سبب اختلاف العادات السلوكية بين المصابين بالخرف

سبب اختلاف العادات السلوكية بين المصابين بالخرف

24 أغسطس , 2019

الملخص: يعد الخرف المسبب الرئيسي للوفاة بين النساء في استراليا وثالث أكثر مسببات الوفاة شيوعاً بين الرجال. وعلى الرغم من أن الخرف لا يعد جزءاً طبيعياً من التقدم في العمر إلا أن الشيخوخة تعد أكبر عامل خطر للإصابة به ، ونظراً لشيخوخة السكان في أستراليا ، يُتوقع أن تصل حالات الخرف في عام ٢٠٥٠ م إلى ثلاثة أضعاف ماهي عليه الآن .

يربط معظم الناس الخرف بفقدان الذاكرة لذا يتفاجئون عند معرفتهم أن الخرف مسبب للوفاة ، ولكن ما الذي يفعله الخرف بجسم الإنسان حتى يؤدي إلى الوفاة ؟

الدماغ هو مركز التحكم :

يتحكم الدماغ بكل ما نفعله حيث يقوم بإصدار التعليمات التي تخبر باقي أعضاء الجسم بما يجب عليها فعله ، كما أنه يسهل من سلوكياتنا المعقدة مثل الشخصية والإدراك (قدرتنا على التفكير والفهم والقيام بالأمور) . عندما يُصاب الشخص بالخرف تتوقف الأعصاب في أجزاء مختلفة من دماغه عن التواصل بشكل سليم ،  ثم تنفصل وفي النهاية تموت ، نسمي هذه العملية انحلال الأعصاب . يحدث الخرف بسبب تفاقم أمراض انحلال الأعصاب ، ويعني هذا أن المرض يبدأ في جزء واحد من الدماغ ثم ينتقل إلى أجزاء أخرى ، مؤثراً بذلك على المزيد من وظائف الجسم. تُؤثر مسببات خرف معينة على أجزاء مختلفة من الدماغ ، كما تعتمد الأعراض التي يمر بها المصاب بالخرف على الجزء المُتأثر من دماغه.

فقدان الذاكرة :

قد يمر الشخص في المراحل الأولى من الخرف بمشاكل تتعلق بالذاكرة أو الانتباه أو الشخصية ؛ ويعد فقدان الذاكرة أحد أكثر الأعراض شيوعاً عند الخرف ، قد لا يكون هو أول التغيرات التي تحدث ، ولكنه غالباً أول شيء يلاحظه الناس . يبدأ فقدان الذاكرة عندما تقوم أعصاب في جزء من الدماغ يدعى ” الحُصين ” بالتلف والموت . يشبه الحُصين إلى حد كبير المذكرة حيث يقوم بمتابعة ما نقوم به خطوة بخطوة لهذا يعاني الشخص المصاب بالخرف من مشاكل في متابعة ما كان يقوم به أو تذكر مكانه أو ما أحضره لهذا المكان أو حتى تكوين ذكريات جديدة .

 قد يُعاني الشخص المصاب بالخرف أيضاً بفقدان ذاكرة انتكاسي ، حيث يقوم المرض بإتلاف خلايا عصبية مسؤولة عن تخزين الذكريات طويلة الأمد في أماكن مختلفة من قشرة الدماغ ، وبما أن المريض يفقد هذه الذكريات فهذا يعني أن أكثر الذكريات وضوحاً لديه قد تكون منذ عقود مضت ، ولذلك نجد أن المصابين بالخرف يشعرون دائماً أنهم يعيشون في وقت مختلف. وبينما تقوم المزيد من أجزاء الدماغ بالاستسلام للمرض ، يفقد المصابون بالخرف السيطرة على بعض وظائف الجسم كالتحدث والابتلاع وقد يؤدي بهم الحال إلى الدخول في غيبوبة.

لا يشير الخرف إلى مرض وتحدِ معين بل إلى مجموعة من الأعراض حيث يمكن لمرض الزهايمر وشلل الرعاش أو مجموعة أمراض أخرى أن تؤدي للإصابة بالخرف ، كما يمكن لأمراض القلب أو الجلطات أو إصابات الرأس أن تزيد من احتمالية الإصابة به ، ولتبسيط الأمر، يمكننا القول أن بإمكان شخص واحد الإصابة بأكثر من نوع من الخرف .

يختلف تأثير الخرف من شخص لآخر :

هناك أنواع عديدة من الخرف ويتم تحديد كل منها عن طريق مجموعة من الأعراض ،  ولكن يمكن لأشخاص مصابين بنفس النوع من الخرف إظهار أعراض مختلفة عن بعضهم البعض خاصة في المراحل الأولى من المرض ، فكما أننا نملك شخصيات مختلفة تماماً عن بَعضنا يمكن للخرف أن يُؤثر على كل واحد منا بطريقة مختلفة .

على سبيل المثال ، تتأثر منطقتين فقط من الدماغ لدى الشخص المصاب بالزهايمر وهما الحصين والقشرة الشمّية الداخلية ويعد الأخير جزءاً متخصصاً من الدماغ يعمل مع الحصين على تكوين ذكريات طويلة الأمد ، حيث يقومان معاً بأخذ المدخلات من كافة حواسنا لتوجيهنا في الزمان و المكان ، كما أنهما يساعدان في تكوين الذكريات الكامنة ( مثل الحقائق وذكريات بعض الأحداث). أما التغيرات التي يمر بها دماغ المصاب بنوع آخر من الخرف يدعى خرف أجسام ليوي فهي أقل رسوخاً ولكنها تتضمن حدوث ضرر في جزء مختلف قليلاً من الحصين ، كما أنها تتسبب في تلف الأعصاب المسؤولة عن إنتاج الناقلات العصبية الدوبامين والأستيلكولين .

 تعد هذه الأعصاب مهمة لنواحي عدة متعلقة بالحركة والتلقي البصري والإدراك ، ولهذا يمر الأشخاص المصابين بخرف أجسام ليوي بهلوسة وصعوبات في الحركة . يعاني الشخص المصاب بالخرف الجبهي الصدغي من انحلال يؤثر على الفص الجبهي والمدعي من الدماغ ، ولكن مكان هذا الانحلال يختلف من شخص لآخر. الفص الجبهي هو جزء من الدماغ مسؤول عن قدرتنا على إصدار الأحكام واتخاذ القرارات ، بما في ذلك تحديد ما هو مقبول اجتماعياً ، لذلك قد نجد أن الشخص المصاب بهذا النوع من الخرف يتصرف باندفاع أو يعبر عن آرائه  أو أفكاره دون إدراكه أنها غير لائقة ، يمكننا القول أن فقدان المنقّيات السلوكية يعني أن بعض مرضى الخرف يعبرون عن الإنسانية والمشاعر بصورتها الخام والحقيقية .

أما الفص الصدغي (والذي يحتوي على الحُصين) فهو الجزء المسؤول عن معالجة الوجوه والأصوات والمشاهد بالإضافة إلى تكوين الذكريات . في نهاية المطاف ، ينتشر المرض في باقي أجزاء الدماغ فعلى سبيل المثال ، قد تتلف الأعصاب الموجودة في الجزء المسؤول عن تمييز الوجوه في الدماغ والذي يدعى ” التلفيف المغزلي ” وينتج عن ذلك فقدان القدرة على تمييز الأشخاص ، قد يحدث هذا حتى لو كان المريض لا يزال يتذكر من أنت ، لذا من الجيد أن تقوم بالتعريف عن نفسك عند التحدث مع مريض بالخرف . علينا التعاطف مع المصابين بالخرف فهم لا يستطيعون التحكم بأي من التغيرات السلوكية اتي يمرون بها ، ولكن بإمكاننا نحن التحكم بكيفية تعاملنا مع هذه التغيرات وإحداث فرق في حياتهم من خلال التعلم والتفهم .

 

ترجمة : غادة اللحيدان .

تويتر :@ghadoo7http://Twitter.com/ghadoo7

مراجعة : أسامة أحمد خوجلي .

تويتر : @okroos_

المصدر : the conversation in-depth analysis research news and ideas from leading academics and researchers


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!