ما نعرفه وما لا نعرفه عن الشلل الشبيه بشلل الأطفال

ما نعرفه وما لا نعرفه عن الشلل الشبيه بشلل الأطفال

30 أكتوبر , 2019

في عام ٢٠١٤، لاحظ الأطباء في كولورادو وكاليفورنيا ظهور مرض ذو أعراض مشابهة جدًا لأعراض شلل الأطفال، مثل: ضعف الأطراف وتشوهات الحبل الشوكي، والذي أسماه باحثو الصحة العامة: التهاب النخاع الرخو الحاد (Acute flaccid myelitis, AFM) التفاصيل في هذا المقال.

بقلم: Nicole Westman

يعتقد العلماء أن هذا المرض ناتج عن إصابة فيروسية، وقد حاولوا على مدار السنوات الخمس الماضية تحديد هذا الفيروس والتعرف على ماهيته، ولماذا يصاب بعض الأطفال بأعراض الشلل بينما لا يصاب الآخرون، وذلك للتوصّل لعلاج هذا المرض والحدّ من انتشاره، فالإجابة على كل هذه الأسئلة هي مفتاح العلاج.

تقول بريا دوجال  (Priya Duggal)، مديرة برنامج علم الأوبئة الوراثية في كلية جونز هوبكنز بلومبرج للصحة العامة (Johns Hopkins Bloomberg School of Public Health): “إذا تمكنا من اكتشاف الفيروس الذي يسبب المرض، سوف نستطيع اكتشاف اللقاح المناسب”. يحتاج الباحثون أيضًا إلى معرفة كيفية عمل الفيروس. وتُكمِل: “إذا فشلنا في فهم الآلية، فإن التاريخ سيعيد نفسه، سوف يظهر فيروس آخر”.

يُعزى تفشي الإصابة بهذا المرض إلى الفيروسات التي تسمى بالفيروسات المعوية غير المُسببة لشلل الأطفال. تُعَد عدوى هذه الفيروسات شائعة، وعادة ما تسبب أعراض خفيفة شبيهة بنزلة البرد، لكن رصد ومراقبة فيروسات معينة ضمن هذه المجموعة  على مدى السنوات القليلة الماضية قد بيّن أن AFM ظهر في نفس المناطق التي تتنشر فيها هذه الفيروسات، على وجه التحديد فيروس EV-D68.

من الممكن أن يتسبب EV-D68 في حدوث شلل عند الفئران، وهو دليل آخر على أن هذا الفيروس هو المسبب للمرض . تقول دوجال : “هذا يخبرنا أن هذا الفيروس قادر على التسبب في المرض”.

يتزايد عدد الحالات كل عامين منذ عام ٢٠١٤، قد يكون ذلك بسبب تزايد الإبلاغ عن الحالات لا غير. يقول كيفين ميساكار ،(Kevin Messacar) طبيب وباحث في أمراض الأطفال المعدية في مستشفى الأطفال في كولورادو: “هذه العلاقة الزمنية والجغرافية هي جزء من اللغز”، ويوضّح: “لكن هذا وحده لا يمكن أن يثبت أن الفيروس تسبب في المرض، ولكن كان هناك تزامُنًا بين دورة EV-D68 والشلل الرخو الحاد في 2014 و 2016 و 2018”.

يقول ميساكار إن نمذجة المرض لمحاولة التنبؤ بالمكان الذي سينتشر فيه بعد ذلك ومدى حِدّة المرض حينها، هو الخطوة القادمة. ارتفع عدد الحالات بين الأعوام ٢٠١٤ و٢٠١٦ و٢٠١٨، لكن من الصعب المقارنة بين عام وآخر. تزايدت لدينا التقارير والمعلومات، وهذا لا يعني بالضرورة أن عدد الحالات سيستمر في الارتفاع. يقول: “لا نعرف ماذا سيحدث. هناك فرصة كبيرة لعودة الفيروس في عام ٢٠٢٠، قد يعود مع بضع المئات من الحالات، قد يعود بصورة أكبر أو أصغر، لا أحد يدري”.

إن العثور على الفيروس عند المرضى المُصابين بـ AFM لهو أمر شديد صعوبة -لم يتم التوصل للفيروس إلا في حالات قليلة- وذلك لأن هناك فاصلٌ زمنيٌ بين إصابة المرضى بأعراض الجهاز التنفسي بسبب الفيروس وظهور أعراض الشلل عليهم، كما يقول ميساكار. لذلك، في الوقت الذي يتم فيه تشخيص المرض ويحاول الأطباء البحث عن الفيروس لا يجدونه، لأنه لم يعد موجودًا. ويقول ميساكرا: “هذا الأمر مألوف بين الفيروسات التي تسبب أعراضًا عصبية، إنها ظاهرة معروفة” وهو نفس ما يحدث في حالات مرض الجهاز العصبي المركزي الناتج عن الإصابة بفيروس غرب النيل: لتشخيص هذه الحالات، يبحث الباحثون عن أجسام مضادة للفيروس في النخاع الشوكي للمريض، بدلاً من الفيروس نفسه. يتم حالياً تطوير اختبارات تشخيص مماثلة لتشخيص ،AFM ويضيف: “ستكون هذه خطوة للأمام للتأكد من الفيروس المسؤول، وستساعد في تحقيق مطلبيْن، أحدهما أن يتم التوصل لحل هذا اللغز والآخر أن يتم الاستعانة بهذا الاختبار في التشخيص السريري”.

ولفهم آليّة المرض، تبحث دوجال في الأسباب الوراثية لدى مرضى AFM وكذلك أفراد أسرهم في محاولة لمعرفة سبب إصابة بعض الأطفال المصابين بالفيروس بالشلل فقط – قد يصاب اثنان من الأخوة بالفيروس ويعاني أحدهما فقط من أعراض الشلل. “الناس مثلي سيقولون نعم، [الفيروس] هو مجرد سبب”، كما تقول.

تقول دوجال إن الفهم الكامل للمرض يتطلب جُهدًا من جميع الجوانب. وتقول: “يتعلق الأمر بخبرتك الواسعة في كل جانب من هذا اللغز، ومن ثم اختيار الخُبراء المناسبين لحل هذا اللغز”.

وضّح ميساكار على أنه من الصعب التأكيد على أن سبب AFM هو فيروس بعينه، كما أن بعض الباحثين قد يكونوا غير مستعدين بعد لتحديد مسبب المرض. ويقول: “الكثير منا يتبع هذه القناعة منذ عام ٢٠١٤، لأننا شعرنا بأنه هناك أدلة كافية للقول بأن الفيروس هو المسبب المُحتمَل للمرض”.

يقول ميساكار: “إن السنوات القليلة الماضية من الأبحاث وسّعت من فهمنا للامر، لكن يتعين علينا بذل المزيد من الجهد للتخلص من الفيروس”. ويقول إنه من المهم أيضًا العمل على إيجاد طرق لعلاج ومنع الأعراض السريرية للمرض. ويُكمِل: “نحن بحاجة إلى إبقاء أعيننا مفتوحة والعمل بأقصى ما نستطيع لنكون على أهبة الاستعداد في حال عودة الفيروس”.

ترجمة : سلمى سلمان

@salmasalman7

مراجعة: سندس المذلوح

@sondos3li

المصدر :https://www.popsci.com/


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!