شروقٌ وغروب : الخلايا العصبية تتبع آلية غير متوقعة للكشف عن تحول كميات الضوء.

شروقٌ وغروب : الخلايا العصبية تتبع آلية غير متوقعة للكشف عن تحول كميات الضوء.

27 يناير , 2020

تقوم الخلايا المستقبِلَة للضوء داخل شبكية العين باستشعار الضوء، وتعالج مجموعة محددة من الخلايا المخرجات، ثم تَنقل مجموعة أخرى من الخلايا الإشارة النهائية المشفَّرة إلى الدماغ. وهذا ما يدلُّ إلى أنَّ فهم الآليات البيولوجية ليست بالمهمة السّهلة. الأمر الذي يستدعي تدخّل علماء الأعصاب للشرح والتوضيح، خاصة بعد اكتشافهم أنَّ الخلايا العصبية تتبع آلية غير متوقعة للكشف عن تحول كميات الضوء.

للكاتبة: نانسي فلايسلر

وفقاً لدراسة حديثة أجراها علماء الأعصاب في كلية الطب بجامعة هارفارد ومستشفى بوستن للأطفال، فإن الخلايا العصبية الحسيَّة تتبع نظاماً غير متوقعاً للكشف عن التحول في بيئةٍ ضوئية.

وأفاد باحثون في مجلة سل Cell (28 سبتمبر)، بأن الخلايا تُقسِّم المهمة مع أعصاب معينة لتضبط النطاقات المختلفة لشدة الضوء.

وقد تساءل مايكل دو، أهم مؤلفي الدراسة وبروفيسور علم الأعصاب في كلية الطب بجامعة هارفرد، وزميل باحث في كلية الإدارة الطبية في مركز كيربي لعلم الأعصاب في مستشفى بوستن للأطفال: “مع دوران الأرض، تخترق نطاقات الضوء أحجاماً متفاوتة، بدءاً من ضوء النجوم وحتى ضوء وضح النهار. فكيف بمقدورك إنشاء نظاماً حِسيَّاً يستطيع تغطية مستوى كبير كهذا؟” ثم أضافوا: “يبدو الأمر وكأنه معضلة بسيطة، إلَّا أنَّ الحل الذي توصلنا إليه أكثر تعقيداً من المُتَوقَّع”.

نعتمد على الخلايا العصبية المستشعرة للضوء والمعروفة باسم مستقبلات الخلايا العصبية M1 وذلك لضبط ساعاتنا البيولوجية، وتنظيم النوم، والتحكم بمستويات الهرمونات. كما تُعَد خلايا M1 هي المسؤولة عن رؤية ووظيفة “الصورة المشوشة”، حتى عند المكفوفين، بِيد أنَّ الخلايا العصوية والمخروطية في شبكية العين لا علاقة لها بذلك.

أسَّس إليوت ميلنر، وهو طالب دكتوراه في قسم العلوم العصبية بجامعة هارفرد والمؤلف الرئيس للدراسة، طرائقاً حديثة لدراسة المخرجات الكهربائية لخلايا M1؛ وهو ما أدَّى إلى فهمٍ أفضل للإشارات الي ترسلها هذه الخلايا من العين إلى جميع أنحاء الدماغ.

وذكر ميلنر: “تتمثَّل توقعات العمل السابق في أنَّ هذه الخلايا ببساطة ستزيد من إرسال إشاراتٍ واضحة، وسيُشَكِّل المتوسط منها مقياساً لشدة الضوء الكليَّة”.

عوضاً من ذلك، لاحظ كلاً من ميلنر ودو عندما تتشابه الخلايا بشكلها، تتجانس لتستجيب لمستويات متفاوتة. ومع تغير هذه المستويات، تتناوب الخلايا لإرسال إشارات للدماغ. وبناءً على ذلك، لا يكتفي الدماغ بالحصول على معلومات حول حجم الإشارة فحسب، بل حول شدَّة الضوء أيضاً وذلك من خلال هويات الخلايا النشطة.

وأضاف ميلنر: “تكون إشارات بعض الخلايا قوية عند الشفق، بينما تَقْوى إشارات البعض الآخر في وضح النهار. فيشكلان معاً تغطية كبيرة من شدة الضوء البيئية”.

الاستفادة من ظاهرة (باثولوجي):   

يتَّبِع نظام الدوران للخلايا المعروفة باسم M1 آلية عادةً ما تُعَد غير طبيعية أو مرضية: تسمَّى إزالة الاستقطاب.

مع ارتفاع مستوى الضوء، يلتقط بروتين يتواجد في خلايا M1 يسمى بالميلانوبسين الكثير من الفوتونات؛ مما يجعل جهد الغشاء يتجاوز حد الصفر ويصبح موجباً-أي أنَّه يزيل الاستقطاب. وعندما يصبح الجهد موجباً، تنتج الخلية المزيد من الموجات الكهربائية، أو ما يعرف بإمكانات العمل، التي تُرْسَل للدماغ.

 في حالة إزالة الاستقطاب، التي عادةً ما تُلاحَظ في اضطراباتٍ مثل الصرع، لا يمكن للخلية أن تطلق أيَّة موجات عند حدوث صعود سريع للجهد نحو الاتجاه الموجب.

وأضاف دو: “ثمَّة محفِّزات ملحوظة إذ لا يمكن للخلية أن تبقى بلا حركة”.

يبدو أن خلايا M1 تستغِل هذه الميزة لصالحها. ويعتقد دو وميلنر أنَّه استناداً إلى فاعلية الخلايا وليس حجمها العام فحسب، ربما يكون هذا النظام قد تطوَّر لمساعدة الدماغ على التَّمييز بين مستويات الضوء بدقة عالية، والقدرة على حفظ الطاقة.

وأوضح دو: “لتقوم الخلية بإرسال الموجات تتطلب عملية الأيض جهداً أكبر. ويقدم هذا النظام معلومات بتكلفة منخفضة؛ ويرجع ذلك إلى أنَّه أثناء تنشيط بعض الخلايا، يكون البعض الآخر مثبَّطاً”.

تقسيم الدماغ للعمل:

يأمل مستقبلاً كلاً من دو وميلنر بأن تتم الإجابة على الأسئلة التالية:

●كيف يحصل الدماغ على معلومات من هذه الخلايا حول مستوى الضوء؟ وهل تستجيب مناطق محددة دون غيرها إلى بعض خلايا M1؟

●كيف تُوَزَّع خلايا M1 المختلفة حول شبكية العين؟ وكيف يمكن أن يكون لخلايا M1 المنتشرة تأثيراً على تصميم أنظمة العلاج بالضوء لحالاتٍ مثل الاضطراب العاطفي الموسمي؛ إذ تتلقى أجزاء مختلفة من شبكية العين الضوء من مختلف الاتجاهات.

●هل تتَّبع الخلايا الأخرى المنخرطة في الإدراك الحسِّي- كتلك التي تساعدنا في تمييز الروائح والإحساس باللمس- آلية إزالة الاستقطاب؟

وختم دو: “خلاصة القول هي أن الخلايا العصبية تحوي مجموعة أدوات أكثر مما كنَّا نعتقد في السابق، كما أنها تُقسِّم العمل بطرائق مذهلة. وما زلنا نكتشف مفاجآت تشمل حتى الأنظمة التي تُعد بسيطة جداً، كتلك التي عادةً ما تستخدم في استشعار شدة الضوء”.

المصدر: https://hms.harvard.edu

المترجم: ريم الخلاوي

تويتر: @irk8_

مراجعة وتدقيق: نصراء الشبيبي

تويتر: @alshabibihnoon 


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!