الجينات والإدمان

الجينات والإدمان

1 أكتوبر , 2019

الملخص:

ارتفع معدل إدمان المواد الأفيونية إلى مستويات وبائية على مدار العقد الماضي، ولكن لسوء الحظ لا تزال التدخلات العلاجية لعلاج الإدمان محدودة ولازلنا بحاجة إلى فهم أفضل للمحفزات المؤدية للإدمان من أجل تطوير سبل الوقاية والعلاج.

ارتفع معدل إدمان المواد الأفيونية إلى مستويات وبائية على مدار العقد الماضي، ولكن لسوء الحظ لا تزال التدخلات العلاجية لعلاج الإدمان محدودة ولازلنا بحاجة إلى فهم أفضل للمحفزات المؤدية للإدمان من أجل تطوير سبل الوقاية والعلاج. أحد الأسئلة الرئيسية التي يحاول الباحثون في مجال طب النفس والأعصاب الإجابة عليها هو: لماذا يكون بعض الأشخاص أكثر عرضة للإدمان من غيرهم؟ كما هو الحال في معظم حالات الاضطرابات النفسية، تتفاعل العوامل الوراثية والبيئية لتحديد مدى احتمال الإصابة باضطراب تعاطي المخدرات.

تعمل العقاقير المسببة للإدمان بما في ذلك المواد الأفيونية على نظام المكافأة في الدماغ، وهو نظام ينقل الإشارات في المقام الأول عن طريق ناقل عصبي يسمى الدوبامين. تتأثر وظيفة هذا النظام بالعوامل الوراثية والبيئية حيث كشفت دراسة حديثة نُشرت في المجلة العلمية(PNAS)  أحد هذه العوامل الوراثية، فقد وجد الباحثون أن نوعًا من الكائنات المُمرضة وهو أحد الفيروسات الرنويّة ويدعى بفيروس HK-2 أو KHML-2 مُدمج في جين مسؤول عن تنظيم نشاط الدوبامين، وقد وُجِد هذا الدمج بكثرة عند الأشخاص المصابين باضطراب تعاطي المخدرات وهو مرتبط بالإدمان.

كيف تؤدي الضغوطات النفسية إلى حدوث تغيرات فوق الجينية (Epigenetic)؟

تشير الأدلة المتراكمة إلى أن العوامل البيئية، مثل التوتر والضغط النفسي تؤدي إلى حدوث تغييرات جينية يمكن أن تؤدي إلى نشأة الاضطرابات النفسية وإدمان المخدرات. تشير التغيرات فوق الجينية إلى العوامل المنظِّمة للتعبير الجيني والتي لا تنطوي على تغييرات في تسلسل المادة الوراثية (DNA) نفسها. من الناحية العملية، فإن التغييرات فوق الجينية هي معلومات تضاف إلى المادة الوراثية الموجودة بالفعل، ومن الممكن أن تؤثر على التعبير الجيني.

تؤدي الضغوطات النفسية مثل وفاة شخص مهم أو فقدان وظيفة وخلافه إلى إطلاق هرمونات ستيرويدية تسمى الهرمونات القشرية السكريّة، تؤدي هرمونات التوتر هذه إلى حدوث تغيرات في العديد من الأجهزة في جميع أنحاء الجسم وتحفز التغيرات فوق الجينية، كما تنظم تمثيل الجينات الأخرى في الدماغ. واحدة من النُظُم التي تتأثر بهرمونات التوتر هي دائرة المكافأة في الدماغ. يمكن للتفاعل بين هرمونات الإجهاد ونظام المكافأة أن يؤدي إلى حدوث الإدمان، وكذلك الانتكاس الناجم عن الضغوطات النفسية في التعافي من المخدرات أو الكحول.

قد يساعد تقليل التوتر على التقليل من خطر الإدمان والحد من خطر الانتكاس:

لحسن الحظ، فإن التأثير السلبي للتوتر قد يُخفَّف بعوامل أخرى مثل النشاط البدني أو الدعم الاجتماعي. فهذه السلوكيات تتسبب بتغيرات فوق جينية تقي من نشوء الإدمان وقد يكون لها دور في علاج الإدمان إذا ما اقترنت مع الإجراءات الأخرى مثل العلاج المعرفي السلوكي أو الأدوية في حالة بعض المرضى. قد يساهم النشاط البدني في العلاج بتقليل المشاعر السلبية ومنها التوتر وما ينتج عن التوتر من تغيرات فوق جينية. في الأمثلة المذكورة أعلاه من وفاة شخص عزيز أو فقدان الوظيفة، إذا شارك الشخص في نشاط بدني فإن التغييرات فوق الجينية الناتجة عن التوتر تقل لديه مما يقلل من خطر البدء في الإدمان أو الانتكاسة بعد العلاج.

◄الأمل موجود لعلاجات مُستهدِفة للإدمان:

نحن نعلم الآن أن وظيفة نظام المكافأة في الدماغ وخلل وظيفته أمران معقدان، ويخضعان للتغيرات بسهولة بناءً على عوامل سلبية وإيجابية، ويتضمنان تفاعلات معقدة بين العوامل الوراثية والبيئية. يمكن أن تؤدي التعديلات التي تحدث في التمثيل الجيني إلى تغييرات في وظيفة نظام المكافآت في الدماغ، وبالتالي يكون الشخص أكثر أو أقل عرضة لتعاطي العقاقير بنفسه. يمكن لهذه المعرفة مجتمعة أن تؤدي في النهاية إلى تطوير أساليب وقائية وعلاجية متعددة المستويات وأكثر كفاءة لمعالجة وباء الإدمان المستمر.

ترجمة: د. محمود البيومي

تويتر:@MAlbiomy

المصدر: https://www.health.harvard.edu

مراجعة: سندس المذلوح

تويتر: @sondos3li


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!