالتدهور حتى لو كنت لا تزال تنام نفس المقدار (سبع ساعات)، لذا فكمية النوم ليست كل شيء فحسب”. 

كذلك فإن جودة النوم مهمة أيضا، وليس الكمية فحسب، فمثلًا الطلاب الذين يحصلون على مقدار ثابت من النوم كل ليلة يؤدون أفضل من الطلبة الذين تختلف مواعيد نومهم اختلافًا كبيرًا بين كل ليلة، حتى لو كان كلاهما يحصلون على نفس مقدار النوم.

كما ساعدت هذه الدراسة بشرح أمر كان يشغل بال غروسمان لسنوات، وهو أن الإناث في مادته نالوا باستمرار على درجات أفضل من الرجال، والآن أصبح يمتلك إجابة محتملة وهي أن البيانات أظهرت الفارق في كمية وجودة النوم والذي بإمكانه أن يفسر الفارق في الدرجات، فيقول غروسمان: ” إذا كنا محقين بشأن النوم، فإن الرجال والنساء يفعلون نفس الشيء في الصف، لذلك قد يكون النوم سبب الاختلاف بين الجنسين في صفنا”.

كما يجب أن تُجرى مزيد من الدراسات لفهم سبب ميل النساء للحصول على نوم أفضل من الرجال، فيقول غروسمان: “هناك عديد من العوامل لهذا الأمر، وبإمكاني تخيل الكثير من الدراسات لمتابعة محاولة فهم هذه النتيجة فهمًا أعمق”.

ويقول روبرت ستيكجولد – أستاذ طب النفس ومدير مركز النوم والمعرفة بجامعة هارفرد -: ” إن النتائج كانت مرضية جدًا لي كباحث في النوم، لكنها كانت مرعبة لي كوالد، الدرجات الإجمالية للطلاب الذين ينامون ست ساعات ونصف كانت أقل بنسبة خمسين بالمائة عن الطلاب الذين ينامون ساعة أخرى إضافية، وعلى نحو مماثل فالطلاب الذين ينامون نصف ساعة إضافية فقط في مجموع وقت نومهم كانت درجاتهم أقل بنسبة خمس وأربعين بالمائة “.

ويضيف ستيكجولد:” إن ربع التغير في الدرجات تفسرها تلك العوامل، وعلى كل الطلاب ألّا يكونوا على دراية بهذه النتائج فحسب بل عليهم أن يفهموا تأثيراتها على النجاح في الجامعة، ولا يسعني سوى القول بأن الأمر ينطبق على المدرسة الثانوية، ويحذر أيضا فيقول: ” إن العلاقة ليست هي نفس السببية، لكني ليس لدي شك بأن النوم المتغير زيادة أو نقصانًا سيضر درجات الطلاب، كما من الممكن أيضا أن الأداء الضعيف في الفصل يقود إلى تقلب النوم، وقد يكون هناك عامل آخر وهو اضطراب قصور الانتباه وفرط الحركة الذي قد يؤدي إلى درجات أضعف ونوم أقل”.

المترجم: عبدالرحمن نصرالدين

مراجعة: أفراح السالمي

Twitter:@fara7alsalmi

المصدر:https://www.sciencedaily.com


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!