لا يوجد ما يسمّى بـ”العنصرية المضادة”.

لا يوجد ما يسمّى بـ”العنصرية المضادة”.

6 نوفمبر , 2019

لا يتردد الكثير من البيض في الإشارة لمصطلح “العنصرية المضادة” بمجرد أن يهتف اي شخص من الملونين بالأفعال العنصرية – رغم صغرها- للبيض. إنه حقاً إستعراض مضحك للجهل والتمييز، لأنه وكما تبين؛ لا يوجد ما يسمى بالعنصرية المضادة.

لانهم هم ذات الأشخاص الذين يستسخفون حتى بأصغر الإشارات الى الأفعال العنصرية التي يلاحظها الملونون، ويرفضون قبول الهياكل التي يقوم عليها هذا السلوك. “يستحيل انه قد عنى الامر بهذه الطريقة. انت تضخم من الامور.” هذا رد شائع جداً عندما يجرؤ شخص ملون على ابداء ملاحظته بشأن فعل عنصري.
هذا النوع من الإمتياز في التعبير محصور على أشخاص غيرهم ممن ليس عليهم التعامل مع تعبيرات تدل على إعتداءات عابرة كل يوم من ايام حياتهم بسبب لون بشرتهم.  مثل تلك الوظيفة التي خسرتها بسبب شخص أبيض يحمل نفس مؤهلاتك. او هذا الشخص الأبيض الذي لمس شعرك دون ان يسأل، كما لو كنت موجود فقط كجماد لتسليتهم. او حتى عن الإعجاب الذي يبديه ذاك الأبيض “المحسن اليك” عن مدى براعتك في التحدث بأي لغة إستعمارية أوربية نشأت بها كالإنجليزية او الفرنسية او البرتغالية وما إلى ذلك. الأمثلة لا تعد ولا تحصى. لكن ومع ذلك. لا تنطبق سوى على الاشخاص الملونيين. هذا الامتياز الابيض – إمتياز التعبير عنها- يسمح للبيض برفض وإستبعاد كل هذه الهياكل المشكلة لهذه الأمثلة بإعتبار انها نشأت من مخيلة الملونيين الخصبة الناتجة عن عدم تسامحهم مع النقد الموجه اليهم كمجموعة.
لذا دعونا نوضح بعض الأمور المساء فهمها هنا. ومن أجل الفهم الكامل للطابع الخبيث للتمييز العنصري ، يجب النظر في هياكل السلطة المتأصلة في هذا النظام. العنصرية عبارة عن نظام قمعي من مجموعة من الأيديولوجيات التي تصنف البيض كعرق متفوق على جميع الآخرين على هذا الكوكب في كل طريقة يمكن تصورها. هذه الفكرة – فكرة تفوق العرق الأبيض- يتم التمسك بها وبقوة في جميع أنحاء العالم وتسبب إستدامة اختلال التوازن المفرط للقوة. لذا، فإن إحدى المسائل الرئيسية المتعلقة بمفهوم العنصرية المضادة هي الافتقار إلى إمكانية التحويل. ببساطة؛ لا يمكنك أن تأخذ هذه الأيدولوجية القائمة من العنصرية، والتي تخدم الطبقة العليا من النظام (أي البيض) ومن ثم تعكس هرمها ليحل محل قمته مجموعة أخرى (اي الملونين) ومن ثم تسميها بالعنصرية. بالتأكيد ان الأيدولوجيات قد يكون لها سمات متماثلة. وان الهياكل المماثلة منها معرضة للنقد. لكن هذا النقد ليس مماثلاً لهذه الهياكل بحيث أن تسميه عنصرية. بل اشبه ما يكون
بسخرية ترفيهية عن نظام العنصرية. لنأخذ على سبيل المثال نظام الماركسية. لا يمكن ان تتبادل الأنتقادات مع شخص ينتقد نظاماً رأسمالي بأن ترد عليه بإنتقاد عن أكل اللحم. الامر ببساطة ليس سيان ولا علاقة لأمر بأخر. وهذا الامر من شأنه تغيير الهياكل السلطوية وظروف التحليل تغيراً جذرياً، وبذلك يفقد المفهوم معناه الأصلي.
ويتسم نظام العنصرية بالضرر الشديد، وفي حالات لا تعد ولا تحصى، يكون نظام التمييز ضد الملونيين قاتلاً. وهو يؤثر على جميع جوانب حياتهم، بدءاً من فرص العمل وانتهاء بالسلامة الشخصية للحصول على التعليم والرعاية الصحية العادلين. – على سبيل المثال لا الحصر. لا يوجد اي نظام مضار مماثل لهذا الهيكل في العنصرية تجاه البيض. اي انه يهدد حياة البيض وسبل معيشتهم الى هذا الحد المتطرف. بالتأكيد يمكن ان تكون بعض أفعال البغضاء الصادرة من الملونين ضارة تجاه البيض على اساس لون البشرة (او ربما على اساس حفظ الذات)؛ حتى ان بعضهم يرغب في ايذاء البيض. ولكن هذه ليست ولن تكون افعالاً عنصرية أبداً.
للأسف عند التدقيق في حجج الأشخاص البيض الذين يصرخون ضد العنصرية ، تجد في أغلب الأحيان نقصًا تامًا في التحليل المتعمق لامتيازاتهم ، وعدم فهم التاريخ والحالة الراهنة للشؤون العالمية. أم ربما انهم غير راغبين في رؤية الحقيقة على ما هية عليه.  لان حقيقة الأمر هي، انه وفي سبيل حصول الفئات المهمشة على إمتيازات، يجب على الفئات الأخرى الحائزة على إمتيازات ان تضحي في عدم الحصول عليها. وعلى ما يبدو؛ هي تضحية لن يقبل بعملها الا عدد قليل جداً ممن هم على رأس الهرم. وبناء على ذلك. يفضلون بكل ببساطة أن يشيحوا بنظرهم عن عمق القضية. – لا أرى شراً، لا أسمع شراً كما يقال-
أحد أكثر الأراء الاكثر شيوعًا التي يعبر عنها البيض أينما يتم التطرق الى فكرة العنصرية المضادة هي “كيف يمكن أن نحقق المساواة عندما يكون هناك الكثير من الناس الملونين الذين يؤججون نار الكراهية؟ فالعنصرية هي عنصرية لكلا الإتجاهين” هؤلاء هم نفس الأشخاص الذين يمارسون عليك التمييز ويرفضون توظيفك بسبب لون بشرتك أو اسمك. سيطالبون حتماً بالمساواة وإحترام أوجه التشابه بيننا كبشر عندما تناسبهم. ياله من امر مريح وطريقة ممتازة لتجاهل إمتيازات فئة عن أخرى.
أنه تحيز غريب بالتأكيد، أن تشاهد البيض وهم يقمعون مناقشات الملونين بإتهامهم بالعنصرية المضادة. وهم بذلك يرفضون تحمل المسؤولية عن تواطئهم في إدامة العنصرية، في نفس الوقت الذين يصفون فيه عرقهم انه عرق متفوق أخلاقياً وبلا أي أخطاء جينية.
يجب على البيض التوقف عن تقمّص دور الشرطة فيما يتعلق بنبرة ومشاعر الناس الملونين الذين يعربون عن انتقادات معقولة لأنظمة العنصرية والتفوق الأبيض. الناس الملونين لا يدينون للبيض بأي اعذار وإعتذارات، ولا حتى تفسيرات للتعبير عن تجاربهم العنصرية النظامية. وبدلاً من ذلك، يحتاج البيض الى الإعتراف بوجود إمتيازاتهم المحصورة على عرقهم، وتثقيف انفسهم عن كيفية تواطئهم في إدامة التفوق الأبيض والبدء في استخدام امتيازاتهم لإفساح بعض المساحة للناس الأقل حظاً. كان ممتاز للبدء هو بقراءة الكتاب الرائع ، لماذا لم أعد أتحدث مع البيض عن العرق من قبل (رينيه إيدو لودج).


ترجمة: طرفة سعد المقبل

المصدر: : https://www.observer.com.na

مراجعة: حسام العنزي

تويتر: @9ii9i


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!