تجربة أطلس تبحث عن نظائر طبيعية جديدة

تجربة أطلس تبحث عن نظائر طبيعية جديدة

10 سبتمبر , 2019

كيف يمكن لتجربة أطلس التأكد إذا ما كان البوزون W’ والبوزون Z’ موجودان بالفعل؟ يريد العلماء عمل ذلك عن طريق استخدام نفس الطريقة الّتي استُخدمت لاكتشاف البوزون W والبوزون Z  المسؤلان عن حمل القوى النووية الضعيفة، وهي طريقة تتم بدراسة وتحليل ما يحصل في منطقة التصادم داخل مسرّع الجسيمات.

ATLAS Experiment searches for new symmetries of nature

القوى الرئيسية في الطبيعة (وهي القوة النووية الشديدة، القوة النووية الضعيفة، القوة الكهرومغناطيسية، وقوة الجاذبية) مرتبطة بنظائر مقابلة لها (symmetries). مثلاً، خصائص القوى الكهرومغناطيسية يمكن الحصول عليها من خلال إيجاد النظرية التي تصف هذه الخصائص لتُبقيها ثابتة (لا متغيرة invariant)  بغض النظر عن التحوُّل الذي قد يطرأ عليها (بمعنى إذا كانت هناك نظرية تصف خصائص القوى الكهرومغناطيسية، فإنه من الممكن استعمال هذه النظرية للحصول على الخصائص الكهرومغناطيسية حتى لو حدث على القوى أي تحوُّل). عدم التغيير هذا هو ما يُعرف بالنظير، ويمكن تشبيه الأمر بأي شكل متناظر عكسياً كوجه الإنسان مثلاً، أو دورانياً مثل الكرة. إذا قُسّم وجه الإنسان إلى شقين، فإن الشق الأول سيبدو مطابقاً للشق الثاني (وهذا تناظر عكسي أوreflectional). وإذا دُحرجت كرة صماء لا علامات عليها بزاوية معينة، فإنها ستبدو مطابقة لما كانت عليه قبل الدحرجة (وهذا تناظر دوراني أو (rotational). النظير المنشود في هذا المقال والمتعلق بقوى الكون الرئيسية المذكورة سابقاً هو نظير عياري (gauge symmetry).

 البوزونات العيارية الحاملة للقوى هي: الفوتون (photon) عديم الكتلة بالنسبة للقوة الكهرومغناطيسية، والغلوون (gluon) عديم الكتلة بالنسبة للقوة النووية الشديدة، والبوزونات الواويّة والعينيّة (W and Z bosons) بالنسبة للقوة النووية الضعيفة (وهناك بوزون جرافتون بالنسبة لقوة الجاذبية ولكنه لم يُكتشف بعد). إذا وُجدت في الطبيعة غير هذه النظائر وهي المعروفة حالياً، فإنه من المحتمل أن نرى جسيمات جديدة حاملة للقوى أي أننا سنرى قوى جديدة غير القوى الرئيسية سالفة الذكر. عدم اكتشاف مثل هذه الجسيمات إلى الآن قد يدل على أنها ثقيلة جداً لدرجة أن مسرّع الجسيمات (particles collider) لم يستطع أن يزودها بالطاقة الكافية التي تجعلها تنقسم لجسيمات أصغر.

لطالما ظننا أن هذه الجسيمات الافتراضية ماهي في أصلها إلّا بوزونات واويّة وعينيّة ولكنها أثقل وزناً، وتجدر الإشارة هنا إلى أن البوزونات الواويّة والعينيّة برايم (prime) تعدُّ من أثقل الجسيمات الأساسية حاملة القوى المعروفة، ويُرمز لها بـ W’ boson and Z’ bosons. ومن الجدير بالذكر أيضاً، هو معرفة أن ما يجعل من “القوة النووية الضعيفة” تبدو ضعيفة هو الوزن الكبير للبوزونات الواويّة والعينيّة. ولهذا السبب وهو وزن البوزونات الواويّة والعينيّة برايم والتي يُعتَقد بأنها أثقل بعشرات المرات من البوزونات الواويّة والعينيّة العادية، فإنها وبلا شك هي المسؤولة عن حمل القوى الضعيفة جداً. ولعل ثِقل البوزون الواويّ برايم والبوزون العينيّ برايم هو السبب الذي يشرح لماذا لم يستطع العلماء مشاهدتهما إلى الآن.

السؤال الآن هو كيف ستتمكن تجربة أطلس (ATLAS Experiment) من معرفة إذا ما كان البوزونان الواويّ والعينيّ برايم موجودان بالفعل؟ سيكون ذلك بنفس الطريقة التي استُخدمت قبل ثلاثون عاماً لاكتشاف البوزون الواويّ  والبوزون العينيّ  العاديان في المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية (CERN). وقت الاصطدام، سينتج بوزون عينيّ  برايم (Z’ boson) والذي بدوره سيتلاشى سريعاً ويتحول إلى إلكترون سالب الشحنة (electron) وإلكترون مضاد موجب الشحنة (positron) أو إلى ميون سالب الشحنة (muon) وميون مضاد موجب الشحنة (antimuon) وهذا التحوُّل سيظهر جلياً في منطقة الاصطدام والتي تبلغ 13تيرا إلكترون فولت أو 13TeV. بعد الاصطدام، يتم حساب كتلة السكون (invariant mass)  للبوزون العينيّ برايم(Z’ boson) من خلال الزخم الحركي لليبتون (lepton momentum). وبعد الاصطدام مباشرة، يظهر شكل البوزون العينيّ برايم (Z’ boson) على نحو يمكن ملاحظته بين الحطام الناتج عن الاصطدام. العملية مشابهة بالنسبة للبوزون الواويّ برايم (W’ boson)؛ الفرق يكمن في أن البوزون الواويّ برايم (W’ boson) يتلاشى إلى ليبتون (lepton) ونيوترينو (neutrino) على غرار نظيره البوزون العينيّ برايم (Z’ boson) الذي يتحول إلى ليبتون فقط (lepton). هذا التحوُّل سيظهر جلياً أيضاً كما حدث مع البوزون العينيّ برايم (Z’ boson)، ولكن أجهزة الاستشعار لا يمكنها الكشف عن النيوترينو (neutrino) ، ولذلك يتم حساب الكتلة العرضية (trasversemass) بدلاً من كتلة السكون عن طريق إعطاءها رقماً تقريبياً استناداً إلى كتلة السكون.

لم تكن هناك اختلافات هامة بين نتائج الاصطدام والتوقعات المأخوذة من تصادمات سابقة، فقد توقع الفيزيائيون النتائج بالرجوع إلى بعض الاصطدامات السابقة وكانت النتائج متشابهة. بناءً على قلة وضعف الإشارات الصادرة التي توقع الفيزيائيون ظهورها بشكل أكبر من البوزون الواويّ والبوزون العينيّ الافتراضيان (W’ and Z’ bosons) كما هو موضّح في الصورة التالية على شكل مدرج تكراري، استنتج الفيزيائيون أنه إذا كان البوزون الواويّ برايم (W’ boson) والبوزون العينيّ برايم (Z’ boson) موجودان بالفعل، فإن لهما كتلة تتراوح بين 4-5تيرا إلكترون فولت، أي ما يقارب 50ضعف البوزون العينيّ العادي. باستمرار تجربة أطلس (ATLAS Experiment) لعدة سنوات قادمة، فقد تكون هناك فرصة لكشف الستار عن نظائر طبيعية جديدة، باستطاعتها الإجابة عن أسئلة لا زالت غامضة حول الفيزياء الأساسية.

المُترجم: عبدالرحمن الزهراني

المدقق : صالح أحمد

 تويتر: @alsahlisaleh

المصدر: Phys.org


اترك تعليقاً

القائمة البريدية

اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد مقالاتنا العلمية وكل ماهو حصري على مجموعة نون العلمية

error: Content is protected !!