رؤية ما وراء الاكتئاب

رؤية ما وراء الاكتئاب

12 سبتمبر , 2019

الملخص: هناك أدلة جديدة على أن الاكتئاب ليس مجرد اضطراب في العقل، وتُبشر اختبارات الدم التي أجريت لعلامات الالتهاب بخيارات علاجية مصممة بدقة لتناسب احتياجات كل مريض.

Photo by Peter Hapak

بقلم: د. إدوارد بالمور By Edward Bullmore M.D:

كنت طبيبًا شابًا في عام 1990 عندما قابلت مريضة مصابة بالتهاب المفاصل الروماتيزمي. السيدة “س” أخبرتني بهدوء وبدون أي شك أن لديها جميع أعراض الاكتئاب المصاحب. عندما أبلغت هذا لكبير الأطباء المسؤول عن حالتها قال: “حسنًا ، أنت سوف تفعل نفس الشيء أيضًا ، أليس كذلك؟” وقام بتغيير الموضوع. لقد كان يعني أن مزاجها ينعكس بشكل واضح على وضعها الحالي من العجز والتدهور المستقبلي الذي لا يمكن تفاديه في الصحة والحركة. كانت السيدة “س” تعاني من “الاكتئاب” بشكل مفهوم لأنها كانت تفكر و -تُكثر التفكير- في ماذا يعني أن تكون مصابًا باضطراب التهابي. ومنه لم يكن هناك أي شيء يمكننا القيام به نحن الأطباء حيال هذا الأمر؛ لأنها مسألة ذهنية وليست مسألة جسدية -أي إنها من اختصاص الطب النفسي- .

تم تقسيم أعراض الاكتئاب لدي السيدة “بي”(P) والتي كانت مرتبطة بشكل وثيق بتجربتها التي عاشتها من التهاب المفاصل من قِبل الأطباء إلى : أعراض نفسية وأعراض جسدية. وبعد أن تم تقسيم أعراض السيدة “بي”(P) إلى قسمين شرعنا في علاج مرضها الجسدي (مفاصلها المتورمة ) بطريقة مختلفة تمامًا ومنفصلة عن مرضها النفسي ( اكتئابها وإعيائها). استخدمنا اللغة الطبية للخلايا المناعية في علاج التهابها ، واستخدم فريق آخر من الأطباء (في مستشفى آخر)  لغة “السيروتونين”(serotonin) والعلاج النفسي لعلاج اكتئابها.

الاكتئاب هو كلمة شائعة ذات معانٍ كثيرة. المعنى السريري السائد اليوم يشبه ما أسماه الأطباء اليونانيون القدماء بالـ “السوداوية” (melancholia):
{أي متلازمة الحزن أو المزاج السيء، الخمول، القدرة المنخفضة على الاستمتاع (أو انعدامه )، انخفاض الشهية للجنس والطعام، التشائم بالمستقبل، الشعور بالذنب عما حصل في الماضي، النزعة للجلد الذاتي  في التفكير الذي يمكن أن يؤدي إلى إيذاء الذات أو السلوك الانتحاري}.

بلا شك، من المحبط أن تكون مريضًا، ولكن ماذا لو لم يكن الاكتئاب مجرد اضطرابٍ عقلي؟ إن فكرة أن السيدة “س” قد تكون مكتئبة؛ لأنها مصابة بالتهاب المفاصل الروماتزمي ـ ليس لأنها كانت تفكر في هذا الأمر ـ لم تتبادر إلى ذهني في عام 1990 ، ومثل هذه الفكرة كان من الممكن أن تكون في ذلك الوقت ضربٌ من الجنون حتى لو كنت ذكيًا بما يكفي لإدراك ذلك حينها. لكن هذه الفكرة باتت محل استقصاء بشكل أكبر في وقتنا الحالي، وهي محور العلم المزدهر لعلم المناعة العصبية. وهو لا يعكس فقط طريقة جديدة للنظر إلى هذا الاضطراب، بل إنه يبشر أيضًا بطرق جديدة لمعالجته وتعقبه، بل وحتى اتخاذ التدابير اللازمة لمنعه لدى أولئك الذين المعرضين لخطر الإصابة به بسبب تجاربهم الحياتية .

◄ مسار جديد لعلم الأمراض:

 تشير البيانات الوبائية إلى أن معدل انتشار الاكتئاب يبلغ نحو 10 في المائة بين عموم السكان ويرتفع بشكل ملحوظ بين المرضى الذين يعانون من التهاب المفاصل الروماتيزمي حيث يمثلون ( 25 في المائة) وكذلك في مرض التهاب الأمعاء أو الصداف أو أمراض الرئة المزمنة وغيرها من الاضطرابات الالتهابية والمناعية الأخرى. جماعات الدعم مثل “الجمعية الوطنية لالتهاب المفاصل الروماتيزمي” ( the National Rheumatoid Arthritis Society) في المملكة المتحدة سّلطت الضوء على الأعراض النفسية مثل الاكتئاب والتعب و”التشوش الدماغي” كمجالات أساسية  من الاحتياجات غير الملباة لكثير من المرضى الذين يعانون من مرض جسدي.

 يمكن أن يكون إثبات أن الاكتئاب سببه الالتهاب في مكان ما  في الجسم يتطلب الكثير من الأدلة، ولكنه يتطلب أيضاً المزيد من التحول الجذري في العقلية، لأنه يتجاوز أحد السمات المميزة للتفكير الغربي وهو خط الصدع العميق الذي يفصل الأفكار المتعلقة بعمل الجسم عن تلك المتعلقة بعمل العقل. حتى الآن ونحن في عام 2019 ، تجربة السيدة “س” ليست منتشرة. الكثير من المرضى الذين يعانون من اضطرابات التهابية يستشيرون أطباء متخصصين جيدين (مثل أخصائيي الروماتيزم) الذين قد يتعرفون على أعراض الاكتئاب لدى مرضاهم، ولكنهم لا يشعرون أنهم يعرفون كيفية علاجها أو يفهمون كيفية ارتباطها بأمراض المفاصل المتوذمة التي يشعرون أنها قابلة للعلاج. إن الانفصال الطبّي للأعراض النفسية عن الأعراض الجسدية ليس مفاجئًا بالنظر إلى فصل العقل والجسم لدى الطب الغربي، ولكن من المثير للدهشة أن معظم الأطباء لديهم خبرة سريرية أولية في التأثيرات المزاجية للأدوية المضادة للالتهابات.

الستيروئيدات (Steroids) هى من بين أقوى الأدوية المضادة  للالتهابات، إنها تحاكي تأثيرات الكورتيزول(cortisol) { وهو هرمون مضاد للالتهاب في الجسم } في مواجهة تأثير المنشطات المناعية التي تسمى السيتوكينات (cytokines). من المعروف أن علاج الستيرويد(Steroids) يسبب تحسينات سريعة في الحالة المزاجية والطاقة {على الرغم من أن هذه التأثيرات لا تدوم لفترة طويلة، ويمكن أن يرتبط استخدام الستيرويد(Steroids) المزمن بالاكتئاب والذُهان}. كانت الأجسام المضادة ضد السيتوكينات – (نوع واحد يتم تسويقه كـ{ريميكادي} Remicade) – تُعد تقدمًا كبيرًا في علاج الاضطرابات الالتهابية في الـ 15 عامًا الماضية، وهي تستهدف بشكل انتقائي للغاية الهرمونات الالتهابية وتعطّلها وغالبًا ما يكون لها تأثير مضاد للاكتئاب يسمى بالـ “الارتفاع الرميكادي” (the Remicade high) في غضون بضعة أيام من العلاج.

التأثير المضاد للاكتئاب للعقاقير المضادة للالتهاب في المرضى الذين يعانون من الاكتئاب المَرَضي هو بالضبط ما يمكن توقعه إذا كان الاكتئاب لدى هؤلاء المرضى سببه المباشر التهابهم، ولكن هذا لا يفسر عادة بهذه الطريقة، فبدلاً من ذلك يُنظر إلى “الارتفاع الرميكادي” (the Remicade high) على أنه استجابة وهميّة، حيث كان من الممكن أن يتعافى المرضى بشكل متساوٍ إذا اعتقدوا أنهم يحصلون على “ريميكادي”(Remicade)، ولكنهم حصلوا على بديل غير مؤذٍ. أظهرت التجارب العشوائية ذات الشواهد الخاضعة للتحكم الوهمي للأجسام المضادة لمضادات التخثر لدى مرضى التهاب المفاصل ، والصدفية، وأمراض التهاب الأمعاء تحسنًا في المزاج، ولكن لا يزال هناك جدل حول أن تأثيرات الصحة النفسية للأجسام المضادة لمضادات التخثر هي رد فعل نفسي لفوائدها على الصحة البدنية: ​​فالمرضى أقل اكتئاباً لأن لديهم آلامًا أقل في المفاصل وسهولة أكبر في الحركة، وبطريقةٍ أو بأخرى التأثيرات المضادة للاكتئاب  للعقاقير المضادة للالتهاب في حالات الاكتئاب المَرَضي تم تبريرها باعتبارها وظيفة للعقل المجرد.

◄جدار برلين في الدماغ ينهار:

 حتى وقت قريب نسبياً، كان الدماغ يتمتع ب”ميزة مناعية” لا يتمتع بها جهاز المناعة. كان الدماغ محميًا وراء الحاجز الدموي الدماغي والذي يتكون من خلايا بطانية تبطِّن الأوعية الدموية في الدماغ ويعتبر قابل للاختراق مثل جدار برلين. منذ ذلك الحين تم اختراق الجدار في برلين وكذلك الحاجز الدموي الدماغي، من الواضح بشكل متزايد أن هناك العديد من قنوات الاتصال بين جهاز المناعة والجهاز العصبي؛ لذلك لم يعد من العبث الاعتقاد بأنها تتحدث مع بعضها البعض، في الحقيقة، من الواضح أنها تفعل ذلك طوال الوقت وهذا له آثار هامة على صحتنا وبقائنا في عالم معادٍ وتنافسي.

يفترض العلم الجديد لعلم المناعة العصبي أن استجابة الجهاز المناعي للالتهابات تشمل تغييرات في طريقة عمل الدماغ مما يؤدي إلى استجابة سلوكية، كما أن الالتهاب غالبًا ما يسبب زيادة في درجة حرارة الجسم؛ لذلك يمكن أن يؤدي في كثير من الأحيان إلى انخفاض مستويات الطاقة وسلوكيات البحث عن المتعة. تظهر التجارب التي أجريت على الحيوانات أنه إذا أصيب جرذ أو فأر بجرثومة، فإن سلوكه يتغير ويصبح أقل نشاطاً وأقل اختلاطًا بمن حوله. ويُظهر تفضيلًا إيجابيًا بسيطًا للمياه المحلاة ، كما لو أنه وجد مذاقًا حلوًا أقل مما اعتاد عليه. وتسمى هذه المتلازمة – التي تشبه المظاهر السلوكية للاكتئاب- بـ “ السلوك المَرَضي”، و هذا السلوك موجود على نطاق واسع في كثير من الكائنات الحية بما في ذلك الإنسان العاقل.

السلوك المَرَضي لا ينجم مباشرةً عن طريق الجرثومة المعدية، ولكنه يعمل عن طريق الاستجابة المناعية لها. فعادةً ما يظهر الفأر المحقون ب “السيتوكينات” (cytokines) نفس السلوك المَرضي الذي يظهره الجرذ المصاب بالجراثيم. اتضح أنه يمكن أن تمر السيتوكينات(cytokines) عبر الحاجز الدموي الدماغي بسهولة تامة. توجد فجوات كبيرة بما فيه الكفاية بين الخلايا البِطانية التي تبطن جدران الأوعية الدموية والتي تشبه “الطوب”؛ للسماح للبروتينات مثل :”السيتوكينات”( cytokines) بالتدفق من الدم إلى الدماغ. حتى خلايا الدم البيضاء ( الخلايا المناعية المنتشرة ) يمكن أن تساعد بشكل فعال في الضغط على الخلايا البطانية ودخول الدماغ، وهناك قنوات أخرى للتواصل مثل :”العصب المبهم أو الحائر” ، وهي حساسة لتغيرمستويات السيتوكين (cytokine) في الجسم ويمكنها إرسال إشارات كهربائية مباشرة إلى الدماغ.

 ◄تحول الاكتئاب إلى التهاب:

 الاكتئاب هو شكوى شائعة للذين يعانون من مرض التهابي، ولكن من بين المرضى الذين يعانون من الاضطراب الاكتئابي الحاد (MDD) ليس من الواضح من الناحية الطبية أن يرتبط بالالتهاب. والذي يبعث على الحيرة، ووفقًا لتعريف الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية(DSM-5)لا يمكن تشخيص الاضطراب الاكتئابي الحاد (MDD)لدى المرضى الذين يعانون من اضطراب التهابي حاد. لكن الدراسات التي بدأت في التسعينات كشفت دومًا أن مستويات البروتينات الالتهابية – بما في ذلك البروتين المعروف باسم ( C-reactive protein((CRP) وكذلك السيتوكينات ( cytokines)- تزداد بشكل كبير في المرضى الذين يعانون من الاضطراب الاكتئابي الحاد (MDD) مقارنةً بالأشخاص الأصحاء.

لا يوجد فرق كبير في مستويات البروتينات الالتهابية بين مرضى الاضطراب الاكتئابي الحاد (MDD) والأشخاص الأصحاء مقارنةً مع مستويات أعلى بكثير من هذه البروتينات في المرضى الذين يعانون من التهاب المفاصل. وليس كل مريض بالاضطراب الاكتئابي الحاد لديه مستويات السيتوكين(cytokine) أو( CRP) خارج النطاق الطبيعي. حيث إن حوالي ثلث المرضى الذين يعانون من الاضطراب الاكتئابي الحاد لديهم أيضا التهاب منخفض نسبياً. وهناك العديد من التفسيرات المحتملة لهذه الحقيقة الثابتة منها: أن هذا قد يعني أن الاكتئاب يسبب الالتهاب، أو أن الالتهاب يسبب الاكتئاب، أو أن كليهما ينجم عن عامل ثالث محير.

إذا كان الالتهاب يسبب الاكتئاب، فإننا نتوقع العثور على دليل على أن الالتهاب يحدث أولًا. قامت العديد من الدراسات بتقييم المرضى مرارًا وتكرارًا وأكدت أن الالتهاب يمكن أن يتنبأ بالفعل بالاكتئاب. في جنوب غرب إنجلترا، تم تقييم 14000 شخص ولدوا في عام 1991 مراراً وتكراراً منذ الولادة لدراسة تطورهم الطبيعي، فكان لدى الأطفال ذوي التسع سنوات مستويات من سيتوكين الدم في الثلث العلوي من التوزيع زيادة ملحوظة في معدلات الاكتئاب عند عمر 18 سنة. دراسة أخرى (لموظفي الخدمة المدنية البريطانيين الذين تزيد أعمارهم عن الـ 50 عام) وجدت أن أولئك الذين لديهم مستويات أعلى من بروتين (CRP) ولكنهم لم يصابوا بالاكتئاب عندما تم تقييمهم لأول مرة في عامي 2004 و2008؛ كانت معدلات الاكتئاب لديهم أعلى بكثير عندما أعيد تقييمهم في عام 2012. في كلا الدراستين تم اكتشاف أن الالتهاب حدث قبل الاكتئاب بعدة سنوات.

وقد بحثت دراسات أخرى تسلسل الأحداث على مدى فترات زمنية أقصر. على سبيل المثال ، المرضى الذين يعانون من التهاب الكبد والذين لم يكن لديهم اكتئاب قبل تلقيهم علاجًا مضادًا للفيروسات يحتوي على السيتوكين (cytokine) يسمى “الانترفيرون”(interferon) زاد لديهم خطر الإصابة بالاكتئاب بشكل كبير بعد حوالي ستة أسابيع من العلاج. والشباب الأصحاء الذين تمت دراستهم بعد حقن وهمي ومرة أخرى بعد “تطعيم التيفوئيد” (typhoid)عانوا من أعراض اكتئابية خفيفة وعابرة نسبيًا بعد 48 ساعة من التطعيم. الصدمة الالتهابية المطبقة سريريًا مثل :علاج الإنترفيرون (interferon)  أو التطعيم ضد التيفوئيد(typhoid) يمكن أن تتوقع حدوث اكتئاب لاحق على مدار فترات زمنية تتراوح ما بين أيام وعقود.

أسبقية الالتهاب زمنيًا متوافقة مع الالتهاب المسبب للاكتئاب ولكنها ليست نتيجة قطعية. لا يزال من غير المفهوم كيف تؤدي الإشارة الالتهابية في الدم إلى إحداث تغيرات في الدماغ والتي يمكن أن تسبب تباعًا التغيرات المزاجية والسلوكية للاكتئاب. تشير التجارب على الحيوانات إلى أن مثل هذه السلسلة من الأحداث يمكن تصوّرها عند البشر، ولكن من الأصعب بكثير قياس حالة الخلايا المناعية أو الخلايا العصبية في دماغ الإنسان الحي مقارنة بدماغ الفئران.

تُظهِر طرق مسح الدماغ مثل :التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI) أن مرضى الاضطراب الاكتئابي الحاد ( MDD) الذين لديهم مستويات أعلى من بروتين ( CRP) في دمائهم قد قلّلوا من قوة الاتصال بين مكونات دوائر الدماغ أو الشبكات المعروفة بأنها مهمة في المعالجة العاطفية واضطرابات المزاج. يؤدي” الالتهاب المحيطي” الذي يحدث في أجزاء متفرقة من الجسم إلى تعطيل وظيفة الدماغ  من الناحية العاطفية  أثناء  الاكتئاب. وعلى الرغم من أن الرنين المغناطيسي الوظيفي مدهش، إلا إنه لا يستطيع تقديم معلومات عن الخلايا العصبية الفردية أو يخبرنا بأي شيء محدد عن الحالة الالتهابية للخلايا المناعية في المخ. في الحقيقة لا توجد طريقة جيدة لقياس التهاب الدماغ البشري في الوقت الراهن؛ إنها واحدة من العوائق التي تواجهنا حالياً للتوصل بالضبط لكيف يمكن لالتهاب الجسم أن يسبب التهابًا في الدماغ البشري والذي يؤدي تباعًا إلى تغيرات في المزاج والسلوك.

◄ آثار الإجهاد:

 هناك العديد من المصادر المحتملة للالتهاب التي يمكن أن تسبب الاضطراب الاكتئابي الحاد (MDD) لدى المريض. يستجيب جهاز المناعة للعديد من العوامل الداخلية والخارجية التي يمكن أن تؤثر على حالة التهابه، فعلى سبيل المثال: ترتفع مستويات السيتوكين (cytokine)في أشهُر الشتاء وتنخفض في فصل الصيف، ترتبط التغيرات الهرمونية للشيخوخة وسن اليأس بزيادة درجة الالتهاب، ترتبط السمنة بشكل قوي بالالتهاب حيث إن النسيج الدهني غني بالخلايا البلعمية( macrophages )  كل هذه العوامل وغيرها المعروفة بتسببها بزيادة الالتهاب من المعروف أيضًا أنها تزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب.

لكن أهم مصدر للالتهاب والذي يسبب الاضطراب الاكتئابي الحاد (MDD) هو على الأرجح الإجهاد. والإجهاد الاجتماعي هو أكبر عامل خطر للإصابة بالاكتئاب. فالأحداث المؤثرة في الحياة مثل: فجيعة الموت والطلاق وفقدان الوظيفة بالإضافة إلى أدوار اجتماعية مرهقة للبالغين مثل :رعاية أحد أفراد الأسرة المعالين و كل هذا يزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب بعد أسابيع أو أشهر أو سنوات لاحقة. وأيضاً ضغوط الطفولة مثل: الانفصال المبكر عن الوالدين تنبئ أيضًا بالاكتئاب في العقود اللاحقة.

ومما يثير الاهتمام أن هناك أدلة متزايدة على أن العلاقة بين الإجهاد والاكتئاب يمكن أن يتوسطها الالتهاب وهذا الإجهاد يسبب الالتهاب وهو ما يؤدي بدوره إلى الاكتئاب. في دراسة واسعة طويلة الأمد تمت على الأطفال الذين ولدوا في نفس السنة في نيوزيلندا، الأطفال الذين عانوا من انتهاك أو فقر في عمر الـ 8 سنوات كان لديهم مستويات متزايدة من البروتينات الالتهابية في دمهم في عمر 21 عاما. وقد وجدت دراسة أخرى على المعلمين المجهدين والمعلمين المرنين أن هؤلاء المعلمين المحترقين لديهم المزيد من السيتوكينات (cytokines) أكثر من المعلمين المرنين وقام جميع المعلمين بضخ المزيد من السيتوكينات (cytokines) في غضون ساعة من المهمة المجِهدة بشكل حاد وهي التحدث إلى الجمهور. كما أن هناك الكثير من الأدلة على تسبب الإجهاد بالتهاب لدى الحيوانات.

◄ لماذا يجعلنا جهازنا المناعي مكتئبين؟

 مثل كل أسئلة “لماذا؟” المُثارة في علم الأحياء، فإن الجواب يعود إلى “داروين” والذي يرى أنه يجب أن يكون هناك بعض السلوك الاكتئابي كجزء من الاستجابة الالتهابية مما يعزز من بقائنا على قيد الحياة. ليست واضحة وضوح الشمس أن الاكتئاب مفيد للبقاء على قيد الحياة أو للتكاثر، فعادةً ما يكون المرضى الذين يعانون من مرض الاضطراب الاكتئابي الحاد (MDD) أكثر فقرًا ولديهم شراكات أقل استقرارًا و أقل أطفالًا ولديهم متوسط ​​عمر متوقع أقل من أولئك غير المصابين بهذا المرض. في هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية عام 2016، أدت الأمراض النفسية الخطيرة مثل: مرض الاضطراب الاكتئابي الحاد ( MDD) واضطراب المزاج ثنائي القطب وانفصام الشخصية إلى خفض متوسط ​​العمر المتوقع بمقدار 12 عاما. من الواضح أنه لم يتم اختيار “MDD” لأنه يجعلنا أكثر ملائمة في البقاء في القرن الواحد والعشرين، لكن السلوكيات الشبيهة بالاكتئاب في استجابتها للالتهاب كانت يمكن أن تساعد أسلافنا على البقاء في الماضي البعيد، عندما كانوا أكثر عُرضة للإصابة بالأمراض المعدية.

قد يكون انخفاض الطاقة والنشاط حافظ على طاقة المريض لتمكنه من مكافحة العدوى. وقد يكون الانطواء حمى “المريض” من الإجهاد التنافسي وحَمى بقية القبيلة من العدوى المحتملة و ربما جعل القلق والنوم المتقطع من المريض أكثر يقظةً وأقل عرضة للافتراس الانتهازي. بل يمكن أن يكون أسلافنا تطوروا ليصبحوا ملتهبين ليس فقط استجابة للعدوى ولكن تحسبا لخطر العدوى. الحالات الاجتماعية مثل :الصراع أو التنافس على الموارد، والتي من المحتمل أن تؤدي إلى العنف والصدمات -مع ارتفاع خطر العدوى- ربما أدت إلى استجابة التهابية وقائية، بما في ذلك السلوك المَرضي. إذا كان الأمر كذلك، فإن الجينات التي تزيد من خطر الإصابة بالاضطراب الاكتئابي الحاد (MDD)اليوم يجب أن تشمل الجينات التي تنتج السيتوكينات أو غيرها من البروتينات في جهاز المناعة، وكوضعٍ مثالي،  تتحكم الجينات في الاستجابة السلوكية للالتهاب والعدوى في الحيوانات والبشر. ولسوء الحظ، لا يزال فهمنا   للاكتئاب من الناحية الوراثية ليس متقدمًا لهذه الدرجة الآن.

نحن نعلم أن الاكتئاب يمتد في العائلات وينتقل جينيًا بالوراثة. لم تكن لدينا عن هذه الحقيقة أي بيانات حتى عام 2018 حيث أصبح لدينا أول بيانات مرتبطة اجتماعيًا (solid)تم نشرها والتي تحدد 44 “جينة للاكتئاب” على الرغم من أنها تشكل مجتمعة أقل من 10٪ من مجمل المخاطر بالنسبة للاضطراب الاكتئابي الحاد. لقد كان العمل على اكتشاف الجينات للاضطراب الاكتئابي الحاد بطيئًا؛ لأنه -كما تبين- من المحتمل أن يكون هناك الآلاف من الجينات المعنية وكل منها له تأثير ضئيل. ويجب على العلماء أن ينظروا إلى الحمض النووي (DNA) لدى أعداد كبيرة جداً من المرضى والسليمين لتحديد جينات الاضطراب الاكتئابي الحاد المهمة من بين جميع الجينات الأخرى الموجودة في الجينوم(genome).

والآن بعد أن حصلنا على الحمض النووي (DNA) من مئات الآلاف من المرضى يمكننا تحديد بعض الجينات المرتبطة بالاضطراب الاكتئابي الحاد. والكثير منها جينات تقوم بتشفير البروتينات في الدماغ، وبعض هذه الجينات متعلقة بالجهاز المناعي. من المعروف أن الجين الوحيد المرتبط بشدة بالاضطراب الاكتئابي الحاد -والمسمى بـ (ألفاكتوم4)olfactomedin 4 – يتحكم في استجابة المعدة للعدوى، وهذا هو ما قد تتوقعه إذا كان التفسير التطوري هو المعتقد، ولكن الأمر يتطلب تحليلًا أكثر صرامةً للبيانات للتأكد من ذلك.

◄حجم واحد لا يناسب الجميع:

ما الفرق الذي يمكن أن يحدث لطرق العلاج والوقاية إذا استمرت الأبحاث في التحقق من صحة فكرة أن الاكتئاب يمكن أن يحدث في بعض الأحيان بسبب الالتهاب؟ يمكن أن يكون أحد الابتكارات الواضحة هو استخدام العقاقير المضادة للالتهاب كمضادات للاكتئاب للمرضى الذين يعانون من الاضطراب الاكتئابي الحاد والاكتئاب المَرَضي. خدمت العديد من التجارب السريرية للأدوية المضادة للالتهاب الأدلةَ الوقتية على فعالية مضادات الاكتئاب، لكن تبين لاحقًا أن فعاليتها أقل بكثير. كان هناك عدد قليل من الدراسات الصغيرة للأدوية المضادة للالتهابات غير الستيرويدية لعلاج الاضطراب الاكتئابي الحاد، ولكن عندما يتم تحليل جميع البيانات فإنه لا يوجد دليل واضح على أنها تعمل كمضادات للاكتئاب.

ومع ذلك، تشير الدراسات إلى شيء من المحتمل أن يكون مهمًا وهو ألا نُفرط في التفكير بشأن احتمال العلاج الشامل لكل الحالات، فقد ساد البحث عن دواء سحري يعمل من أجل جميع المصابين بالاكتئاب. العقاقير المضادة للاكتئاب المتاحة بالفعل مثل (بروزاك) Prozacوما يرتبط بها من SSRIs)) السيروتونين؛ تم ترخيصها للاستخدام مع كل من يعاني من الاكتئاب، ووُجد أنها تعمل بشكل معتدل في المتوسط. ولكن مرض الاضطراب الاكتئابي الحاد لن يكون على المسار الصحيح ليصبح أكبر سبب منفرد للإعاقة في العالم إذا عملت مضادات الاكتئاب(SSRIs)   بشكل جيد لكل من يعانون من الاكتئاب. وبوضوح، حجمٌ واحدٌ لا يناسب الجميع.

التدابير المتخذة لمقاومة الالتهابات لن تكون الحل أبدًا لجميع المرضى الذين يعانون من الاكتئاب. وفي الوقت الحالي هناك بدائل جديدة مضادة للاكتئاب مثل: أنظمة الحمية الغذائية؛ لتغيير المايكروبيوم (microbiome)، وأجهزة تحفيز كهرومغناطيسية مصممة لتغيير وظيفة الدوائر الدماغية العاطفية، وأدوية مثل: “الكيتامين” (ketamine) التي تعمل بشكل أساسي على الغلوتامات (glutamate) بدلاً من مستقِبلات السيروتونين. المستقبل يبشر بمجموعة من الخيارات العلاجية، ولكن كيف نعرف أي علاج من المرجح أن يعمل بشكل أفضل لكل مريض؟

◄ثورة علاجية:

عندما قام العلماء الذين يجرون إحدى تجارب مضادات الاكتئاب لعقار مضاد للالتهاب، وهو العامل الريبوزي غير الرميكادي (Remicade)، بتشريح بيانات مجموعة من المرضي وجدوا أن بعض المرضى استجابوا لهذه العقاقير بشكل أفضل من غيرهم، كانت الآثار المفيدة للعلاج أكبر في هؤلاء المرضى الذين لديهم اضطراب اكتئابي حاد والذين لديهم أعلى مستويات من بروتين (CRP) في دمائهم قبل بدء العلاج. وهذا يعني أن استخدام مضاد الالتهاب لعلاج الاكتئاب عمل بالشكل الأفضل بالنسبة للمرضى المصابين بالاكتئاب الذين كانوا يعانون من التهابات شديدة وهذا لم يكن مفاجئًا! بل المفاجئ هو الطريقة المحسنة للتغلب على الاكتئاب التي تشير إليها النتائج للمستقبل.

كما أفاد هؤلاء العلماء أن اختبارات الدم سوف تصبح أكثر أهمية في الطب النفسي مما كانت عليه في الماضي. إن الموجة التالية من التجارب الطبية للعقاقير المضادة للالتهاب في علاج الاكتئاب من المحتمل أن تقيس المؤشرات البيولوجية للالتهاب للتنبؤ بالمرضى الأكثر استجابة. يتم الآن استخدام العديد من التدخلات متفاوتة الفعالية  للتقليل من الاكتئاب. وهي تتراوح بين العلاج النفسي البحت -مثل التدريب الذهني- والجراحة -مثل تحفيز العصب المبهم (the vagus nerve)-  حيث يتم زرع الجهاز تحت الجلد لتوصيل نبضات كهربائية إلى العصب المبهم، والذي يعمل كوسيط لرد الفعل العكسي اللا إرادي المضاد للالتهابات.وهذا الإجراء محفوف بالمخاطر ومخصص للمرضى الذين لم يستجيبوا للطرق العلاجية الأخرى. لا يمكن أن تشير المؤشرات الحيوية لحالة الجهاز المناعي فقط إلى الأشخاص الذين من المرجح أن يستجيبوا لاتجاه معين ولكنها أيضًا تقود للتقدم في المعالجة.

وتعد هذه ممارسة قياسية في مجالات الطب الأخرى. وقد يكون تقدُمًا جوهريًا لو استطاع الطب النفسي أن يفعل الشيء نفسه. أتوقع أننا في المستقبل سنقوم باستخدام المؤشرات الحيوية للجهاز المناعي -البروتين المتفاعلC  (CRP) والسيتوكينات(cytokines) وأكثر من ذلك-لتحديد أولئك المرضى الذين تسبب الالتهاب باكتئابهم. سيسمح ذلك لنا بتزويدهم بخطة علاج أكثر ملائمةً مع تدخلات مستهدفة مضادة للالتهاب. قد يكون من الممكن حتى الاستفادة من نظام المناعة ليس فقط لعلاج الاكتئاب ولكن للوقاية منه كذلك. تعتبر سوء المعاملة أو الشدائد في مرحلة الطفولة عامل خطر تنبؤي قوي للاكتئاب، وأحيانًا لعقودٍ لاحقة. من المعروف منذ فترة طويلة أن الجهاز المناعي لديه تاريخ طويل من التعرض للتهديدات البيولوجية -مثل العدوى- في مرحلة الطفولة. فعلى سبيل المثال : يحتفظ الناجون من عدوى طفولة قاتلة كالحصبة بذاكرة مناعية تمكنهم من الاستجابة بقوة إذا تعرضوا مرة أخرى للفيروس في وقت لاحق من حياتهم. فهل يمكن أن يكون الأمر مشابهًا بحيث تساعد التهديدات الاجتماعية على البقاء في مرحلة الطفولة؟

هناك أدلة متزايدة على أن تاريخ الشدائد في مرحلة الطفولة يرتبط بزيادة البروتينات الالتهابية لدى البالغين. في التجارب التي أجريت على الحيوانات، هناك أدلة تفصيلية على أن الضغط في فترة الطفولة  (مثل: الانفصال عن أحد الوالدين) يمكن أن يترك علامة على الجينوم الذي يعكس علي استجابة الحيوان للضغوط المتأخرة -بعبارة أخرى- يمكن لنظام المناعة في الجرذ أن يحمل ذاكرة طويلة الأمد للتعرض للضغوط في مرحلة الطفولة الأمر الذي قد يجعله أكثر عرضة للإصابة بالالتهاب (والاكتئاب) في مرحلة البلوغ.

إذا تبين أن هذا ينطبق أيضًا على البشر، فربما يمكن استخدام المؤشرات الحيوية للذاكرة المناعية الخاصة بسوء المعاملة أو الشدائد أثناء فترة الطفولة في تحديد الأطفال المعرضين لخطر اضطرابات الصحة العقلية في مراحل لاحقة من حياتهم، وبالتالي من المرجح أن يستفيدوا من البرامج الوقائية. في نهاية المطاف، قد يجد العلماء طرقًا لإعادة برمجة الذاكرة المناعية لإساءة المعاملة حتى لا يتعرض الناجون لخطر الاكتئاب بقية حياتهم.

◄المحاربون المناعيون: ” الخلايا البلعمية” (Macrophages) و”الخلايا الدبقية الصغيرة” (Microglia):

المهمة الأساسية للنظام المناعي هي الدفاع عن الذاتي ضد غير الذاتي. والمثال الكلاسيكي هو الاستجابة المناعية للعدوى. نحن نعيش في عالم يعجُ بالجراثيم (وهي جسيمات مجهرية غير ذاتية) يمكن أن تلحق الضرر بنا أو تقتلنا. إذا أصابتنا جرثومة خطيرة – بكتيريا أو فيروس – فإن الجهاز المناعي جاهز للتعامل مع الحالة. حيث يتم اكتشاف وتدمير البكتيريا بواسطة خلايا مناعية تسمى ” الخلايا البلعمية” macrophages) )، وهي كلمة مركبة تعني “الآكلة الكبيرة”.

الاستجابة المناعية الأولى للعدوى عادةً هي الالتهاب. عندما تكتشف “الخلايا البلعمية”( macrophages )  وجود جرثومة مُعدية، فإنها تصبح “غاضبة” أو نشطة. فتتحرك هذه الخلايا نحو الجرثومة محاولةً الاتصال بها ، ثم تبتلعها و تهضمها . وعلي الرغم من فعالية هذه الخلايا إلا إنه يمكن أن تتكاثر هذه الجراثيم بسرعة كبيرة وتفوق عددهم، وللمساعدة في المعركة ضد  هذه الأعداد الهائلة من العوامل غير المرغوبة (الجراثيم) فإن هذه الخلايا تستدعي قوات الدعم ،فتُطلق إشارات إلى الأوعية الدموية المجاورة التي تشير إلى بروتينات تُدعى “السيتوكينات” (cytokines) والتي تنتشر في جميع أنحاء الجسم – وتجذب ” الخلايا البلعمية” الأخرى لتعزيز الاستجابة المناعية المباشرة للهجوم.

في الأيام والأسابيع التالية للعدوى ، تشارك الخلايا والأنظمة المناعية المتخصصة الأخرى في هذه المعركة فعلى سبيل المثال : قد تعمل الخلايا الليمفاوية(lymphocytes)( وهي نوع من خلايا الدم البيضاء ) على زيادة إنتاج الأجسام المضادة ، وهي البروتينات التي يمكن أن تساعد “الخلايا البلعمية”( macrophages)  على التعرف على نفس النوع من الجرثومة وقتله بسرعة أكبر إذا ظهر مجددًا في المستقبل.

وبمجرد وصول الإشارات الالتهابية من الجسم إلى الدماغ، يتم التقاطها وتضخيمها من قبل الخلايا البلعمية الخاصة بالدماغ والتي تدعى بالخلايا الدبقية. يتم تنشيط الخلايا الدبقية بواسطة السيتوكينات (cytokines) لإنتاج المزيد من السيتوكينات، وهي حلقة تغذية راجعة إيجابية يمكن أن يكون لها آثار سلبية على وظيفة الخلايا العصبية المجاورة. السيتوكينات تجعل النظام العصبي أقل مرونة بحيث لا تتكيف الارتباطات الشبكية بين الخلايا العصبية بسرعة مع أنماط التحفيز المتغيرة، كما أنها تجعل الخلايا العصبية أقل عرضة للتكاثر وأكثر عرضة للموت. والأكثر من ذلك هو أن الالتهاب يجعل بعض الخلايا العصبية تقلل من إنتاج أو إطلاق السيروتونين، الناقل العصبي الذي يعتقد أنه يلعب دوراً رئيسيًا في الاكتئاب. وبجانب ذلك، تؤدي التغييرات الناجمة عن الالتهاب إلى عدم المرونة السلوكية وهي السمة المميزة للاكتئاب.

◄كيفية أخذ الالتهاب بالحسبان في علاجك للاكتئاب:

عندما تصنع الاضطرابات الالتهابية مثل التهاب المفاصل الروماتويدي شراكة غير متوقعة مع الاكتئاب أو الإعياء. يجب أن تُدرك أنك لست وحدك. يؤدي الشعور بالاكتئاب إلى جعل الناس أقل اختلاطًا بمن حولهم. في الحقيقة، الاكتئاب شائعٌ جدًا: حوالي واحد من كل أربعة أشخاص يعاني من نوبة اكتئاب شديدة في وقت ما من مراحل حياته. إنه يمس كل عائلة على هذا الكوكب. إذا كنت تعلم أن لديك اضطرابًا التهابيًا (مثل: التهاب المفاصل الروماتويدي أو داء كرون “Crohn’s disease” ) وأيضًا تعاني من الاكتئاب أو الإعياء، تحدث إلى طبيبك عن أعراضك النفسية بالإضافة إلى الأعراض الجسدية. يمكن للمعالجة القياسية للاكتئاب -مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية(SSRIs) والعلاج النفسي- أن تساعد في الاكتئاب المَرَضي، ولكن العديد من المرضى الذين يعانون من مرض جسدي لا يمكنهم الوصول إليها. فقد يحيلك طبيبك إلى أخصائي نفسي سريري أو طبيب نفسي. خذ بالاعتبار الخيارات العلاجية المضادة للاكتئاب المقترحة من قبل الأطباء. وفكر في إجراء اتصال وتبادل الخبرات مع الآخرين ربما من خلال جماعات التأييد المعنية بالمرضى.

إذا كنت تعاني من الاكتئاب ولكنك لا تعاني من اضطراب التهابي شديد، فلا تزال مستويات الالتهاب المنخفضة قد تسهم في اكتئابك. يمكن لفحص الدم البسيط لبروتين ” سي التفاعلي” ( C-reactive protein) أو عدّ كريات الدم البيضاء أن “يفحص درجة الحرارة” لنظامك المناعي ويحدد مستوى الالتهاب الجسدي لديك. إذا كانت اختبارات الدم إيجابية حاول تحديد سبب الالتهاب والقضاء عليه. الاحتمالات الشائعة للالتهابات تشمل: التهاب دواعم السنغير المعروف والسمنة و الضغوط الاجتماعية.

العديد من العقاقير المضادة للالتهاب موجودة بالفعل في السوق ولكن لم يظهر أي منها حتى الآن آثارًا كبيرةً مضادةً للاكتئاب. من بين العديد من الطرق العلاجية البديلة للاكتئاب (بدون أدوية) “nondrug” من اليوغا والتأمل إلى النظام الغذائي وتحفيز العصب المبهم-لم يتم اعتماد أيٍ منها لعلاج الأعراض الاكتئابية للالتهاب. لذا امض قدمًا بحذر واطرح أسئلةً نقدية حول الأدلة المؤيدة والمعارضة لأي علاج.مخاطر حضور جلسات يوقا أو قطع المواد الغذائية من النظام الغذائي الخاص بك منخفضة. ولكن لا يزال الأمر يستحق السؤال عن الدليل أن فعل ذلك سيغير مستويات البروتينات أو الخلايا الالتهابية في جسمك. لا يعني وجود الالتهاب أن العلاجات التقليدية للاكتئاب -مثل مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية(SSRIs) والعلاج النفسي- ليس لها دور. بل لها دور.لا توقِف أو تبدأ أي دواء للاكتئاب إلا بالتشاور مع طبيب نفسي أو طبيب آخر.

مهما كانت الدورة العلاجية التي تختارها قم بتتبع مستويات الالتهاب لديك من خلال اختبارات الدم المتكررة. راجع أسلوبك إذا كانت درجة الحرارة الالتهابية في نظام المناعة لديك مرتفعة. تكلم عنه. إن الشعور بالاكتئاب يجعل الناس منتقدين لذواتهم ويشعرون بالذنب، ولكن لا تخجل من الأعراض الخاصة بك. ابحث عن جهات اتصال اجتماعية أو علاجية يمكنها دعمك في التعافي من الاكتئاب.

◄ المصادر المؤدية للالتهاب المتزايد:

1)السمنة.

2) نمط حياة غير مستقر أو روتيني.

3) اضطراب النوم.

4) سوء المعاملة في الطفولة.

5) الصدمة العاطفية والجسدية.

6) مرض طبي (مثل: أمراض القلب والأوعية الدموية والسكري وأمراض المناعة الذاتية والاضطرابات الالتهابية).

7) العدوى البكتيرية أو الفيروسية.

8) العلاجات الطبية (مثل: الجراحة والإشعاع والعلاج الكيميائي).

9) مقاومة العلاج المضاد للاكتئاب.

اسم المترجم: زينب محمد.

حساب تويتر:@zinaabhesien

اسم المراجع: عبدالرحمن الخلف

حساب تويتر: @alkhalaf05

مصدر المقال:  psychology today health help happiness + find a therapist


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!